أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العراق يعاني من الجفاف وبلا استراتيجية للاستفادة من منسوب الأمطار

الهدر المتعمد لمياه الأمطار وعدم الاستفادة منها في إرواء الأراضي الزراعية يؤكد الفشل الحكومي بعد تقلص المساحات المزروعة وزيادة التصحر.

بغداد ــ الرافدين

كشفت موجة الأمطار الأخيرة في العراق ضعف التخطيط الحكومي في الاستفادة من ارتفاع منسوب المياه لمعالجة التراجع الحاد في المساحات المزروعة ومكافحة التصحر، حيث إن معظم المياه تم هدرها إلى مجرى النهرين دجلة والفرات ومن ثم إلى المصب في الخليج دون أي تفكير في مشروع إروائي أو خزين لتلك الأمطار في السدود وتسخيرها لخدمة الزراعة.
ويعد إهمال وزارتي الموارد المائية والزراعة لهذا الملف دليلًا على عدم وجود استراتيجية حقيقية لتفعيل هذا القطاع الوجودي في العراق.
وارتفع منسوب المياه في نهري دجلة والفرات وبعض البحيرات والسدود كبحيرة حمرين وسدة الكوت بفضل الأمطار الأخيرة التي شهدتها البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية الحالية حاتم حميد، أن نسبة الأمطار اختلفت بين محافظة وأخرى، لافتًا إلى أنه بحسب القراءة المسجلة في المحطة المطرية بمشروع سدة الكوت قد وصلت إلى 67 ملم.
وأضاف أن “هناك ارتفاعًا بسيطًا في مناسيب نهري دجلة والفرات نتيجة لهطول الأمطار”، مشيرًا إلى أن “جميع المياه التي تجمعت في المدن تُصرّف إلى الأنهار من قبل وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة”.
ووفقا لخبراء في المجال الزراعي فإن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والشعير خلال العام 2022 تراجعت من 11 مليونًا و600 ألف دونم إلى أقل من 7 ملايين دونم، وهو أقل نسبة زراعة للمحصولين منذ سنوات طويلة.
وعد مراقبون الخطة التي وضعتها وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة الموارد المائية والتي تقضي بتقليص حجم المساحات المزروعة من محاصل محددة أبرزها الرز بذريعة أن هذا المحصول يتطلب كميات كبيرة من المياه، هي خطة فاشلة، حيث أن كثرة الأمطار هذا العام ساهمت بشكل كبير برفع منسوبي دجلة والفرات وهو ما يسمح بزراعة محصول الرز في كثير من المحافظات.
وقال الأكاديمي والمتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري إن الكثير من الأراضي الزراعية تتحول كل عام إلى مناطق صحراوية زائدًا هجرة الفلاحين من أراضيهم.
وأضاف أن من المفترض أن تتجه الحكومات المتعاقبة إلى طرق غير تقليدية للاستفادة من الحصاد المائي لمياه الامطار ولو عملوا بمنظومة من السدود كان من الممكن أن يتم جمع ملايين وأكثر من ملايين من الأمتار المكعبة من هذه المياه، وأيضًا مشاريع تنقية المياه العادمة وإعادة استخدامها للأغراض الزراعية وتحلية المياه المالحة، كل هذه طرق من الممكن أن تنعش العراق بالماء.

نوري حمدان: العراق يعيش أزمة حقيقية في المنهجية ويفتقر لنظام حقيقي يعمل بشكل مؤسساتي.

وقال الباحث السياسي الدكتور نوري حمدان إن العراق اليوم يعاني من أزمة حقيقية في المنهجية ويفتقر لنظام حقيقي يعمل بشكل مؤسساتي.
وأضاف أن من غير المعقول ألا تكون هناك أي مبادرة في تطوير الزراعة خلال عشرين عامًا الماضية.
وأكد على أن العراق يعاني من شراهة كبيرة في إدارة ملفات الفساد حتى وصلت الأمور إلى أبعاد لا توصف تعاني منها كل مؤسسات الدولة.
وتستخدم الكثير من الدول التي تضع استراتيجيات وطنية طرقًا عديدة في الاستفادة من مياه الأمطار وحفر الأنهر والأنظم الإروائية وخزانات المياه التي تستوعب مياه الأمطار إلا في العراق.
ويرى مراقبون أن التراجع الحاد في نسب الأراضي المزروعة هو سياسة مفتعلة من قبل حكومات ما بعد 2003 والذي يخدم أجندات خارجية من خلال الاعتماد على الصادرات وخاصة من إيران وبعض الدول الأخرى، بما انعكس سلبًا على القدرة الشرائية للمواطن الذي كان يستفيد من فارق السعر في البضائع الزراعية المسوقة من خلال الفلاحين.
وترفض إيران تشييد العراق سدًا على شط العرب بذريعة تأثيره على موانئها وهو ما يؤثر على استفحال الجفاف في محافظات جنوب العراق.
ونتيجةً للسياسات التي تمارسها حكومات الاحتلال من عام 2003، تعاني بلاد الرافدين من شحة المياه وهو ما ينذر بعواقب اجتماعية وصحية وبيئية كبيرة.
وتساهم هذه السياسة في إفقار المواطن العراقي حيث عدت تقارير المنظمات الدولية أن 30 بالمائة من سكان العراق هم تحت خط فقر.
وتحذر المنظمات الدولية والبيئية من أن استمرار هجرة المزارعين من أراضيهم سيسهم بتفاقم نسبة الفقر كما ستسود العراق تغييرات بيئية كبيرة نحو الأسوء.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى