أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تصريحات غافيتو ورومانوسكي تزيح آخر ستار عن التخادم الأمريكي الإيراني في العراق

الدكتور مثنى حارث الضاري: العراق يعيش واقعًا في ظل احتلالين أمريكي وإيراني، يعملان وفق سياسة تنفيس الصراع بينهما.

بغداد- الرافدين
رفعت تصريحات نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي، جينيفر غافيتو، والسفيرة الأمريكية في العراق آلينا رومانوسكي، عن دعم حكومة محمد شياع السوداني، آخر الستائر الواهية التي تغطي التخادم الأمريكي الإيراني في العراق لإبقاء الوضع على ما هو عليه.
وتتجاهل تصريحات غافيتو ورومانوسكي عن عمد ان حكومة السوداني ستكون ممثلا عن الميليشيات الإيرانية في العراق، الأمر الذي يؤكد ان واشنطن وطهران قد تختلفان في أمور شتى إلا انهما تتفقان على استمرار الفساد والفشل السياسي في العراق.
كما تجاهلت التصريحات الأمريكية المتصاعدة لدعم تشكيل حكومة السوداني التي أطلق عليها العراقيون الولاية الثالثة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، مطالبات ثوار تشرين بإزاحة الطبقة السياسية الفاسدة وتسليم العراق إلى العراقيين، وبعد عشرين عاما من أكبر عملية فساد وفشل سياسي في التاريخ المعاصر.
ولم يعبأ دعم نائبة مساعد وزير الخارجية والسفيرة الأمريكية في بغداد لحكومة السوداني، بتقرير الممثلة الأممية الخاصة للأمين العام في العراق جينين هينيس بلاسخارت، التي وصفت العملية السياسية بالفاشلة والفاسدة.
وكانت بلاسخارت قد حذرت في أحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن من مخاطر واقعية قد تنذر بسفك مزيد من الدماء في البلاد التي أصيب شعبها بخيبة أمل وصلت إلى عناء السماء.
وقالت إنه “خلال الأشهر الاثني عشر الماضية كان للشقاق ولعبة النفوذ السياسي الأولوية على حساب الشعور بالواجب المشترك وقد تركت الأطراف الفاعلة على امتداد الطيف السياسي البلد في مأزق طويل الأمد”.
وأشارت إلى أن العراقيين كانوا “رهينة لوضع لا يمكن التنبؤ به ولا يمكن احتماله، ليتحول إلى اشتباكات مسلحة… لا يوجد أي مبرر للعنف”.
غير أن غافيتو لم تعبأ بكل مطالب العراقيين في ثورة تشرين عندما أعلنت الخميس أن الولايات المتحدة “لن تتخلى” عن العراق وأن واشنطن تعتبر بغداد شريكا استراتيجيا.
وأضافت “نعرف أنه بعد الخروج الأمريكي من أفغانستان، اعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط، ومن العراق، وهذا خطأ، لدينا أجندة طموحة في العراق، ونعتبره شريكا استراتيجيا لأمريكا، وحدث اليوم يسمح لنا أن نشدد على أننا نعتبر العلاقة معه أساسية ومهمة، ونرى شريكا في الحكومة العراقية الجديدة”.
وسخر عراقيون من مزاعم نائبة مساعد وزير الخارجية بقولها “الشعب العراقي يمكنه الاعتماد على الشراكة مع أمريكا للوصول لأهدافه، ونحن ملتزمون بهذه الرؤية، وملتزمون بتعزيز الاستقرار والسيادة، وتحسين حياة العراقيين”.
وشدد مراقبون على أن غافيتو تدرك فشل النموذج الذي اخترعته الولايات المتحدة في العراق بعد احتلاله، مثلما فشل في أفغانستان، وكل المحاولات لإحياء جثة العملية السياسية في العراق بعد الهروب من أفغانستان، لن تفضي إلا لمزيد من فقدان الأمل بالنسبة للعراقيين.
ووصفوا سياسة واشنطن في العراق بالهروب إلى الأمام، بدلًا من أن تعترف بأخطاء احتلال العراق ومساعدة العراقيين لاستعادة بلدهم من القوى والأحزاب السياسية الفاسدة التي دفعت بها الولايات المتحدة إلى الحكم منذ عام 2003.
وكانت السفيرة الأمريكية في العراق، آلينا رومانوسكي، قد أكدت في وقت سابق أن اتفاقية الإطار الاستراتيجي هي التي توجه علاقات واشنطن مع الحكومة الجديدة.
ومثل الدعم الأمريكي لحكومة السوداني تعاونا مكشوفا مع إيران عندما التقت السفيرة الأمريكية في بغداد أتباع إيران في العراق في رسالة تكشف التفاهم مع طهران على تشكيل حكومة السوداني مرشح الإطار التنسيقي المدعوم من إيران.
والتقت رومانوسكي برئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة المكلف محمد شياع السوداني ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، واصفة اللقاءات بالمثمرة.
في وقت جدد السوداني رغبة الحكومة المقبلة في تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، في رسالة لا تقبل اللبس من حكومة الإطار التنسيقي المدعومة من إيران.
ويرفض العراقيون حكومة السوداني ويرون أنها استمرار للفشل السياسي الذي صنعته الولايات المتحدة منذ احتلال العراق ومن ثم تسليم البلاد إلى أحزاب إيران في العراق.
وكانت هيئة علماء المسلمين في العراق، قد أكدت أن عملية اختيار رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة المقبلة جاء في إطار التسويات السياسية بين الأحزاب برعاية إقليمية ودولية.
وأشارت إلى أن أولى خطوات تشكيل حكومة الاحتلال التاسعة، جاءت وفق تفاهمات توافقية وضغوط أمريكية إيرانية تراعي مصالح واشنطن وطهران باعتبارهما المتحكمين الرئيسين في النظام القائم في العراق.
وأضافت أنه كما كان متوقعًا بأن التسويات بين الأحزاب الحاكمة هي التي ستحدد شكل الحكومة القادمة في العراق، مشيرة إلى أنها تأتي ضمن محددات النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والإثنية في ظل رعاية دولية رسخت الطائفية منذ الاحتلال.
وذكرت الهيئة في بيان متعلق باختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في حكومة الاحتلال التاسعة في العراق، أن الفساد السياسي بات السمة الرئيسة في العملية السياسية وأحزابها وشخوصها، والدور الإيراني في تحديد هوية رئيس الجمهورية الذي سارع إلى لقاء سفير طهران بعد أقل من (72) ساعة من اختياره في المنصب، وحتى قبل تسليمه القصر الجمهوري بصفة رسمية، فضلًا عن بيان أكذوبة “الديمقراطية” بتجاوز نتائج الانتخابات وتمرير صفقة تسمية رئيس الوزراء بناءً على التوافق الطائفي والعرقي الذي يحكم العراق منذ عقدين.
وقال الدكتور مثنى حارث الضاري مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين أن العراق يعيش واقعًا في ظل احتلالين أمريكي وإيراني، يعملان وفق سياسة التخادم على تنفيس الصراع بينهما في الساحة العراقية، في ظل تخلٍّ عربي تام عن الشعب العراقي ومصيره.
وأشار الدكتور الضاري إلى الأزمة الدستورية في العراق ودور النفوذ والاحتلال الإيراني فيها، وأثرها على الشارع العراقي واقتصاد البلاد ووضعها الأمني والسياسي، مؤكدًا أن الشعب العراقي يدرك جيدًا حجم هذا النفوذ وتحكمه في النظام السياسي، وأن هذا الإدراك هو الذي جعل من ثورة تشرين ترفع بقوة أبرز مطالبها وهو إسقاط هذا النظام الذي تديره طهران بوضوح.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى