أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الموازنة على طاولة تقسيم الحصص بين الكتل السياسية قبل إقرارها

نائب في البرلمان الحالي يؤكد على أن عملية تمرير القوانين تجري عبر المقايضة السياسية بين الكتل والأحزاب في العراق.

بغداد – الرافدين
تتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية المشاركة بتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، بشأن إقرار الموازنة العامة للبلاد، في مسعى لضمان كل كتلة حصتها من الموازنة البالغة نحو 140 مليار دولار.
ويعزو مراقبون ارتفاع منسوب الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية داخل البرلمان الحالي، إلى سعي الكتل للتفاوض فيما بينها لضمان حصصها من الموازنة قبل إقرارها في البرلمان.
ويتفاقم الجدل الإعلامي بين الكتل داخل البرلمان بشأن الموازنة والتركيز على أسباب هامشية لتغييب حقيقة الخلاف الذي يكمن في تقسيم الكعكة بينهم.
وكشفت مصادر سياسية أن رئيس الحكومة الحالية محمد شياع السوداني وعد الأحزاب الكردية بأنه، سيتم التغاضي عن قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإيقاف تحويل الأموال إلى حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، في حال تصويت الأحزاب الكردية على الموازنة في مجلس النواب.
ولا يقتصر الخلاف بين الكتل السياسية وحدها، بل أن الخلاف على حصص الموازنة يتصاعد داخل أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي الذي شكل حكومة السوداني.
وتحظى أحزاب وميليشيات الإطار المدعوم من إيران بحصص حكومية ووزارات في حكومة السوداني، ويطالب كل حزب برفع حصص الوزارات التي يسيطر عليها من أموال الموازنة.
يشار إلى أن مجلس النواب لم يصوت على موازنة عام 2022، بسبب الخلافات والصراعات السياسية والأمنية التي دارت بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وما تبعها من عدم حسم اختيار رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة لأكثر من عام منذ انتخابات العاشر من تشرين الأول 2021.
وقال عضو في البرلمان الحالي أن “البرلمان لم يتخلص من النفوذ السياسي الذي يتحكم بتمرير القوانين، والذي سيطر على عمله طوال الدورات البرلمانية السابقة”.
وأضاف البرلماني، مفضلًا عدم ذكر أسمه إن “عملية تمرير القوانين في البرلمان تجري عبر المقايضة السياسية، أي أن الكتلة التي تريد تمرير قانون معين فإنها تتوافق مع كتل أخرى للتصويت عليه مقابل التصويت على قوانين تريدها الكتل الأخرى، وهذا نهج متبع في البرلمان”.
وأوضح “هذا الأسلوب في التعاطي مع القوانين، يعطل تشريع القوانين التي يحتاجها الشعب، ويسهل تمرير القوانين التي تخدم الأحزاب السياسية حصرًا”، مؤكدًا على صعوبة التخلص من هذا النهج الذي أصبح عرفًا بتمرير القوانين.
وقال الباحث الاقتصادي حيدر الربيعي إن “من أهم القوانين المعطلة هو قانون الموازنة الذي يعد الشريان الاقتصادي والمالي الأهم للبلاد، وتعطل قوانين اقتصادية أخرى منها قانون الاستثمار الصناعي والمعدني والتجاري، فضلًا عن قانون الشراكة بين القطاعات العامة والخاصة، وقوانين أخرى”.
وحمّل الربيعي، الكتل والتيارات السياسية مسؤولية الإخفاقات الاقتصادية للبلاد، وتعطيل القوانين كون تشريعها بحاجة لجهود سياسية تعمل لمصلحة الدولة والشعب العراقي.
وقال عضو البرلمان الحالي مهند الخزرجي، إن “إقليم كردستان، إلى الآن، لم يتفق على حصته من الموازنة مع الحكومة المركزية، وقد يأخذ وقتاً طويلًا لحين تجاوز النقاط الخلافية بين الطرفين والتوصل إلى صيغة حل مشتركة”.
وأضاف، أن “مجلس النواب يحتاج إلى فترة لا تقل عن شهر لمناقشة فقرات الموازنة بعد وصولها من الحكومة، وقد يلغي بعض الفقرات ويضيف أخرى”.
وأوضح أن “تلك المعرقلات كثيرًا ما رافقت الموازنة على مرّ الدورات البرلمانية السابقة، لا سيما ما يتعلق بحصة إقليم كردستان”.
وأكد النائب مثنى أمين، على ضرورة تثبيت ما تم الاتفاق عليه عند تشكيل حكومة السوداني في الموازنة العامة 2023، مشددًا على ضرورة عدم ترحيل المشاكل بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان والهروب منها.
وأوضح أن “ما تم الاتفاق عليه في الإطار السياسي عند تشكيل الحكومة يجب أن يثبت في الموازنة إذا كانت أطراف هذا الاتفاق السياسي جادة في حل هذه المشكلة وجادون بالإيفاء بمتطلبات ذلك الاتفاق السياسي الذي تم بناء عليه تشكيل ائتلاف إدارة الدولة”.
ويجمع مراقبون، على أن السوداني وقادة الإطار أنفسهم سيتراجعون عن دعم قرار المحكمة الاتحادية بشأن رواتب الإقليم بمجرد الاتفاق مع حكومة الإقليم لضمان تقسيم الحصص وتمرير الموازنة.

د. سلام سميسم: موازنة 2023 لا تحمل في طياتها أي جانب يؤدي إلى التطور التنموي والاستثماري، مع عدم وجود تخطيط صحيح وانتشار الفساد.
وكشفت الخبيرة الاقتصادية العراقية، سلام سميسم، في حديث لوسائل الإعلام بأن الموازنة الاتحادية المرتقبة تواجه العديد من التحديات، أهمها، عدم استقرار سعر صرف الدولار الذي يؤثر على طبيعة تقييم الموازنة.
وقالت “إن من بين التحديات مشكلة حصة إقليم كردستان العراق من الموازنة، وأن هذا التحدي يخضع لعوامل سياسية، فضلًا عن أن البنك الدولي ألزم العراق باحتساب سعر برميل النفط بـ 64 دولارًا”.
وأكدت على أن جميع هذه التحديات يتم حلها من خلال الاتفاق السياسي وليس الاقتصادي، إلا أن القفزة المرتقبة للإنفاق على الرواتب تزيد العبء على الموازنة وتزيد حجم الترهل الوظيفي.
وشددت، على أن الموازنة لم تختلف من ناحية صياغتها عن السنوات الماضية، لأنها تمضي بنفس المشاكل والاختلالات، من خلال الإنفاق على الأمن والدفاع، فضلًا عن أكثر الرواتب والنثريات الجانبية.
ولفتت سميسم، إلى أن الموازنة العامة للدولة لسنة 2023 لا تحمل في طياتها أي جانب يؤدي إلى التطور التنموي والاستثماري، مع عدم وجود تخطيط صحيح وانتشار الفساد على أفق واسع.
وكانت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي قد كشفت في وقت سابق أن هناك 170 قانونًا معطلًا من الدورات البرلمانية السابقة، وسط تأكيدات أن تلك القوانين لا تمرر من دون توافق سياسي.
ويعود تعطيل القوانين من ناحية الإقرار أو التعديل لغياب التوافق السياسي بشأن الكثير منها، كالموازنة، وتعديل رواتب الموظفين، والنفط والغاز، والتجنيد الإلزامي، وجرائم المعلوماتية، وغيرها.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى