أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لجنة الإنقاذ الدولية: السلطات العراقية فشلت في انجاز حلول راسخة لمشكلة النزوح

منظمة دولية تقوم بمراجعة أداء الدول في قوائم المراقبة للأزمات توكد حاجة 1.5 مليون عراقي نازح لدعم وخدمات حماية.

بغداد- الرافدين
أكدت لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية والتنمية الدولية، على أن السلطات العراقية فشلت في بعد مرور خمسة أعوام على انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” في انجاز حلول راسخة لمشكلة النزوح.
وشددت اللجنة التي تقوم بمرجعة أداء الدول في قوائم المراقبة للأزمات على أنه وما تزال هناك احتياجات إنسانية وتحديات حماية معقدة تتطلب حلولا لدعم العراقيين، حيث ما يزال هناك أكثر من 1.5 مليون شخص يعيشون حالة نزوح مزمنة.
وتضم مخيمات النزوح في مدن شمال العراق أكثر من 250 ألف نازح من المحافظات المنكوبة، يعيشون أوضاعًا إنسانية قاسية، فيما يزال نحو 1.2 مليون عراقي في جميع مخيمات النزوح المنتشرة في البلاد أو في حالة نزوح عكسي لأسباب تتعلق بعودة فاشلة نتيجة تسارع حكومة بغداد في إغلاقها للمخيمات، والتي جاءت بنتائج عكسية.
وأشارت اللجنة في تقرير عن أداء الدول في قوائم المراقبة للأزمات، إلى احتياجات إنسانية بقيت بمعدلات عالية في مناطق شهدت معارك بضمنها ‌ الأنبار و‌كركوك و ‌نينوى وصلاح الدين مع نازحين وعائدين يشكون عدم توفر خدمات. وتم تصنيف 1.5 مليون شخص على أنهم بحاجة لدعم وخدمات حماية.
وذكرت اللجنة أن “68 بالمائة ؜من العوائل النازحة من المدن بينت أن من بين أولوياتهم هو الحصول على وثائق أحوال مدنية ووثائق بيانات ولادة رسمية وعقود زواج ووثائق سكن وملكية تمكنهم من الحصول على تعويضات لما تعرضت له بيوتهم من دمار اثناء الحرب ضد داعش”.
ويعاني نحو مليون عراقي جراء فقدانهم لهوياتهم ولأوراق رسمية مثل تلك التي تثبت الإقامة والزواج والولادات والوفيات، وبطاقة الهوية العراقية الموحدة الضرورية للحصول على الحصص التموينية الشهرية.
وفي بلد فشل في تضميد جراح الحرب وإعادة النازحين إلى ديارهم وبناء ما دمرته العمليات القتالية بعد خمس سنوات، يعيش نحو مليون شخص بدون مستند رسمي واحد على الأقلّ، بحسب إحصاءات نشرتها الأمم المتحدة.
ويعيق غياب هذه المستندات الرسمية “الوصول إلى خدمات أساسية مثل التعليم، والصحة، وإعانات الضمان الاجتماعي”، كما من شأنه “إعاقة حرية التحرك ويزيد من خطر التعرض للتوقيف والاعتقال”، وفق تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويجد من تنقصهم تلك الأوراق، أنفسهم عالقين في معارك قضائية لا نهاية لها، بفعل البيروقراطية المعقدة والنقص الشديد في الأموال.
وسبق أن قالت سبع منظمات دولية معنية بشؤون الإغاثة أن هناك مليون عراقي متضرر من النزوح يفتقرون إلى الوثائق المدنية الهامة التي تعيق وصولهم إلى الخدمات العامة وتزيد من خطر تعرضهم للفقر والإقصاء.
وذكر تقرير بعنوان “العيش في الهامش” صدر لمناسبة يوم الهوية الدولي وشارك في إعداده المجلس الدنماركي للاجئين (DRC) والمجلس النرويجي للاجئين (NRC) ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC) ومركز العدالة، ومنظمات أخرى، بعد ما يقرب من خمس سنوات من إعلان انتهاء النزاع في الموصل، لا يزال الوصول إلى الوثائق المدنية محدودًا للغاية بالنسبة للأسر المتضررة من النزوح في العراق.
وطالبت مجموعات الإغاثة التي شاركت في إصدار التقرير بالسماح للنازحين بالتقدم بطلب للحصول على وثائق مدنية في منطقة نزوحهم بشكل عاجل وفصل متطلبات التصريح الأمني عن عمليات التوثيق المدني.
ويواجه النازحون الذين فقدوا معيلهم والذين تعيلهم النساء، معضلة مراجعة الدوائر الحكومية، للحصول على وثائق جديدة بعد أن فقدت وثائقهم المدنية الاصلية أثناء تدمير مدنهم من قبل القوات الحكومية والميليشيات.
وعزا تقرير “العيش في الهامش” عدم حصول النازحين على الوثائق الى الحواجز البيروقراطية والإدارية، فضلا عن التقسيم الطائفي والتهميش الذي تتبعه السلطات في العراق ومتطلبات التصريح الأمني الذي تصفه الوكالات بأنه شبكة معقدة من العقبات التي تمنع الأشخاص الضعفاء من الحصول على المستندات التي يحتاجونها.
وقال جيمس مون، مدير مكتب المجلس النرويجي للاجئين في العراق “لقد تم إقصاء هذه الأسر إلى هامش المجتمع دون وجود أجزاء أساسية من الوثائق المدنية، مما يضاعف ويعزز نقاط الضعف الأخرى”.
وأضاف “بدون أوراق هويتك، لا يمكنك الوصول إلى الخدمات، ولا يمكنك التنقل بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنك تجاوز خمس سنوات من المعاناة منذ نهاية النزاع المعلنة”.

لجنة الإنقاذ الدولية: 83 بالمائة من العائلات النازحة غير راغبة بالعودة لافتقارها إلى المأوى بعد تدمير مدنهم

وقال فريدريك بولسون المسؤول في المجلس “إن الافتقار إلى الوثائق المدنية يمثل تحديا للأسر التي تعاني من الصعوبات. فلا يستطيع النازحون إثبات أنهم يمتلكون منازلهم، ولا يمكنهم الحصول على عمل، لذلك يعيشون على هامش المساعدة من وكالات الإغاثة”.
وطالب بولسون السلطات الحكومية في العراق بتحقيق التعافي الشامل، واتخاذ إجراءات عاجلة على أعلى المستويات لمساعدة النازحين في الحصول على الوثائق التي يحتاجون إليها.
وشدد التقرير على دعوة مجموعات الإغاثة والحكومات المانحة بالضغط على السلطات العراقية، من أجل مساعدة النازحين وإصدار الوثائق الثبوتية لهم، وتسهيل مراجعة الدوائر الحكومية وإيقاف المضايقات التي تمارسها الميليشيات والقوى المهيمنة.
وقالت مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في المجلس النرويجي للاجئين، سمر عبود “لا يزال نقص الوثائق المدنية يقف في طريق النساء والأسر التي تعولها سيدات لتحقيق حقوقها الأساسية، مثل حرية التنقل والتوظيف والتعليم، لهم ولأطفالهم”.
وشددت بقولها “لا يمكنهم استئناف حياتهم من دون وثائق وبينما السلطات تقف في وجههم وتمنع عودتهم إلى حياة طبيعية”.
وطالبت عبود السلطات في العراق بإلغاء ربط إصدار الوثائق بالإجراءات الأمنية التعسفية، لمساعدة آلاف الأسر الضعيفة.
مقابل ذلك أكدت لجنة الإنقاذ الدولية على أن 83 بالمائة من العائلات النازحة من المدن المستعادة من تنظيم “داعش” شكت بأنها غير راغبة بالعودة لافتقارها إلى المأوى أو أن بيوتهم في مناطقهم الأصلية تعرضت للدمار والاضرار.
ويقضي مئات الآلاف من النازحين العراقيين شتاءهم الثامن وسط ظروف مأساوية في خيم مهترئة، مع افتقادهم لأبسط أساسيات الحياة اليومية، وتلاشي آمالهم باقتراب عودتهم لديارهم بسبب دمار مناطقهم، بالإضافة إلى خوفهم من بطش الميليشيات التي تسيطر على مناطقهم مع عدم قدرة الحكومة على حمياتهم.
وأقرت لجنة الهجرة والمهجرين النيابية، بأن النازحين في العراق يواجهون إذلالا وإهمالًا واضحًا، مؤكدة أن الكثير من المنظمات الدولية قررت إيقاف المساعدات المالية والإنسانية عملها في العراق.
وقال رئيس اللجنة شريف سليمان، “إن النازحين في مدن شمال العراق يواجهون معاناة مضاعفة بسبب الإهمال الحكومي”.
وقال العامل في مجال المنظمات الإغاثية محمد المهداوي، إن “إعادة النازحين تتطلب موقفا حكوميا واضحا وصارما دون مماطلة أو تسويف، إضافة إلى ذلك يجب أن تسبقه عملية صلح عشائرية، لاسيما أن بعض المناطق لا تزال عودة أهلها متوقفة بسبب هذه المعوقات”.
وأضاف إلى أن “هناك استغلالا سياسيا من بعض الأطراف التي تتاجر بملف النازحين وتستثمره في المناسبات الانتخابية لأغراض سياسية، وأن ملف إعادة النازحين يجب أن يكون بمعزل عن رغبة الأحزاب السياسية وأن تتكفل به الحكومة بشكل مباشر مع وضع خطة واضحة لذلك”.
وحذرت بلقيس والي الباحثة في قسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش” من الفشل في استيعاب النازحين ومعظمهم من السنة، سيكون له تداعيات مدمرة طويلة المدى.
وقالت والي “هذا يثير المزيد من الغضب والاستياء في بلد يبدو أنه مستعد لتنفيذ العقاب الجماعي ومعاقبة النساء والأطفال الذين لم يرتكبوا جرائم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى