أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الدكتور مثنى الضاري: عدم إنجاز اتفاق مؤتمر الوفاق أوصل العراق والمنطقة لهذه الحال

أحزاب الاحتلال نقضت مخرجات مؤتمر الوفاق في القاهرة لأنه طالب بإلغاء المحاصصة الطائفية واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون.

عمان- الرافدين
كشف مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، تفاصيل تاريخية من أروقة وحوارات مؤتمر الوفاق في القاهرة ما بين عامي 2005- 2006، تؤكد ان قوى وأحزاب العملية السياسية التي شكلها المحتل الأمريكي للعراق، نقضت جميع مخرجات المؤتمر، ولم تطبق أي حرف منها.
وذكر الدكتور الضاري في محاضرة بعنوان “تجربة مؤتمر الوفاق العراقي في القاهرة 2005- 2006 ومسيرة العمل الوطني”، عقدت بمجلس الخميس الثقافي في ديوان هيئة علماء المسلمين، في العاصمة الأردنية عمان “أنه على الرغم من الاتفاق على جملة أمور في المؤتمر من بينها موضوع جدولة انسحاب قوّات الاحتلال من العراق، وإعادة النظر في كثير من المواضيع المطروحة، ومنها، إعادة النظر في الدستور كاملًا؛ فإن أطراف العملية السياسية وحكومة بغداد آنذاك نقضت جميع مخرجات المؤتمر”.
واستذكر الدكتور الضاري في المحاضرة التي نقلت مباشرة عبر المنصات الرقمية وحظيت باهتمام ومتابعة آلاف المستخدمين، المواقف والحالات التي عبّرت فيها هيئة علماء المسلمين عن صلابة موقفها وإصرارها على طرحها المستند إلى الثوابت الشرعية والوطنية، كاشفًا عن انعدام مصداقية أحزاب العملية السياسية، ورضوخها للرؤية الأمريكية وسعيها لتحقيق مصالح الاحتلال والبحث عن مكاسبها الفئوية.
وعزز المحاضر الاستذكار التاريخي بوثائق وبيانات ومواقف وشهادات سبقت ورافقت وتلت مؤتمر القاهرة، مستعرضًا أسماء وصفات العديد من الجهات والشخصيات، من العراق والدول الأخرى التي كان حاضرة آنذاك، ومقيّمًا دورها وطروحاتها مع تحليل لمسارات عملها ورؤيتها للقضية العراقية ومشكلتها التي ولّدها الاحتلال وأسهم في تعقيدها.
وقال إن مشاركة هيئة علماء المسلمين والقوى العراقية المناهضة للاحتلال في مؤتمر القاهرة الذي عقد في مقر الجامعة العربية في تشرين الثاني 2005؛ تعد مرحلة من مراحل العمل الوطني التي قطعتها هذه القوى منذ ساعة الاحتلال الأولى، مبينًا أنها مرحلة فارقة في تثبيت الحق الوطني العراقي، وتثبيت أحقية المقاومة العراقية وشرعيتها.
وأوضح أن هيئة علماء المسلمين في العراق انضوت منذ مرحلة مبكرة في سياقات العمل الجبهوي مع عدد من القوى الوطنية الأخرى للوقوف بوجه الاحتلال، وأن تجاربها في العمل الوطني بدأت منذ الأسابيع الأولى للاحتلال، ثم تطورت بعد ذلك على مدى أشهر حيث دخلت هذه القوى في مرحلة المؤتمر التأسيسي الوطني العراقي، التي تكتسب أهميتها من المشاركة والعمل من جهود كثيرة على مدى سنوات عديدة.

استذكار وتثبيت للحقائق في مؤتمر الوفاق في القاهرة

وبيّن مسؤول القسم السياسي أن الأعوام 2004، 2005، 2006 شهدت تطورات مهمة على صعيد عمل المقاومة الميداني، والحراك السياسي للقوى المناهضة للاحتلال، حيث كانت تلك المرحلة من أشد السنوات على قوات الاحتلال في العراق نتيجة فعل المقاومة العراقية، وقد تكلّل العام 2005 ومطلع العام 2006 بأكبر معدل من العمليات ضد القوات المحتلة؛ مما أدخل العملية السياسية ومن خلفات قوات الاحتلال الأمريكي في مأزق حقيقي، ألجأهما إلى البدء بالبحث عن مخارج وحلول، ولا سيّما بعد رفض الاستماع إلى وجهة نظر القوى العراقية المناهضة للاحتلال في حلولها التي طرحتها منذ البداية، ومنها: خطة جدولة انسحاب قوات الاحتلال التي قدمتها هيئة علماء المسلمين لموفد الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الأخضر الإبراهيمي في شباط 2004 وغيرها من المشاريع التي طرحت بعد ذلك.
وأضاف الدكتور الضاري “أن مشكلة قوات الاحتلال في العراق بدأت في الظهور أكثر خلال العامين 2005 – 2006، وبدأ الحديث عن تورط الأمريكيين في المستنقع العراقي، وقد صدر في ذلك الحين التصريح المشهور عن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عندما قال: “كنّا نروّج مزاعم النصر خشية أن تستولي روح الهزيمة على جنودنا”.
وشدد على أن هذه الهزيمة التي تعد هزيمة عسكرية على الأرض بفعل المقاومة؛ واكبها عمل وطني مناهض للاحتلال وساند للمقاومة، ومدافع عن الحق العراقي في المحافل العراقية والعربية والإقليمية والدولية، مضيفًا أنه حينذاك نبتت فكرة الدعوة إلى مؤتمر لبحث القضية العراقية؛ بهدف وصول الأمريكيين والمتعاونين معهم إلى حل يُضمن من خلاله عدم توسع آثار الهزيمة الأمريكية على المنطقة عمومًا من جانب، ومن جانب آخر سعي الدول الأخرى التي دخلت في هذا المؤتمر أو أسهمت في التحضير له، إلى تخفيف الأضرار على المنطقة خشية أن تتوسع آثار الاحتلال الأمريكي- البريطاني للعراق على البدان العربية الأخرى.
وأوضح مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين أن هذا السعي مشروع في أصله، ولكن لما لم يُلتزم بما تم الاتفاق عليه في القاهرة، تحققت هذه المخاوف، حيث إن واقع الحال الآن يحكي السلبيات التي ترتبت على عدم إنجاز اتفاق القاهرة، وأن الشواهد كثيرة على ذلك، فالعراق الآن ليس وحده من يعاني من آثار الاحتلال أو ما بعد مرحلته، وإنما المنطقة جميعًا تعاني من ذلك.
وقال الدكتور الضاري “إن مؤتمر القاهرة بدأ بدعوة جاءت من الجامعة العربية لهيئة علماء المسلمين في العراق ولبعض القوى الأخرى، لعقد مؤتمر يبحث الشأن العراقي في منصف عام 2005، وجرت مباحثات عديدة بهذا الصدد تمخضت أخيرًا عن زيارة وفد من الجامعة العربية برئاسة الأمين العام السابق عمرو موسى إلى العراق وزيارته مقر الهيئة في بغداد، حيث التقى أعضاء الهيئة وأعضاء المؤتمر التأسيس الوطني العراقي؛ لأن الهيئة لم ترد أن تبت في هذا الأمر وحدها، فقد كانت شريكة مع قوى أخرى في المؤتمر التأسيسي وعرضت هذا الأمر على أعضائه؛ فاتفقوا على التباحث مع الجامعة العربية بهذا الصدد.
وأشار إلى أن الهيئة أصدرت آنذاك تصريحًا صحفيًا قالت فيه: إنها تلقت دعوة لحضور مؤتمر للوفاق العراقي “بهذا العنوان” في مصر، وإنها ستبحث هذا الموضوع مع القوى الوطنية لغرض معرفة حقيقة المؤتمر والوقوف على الإيجابيات والسلبيات التي يمكن أن تتمخض عنه، مضيفًا أن اتفاقًا حصل بين القوى بعد اجتماع في مقر الهيئة في جامع أم القرى في العشرين من تشرين الأول 2005، بأن تشارك في مؤتمر القاهرة؛ لأنه فرصة لكي تحقق القوى العراقية الوطنية المناهضة للاحتلال موقفًا على مستوى الندية، وأن تطرح هذه القوى مشكلتها من منصة الجامعة العربية، بصرف النظر عن تقييمها، التي تبرز أهميتها من حضور وفود عربية وإقليمية ودولية، فضلاً عن التغطية الإعلامية الكبيرة التي ستصاحب هذا المؤتمر بما يعطي وزنًا معنويًا لهذه القوى التي تناقش القضية العراقية بعلمية ومنهجية.
ووثق الدكتور الضاري مجريات الأحداث التي شهدها المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيَام بدءًا من التاسع عشر من تشرين الثاني 2005؛ مؤكدًا على أن مشاركة هيئة علماء المسلمين والقوى العراقية المناهضة للاحتلال ضمن إطار المؤتمر التأسيسي، جاءت على أسس محددة للمشاركة، أهمها: أن يكون هذا اللقاء بين قوى مناهضة للاحتلال، وجهات متعاونة مع الاحتلال، برعاية عربية وأممية، وأن هذا المؤتمر لا يمكن أن يُعد جزءًا من العملية السياسية، وأن يكون اللقاء تحت قبة الجامعة العربية.
وقال مسؤول القسم السياسي إن الأمين العام الراحل لهيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري “رحمه الله” ألقى كلمة ركّزت على: حقيقة المشكلة العراقية، والأمور التي ينبغي أن تُحل في ضوئها الأزمة في العراق، وموضوع المصالحة من وجهة نظر القوى المناهضة للاحتلال، والتذكير بوجوب إجراء جدولة واضحة ومحددة ومعلنة وملتزم بها وفق ضمانات دولية لانسحاب قوات الاحتلال من العراق بجميع مظاهرها وأشكالها.
وأضاف الدكتور الضاري أن القضايا الأساسية التي شددت عليها القوى العراقية المناهضة للاحتلال تضمنت العديد من الثوابت، من بينها: إلغاء مبدأ المحاصصة الطائفية والعرقية والإثنية، واعتماد مبدأ المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات أمام القانون، وإقرار مبدأ حق الشعب العراقي في رفض الاحتلال والاعتراف بالمقاومة العراقية وحقها المشروع في الدفاع عن بلدها ومقدراته، ورفض “الإرهاب” الذي يستهدف العراقيين الأبرياء والمنشآت والمؤسسات ذات النفع العام، ورفض استهداف دور العبادة، والتأكيد على هوية العراق الوطنية والعربية والإسلامية، والوقوف بحزم بوجه كل الدعوات التي من شأنها أن تفقده هذه الهوية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحتجزين في سجون الاحتلال والحكومة المؤقتة، ولا سيما النساء، وإيقاف عمليات الدهم المستمرة وانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العراق، وغير ذلك من الأمور التي تندرج ضمن رؤية ومشروع القوى الوطنية العراقية.

تفاعل الحاضرين مع مسيرة العمل الوطني الرافض للاحتلال الأمريكي

وأكّد مسؤول القسم السياسي في الهيئة على أن ما قامت به القوى العراقية المناهضة للاحتلال والعملية السياسية في هذا المؤتمر؛ هو جزء من مرحلة مهمة ثبّتت بكل قوة الطروحات الوطنية، وأبرزت القضية العراقية إلى الخارج، ووسّعت من مديات انتشار العرض الإعلامي لمن يتحدثون باسم القضية العرقية، علاوة على أنّها حققت أهدافًا سياسية حينما فتحت بعض الأبواب للقوى المناهضة للاحتلال في بعض الدول العربية لتزيل الكثير من الشكوك والريب والاتهامات الزائفة التي تروّج ضد المقاومة وقوى المناهضة.
وختم الدكتور مثنى حارث الضاري حديثه بالقول “إن المشاركة في المؤتمر وفق شروط وثوابت الهيئة والقوى المناهضة للاحتلال؛ هيّأت فرصة مناسبة جدًا للمقاومة العراقية في أن تكون حاضرة في المؤتمر أو على هوامشه، وأنها بوصفها ذات شرعية ومشروعية مكتسبة من ذاتها ومن قضيتها؛ فقد كان ممكنًا الحصول على نوع مما يسمى الشرعية والمشروعية الإقليمية والدولية من خلال اعتراف الجميع بالمقاومة، أو سماعهم صوتها عن قرب، مشيرًا إلى أن وفد القوى العراقية المناهضة للاحتلال طرح هذا الأمر على الجامعة العربية، ولكن عوامل ذاتية وموضوعية حالت دون حصول ذلك”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى