أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

إمبراطورية الميليشيات المالية وراء ارتفاع صرف الدولار في العراق

أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي تحذر السوداني من إلحاق أي ضرر بتجارتها في سوق العملة واستهداف مصالح الحرس الإيراني وحزب الله اللبناني.

بغداد- الرافدين
وصف مصدر اقتصادي عراقي مرموق كلام حكومة محمد شياع السوداني وأحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي عن ارتفاع سعر الدولار في الأسواق المحلية بـ “عبث اقتصادي ممزوج بمراوغة سياسية مكشوفة”.
وشدد المصدر على كل الكلام الرائج اليوم على المستوى الاقتصادي والحكومي والإعلامي يتجنب الحقيقة البسيطة التي تكمن في أن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار يعود إلى “إمبراطورية الميليشيات الاقتصادية” التي صارت تعمل وفق نفس آلية شركة “خاتم الأنبياء” التابعة للحرس الإيراني.
وبنت الميليشيات لنفسها إمبراطورية اقتصادية من خلال أعمال تجارية غير مشروعة وعقود حكومية.
وقال المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” مفضلًا عدم ذكر اسمه “أن الميليشيات داخل وخارج الحشد الشعبي عاطلة عن العمل العسكري اليوم، فتم تحويلها وفق توجه إيراني إلى شركات على غرار شركة (خاتم الأنبياء) تدير صفقات تبدأ بالاستيراد ولا تنتهي بتهريب المخدرات والنفط”.
وأضاف أن كل هذا العمل الميليشياوي بطابع تجاري يحتاج إلى حركة أموال، ولا يوجد غير باب مزاد العملة الذي يديره البنك المركزي منذ عام 2003 وصفقات المشاريع مع الوزارات العراقية.
وشدد على أن الإجراءات الأمريكية الأخيرة التي ضيقت حركة تداول الدولار في العراق، أثرت على نشاط الميليشيات التجارية، وكانت نتيجة طبيعية لارتفاع سعر صرف الدولار.
وأكد المصدر الاقتصادي على أن حكومة السوداني تدرك بشكل لا لبس فيها أن أزمة الدولار تعود لتجارة الميليشيات ومشاريعها مع إيران وسوريا وحزب الله. وأن ضرر ارتفاع سعر الدولار انعكس أيضًا على التبادل مع هذه الدول وليس على المواطن العراقي وحده.
وعزز كلام المصدر الاقتصادي تصريح قيادي في ميليشيا العصائب عندما أعتبر ما أسماه “سلاح المقاومة” تحول إلى مشروع تجاري يدر مالًا على ميليشيا الحشد بعد أن انتهى النشاط العسكري.
ويتواصل نشاط شركات الميليشيات عبر مزاد العملة التي يقوم بموجبه البنك المركزي العراقي ببيع الدولار مقابل الدينار العراقي، لتوفير رواتب الموظفين.
ويعرف مزاد الدولار “بنظام الصرف الصحي للفساد العراقي”، لكن قلما كُتب عن آليات عمله الداخلية.
وذكر تقرير مفصل لصحيفة نيويورك تايمز إن مخططات التزوير التي تحوم حول مزاد العملة طالما أوقدت الحرب الأهلية في سوريا بما فيها الحرب مع داعش.
ووصفت الصحيفة إطلاق اسم المزاد بالمضلل، فهي عملية يومية يقدم فيها البنك المركزي الدولارات لعدد محدود من المصارف التجارية مقابل الدينار العراقي. وقد قامت سلطات الاحتلال الأمريكية بتأسيسه عام 2003″.
وأضافت “فيما يتم استخدام بعض هذه الأموال من أجل تغطية الواردات الحكومية والمتطلبات الأخرى التي تحتاجها، فإن الكثير من هذه الأموال تمرر إلى البنوك التجارية، بهدف ظاهري يتمثل في تغطية تكاليف واردات القطاع الخاص، وهي عملية سيطرت عليها كارتلات تبييض الأموال في العراق منذ فترة طويلة”.
وسيطرت الميليشيات من خلال الأموال التي تحصل عليها من تجارتها غير العسكرية، حيث تقوم بدور دولة رديفة في الظل وتفرض على المستوردين أجورًا أعلى من أجل تسريع عمليات إيصال البضائع. ولديهم لجان اقتصادية ومكاتب في بغداد يمكن للشركات الخاصة أن تعقد معهم الصفقات التي تتجاوز القنوات القانونية للبلد.
وقال مسؤول في مطار بغداد لصحيفة نيويورك تايمز “إذا قام باستيراد مائة سيارة من دبي فسيستغرق التخليص الجمركي القانوني شهرين، لكن إذا ما دفع لكتائب حزب الله 10 إلى 15 ألف دولار فإن هذه العملية ستستغرق يومين فقط”.
ويواصل سعر صرف الدولار منذ أيام الارتفاع مقابل الدينار العراقي في البورصة الرئيسية بالعاصمة بغداد، وصعد الثلاثاء ليقترب من حاجز 160 ألف دينار لفئة 100 دولار وهذا الصعود هو الأول من نوعه منذ العام 2003 ولغاية الآن.
وأدى ارتفاع الدولار في الأسواق المحلية العراقية، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أسواق الجملة، والتي تعتبر الشريان الأساسي لحياة المواطن.
ويعتبر مزاد العملة في البنك المركزي، أحد أبرز المؤسسات التي تتصارع عليها الأحزاب والجماعات المسلحة، ووفقًا لهيئة النزاهة العراقية، فإن المزاد تسبب بضرر مالي يصل إلى نحو أربعة مليارات دولار.
وفي آذار من العام الماضي وصف رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي مزاد العملة بـ “سيئ الصيت”.
ونقل عن مسؤول في البنك المركزي وعن نائب عراقي أن السفيرة الأمريكية في العراق آلينا رومانوسكي حذرت حكومة السوداني من استمرار إرسال الدولارات إلى إيران، لكن السوداني التي تولت حكومته السلطة في نهاية تشرين الاول الماضي، لم تعمد إلى اتخاذ أي إجراء.
وطُرحت هذه المشكلة خلال اجتماعات للإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية بحضور السوداني.

نجم القصاب
نجم القصاب: إدارة البلاد من الأحزاب القائمة في العراق لا تختلف عن طرق عصابات المافيا.

ورفض قادة أحزاب وميليشيات أي إجراءات من السوداني تستهدف مصالح الحرس الإيراني وحزب الله اللبناني، واصفة ما يحدث في سوق العملة “يوازي في تأثيره الحرب على معارضي الوجود الأمريكي وهجمات الطيران على مقرات الحشد”.
وعزا كوران جبار، المتحدث باسم سوق البورصة في محافظة السليمانية، ارتفاع سعر الدولار إلى العامل الخارجي المتعلق بالعقوبات التي فرضتها الخزينة الأمريكية على بعض المصارف الأهلية التي تقوم بتهريب الدولار إلى إيران.
فيما حمّلَ النائب في البرلمان الحالي هادي السلامي، يوم الأربعاء، رئاسة مجلس النواب مسؤولية عدم عقد جلسة استثنائية لمناقشة أسباب وتداعيات ارتفاع سعر الصرف الدولار مقابل العملة المحلية في أسواق البلاد.
ويمكن اعتبار العراق درسًا ومثالًا واضحًا على سرقة الدولة وفق الصحافي روبيرت وورث في صحيفة نيويورك تايمز.
وكتب وورث في تقرير مطول “لقد أدار قادة الميليشيات والسياسيون عملية فساد كبرى يصعب مع استمرارها احتساب ما تم سرقته من العراق منذ عام 2003، فقد أبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني إلى خارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.
وأضاف “إن عملية احتساب ما تم سرقته من العراق ليست بالأمر اليسير، فقد أٌبرمت الصفقات بشكل نقدي وأصبح من الصعب الحصول على الوثائق التي تثبتها، كما أن الإحصاءات الحكومية عادة ما تكون غير دقيقة. ومع ذلك فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أنه تم نهب ثروات العراق بشكل غير قانوني لخارج البلاد أكثر من أي دولة أخرى”.
ويرى المحلل السياسي نجم القصاب أن “إدارة البلاد من الأحزاب القائمة في العراق لا تختلف عن طرق عصابات المافيا، وجل الفضائح الأخيرة التي ظهرت تؤكد هذه الحقيقة”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى