أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

السوداني يروج لوهم الإصلاح الاقتصادي في العراق

74 بالمائة من موازنة الدولة تذهب إلى رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين من دون الحصول على إنتاج مقابلها يدعم حركة الاقتصاد العراقي.

بغداد- الرافدين
حذر محللون سياسيون وخبراء اقتصاديون من التعويل المبالغ فيه على ما تروجه حكومة محمد شياع السوداني بشأن الإصلاح الاقتصادي، وابتكار حلول جذرية لحل المأزق الاقتصادي العراقي المتواصل منذ عشرين عاما.
ووصف سياسيون مزاعم السوداني بـ “هراء اقتصادي قبل أن يكون سياسيا” لمجرد معرفة أن 74 بالمائة من موازنة الدولة تذهب الى رواتب العاملين إلى القطاع العام والمتقاعدين والاعانة الاجتماعية، دون الحصول على انتاج مقابلها يدعم نمو الاقتصاد.
ويعد العراق أكثر دولة في العالم بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة بالاعتماد على دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية.
وبلغت نسبة العاملين في القطاع الحكومي في العراق 37 بالمائة بين مجموعة دول من ضمنها الصين شملتها دراسة منظمة العمل الدولية، إذ يعتبر القطاع الحكومي الأكثر ضغطا على الموازنة العامة للدولة التي تذهب بمجملها كرواتب للموظفين، دون وجود إنتاج حقيقي يوازي هذه المصروفات العالية نتيجة عدم خلق بيئة استثمارية تساهم في تشجيع القطاع الخاص وتوفير فرص عمل من خلاله.
وسبق أن عزت دراسة لمعهد “تشاتام هاوس” البريطاني الفساد في العراق إلى ارتباطه الوثيق بمظلة سياسية تعمل من خلال التعيينات والدرجات الخاصة على ضمان تدفق الموارد القادمة من العقود والوزارات وبقية المؤسسات الحكومية.
وذكر المعهد أن إساءة استخدام السلطة داخل بيروقراطية متجذرة في العراق أدت إلى أن يصبح الموظفون في الدرجات الخاصة هم صناع القرار الحقيقيين في الوزارات والوكالات بعيدا عن أي مساءلة.
وأشار إلى أن الفساد في العراق تسبب في هدر مئات المليارات معظمها ذهب إلى جيوب الفاسدين من المسؤولين ووكلائهم في الداخل والخارج.
وأكد على أن تضخم الجهاز الحكومي واعتماد الحكومة على عائدات النفط هما أساس المشكلة، مبينًا أنه مع غياب القطاع الخاص المنظم فإن الحكومة ستبقى المشغّل الأول لمعظم الأيدي العاملة وهذا يعني استمرار الفساد وتوسعه واستغلال أموال الدولة لأغراض سياسية وشخصية.
ووصف الباحث السياسي الدكتور رافع الفلاحي الإصلاح الاقتصادي الذي تعد به حكومة السوداني بكذبة كبيرة وضحك على اللحى.
وقال الفلاحي في تصريح لقناة “الرافدين” “بمجرد أن نعرف أن أقل من ربع سكان العراق يستهلكون 75 بالمائة من الموازنة، نصل الى نتيجة نهائية بكذبة الإصلاح الاقتصادي التي تزعم بها حكومة الإطار التنسيقي”.
وشرح الباحث السياسي العراقي تفاصيل ذلك بقوله إن “عدد الموظفين يتضخم حسب دراسة لمنظمة العمل الدولية، وان العراق يصنف في مقدمة الدول الأعلى في العالم بعدد موظفي القطاع العام، من دون انتاج حقيقي يراكم اقتصاد البلد، وغياب البيئة الاستثمارية”.
وأضاف “يوجد أربعة ملايين موظف لا يعمل أفضل عنصر فيهم أكثر 17 دقيقة في اليوم، يضاف لهم 3.5 مليون متقاعد و2.5 مليون يحصلون على رواتب الاعانة الاجتماعية، فضلا عن 3 ملايين من الموظفين الفضائيين، فهذا يعني لدينا 13 مليون موظف يحصلون على أكثر من 70 بالمائة من موازنة الدولة كرواتب من دون مردود اقتصادي”.
وأشار الفلاحي إلى أنه لا يمكن أن ننسى بيئة الفساد السياسي والاقتصادي هنا ونحن نتحدث عما بقي من موازنة الدولة المقدرة، ب 30 بالمائة أغلبها يذهب في صفقات الفساد الميليشياوي والحكومي، وبعدها علينا أن نحصل على إجابات بشأن الحلول التي تقترحها حكومة السوداني بشأن اصلاح الوضع الاقتصادي المتردي.
يأتي ذلك في وقت أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بوجود نحو 9 ملايين أسرة في العراق تستحق رواتب الحماية الاجتماعية.
وقال رئيس هيئة الحماية الاجتماعية في الوزارة أحمد لعيبي إن أكثر من 4 ملايين و400 ألف أسرة في بغداد والمحافظات، فضلًا عن 300 ألف أسرة سجلت ضمن قانون الأمن الغذائي، مشمولة بإعانات ورواتـب الحماية الاجتماعية، بينما هنالك أعداد مماثلة لأسـر فقيرة وفاقدة للمعيل تسكن في مناطق العشوائيات في بغداد والمحافظات بحاجة إلى شمولها من قبل الوزارة.
على صعيد آخر جدد المحاضرون المجانيون في تربية الرصافة بالتصعيد بإغلاق المدارس واقتحام المنطقة الخضراء ما لم يتم الاستجابة لمطالبهم.
وحذر المحاضرون المجانيون من عدم تضمينهم في موازنة العام المقبل وأضافوا أنهم يقدمون خدماتهم منذ ثلاث سنوات بالمجان دون النظر لرغباتهم بالتثبيت على الرغم من حاجة مديريات التربية لهم لسد النقص في الكوادر التعليمية.
هذا وتظاهر المحاضرون أمام بوابة المنطقة الخضراء ببغداد للمطالبة بشمولهم في موازنة العام المقبل.

رافع الفلاحي: الإصلاح الاقتصادي الذي تعد به حكومة السوداني كذبة كبيرة وضحك على اللحى.

ويجمع مراقبون على صعوبة تنفيذ حكومة السوداني تعهداتها بتعيين الخريجين الأوائل وحملة الشهادات العليا، فضلا عن تثبيت العقود والمحاضرين التربويين.
وحذّر مراقبون من تظاهرات واسعة لتلك الشرائح قد تنتهي بإسقاط الحكومة متوقعين سلوك طريقة عادل عبد المهدي في التعامل مع المتظاهرين كما حدث مؤخرا في الناصرية التي قتل وأصيب فيها عدد من المتظاهرين، مشيرين إلى أن السوداني ينتمي لكتلة سياسية متهمة بقتل المتظاهرين عام 2019.
ويعي السوداني المشكلة ويناور عبر تعطيل إرسال موازنة 2023 إلى مجلس النواب، لضمان عدم تضمينها الكثير من التعيينات التي سوف تُثقل كاهل الموازنة بالنفقات الجارية والتشغيلية.
وقال مظهر محمد صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الحالي أن ريعية الاقتصاد العراقي المعتمد على النفط بنسبة 93 بالمائة منذ ثلاثين عاما لا يُشغل إلا نحو 1 بالمائة من حجم اليد العاملة بالعراق في القطاع النفطي.
وعزا المشكلة الرئيسية إلى ضعف الجانب الاستثماري، مشيرا إلى وجود نحو 9 آلاف مشروع استثماري متلكئ في البلاد، تبلغ قيمتها الكلية نحو 250 مليار دولار، كان يمكن لها أن توفر عشرات آلاف فرص العمل.
وتتنافس أحزاب سياسية وميليشيات على تعطيل المشاريع الاستثمارية، قبل أن تضمن حصتها في صفقات فساد مع الشركات الأجنبية.
ورفضت شركات دولية الاستثمار في العراق، مؤكدة أن تجارب العقدين الماضيين تؤكد أننا أمام بيئة اقتصادية فاسدة في العراق يصعب العمل فيها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى