أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ميليشيات متنفذة تستولى على كمية من المخدرات المصادرة من القوات الأمنية

عميد متقاعد: هناك صفقات مشبوهة تدار بين أطراف ميليشاوية يتم بموجبها الاستحواذ على المخدرات المصادرة من قبل القوات الأمنية.

بغداد- الرافدين

وصف عميد في شرطة بغداد أحيل على التقاعد قبل أشهر، بيان الجهات الأمنية والقضائية بشأن تخزين المخدرات أكثر من عشرة أعوام قبل إتلافها، بالتلفيق الأمني الذي لا ينطلي على أحد.
وقال العميد الذي أرغم على التقاعد تحت ضغط جهات متنفذة في وزارة الداخلية “إن هناك صفقات مشبوهة تدار بين أطراف حزبية وميليشاوية سواء برضى ضباط الشرطة أو تحت التهديد، يتم بموجبها الاستحواذ من قبل الميليشيات على المخدرات المصادرة من قبل القوات الأمنية”.
وأكد العميد الذي فضل عدم كشف هويته، على وجود أطراف حزبية وميليشاوية معروفة تسنى لها الاستحواذ على كميات كبيرة من المخدرات سبق وأن تم مصادرتها من قبل القوات الأمنية في محافظتي ميسان والبصرة.
وقال إن هذه الكميات تسجل في وثائق الشرطة بانها أتلفت، بينما تم في حقيقة الأمر تدويرها من جديد من قبل أطراف معروفة لكبار ضباط وزارة الداخلية.
وعبر العميد المتقاعد عن تهكمه على ذريعة وزير الصحة ونائب رئيس محكمة استئناف الرصافة، بعد اتلاف كمية من المخدرات الجمعة، عندما زعموا ان هذه الكمية مخزنة منذ سنوات ولم تكن تمتلك الوزارة أدوات لإتلافها.
وقال “أما السيد الوزير ونائب رئيس محكمة استئناف الرصافة، يتحدثان عن جهل أو يمارسان الكذب على الرأي العام، وفي الحالتين يمثلان فضيحة أمنية وسياسية”.
وأكد على أن أي منتسب في وزارة الداخلية بإمكانه أن يكشف الزبائنية مع متنفذين في الميليشيات في تدوير المخدرات المصادرة وعدم إتلافها.
وشدد بقوله على أن نسبة كبيرة من ضباط الشرطة من المخلصين والمهنيين، لكنهم تحت ضغط وتهديد الميليشيات لا يقدرون على كشف هذه الحقيقة.
ويأتي تصريح العميد المتقاعد بعد أن أعلنت السلطات الحكومية الأحد إتلاف حوالي ستة أطنان من المواد المخدرة، مثل الكوكايين والحشيش وحبوب الكبتاغون، ضُبطت وحُفظت على مدى سنوات، كما شاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية.
وتمت العملية أمام وسائل الإعلام في منطقة صحراوية محاذية لقاعدة عسكرية قرب بغداد، فيما أوضح وزير الصحة الحالي صالح الحسناوي أن الكمية المتلفة البالغة 5 أطنان و900 كيلوغرام ضبطت “من قبل القوات الأمنية في المنافذ الحدودية وفي مواقع مختلفة من العراق”.
وقال الحسناوي خلال مؤتمر صحافي من الموقع إنه “منذ العام 2009 إلى اليوم، لم تجرِ عملية إتلاف بهذا الحجم في العراق”.
ومن بين الكميات المتلفة، 54 مليون حبة مخدرة من بينها 5 ملايين حبة كبتاغون، فضلاً عن 350 كيلوغراماً من الكوكايين، كما أكد مسؤول قضائي، كان حاضرا خلال المؤتمر الصحافي.
وكانت هذه المواد المخدرة مخزونة “منذ عام 2009 في مخازن دائرة الطب العدلي”، كما قال صهيب دحام نائب رئيس محكمة استئناف الرصافة ورئيس لجنة إتلاف المخدرات.
وزعم دحام أن “سبب عدم إتلافها حتى الآن… أن المحرقة في الطلب العدلي غير مؤهلة لإتلاف الكميات”.
وجاءت غالبية هذه المواد المخدرة، وفق المسؤول الحكومي، من إيران، لكن أيضاً من لبنان وسوريا المجاورة.
وباتت قضية المخدرات تشكل تحديا خطيرا في العراق حيث تزايدت في السنوات الأخيرة تجارة المخدرات وتعاطيها، خصوصا في مناطق جنوب ووسط البلاد، الحدودية مع إيران، والتي باتت طريقاً أساسياً لتهريب وتجارة المخدرات، لا سيما مادة الكريستال.
وكان العراق قبل عام 2003 خاليا من المخدرات، إلا أنه أصبح معبرا للمواد المخدرة المصنعة في إيران أو أفغانستان باتجاه أوروبا، وشهد ارتفاعا في نسبة استهلاك المخدرات بشكل كبير في السنوات الماضية.
وسبق وأن أعلنت مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية أن “محافظتي البصرة وميسان تعتبران الأوليين بالتهريب والتعاطي في المحافظات الجنوبية”.
وقالت لجنة حقوق الانسان النيابية إن الآفة الخطيرة التي تهدد العراق اليوم هي المخدرات وتجارة البشر.
وأضافت أن ضعف الأداء الحكومي سبب رئيس في انتشار المخدرات وتوسعها، حتى أصبح العراق مستهلكًا بعد أن كان معبرًا لتجارتها نحو دول الجوار، مشيرة إلى أن هناك ثغرات كبيرة في المنافد الحدودية العراقية يتم من خلالها إدخال المخدرات، كما أن هناك أياد خبيثة تسعى قدر الإمكان إلى نشر هذه الآفة بين فئات المجتمع العراقي.
وقال المجلس العراقي للاختصاصات الطبية إن ظاهرة المخدرات حساسة وخطرة، وتظهر إحصاءات وزارة الداخلية أن عدد المعتقلين في السجون بتهم تعاطي المخدرات أو بيعها تجاوز 13 ألفًا.
وكانت وزارة الصحة الحالية قد أكدت تزايد عدد مراجعي المؤسسات الصحية لتلقي علاج من الإدمان، في الوقت الذي تضاعفت فيه كميات المواد المخدرة المهربة التي ضبطتها وزارة الداخلية.
وسبق ذلك إعلان جهاز الأمن الوطني تحول عدد من المدارس إلى أماكن لبيع المخدرات، لافتًا إلى أن من الطرق الشائعة لإخفاء المخدرات هي الدراجات النارية والزوارق وأبرز أماكن بيعها هي المقاهي والمدارس.
وأعلنت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على 14 ألف تاجر ومتعاطي مخدرات منذ بداية عام 2022، مؤكدة أن جرائم المخدرات باتت تمثل خطرًا يهدد أمن البلاد.
وأضافت أن عصابات المخدرات تتبنى أساليب جديدة ومختلفة، تتعلق بتهريب وإدخال المخدرات إلى العراق، من بينها استخدام طائرات مسيرة وطرق أخرى كالتهريب داخل البضائع، مشددة على وجوب ضبط الحدود العراقية ومنع دخول المخدرات.
يشار إلى أن العديد من التقارير أثبتت تورط الميليشيات، والتي تسيطر على الكثير من المنافذ الحدودية، في عمليات تهريب المخدرات عبر كل من إيران وسوريا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى