أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تزايد مخيف بإصابات السرطان في البصرة يُنذر بكارثة حقيقية

مفوضية حقوق الإنسان في البصرة: وفيات السرطان في المحافظة تشكل 30 بالمائة من نسبة الإصابات المسجلة سنويًا في العراق.

بغداد – الرافدين
كشفت مفوضية حقوق الإنسان عن تسجيل أرقام صادمة بشأن الإصابات السرطانية في محافظة البصرة
وقالت المفوضية إن البصرة تسجل سنويًا 9 آلاف إصابة بالأمراض السرطانية وأن المحافظة سجلت 27 ألف إصابة بالسرطان بين عامي 2018 و2020
وأضافت أن بعض مدن البصرة مثل قضاء المدينة، سجلت إصابات بالسرطان بين الأجنة وأن وفيات السرطان في المحافظة تشكل 30 بالمائة من نسبة الإصابات المسجلة سنويًا في العراق
وأشار مسؤولون إلى أن ارتفاع أعداد الإصابات بسبب الإنتاج والاستخراج النفطي في البصرة، فضلًا عن الشعلات النفطية التي تطلق غازات سامة في الهواء
وقال مدير دائرة البيئة في البصرة، وليد الموسوي، في تصريح صحفي، “إنّ الغازات السامة المستخرجة تؤدي إلى إصابات مباشرة بسرطان الرئة، وأنواع أخرى من هذا المرض الخطير”
وشدد الموسوي على، “ضرورة التزام الشركات النفطية المستخرجة بالمنظومات والضوابط البيئية والصحية المعتمدة، ومراعاة المعايير الصحية، بغية السيطرة على انتشار الأمراض
وأشار إلى أن رمي المخلفات وتفريغ مياه الصرف الصحي لنحو 15 مستشفى في البصرة بالأنهار الداخلية، يساهم أيضًا في ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان في المحافظة
وأكد على أن “أغلب تلك المستشفيات لا تلتزم معايير البيئة، بسبب عدم وجود محطات بيولوجية خاصة في هذه المستشفيات
وقال مسؤول في دائرة صحة البصرة إنّ أعداد المصابين بالسرطان في المحافظة تزايدت خلال الفترة الأخيرة بشكل مقلق، موضحاً لوسائل الإعلام بأنّ تقارير المختصّين أظهرت أنّ أسباب هذه الزيادة تعود للغازات السامة المنبعثة من الحقول النفطية، والمخلفات الحربية
وأشار إلى أنّ استخراج النفط يتمّ بشكل خاطئ في حقول البصرة، دون مراعاة للمخاطر التي يتسبّب بها على حياة وصحة المواطنين، لاسيما الأطفال الذين يمثلّون نسبة كبيرة من المصابين بالسرطان في المحافظة
وكان عدد الإصابات الشهرية بالسرطان في البصرة يتراوح بين 400 و500 حالة، بين عامي 2015 و2017، قبل أن يرتفع العدد إلى الضعف تقريبًا عامي 2018 و2019 اللذين شهدا تسجيل ما بين 750 و900 إصابة شهرية، بحسب تقارير طبية عراقية، وسط تبادل الاتهامات بين الأحزاب السياسية  بمسؤولية ممثليهم بوزارة الصحة والبيئة والداخلية وتقصيرهم  والتلاعب بحقوق العراقيين الطبية
يذكر أنّ عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام، جواد العلكي، قد أكّد في وصف البصرة في وقت سابق بأنها “هيروشيما أخرى”، موضحًا أنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطرًا يهدد أكثر من 40 بالمائة من سكّان البصرة
وتزايدت المخلفات المشعة من جراء الحروب منذ عام 1991، واستخدام اليورانيوم المنضب بكميات هائلة ضد العراقيين في مناطق عديدة ومنها البصرة، مرورًا باحتلال العراق عام 2003، ما أدى إلى توقُّع الأطباء والمختصين زيادة حالات الإصابة بمرض السرطان إلى أرقام خطيرة لا يمكن السيطرة عليها.
ويقول وليد الموسوي بهذا الصدد، إن “سنوات الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 التي جرى فيها استخدام أنواع مختلفة من الأسلحة والذخائر الملوثة باليورانيوم تركت هي الأخرى أثرًا كبيرًا على صحة المواطنين في البصرة، إذ وصلت الملوثات البيئية والمواد المشعة إلى المياه الجوفية المستخدمة في سقي المحاصيل الزراعية لا سيما قضاء الزبير”.
وأكد الموسوي أن “الآثار التي نتجت عن استخدام اليورانيوم المنضب من قبل الجيش الأمريكي ضد الجيش العراقي في عام 1991 ، واستمرار زراعة الألغام والقصف الذي طال المنشأة الصناعية والنفطية ومحطات الكهرباء كان سببًا مباشرًا بزيادة أمراض السرطان، ما أطلق التلوث على نطاق واسع من دون معالجة حكومية”.
من جانبه أكد مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان بالبصرة مهدي التميمي، أن “أكثر من 90 بالمائة من المصابين بالسرطان بالبصرة يتوفّون لشدة المواد الكيماوية المتركزة في المحافظة بسبب الحروب، لكن الأحزاب السياسية الحكومية تحاول إخفاء الحقيقية.
علماً أن “الحكومة كانت سابقًا ترفض الحديث عن مرض السرطان ومعدلاته، إلا أنها اليوم لا تستطيع إخفاء الكارثة”.
وأشار التميمي إلى أن الإصابات بالبصرة تصل إلى 24 ألف مصاب، محملًا الشركات النفطية العاملة بالمحافظة المسؤولية، مع ضرورة وجود تحرك رسمي على تلك الشركات ومن يديرها ويتعاون معها من أحزاب سياسية.
وكان عضو لجنة الصحة والبيئة في البرلمان السابق صفاء بندر قد ذكر بأن “محافظة البصرة تصل إلى نحو 3 ملايين نسمة، إلا أن الكارثة وجود مركز واحد لمرضى الأورام السرطانية سعته 400 سرير وليس فيه سوى 200 سرير صالح للاستخدام. كما يعاني من التقادم والرطوبة ومشاكل في الخدمات. فضلًا عن استقباله يوميًا لما بين 120 و150 مريضًا بالأورام السرطانية، وسجّل خلال السنوات الأخيرة 2500 حالة سنويًا”.
مراقبون ومختصون بالصحة والبيئة طالبوا المسؤولين في وزارتَي البيئة والصحة بترك خلافاتهم السياسية والابتعاد عن صفقاتهم التجارية المشبوهة وأن يسارعوا إلى تخفيف كارثة انتشار السرطان، لأن تلوث المياه والأراضي الزراعية المتأثرة بالإشعاعات الكيماوية من العوامل المباشرة التي أدت إلى ارتفاع نسب الإصابات بالسرطان في العراق خلال السنوات الماضية
فالمستشفيات الحكومية العراقية التي يفترض بها تقديم العلاج لمرضى السرطان، باتت هي الأخرى واحدة من عدة مشكلات يعانيها المرضى، بسبب عدم جاهزيتها، ما يضطر العديد من المصابين إلى السفر خارج العراق للعلاج بسبب فقدان عدة محافظات عراقية لمراكز الأورام السرطانية بسبب الحروب والمعارك والاضطراب الأمني، فضلًا عن صفقات الفساد في مشاريع بناء المستشفيات وتطويرها، بحسب مراقبين.
بدوره أوضح الطبيب محمد علاوي، أن “الفقر يساهم في موت المصابين بالسرطان، ومصاريف العلاج ليست متاحة لجميع العراقيين. والكثير منهم يضطر إلى إكمال العلاج وشراء الأدوية من الصيدليات الخاصة وقد يتراوح سعر الجرعة الواحدة من 1000 دولار – 2000 دولار ، بعد أن عجزت الحكومة عن توفير العلاج للمرضى، ما ساعد الصيدليات الخاصة على فرض سيطرتها على سوق أدوية السرطان في البصرة”.
وأكد علاوي أن التباين الكبير في أسعار العلاجات الكيميائية من مئات الدولارات إلى آلاف الدولارات يعتمد بشكل كبير على مرحلة السرطان، ويشمل الخيارات الثلاثة في الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي إضافة إلى مصدر الدواء، حسب تعبيره.
يُذكر أن العراق قد انضم في عام 2007 إلى معاهدة أوتاوا الدولية، المطالبة بتطهير أراضيه من الألغام وبقية مخلفات الحرب، إلا أن محافظة البصرة لا زالت تعيش منذ أكثر من أربعة عقود أوضاعًا صحية متردية، وارتفاعًا بالإصابات، بسبب تلوّث المياه والتربة والألغام الحربية التي بقيت فيها منذ عقود، وتلوث الجوّ بسبب شركات النفط، وصولًا إلى الإصابات بمرض السرطان

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى