أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

انعدام السيطرة النوعية واستيراد مواد مغشوشة وراء انهيار مبنى في بغداد

ترقب كوارث جديدة في مبان مشيدة حديثًا بعد استيراد مواد بناء من إيران لا تخضع للمواصفات الهندسية العالمية.

بغداد ــ الرافدين
كشفت كارثة انهيار مبنى المختبر الوطني الاستثماري في بغداد، انهيارًا مؤسساتيًا وحكوميًا موازيًا وعدم مبالاة بحياة العراقيين، بينما تبادلت الجهات الحكومية الاتهامات وتنصلت عن تحمل مسؤولية مقتل من المواطنين.
ولم يحدث في تاريخ العراق المعاصر انهيار مبني مشيد حديثًا، الأمر الذي يكشف التواطؤ والفساد في قبول مواصفات بناء لا تضمن سلامة المواطن العراقي.
وأثار انهيار المبنى المكون من أربعة طوابق والمشيد حديثًا في ساحة الواثق بمنطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، تساؤلات عن الإدارات الفاسدة التي سمحت بقبول الشروط غير الهندسية التي لا تراعي السلامة والأمان.
وكانت دائرة المقاييس والسيطرة النوعية المشهورة في العراق بأكثر المؤسسات صرامة علمية لا تسمح بتشييد أي مبنى خارج المواصفات المعمارية سواء في التصميم أو نوعية المواد المستخدمة.
ويتساءل معماريون عراقيون عن “الجهة التي سمحت بتشييد هذا المبنى الذي يمثل فضيحة هندسية، بعد أن كان المعماري العراقي نموذجًا متميزًا داخل وخارج العراق”.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن أسباب الانهيار يعود إلى إضافة طابقين إلى البناية المكونة في الأصل من أربعة طوابق دون تخطيط لها.
وأكتفت الجهات الحكومية بتبادل الاتهامات ورمي المسؤولية بين الهيئات واللجان، بينما يتساءل العراقيون عن الجهة التي يمكن تحميلها مسؤولية الضحايا الذين مازالوا تحت الأنقاض.
وطالب عراقي مازال ينتظر إخراج جثمان زوجته وابنته من تحت الأنقاض بمحاسبة السلطات ممثلة بالحكومة والجهات التي تسببت بهذه الكارثة.
وقال خرجت قبل دقائق لأتبضع وتركت زوجتي وابنتي في الشقة، لتنهار البناية، فمن يمكن أن احاسبه على مقتل أفراد اسرتي غير الحكومة والجهات الفاسدة التي تديرها.
وحملت الهيئة الوطنية للاستثمار مسؤولية انهيار المبنى إلى وزارة الصحة وأمانة بغداد، مبينة أن هذه البناية حاصلة على الإجازة الاستثمارية من قبل هيئة استثمار بغداد عام 2018، وأعطيت لشركة محلية.
وقالت رئيسة هيئة الاستثمار سها النجار، إن المبنى لم يبن وفق قانون الاستثمار وإنما بالبناء الخاص.
وأضافت متذرعة بالدفاع عن دائرتها أن هناك تغييرات داخلية وخارجية أجريت على البناء، وعدم إجراء الصيانة بشكل مستمر، أدى إلى انهيار المبنى.
وأشارت إلى أن قاعدة مبنى المختبر الوطني لم تشيد وفق ضوابط قانون الاستثمار، وأن الهيئة الوطنية ليس لديها سلطة على هيئات الاستثمار في المحافظات ومن ضمنها بغداد، مؤكدة أن مثل هذه الحوادث سوف تتكرر بسبب المحسوبية في منح الإجازات الاستثمارية على حد تعبيرها.
ويتساءل عراقيون عن الصمت الذي مارسته هيئة الاستثمار بعد أن أدركت ان البناية مشيدة خارج مواصفات السلامة الهندسية.
وطالب النائب هادي السلامي، بإقالة رئيسة هيئة الاستثمار سهى النجار لأنها تقوم بمنح موافقات البناء دون وجود معايير حقيقية لمعايير السلامة والمواصفات الفنية والهندسية المعتمدة في تشييد البناية.
وتنصل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي من المسؤولية قائلًا “إن الإجازة الاستثمارية منحت في فترة الحكومات السابقة”، مقرًا بأن الحادث يؤكد استشراء الفساد ومنح الإجازات العشوائية.
وعزت لجنة النزاهة النيابية، انهيار المبنى إلى بسببٍ هندسي، يدعو إلى إعادة النظر بكل الموافقات التي تمنحها هيئة الاستثمار ولاسيما فيما يتعلق بإضافة بناء على المباني المتهالكة، التي تستوجب الحصول على الموافقات الهندسية ضمن خطط مدروسة.
وحذر مهندسون استشاريون في وقت سابق، من الانهيار الوشيك لبناية المختبر الوطني، والتي لم تكمل عامها الثاني لتصبح أثرًا يفضح الفساد داخل مؤسسات السيطرة النوعية.
وأضاف المهندسون الاستشاريون، أن المختبرات الأهلية وبعض الحكومية تفتقر لدقة الفحوصات الهندسية للمواد الإنشائية نتيجة غياب الدور الفني والرقابي لنقابة المهندسين على المكاتب الاستشارية، وعدم محاسبة غير المجازة منها.
وقال مهندسون أنه لا توجد آلية صحيحة وواضحة لاعتماد تصاميم هندسية ضمن ضوابط منح إجازات البناء والترميم، مشيرين إلى غياب السيطرة النوعية على معامل تجهيز الخرسانة ومواد البناء وضعف الجانب الفني.
واعتبرت لجنة الصحة والبيئة النيابية، انهيار بناية المختبر الوطني للتحليلات المرضية بأنه كارثة كبيرة وتثير العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب التي أدت الى هذا الحادث.

عراقيون محاصرون تحت الأنقاض بسبب رداءة مواد البناء الإيرانية

وقال نائب رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، إن مواد البناء المستوردة أقل بكثير من المواصفات والمعايير العالمية، وان الحديد المستورد من دولة جارة في إشارة إلى إيران وراء كارثة انهيار مبنى الكرادة.
ويستورد العراق أغلب معدات البناء من إيران، وهي خارج المواصفات المعتمدة دوليًا، بسبب عملية فساد كبرى تشرف عليها جهات متنفذة داخل الحكومة في العراق في محاولة لدعم الاقتصاد الإيراني.
وأفاد شهود عيان وذوي ضحايا انهيار مبنى المختبر الوطني وسط بغداد، عن عدم عثورهم على أقربائهم من بين الناجين من الحادث بسبب ضعف إمكانيات الدفاع المدني ونقص المعدات.
وأكدت مديرية الدفاع المدني، أن عمليات الإنقاذ ما زالت مستمرة للبحث عن امرأة وابنتها تحت أنقاض المبنى المنهار.
وشكك مراقبون بجدية التحقيقات الحكومية حول تداعيات انهيار مبنى المختبر الوطني للتحليلات بمنطقة الكرادة، ومحاسبة الفاسدين في الهيئة الوطنية للاستثمار.
وأضاف المراقبون، أن حادثة الكرادة دليل صارخ على تفشي مبدأ الفساد في المؤسسات الحكومية والذي يدفع ثمنه المواطن العراقي.
وتساءل العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي، عن نتائج تحقيقات حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد والحسين في الناصرية، مطالبًا الجهات الحكومية التي استنكرت كارثة انهيار بناية المختبر الوطني في بغداد ودعت للتحقيق فيها لمراجعة نتائج التحقيقات السابقة أولًا مؤكدًا أن حق الصحة للعراقي بات مغتصبًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى