أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

كارثة الزلزال في سوريا غسيل سمعة سياسي للميليشيات الولائية

اتهامات لإيران وميليشياتها الولائية بنقل أسلحة متطورة إلى سوريا تحت غطاء المساعدات الإنسانية لضحايا الزلزال المدمر.

حلب – الرافدين

استغلت ميليشيا الحشد الشعبي التبعات الإنسانية لكارثة الزلزال المدمر الذي ضرب الشمال السوري وجنوب تركيا في إطار البروباغندا الإعلامية لتحسين صورتها فضلًا عن تحقيق أهداف عسكرية تصب في مصلحة النفوذ الإيراني في المنطقة كما أكد مراقبون.
وتحولت فاجعة الزلازل في السادس من شهر شباط الجاري إلى فرصة لهذه الميليشيا لترسيخ وجودها على الخارطة السورية لاسيما في مدينة حلب للترويج لنفسها بشكل واسع بين الأوساط الشعبية ضمن مناطق نفوذ النظام، بعد أن رسخت الميليشيا وجودها في دير الزور على الحدود مع العراق.
واستقدمت ميليشيا الحشد الشعبي، مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات من الأراضي العراقية إلى دير الزور ومنها إلى المناطق السورية المنكوبة، قبل أن تشرف على توزيعها للمتضررين من الزلزال في مدينة حلب، ومناطق الساحل السوري كاللاذقية وريفها وطرطوس وريفها ومناطق سورية عدة، وسط وعود بتقديم المزيد بهدف كسب الحاضنة الشعبية وترسيخ وجود الميليشيا.
وفي العاشر من شباط الحالي، وبالتزامن مع زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى حلب “أولى زياراته للمناطق المتضررة” التقى رئيس أركان “الحشد الشعبي”، عبد العزيز المحمداوي (أبو فدك)، وتبادلا حديثًا قصيرًا أبدى خلاله الأسد إعجابه بموقف الميليشيا من كارثة الزلزال، قائلًا، “أنتم قدمتم دماء، فليس غريبًا أن تقدموا عرقًا”.
ورد المحمداوي، “الله يحفظكم سيدي الرئيس، إن شاء الله عرين الأسد يبقى سالمًا والأسد عمره طويل”.
وفي الخامس عشر من شباط الحالي، كرّم النظام السوري، عبر وزير الإدارة المحلية، حسين مخلوف، رئيس أركان الحشد الشعبي أبو فدك المحمداوي، “لدوره الكبير بدعم الشعب السوري في مواجهة آثار الزلزال الذي ضرب البلاد”.
وجاء التكريم عقب تداول ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تسجيلًا مصوّرًا لـ “أبو فدك” “متحدثًا فيه لضابط في قوات النظام السوري، يطلب منه توفير امرأة من متضررات الزلزال لإقامة علاقة معها.
وفي التسجيل قال المحمداوي، “أي وحدة متأخرة، فايتها القطار، أعطينا إياها، تمشي عندنا”، في إشارة إلى المرأة المتأخرة في الزواج.
وأثار التسجيل ردود فعل غاضبة سرعان ما قوبلت بإخراج هزيل من قبل النظام السوري تمثل بتكريم المحمداوي في محاولة للتغطية على كلامه الوضيع بحسب سوريين وعراقيين.

أبو فدك ينتقص من النساء المتضررات من الزلزال ويثير حفيظة السوريين والعراقيين

وعبر الحضور الإيراني الرسمي والميليشياوي عن نفسه على أكثر من مستوى، قبل زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المتأخرة للمناطق المتضررة في محافظتي حلب واللاذقية، خامس وسادس أيام الزلزال.
وأجرى قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني”، إسماعيل قاآني، جولة في حلب، تفقد فيها أحوال المتضررين، وأشرف على عمل المنقذين الإيرانيين في مواقع إزالة الأنقاض، وفق ما نقلته وكالة “مهر” الإيرانية، في الثامن من شباط الحالي أي قبل وصول رئيس النظام إليها بيومين.
وخلال تسجيل مصوّر نقلته الوكالة للزيارة، ظهر قاآني متجولًا بين الناس بما يشبه مسؤولًا حكوميًا يجري جولة في بلده.
وبعد زيارته إلى حلب بيوم فقط، زار قاآني مدينة اللاذقية، وتفقّد المناطق المتضررة جراء الزلزال، مؤكدًا الجهوزية الإيرانية لتقديم كل أنواع المساعدة، كما تفقّد جهود الإغاثة الإيرانية في المدينة.
وتغطي وسائل الإعلام الإيرانية أنشطة مسؤوليها وطواقمها إلى جانب نشاطات ميلشيا الحشد” في سوريا، بحفاوة واهتمام كبيرين إذ وصفت وكالة “تسنيم” حملات الحشد الشعبي بأنها “مشاهد تدمع العين وتفرح القلب” وعلقت وكالة “مهر” للأنباء، في الحادي عشر من شباط الحالي، بالقول إن قافلة المساعدات المقدّمة إلى مدينة حلب، تعد “الأكبر التي تصل برًا إلى حلب”، وأن المواطنين استقبلوها بـ”الترحاب”.
وبدا بوضوح خلال الأيام التي أعقبت وقوع الزلزال، تصاعد نشاط إيران عبر أذرعها العسكرية، التي حضرت بقوة، بالتعامل مع الآثار المدمرة التي أحدثها الزلزال في سوريا.
ويرى الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، أن النشاط الإيراني في سوريا يندرج ضمن مسارين، سياسي وعسكري إذ يسعى النشاط السياسي لإيصال صورة للمجتمع الدولي بأن هذه الكيانات “الأذرع الولائية المتعددة الجنسيات”، تقوم على خدمة الشعب السوري، وتحديدًا “الحشد الشعبي”، و”حزب الله” اللبناني، وهي كيانات عسكرية استخدمت في حادثة الزلزال لأغراض سياسية.
وأضاف أن وجود إسماعيل قاآني في حلب، جاء ليمهد لزيارة بشار الأسد، في تأكيد على غياب الدولة السورية بالمطلق، فبعد دخول قاآني وتأكيد سلامة المشهد من التحذيرات الأمنية والتكاتف في تأمين الحماية للنظام، جرت الزيارة وفق وجهة نظرهم، وهذا يفسر زيارتي قاآني للمحافظتين اللتين زارهما الأسد تحديدًا (حلب واللاذقية).
وعلى المستوى العسكري يرى الباحث النعيمي، أن طائرات الشحن التي تحط في حلب ودمشق محمّلة بتكنولوجيا الصواريخ ذات الدقة العالية، والمسيّرات، على الرغم من عدم قصفها من قبل الكيان الصهيوني، لكن هذا لا يعني غيابها عن الأنظار الإسرائيلية، ولا سيما كونها محمّلة على متن طائرات تابعة لشركات “ماهان” و”شام” الخاضعتين للعقوبات، وهذا مسار عسكري كبير يمكن استغلاله تحت غطاء المساعدات، بحسب مصطفى النعيمي.

تحذيرات من استغلال إيران لكارثة الزلزال في نقل أسلحة متطورة لصالح ميليشياتها في سوريا

وبحسب الباحث بمركز عمران للدراسات، نوار شعبان، باتت الفرصة سانحة لاسترداد إيران ديونها من النظام واستغلال المأساة والحالة الإنسانية، لتعزيز تواجدها في سوريا وإبرام الاتفاقات التي انسحب منها النظام بإيعاز روسي، مثل المصرف المشترك السوري الإيراني واتفاق استخراج وتصدير الفوسفات والمشغل الخليوي الثالث بسوريا”.
وأشار إلى أن التواجد الإيراني والاجتماعات مع نظام الأسد “تضاعفت ما بعد كارثة الزلزال” بل وتسوق طهران، عبر رجالها بسوريا، بأنها الوصي على البلاد.
ويضيف “رأينا جولة قاآني، في حلب واللاذقية وتفقده أحوال المتضررين وكأنه من أعضاء الحكومة السورية أو لجنة الكوارث بعد تبنيه مساعدات الحشد الشعبي القادمة من العراق والبالغة نحو 400 شاحنة فضلا عن قافلة “رحماء” التي قدمها حزب الله اللبناني لسوريا.
وقال إن “فرصة التمدد والهيمنة على الاقتصاد والأرض، سانحة الآن لإيران في ظل انشغال روسيا بحربها على أوكرانيا، ما زاد من فرصة تمدد طهران للوصول لمشروعها السياسي والاقتصادي بسوريا”.
ولم يستبعد نوار شعبان أن تكون لإيران الحصة الكبرى بإعادة إعمار ما هدمه الزلزال، تحضيرًا لكعكة إعادة الإعمار الكلية بسوريا والتي قدرها سابقًا المبعوث الرئاسي الروسي، ألكسندر لافرنتييف، بنحو 800 مليار دولار.
ومنذ اليوم الأول للزلزال، اتجه نظام الأسد لاستغلال الكارثة سياسيًا، عبر المطالبة برفع العقوبات الأمريكية، بذريعة الحاجة إلى معدات تسهم في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض، إلى جانب عرقلته على مدار الأيام الأربعة الأولى دخول المساعدات إلى شمال غربي البلاد، والتركيز الإعلامي على الاتصالات وبرقيات العزاء التي تلقاها من رؤساء ومسؤولي بعض الدول، على حساب ضحايا الزلزال أنفسهم.
وفي محاولة للعزف على ذات الوتر أكد مدير إعلام هيئة ميليشيا الحشد الشعبي مهند العقابي، أن “الولايات المتحدة الأمريكية حركت طائراتها عندما بدأت قوافل الحشد تتوجه لإغاثة سوريا”.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن العقابي في تصريح صحفي، قوله “لدينا هاجس من الأمريكيين بأن يقصفوا أسطول السيارات والشاحنات المتجهة إلى سوريا، وليس لدينا أمان من ناحية الأمريكي وللعلم فإنّ الأمريكيين حركوا طائراتهم أثناء انتقال شاحناتنا من العراق نحو سوريا”.
بدورها علقت وزارة الخارجية الأمريكية، على تلك المخاوف بالقول إن “واشنطن لا تمنع وصول أي مساعدات” إلى سوريا للتعامل مع كارثة الزلزال الذي ضربها في السادس من الشهر الجاري.

المساعدات المخصصة لضحايا الزلزال تتسرب إلى الأسواق في مناطق سيطرة النظام السوري

وعلى الرغم من تواصل تدفق المساعدات على النظام السوري، إلا أن معظمها لم يصل إلى المناطق المنكوبة وسط تخبط القرارات الحكومية وشبهات فساد متزايدة في ظل الاستثمار الإيراني للنكبة الإنسانية من أجل انتزاع مكاسب مادية.
ويشكك الباحث مروان الأحمد في عمليات توزيع المساعدات التي تعدت آلاف الأطنان وجلها مواد غذائية وطبية وأغطية، مبيناً أن السوريين يدفعون ثمن خراب الزلزال وفاتورة ارتفاع الأسعار والتسول باسمهم.
وأضاف الأحمد أن المساعدات الغذائية باتت تباع بالأسواق السورية، مشيرا إلى المبالغة بطرح أرقام الخسائر “لتسخير الحالة الإنسانية للسرقات وكسر العقوبات”.
ويدعو الباحث السوري منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية للإشراف على استلام وتوزيع المساعدات الدولية التي تصل إلى مناطق النظام السوري، وعدم الثقة بمنظمة الهلال الأحمر “لأن رئيس منظمة الهلال الأحمر السوري، خالد حبوباتي، يعمل لصالح النظام إن لم نقل إنه موظف عنده”.
بدوره حذر مدير منظمة تعمل بمجال الإغاثة من تقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الزلزال في سوريا عن طريق نظام الأسد الذي طالما تلاعب بوصول تلك المساعدات.
وقال مدير المنظمة الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن تقديم المساعدات الإنسانية مرهون بآلية إيصالها وقد كان التلاعب بالوصول هو سمة مميزة خلال الفترة التي أعقبت اندلاع الثورة السورية وهو في حد ذاته محرك رئيس للاحتياجات الإنسانية.
وأشار إلى أن عدم وصول المساعدات إلى شمال سوريا أوضح أن هناك اختلافًا كبيرًا في نطاق وفعالية الاستجابة الإنسانية وأنّ نظام الأسد ليس مصدرًا موثوقًا به للمساعدة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بل الطريقة الوحيدة الموثوقة والمستدامة لتقديم المساعدة للمدنيين في جميع أنحاء شمال سوريا هي عمليات التسليم عبر الحدود التركية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى