أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

اتساع ظاهرة الفصل العشائري في العراق

تلاشي مفهوم الدولة وهشاشة القضاء جعل العراقيين يحتكمون إلى الأعراف القبلية بدلًا من القضاء

بغداد – الرافدين

تزايدت ظاهرة لجوء بعض شرائح المجتمع العراقي إلى الأعراف القبلية لفض نزاعاتهم بدلًا من القضاء ضمن ما يُعرف بالفصل العشائري بعد العام 2003 الذي تحول إلى أداة ابتزاز مالي خاصة في محافظات وسط وجنوب العراق.
واتسعت هذه الظاهرة أو ما يعرف “بالكوامة” بعد الاحتلال الأمريكي، وما أعقبه من تفكك للدولة ومؤسسات القضاء
وهشاشة الأجهزة الأمنية وفشلها في ترسيخ الأمن العام.
وقد وصلت أموال الفصل العشائري إلى أكثر من مليار دينار في بعض الأحيان ما يعكس سطوة متزايدة لسلطة العشائر التي باتت تنافس سلطة القضاء الهشة في حل المشاكل والنزاعات المجتمعية بل تتفوق عليها.
وتحولت الفصول العشائرية إلى ساحة لاستعراض العضلات خاصة في ظل انتشار السلاح وانتماء العديد من أبناء العشائر للمليشيات وصار التهديد المتبادل بين العشائر المتخاصمة يتم بإطلاق النار والمعارك شبه اليومية في الأحياء السكنية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية كما أظهر تسجيل في منصات التواصل الاجتماعي في مشهد يختزل حجم الفوضى العارمة في العراق في ظل انعدام القانون ووجود الدولة.
ويقول الشيخ محمد الشمري وهو أحد الذين يقدمون أنفسهم كوسطاء لحل المشاكل العشائرية إن “الفصل العشائري أصبح أكثر من السابق لاسيما بعد عام 2003 حيث أصبحت الأوضاع أكثر انفلاتًا، والوضع الأمني في تدهور مستمر، فضلًا عن تسييس القضاء وفقدان المجتمع العراقي تمامًا ثقته بالمنظومة القضائية.
ويضيف الشمري أن هناك العديد من القضايا التي عجز القضاء والقانون عن فضها الأمر الذي أجبر المتخاصمين على اللجوء الى الفصل العشائري وعادة ما يجري الفصل العشائري بعد مفاوضات طويلة بين المتنازعين، وفي حضور شيوخ من الطرفين ووجهاء وشيوخ قبائل أخرى وربما قيادات أمنية للوصول إلى تسوية مناسبة بين المتخاصمين.
وتشمل المفاوضات دفع مبالغ مالية كبيرة كعقوبة للحيلولة دون تكرار النزاعات، وفرض هيبة عشيرة على حساب أخرى..
ففي ديالى على سبيل المثال وخلال جلسة فصل عشائري اتهم أحد شيوخ قبيلة بني تميم قائد عمليات ديالى اللواء الركن علي فاضل عمران، بدفع مبلغ ضخم في محاولة لرشوته للتنازل عن قضية لم يتسن لنا معرفة حيثياتها في خطوة عدها مدونون سابقة خطيرة حينما يقدم ضابط رفيع بتقديم الأموال لإرضاء شيخ عشيرة.
وعلى إثرها أعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق بشأن هذا المقطع المصور كاشفة إن، وزير الدفاع وجه بإرسال لجنة لتقصي الحقائق لمعرفة تفاصيل ماورد في  المقطع المصور لكن ناشطين شككوا بنتائج هذه اللجنة على غرار نتائج اللجان التحقيقية الحكومية السابقة.
ويشير قانونيون إلى أن مثل هذه الحوادث تتكرر كل يوم في حين يقف القانون عاجزًا عن التدخل، مؤكدين “أن الخلل يكمن في تحطيم بنية المجتمع بعد 2003 الذي بات يلوذ بالعشيرة وليس قوانين الدولة ويؤكد القانونيون أن دور الدولة بعد عام 2003، صار ضعيفًا.
ويرى بعض العراقيين أن تنامي نفوذ سطوة العشيرة في حل الخلافات بين الناس، فسح المجال لبعض العاطلين عن العمل لاستغلال اسم القبيلة لجني الأموال دون مشقة، وهي حالة يدفع ضريبتها المواطنون المغلوب على أمرهم، وقد يصل الأمر إلى ترويعهم وتهديدهم.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى