أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

احتياطي النقد الأجنبي يتضخم وخارطة الفقر في العراق تتوسع

خبراء اقتصاديون يستغربون احتفاء حكومة السوداني بازدياد احتياطي النقد الأجنبي إلى 96 مليار دولار من دون أن يكون له أي تأثير على تخفيض نسبة الفقر في العراق.

بغداد – الرافدين

تزامنت التصريحات الحكومية بازدياد احتياطي النقد الأجنبي في العراق ووصوله إلى 96 مليار دولار، مع تساؤلات مشروعة عما إذا كان هذا الرقم يخفض نسبة الفقر في العراق.
وعبر اقتصاديون عراقيون عن استغرابهم من احتفاء حكومة محمد شياع السوداني بهذا الرقم، من دون أن يكون له أي تأثير فعلي على نمو الاقتصاد العراقي أو تخفيض نسبة الفقر في العراق.
وتستمر القوى السياسية بإبقاء العراق غارقا في الفقر مع تواصل عجلة الفساد بالدوران والزيادات بأسعار النفط والفوائض المالية الناتجة عنها لصالح العراق.
وسبق أن نبه صندوق النقد الدولي بأن التضخم السنوي في العراق وصل إلى 4.5 بالمائة خلال عام 2022 وهو ما سيؤثر سلبًا على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود في العراق.
وأقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بوجود تسعة ملايين مواطن، أي أقل من ربع عدد سكان العراق البالغ عددهم 41 مليونا، تحت مستوى خط الفقر، في حين يبلغ عدد الأسر العراقية المستفيدة من برامج الرعاية الاجتماعية مليوناً و400 ألف أسرة، فيما يبلغ عدد الأسر المستحقة لرواتب دائرة الرعاية ثلاثة ملايين أسرة.
وذكر تقرير سابق لوزارة التخطيط الحالية أنّ “تداعيات فيروس كورونا، تسببت بإضافة 1.4 مليون عراقي جديد إلى إجمالي أعداد الفقراء”، مشيرا إلى أن “عدد الفقراء بموجب هذا الارتفاع، بلغ 11 مليونا و400 ألف فرد، بعدما كان قبل الأزمة حوالي 10 ملايين فرد، كما أن “نسبة الفقر ارتفعت إلى 31.7 في المائة، والتي كانت 20 في المائة في عام 2018”.
وعزا اقتصاديون ارتفاع نسبة الفقر في العراق إلى حجم الفساد المالي والإداري الذي تورّطت به الحكومات المتعاقبة، وتفاقم الظروف الاقتصادية لسكان المحافظات الوسطى والجنوبية والمدن التي شهدت عمليات عسكرية ونزوح.
وأظهرت الإحصائيات التي أقرّتها الأمم المتحدة ووزارة التخطيط الحالية آثارًا سلبية للفساد المستشري في البلاد على المال العام والمجتمع العراقي، مشيرة إلى أنّ محافظة المثنى تقف في مقدمة المحافظات التي تشهد ارتفاعًا في معدلات الفقر والتي بلغت فيها 52 في المائة.
وقالت النائبة عن محافظة القادسية ضحى القيصر إن نحو نصف سكان المحافظة يعيشون تحت خط الفقر، وأن الزراعة في المحافظة تكاد تكون شبه معدومة.

ضحى القيصر: نصف سكان محافظة القادسية يعيشون تحت خط الفقر

وأضافت أن المحافظة لا تمتلك مشاريع تنموية اقتصادية ونفطية وكذلك لا تملك منافذ حدودية من شأنها تشغيل الشباب العاطلين عن العمل، مشيرة إلى أن العاطلين عن العمل وذوي المستويات المعيشية المنخفضة يمثلون الفئة الأكثر وهم عرضة للانزلاق في دائرة الفقر المدقع.
وقالت النائبة مديحة المكصوصي إن الكلفة العالية للمجمعات السكنية، دفعت الطبقات الفقيرة إلى السكن في العشوائيات.
وأضافت أن هناك مجمعات سكنية يتم إنجازها باستمرار في مختلف المدن والمحافظات العراقية، ولكنها بأسعار باهظة ومرتفعة يصل فيها سعر الوحدة السكنية في بعض المجمعات إلى نحو 400 ألف دولار، ما جعل أكثر العراقيين عاجزون عن شرائها.
ويجمع خبراء اقتصاديون على أن الأرقام الرسمية التي تصدرها بشأن أعداد الفقراء في العراق هي أقل بكثير من النسب الحقيقية، محذرين من التداعيات الخطيرة لتفاقم ظاهرة الفقر بالبلاد.
وأفادت منظمات غير حكومية بأن نسبتي الفقر والبطالة في العراق ارتفعتا خلال الفترة الماضية وباتتا تهددان حياة العراقيين مطالبة حكومة السوداني بحلول جذرية للمشكلة.
يأتي ذلك بعد تحذير مماثل للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق كشفت خلاله عن وجود عائلات عراقية لا تمتلك قوت يومها، مؤكدة فشل استراتيجيات التخفيف من الفقر التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية.
وكشفت منظمة “راصد لدعم النزاهة” ارتفاع نسبة الفقر في البلاد إلى 35 بالمائة. وبينت المنظمة أن سبب الارتفاع هو الفساد المالي والإداري في الدوائر الحكومية.
وقال رئيس المنظمة عبد الرزاق السلطاني، إن “إحصائيات وزارة  التخطيط والأمـم المتحدة أظهرت آثارا سلبية للفساد على المال العام والمجتمع العراقي”.

عدد العراقيين تحت خط الفقر أكبر من الأرقام المعلنة

وأضاف أن “الفترة الممتدة من عام 2003 وحتى الآن شهدت ضياع 250 ترليون دينار، منحت على شكل سلف للمسؤولين العراقيين ولم يتم تسديدها، كما شهدت الفترة نفسها تهريب 312 مليار دولار خارج البلاد”.
وأكد “وجود ستة آلاف مشروع وهمي بكلفة 190 مليار دولار، وضعتها الحكومات المتعاقبة تحت بند المشاريع المتلكئة، فيما يذهب سنوياً 19 مليار دولار إلى جيوب الفاسدين بدلا من خزينة الدولة”.
ويرى ناشطون أن مظاهر الفقر في البلاد لا تحتاج لبيانات رسمية من الحكومة للكشف عنها، وأن تصريحات المسؤولين الحكوميين للتستر على الأرقام الحقيقة غير مجدية فهي منتشرة في عموم البلاد من الأطفال المشردين في الشوارع والشباب العاطلين عن العمل إلى آلاف العوائل التي لا تملك مساكنا.
وقالت الناشطة الحقوقية عبير العزاوي، إن “الأرقام التي تعلن عنها السلطات والوزارات الحكومية هي أقل بكثير من العدد الفعلي للفقراء في البلاد”.
وأوضحت أن “الفقر سوف يتصاعد أكثر في العراق، لا سيّما أنّ العقلية الحاكمة لا تريد تفعيل المصانع والمعامل الحكومية ولا تشجّع على الاستثمار وتعتمد بشكل أساس على الاستيراد من الخارج، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفاقم نسب الخريجين العاطلين من العمل ويؤدّي إلى زيادة مفرطة في أعداد الفقراء والمحرومين في مقابل طبقة تزداد ثراءً وتخمة.
ويشكك خبراء اقتصاديون بقدرة الوفرة النقدية والارتفاع باحتياطات الخزينة في العراق على خلق حالة إيجابية في العراق، مؤكدين أن الصراع السياسي والمحاصصة والفساد هي أسباب فشل أية فرصة للنهوض بالواقع الاقتصادي ووضع العراقيين الذين أضحى أكثر من 35 بالمائة منهم تحت خط الفقر.
وقال الأكاديمي العراقي قاسم صالح، إن “السبب الرئيس وراء ارتفاع عدد الفقراء هو الفساد المستشري بصفوف الطبقة السياسية، حيث تسبب الفساد المالي والإداري بسوء صرف وهدر أكثر من ترليون دولار ، جلها مداخيل جناها العراق تبلغ قرابة 800 مليار دولار”.
وأضاف أن “عدد مَن هم تحت مستوى خط الفقر يزيد بملايين على الرقم المعلن، رغم أن العراق هو من أغنى بلدان المنطقة والعالم بثرواته الطبيعية والبشرية”.
ويقول الباحث الاجتماعي والحقوقي وعضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق، علي البياتي “لا توجد إحصاءات دقيقة وعلمية بالعراق حول نسب الفقر، لكن الأرقام الدولية تشير إلى أن ما يقارب 30 في المائة من سكان العراق هم بالفعل تحت مستوى خط الفقر، بمعنى أن دخلهم اليومي يقل عن 3.2 دولار أي ما يعادل نحو 4750 دينار عراقي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى