أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة السوداني تفتح مدن العراق لطريق إيران إلى البحر المتوسط

خبراء سياسيون واقتصاديون يحذرون من الضرر الاستراتيجي والسيادي للربط السككي مع إيران وتحويل العراق إلى "محافظة إيرانية".

بغداد – الرافدين
حذر خبراء سياسيون واقتصاديون من خضوع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، للمشروع الاستراتيجي الذي يعمل عليه الحرس الإيراني منذ سنوات لفتح طريق بري آمن من إيران عبر العراق وسوريا إلى لبنان في إطلالة على البحر المتوسط.
وقال الخبراء إن مشروع طهران للإطلالة على المتوسط يؤكد سياسة الهيمنة الإيرانية على المنطقة لتأمين تموين ميليشياتها في العراق وسوريا ولبنان، فضلًا عن القضاء النهائي على مشروع ميناء الفاو الكبير، الذي طالما عارضته الأحزاب والميليشيات الولائية.
ووصف مصدر سياسي عراقي تأكيد وزير الخارجية فؤاد حسين خلال مؤتمر صحفي جمعه الأربعاء مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي يزور بغداد، على دخول مشروع ربط سكك الحديد بين العراق وإيران مرحلة التطبيق، بأنه خضوع تام لسياسة الهيمنة الإيرانية.
وأكد المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” إن مشروع إطلالة إيران على المتوسط عبر العراق، لا يكتفي بضرره الاقتصادي في تهميش ميناء الفاو الكبير، وإنما سيحول العراق برمته إلى أشبه بمحافظة إيرانية، وممر ينهي مفهوم السيادة العراقية.
وأشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني تعهد للمرشد الإيراني علي خامنئي أثناء زيارته إلى طهران نهاية العام الماضي بدخول مشروع الممر البري الإيراني إلى المتوسط حيز التطبيق.
ودفع خامنئي أثناء لقاء السوداني إلى المزيد من “مذكرات التفاهم والتعاون بين إيران والعراق” في إشارة لربط السيادة والاقتصاد العراقي بإيران.
وقال “في الفترات السابقة جرت مفاوضات وتفاهمات جيدة لكنها لم تصل إلى مرحلة العمل. لذلك علينا أن نتحرك نحو العمل فيما يتعلق بجميع الاتفاقات، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي وتبادل البضائع والسكك الحديدية”.
ونوه المصدر في تصريح لقناة “الرافدين” إلى أن التأكيد بدخول مشروع الطريق البري الإيراني على المتوسط، حيز التطبيق صدر من فؤاد حسين وليس من عبداللهيان أثناء المؤتمر الصحفي الأربعاء، الأمر الذي يؤكد الانصياع التام من قبل حكومة السوداني لسياسة الهيمنة الإيرانية.
وقال فؤاد حسين تطرقنا إلى ربط سكة الحديد من الشلامجة إلى محافظة البصرة، منوها إلى أن هناك خطوات تطبيقية عملية في هذا المجال إضافة إلى مشروع ربط كرمانشاه من خلال المنذرية مع بغداد حيث تم التطرق إلى هذه المشاريع.
ويمثل الممر البري لإيران من طهران إلى بيروت مرورًا ببغداد ودمشق. منفذًا بريًا على البحر، وهو أمر بالغ الأهمية من الناحية الاستراتيجية، سيما أن طهران اعتمدت خلال السنوات الماضية على الطيران لإمداد ميليشياتها بالسلاح والمؤن.
وتسعى إيران في سياسة الهيمنة على المنطقة إلى أن تتحول إلى قوة ذات نفوذ على مستوى الإقليم، وظهرت نوايا التوسع الإيراني بوضوح منذ احتلال العراق في 2003. ومن ثم فتح الولايات المتحدة العراق أمام الهيمنة الإيرانية عبر صعود الأحزاب والميليشيات الولائية.
وتمثل إطلاله طهران على البحر المتوسط وسيلة نقل رخيصة لشحن الأسلحة؛ وسيكون أيضًا طريقًا بديلًا للجسر الجوي الإيراني في المنطقة، فضلًا عن ترسيخ الهوية الطائفية على حساب الهوية الوطنية للدول العربية.
كما سينهي الممر البري الإيراني عبر العراق الوظيفة الاقتصادية لمشروع ميناء الفاو، الذي وقفت الأحزاب الولائية ضد تنفيذه منذ سنوات.
وقال محافظ البصرة السابق، وائل عبداللطيف، أنّ المشروع الإيراني سيقتل موانئ البصرة، تحديدًا ميناء الفاو الكبير الذي يمكن أن يكون طريقًا يربط الشرق الأوسط بأوروبا عبر تركيا.
وأضاف أنّ “فائدة العراق الكبرى هي في ميناء الفاو من خلال الواردات وتشغيل اليد العاملة، وهكذا تنخفض أسعار السلع، لكن إن أنشئت سكك حديدية لذهبت البواخر إلى موانئ في إيران ومنها تأتي البضائع إلى العراق، وهذا ما سيتسبب في زيادة الأسعار ويؤثر في كفاءة الميناء بشكل كبير”.
واجمعت دراسات استراتيجية دولية على أن الضرر الكبير لمشروع الإطلالة الإيرانية على المتوسط، سيكون فادحًا على الوضع السيادي والاقتصادي العراقي.
وعزا “المعهد الإسباني للدراسات الاستراتيجية” خطط إيران لإنشاء سلسلة من الطرق البرية نحو الغرب؛ إلى توسيع نفوذها الجيوسياسي في منطقة البحر المتوسط.
وذكر أن الطموحات الإيرانية تتقاطع مع مصالح عدد من القوى الإقليمية والعالمية، مما قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات التي تعاني منها المنطقة حاليًا.
وأشارت دراسة المعهد الاسباني إلى أن الطريقة التي ستتعامل بها القوى المختلفة مع “لعبة الشطرنج” الراهنة في المنطقة، هي التي ستحدد من سيسيطر على الشرق الأوسط مستقبلًا، ومن سيفقد نفوذه على المدى الطويل. ومن بين جميع الجهات الفاعلة، يبرز الإيرانيون بقدرتهم على فهم طبيعة العلاقات المتشابكة في منطقة تتجاوز فيها الطائفية حدود الدول.

روبرت كابلان: لا يمكن السماح لإيران باعتبارها الفاعل الوحيد الذي يسيطر على موارد الخليج وبحر قزوين.

وحذر الكاتب السياسي الأمريكي والباحث في كلية هارفارد للأعمال روبرت كابلان، من السماح لإيران باعتبارها الفاعل الوحيد الذي يسيطر على موارد الخليج وبحر قزوين.
وسبق وأن أكدت صحيفة الغارديان البريطانية، على أن إيران على وشك إكمال مشروعها الاستراتيجي بتأمين ممر بري يخترق العراق في نقطة الحدود بين البلدين، ثم شمال شرق سوريا إلى حلب وحمص، وينتهي بميناء اللاذقية على البحر المتوسط.
وأضافت أن قوات كبيرة من الميليشيات تضع اللمسات الأخيرة على خطط؛ للتقدم بتنفيذ مشروع الممر الذي ظل في طور التبلور خلال العقود الماضية.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، إن الشريط البري غرب الموصل الذي تعمل فيه الميليشيات الولائية، يُعتبر أساسيًا في تحقيق الهدف الإيراني للوصول للبحر الأبيض المتوسط.
ونوهت إلى أن إيران حاليا، وبعد سنوات من الصراع في العراق ومشاركتها في الحرب الأهلية الشرسة بسوريا، أقرب من أي وقت مضى لتأمين ممر بري سيوطد أقدامها بالمنطقة، ومن المحتمل أن ينقل الوجود الإيراني إلى أراض عربية أخرى.
ونقلت الغارديان عن مسؤول أوروبي وثيق الصلة بالتطورات في العراق وسوريا، قوله إن الإيرانيين ظلوا يعملون بقوة لتنفيذ هذا المشروع، مضيفًا أنهم سيستطيعون نقل القوى البشرية والإمدادات بين طهران والبحر المتوسط في أي وقت يشاؤون، عبر طرق آمنة يحرسها موالون لهم أو آخرون بالوكالة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى