أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

العربية تواجه الإبادة في العراق باليوم الدولي للغة الأم

الإهمال الحكومي للغة العربية يهدد هوية العراق، لأن اللغات تحظى بثقل استراتيجي في حياة المجتمعات. بوصفها من المقومات الجوهرية للهوية.

بغداد- الرافدين
تواجه اللغة العربية في العراق مخاطر سواء في المناهج التعليمية أو في الثقافة العامة والحياة اليومية، بينما يحتفل العالم في الحادي والعشرين من شباط من كل عام باليوم الدولي للغة الأم، الذي أقرته الأمم المتحدة منذ عام 1999 لتعزيز الوعي بالتَنوع اللغوي والثقافي وتعدد اللغات.
وجاءت فكرة الاحتفاء باليوم الدولي للغة الأم بمبادرة من بنغلاديش، وأقرّها المؤتمر العام لليونسكو عام 1999 ليبدأ العالم أجمع الاحتفاء بهذا اليوم اعتباراً من عام 2000.
وتمثل اللغات أساس وجود المجتمعات، فهي الوسيلة التي تتيح صون الثقافات والمعارف التقليدية ونشرها على نحو مستدام.
وألقى الإهمال الحكومي في العراق بظلاله على واقع اللغة في بلد يعد من طليعة بلدان الأمة في صناعة النحو وعلوم اللغة. حيث عرف العراق بأشهر مدرستين في علم النحو في الكوفة والبصرة.
وتأسس مجمع اللغة العربية في العراق عام 1947 وكان من أبرز رواده الدكتور طه صالح الراوي والعلامة محمد بهجت الأثري ومحمد رضا الشبيبي.
ويهدد إهمال العناية باللغة العربية هوية العراق، لأن اللغات تحظى بثقل استراتيجي هام في حياة البشر والمجتمعات. بوصفها من المقومات الجوهرية للهوية.
وتعاني اللغة العربية في البلاد التي شهدت عبر التاريخ تأسيس مدارس النحو، من نكسات انعكست على الخطاب التعليمي والاجتماعي منذ احتلال العراق عام 2003.
وانهارت طرق التعليم في الجامعات العراقية التي خرجت فطاحل اللغة وأجيال من الأدباء والكتاب.

حارث الأزدي: نشكو اليوم تمردًا جماعيا ضد اللغة العربية بدءًا من حملة الشهادات وليس انتهاءًا بدرس اللغة

وتراجع الاهتمام الحكومي باللغة العربية نتيجة الفساد وصعود طبقة سياسية من الأميين والجهلة، الى درجة بات فيها وزراء عاجزين عن الإتيان بجملة عربية صحيحة.
ويتندر عراقيون إلى اليوم بجملة وزير السياحة محمد عباس عريبي في حكومة نوري المالكي، الذي لم يكن يفرق بين مفردتي “فخامة الرئيس” و”ضخامة الرئيس”.
وباتت وسائل الاعلام الحكومية والناطقة باسم الأحزاب والميليشيات تقدم تنازلات مريعة في التضحية باللغة العربية واستخدام لهجة دارجة ركيكة.
وأجمع لغويون عراقيون في اليوم العالمي للغة الأم، على إن واقع اللغة العربية يكاد يكون صورة رثة من الواقع السياسي والاجتماعي العراقي منذ عام 2003.
وأشاروا إلى أن الحفاظ على اللغة العربية كان في آخر اهتمامات الحكومات المتعاقبة منذ احتلال العراق عام 2003.
وشددوا على أن اللغة العربية لا تقتل في الخطاب الإعلامي والسياسي العراقي فقط، بل أن غالبية الجامعات تحولت إلى مؤسسات يديرها مجموعة من “الجهلة” يهتمون بترويج الأفكار الطائفية والخرافات في الأوساط الجامعية على حساب الحفاظ على اللغة وسلامتها.
وتساءل أستاذ جامعي عراقي متقاعد عما إذا يوجد أي قرار حكومي منذ عام 2003 إلى اليوم يعنى بالحفاظ على اللغة العربية. جرى الاهتمام بتطبيقه في المدارس والجامعات.
وقال حارث الأزدي مسؤول القسم الثقافي في هيئة علماء المسلمين في العراق “نشكو اليوم تمردا جماعيا ضد اللغة العربية بدأ من حملة الشهادات وليس انتهاء بدرس اللغة العربية في مدارسنا”.
وطالب الأزدي وهو شاعر ولغوي بالعودة الصحيحة إلى اللغة العربية باعتبارها عودة لاستئناف حياة الأمة، وعودة لاستعادة مسؤوليتها، وهي مسؤولية كل عربي ومسلم، فبها لا بغيرها تتحدد معالم الهوية.
وشدد على ضرورة التسلح باللغة العربية وبما يقابل محاصرتها، فهي الهوية ومنها نبتدأ.
وقالت الدكتورة رلى عبد السلام الآلوسي أستاذة طرق تدريس اللغات في جامعة لندن “واقع الحال يفرض أن كل فرد يعبر عن ازدرائه من وضع التعليم العالي العراقي بطريقته الخاصة فكثير من الأساتذة والأكاديميين لجأوا إلى الهجرة وترك البلد بحثًا عن أماكن ومدن للعيش حيث الإنسان يحترم لإنسانيته والعقول تقيم وتستثمر”.
وأشارت الدكتورة الآلوسي التي نجت في تثبيت مصطلح “إبادة التعليم في العراق” “أن مهنة التعليم مهنة ورسالة سامية إلا في العراق. فأن ما يحدث الآن في العراق هو حقا مرحلة الصراع من أجل البقاء في زمن تمت به إبادة التعليم واستهدف فيه المعلمون والمتعلمون”.
وحذرت من محاولات المنبوذين من أصحاب القرار لتدمير التعليم، فهناك محاولات واضحة لتحجيم حملة الشهادات والتقليل من دورهم بلا مبرر يُذكر، أو لا يسمح للأفراد بإكمال دراساتهم العليا إلا بشروط تعجيزية وعدم الاستثمار بالمخترعين والطلبة والمتميزين أو توجيه الكوادر العاملة في دورات تدريبية داخل وخارج العراق.

رلى عبد السلام الآلوسي
الدكتورة رلى الآلوسي: ما يحدث الآن في العراق هو مرحلة الصراع من أجل البقاء في زمن تمت به إبادة التعليم واستهدف فيه المعلمون والمتعلمون
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى