أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الميليشيات تنفذ موجة اغتيالات تستهدف كفاءات طبية وتعليمية وعسكرية عراقية

حكومة الإطار برئاسة السوداني تمارس تقية سياسية في التستر على الجهات المتورطة بعمليات الاغتيال وضمان إفلاتهم من العقاب وعدم ملاحقتهم قضائيًا.

ديالى – الرافدين
شهد العراق انهيارًا أمنيًا كبيرًا خلال الساعات الماضية بعد سلسلة الاغتيالات التي نفذتها الميليشيات ضد شخصيات بارزة في عدد من المحافظات في أحدث موجة عنف تضرب البلاد في ظل اتهامات للحكومة بالتواطؤ مع الجناة والتستر عليهم.
وطالت الاغتيالات الأخيرة التي شهدتها البلاد في غضون يوم واحد طبيبًا في ديالى وطيارًا في الأنبار وتدريسيًا في بابل وشخصًا رابعًا في ميسان لم يتسن التعرف على هويته.
وقالت مصادر أمنية أن مسلحين اغتالوا طبيب القلبية أحمد طلال المدفعي وسط مدينة بعقوبة بعد خروجه من عيادته من دون معرفة الأسباب، في وقت أشارت مصادر مستقلة إلى تهاون أمني في ظل وجود دورية شرطة مقابل عيادته الواقعة في شارع الطابو في بعقوبة.
وأوضح الرائد علاء السعدي من قيادة شرطة محافظة ديالى أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار من أسلحة رشاشة على أحمد طلال المدفعي بالقرب من منزله في حي بعقوبة الجديدة وسط مدينة بعقوبة مركز المحافظة، مما أدى إلى مقتله في الحال قبل أن يفروا إلى جهة مجهولة.
بدورها قالت مصادر محلية في ديالى أن الطبيب المدفعي تعرض للتهديد من قبل الميليشيات التي طالبته بالتخلي عن عيادته والعمل ضمن المجمعات الطبية التي استحوذت عليها في المحافظة حيث ساومت الميليشيات جميع أطباء المحافظة على حياتهم مقابل العمل في المجمعات الطبية التي أصبحت تابعة لها.
وأثارت حادثة اغتيال المدفعي التي تشير أصابع الاتهام إلى ميليشيا العصائب بالوقوف خلفها موجة غضب كبيرة في ديالى التي شهدت مجزرة مروعة على يد الميليشيات راح ضحيتها 9 أشخاص بينهم نساء في قرية الجيايلة التابعة لقضاء الخالص.

قائممقام بعقوبة عبد الله الحيالي: قاتلو المدفعي يحملون صفة رسمية وأجهزة الأمن الحكومية تخشى مواجهتهم

وقال قائممقام بعقوبة، عبد الله الحيالي الخميس، إن “قاتل الطبيب المتخصص بأمراض القلب، أحمد المدفعي “يحمل صفة رسمية وأن القوات المسلحة تخشاها وتعرف خطورتها”.
وبين الحيالي في تصريحات إعلامية جرى تداولها على نطاق واسع، أن “مثل هذه العمليات تقوم بها عصابات كبيرة، ولا يمكن للبسطاء القيام بمثل هذه الأفعال”.
وأضاف أن “ما يحدث في ديالى الآن، يستوجب تكاتف الجهود للبحث عن الجناة ما يستوجب تنشيط العنصر الاستخباري والتصدي للعصابات لوقف إثارة الرعب داخل مدينة بعقوبة وديالى بشكل عام”.
وطالبت نقابة الأطباء في بيان بتدخل قوي للسلطات، وبينت أن المدفعي قُتل “إثر عمل غادر و جبان”، لافتة إلى “تعرض الأطباء في ديالى الى وضع مقلق خلال الأيام القليلة الماضية من خطف وتهديد وقتل يستوجب على الجهات التنفيذية المسؤولة عن الأمن أن تتحمل مسؤوليتها فيه بأكبر قدر من الجدية والحزم”.
ودعت النقابة إلى أن “لا يغيب حضور الأجهزة الأمنية والقضائية عن المشهد وسط تردي الوضع وتمادي المجرمين”.
وكانت نقابة الأطباء في محافظة ديالى، قد أصدرت توجيهات مهمة إلى اطباء المحافظة، بعد حادثة اختطاف الطبيب المشهور في المحافظة علي الحسيني، في شهر كانون الثاني الماضي قبل الإفراج عنه.
وقال نقيب الأطباء مرتضى الخزرجي إن “نقابة الأطباء عقدت اجتماعًا مهمًا في بعقوبة بحضور اعضائها ومدير صحة ديالى، تمخض عنه إصدار حزمة من القرارات المهمة.
واستعرض الخزرجي تلك التوجيهات والتي كانت من أبرزها إبلاغ جميع الأطباء بالإبلاغ الفوري عن أي تهديدات تمس أمنهم الشخصي أو عياداتهم من أجل إبلاغ رئيس اللجنة الأمنية العليا في ديالى في إشارة إلى المحافظ، بالإضافة إلى نصب كاميرات مراقبة في المنازل والعيادات واعتباره سياقا ثابتًا.
وبثت قناة “الرافدين” على منصاتها في مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا التقطته كاميرا مراقبة للعجلة التي استقلها المسلحون خلال تنفيذهم عملية اغتيال الطبيب المدفعي مساء الأربعاء قبل انسحابهم من موقع الحادث.

مسلحون مجهولون يباغتون طيارًا سابقًا في سلاح الجو العراقي ويردونه قتيلًا في الفلوجة

إلى ذلك، ذكر مصدر في شرطة مدينة الفلوجة فضل عدم الكشف عن هويته، أن مسلحين مجهولين اغتالوا الأربعاء العقيد الطيار سعد محسن مرزوق، وهو أحد ضباط القوة الجوية العراقية في الجيش السابق لدى مروره بسيارته الشخصية في قضاء الكرمة شرق الفلوجة.
وقال المصدر إن مسلحين اغتالوا في قاطع كرمة الفلوجة العقيد الطيار سعد محسن الدليمي، شقيق رئيس أركان الفيلق الثالث سابقًا اللواء غازي الدليمي والطيار طلال الدليمي.
وجاءت عملية اغتيال طبيب القلبية في ديالى والطيار المتقاعد في الأنبار متزامنة مع مقتل مدرس متقاعد إثر هجوم مسلح في قضاء المسيب بمحافظة بابل.
وقال مصدر أمني إن “مسلحا يستقل دراجة نارية ويرتدي قناعًا للوجه، أطلق النار على الأستاذ عبد الرسول الأنباري (مدرس متقاعد) قرب سوق المسيب في محافظة بابل، ما أدى إلى مقتله في الحال”.
وأضاف المصدر، أنه “بعد 15 دقيقة من الحادث، استطاعت مفارز شرطة المسيب والأجهزه الأمنية القبض على الجاني بمتابعة من قبل مدير الشرطة ومعاونه بعد رصد شعبة الكاميرات في القضاء”.
ويشكك مراقبون بالبيانات الحكومية المتعلقة بإلقاء القبض على الجناة المتورطين بتنفيذ عمليات الاغتيال التي طالما تنسب لجهات مجهولة لرفع الحرج عن الجهات الحقيقية المتورطة بتنفيذ هذه العمليات.
وجاءت موجة الاغتيالات الأخيرة بعد نحو شهر على تهديدات باغتيال عدد من شهود العيان في قضية مجزرة جسر الزيتون في الناصرية إبان ثورة تشرين والتي يتهم فيها رئيس جامعة الدفاع العليا الفريق الركن جميل الشمري شقيق وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري فضلًا عن الضابط عمر نزار.
وكانت منظمة إنهاء الإفلات من العقاب في العراق قد أدانت ما يتعرض له الشهود وعائلاتهم في قضية جسر الزيتون من اعتداءات وصلت الى حد محاولة اغتيال أحد الشهود ومحاولة اختطاف ابنة شاهد آخر.
ودعت المنظمة في بيان الجهات المختصة للتدخل فورًا لحماية الشهود وعائلاتهم مما يتعرضون له من ضغوطات لمنعهم من الإدلاء بشهاداتهم ضد الضابط عمر نزار المتورط بإطلاق النار وقتل المتظاهرين في جسر الزيتون في ذي قار.
ويتذكر الناشط حسين الغرابي وهو من أبناء الناصرية مركز محافظة ذي قار ما حدث خلال مجزرة جسر الزيتون قائلًا إن “جميل الشمري جاء في ليلة ظلماء من بغداد الى الناصرية ليعطي اوامر باطلاق النار على المتظاهرين”.
وبحسب الغرابي “استشهد 64 شابًا بإطلاق نار مكثف من جسر الزيتون إلى ساحة الحبوبي، وسط الناصرية وأن الشمري الآن والضابط عمر نزار لم يحاسبوا، بل العكس حصلوا على مناصب جديدة”.
ويضيف الغرابي وهو محامي “أقمنا دعوات ضد ما حدث في الزيتون ومناطق أخرى لكن لم تتم إدانة اي أحد على الرغم من إثبات استخدام الرصاص من الطائرات”.
ويعتقد الغرابي أنه بعد ثلاث سنوات من ثورة تشرين “لم تعد هناك ثقة في أن تقوم حكومة بمحاكمة القتلة خصوصًا الحكومة الحالية التي شكلها الإطار التنسيقي، والأخير لديه فصائل متهمة بقتل المتظاهرين لذا لا يمكن ان نصدق بأنها ستكشف حقيقة ما جرى في تشرين”.
وطالبت حكومة الإطار برئاسة محمد شياع السوداني اللجنة الحكومية المشكلة منذ أكثر من عامين بالإسراع في اكمال التحقيقات المتعلقة بقتل المتظاهرين.
وقالت اللجنة الحكومية المعنية بالتحقيق في تلك الحوادث في بيان، إنها تلقت توجيهات “من رئيس مجلس الوزراء بتسريع إجراءات اللجنة التي تتعلق بالتحقيق في الأحداث التي رافقت تظاهرات تشرين عام 2019 وما بعدها”.
وأشار بيان اللجنة التي تشكلت وفق الأمر الديواني 293 لسنة 2020 أن “السوداني دعا المواطنين الكرام ممن لديهم شهادات (عيانية حصرًا) تخص الأحداث الناتجة عنها وقائع جنائية رافقت أحداث تظاهرات تشرين عام 2019 وما بعدها، للحضور أمام اللجنة لتدوين أقوالهم”.
بدوره يصف الناشط في تظاهرات تشرين أحمد الوشاح، هذه اللجان بأنها “وسيلة للتملص من المسؤولية وتمييع الحقائق”.
ويضيف الوشاح “ينبغي تشكيل محكمة خاصة بأحداث تشرين على غرار محاكم النشر والنزاهة حينذاك سنذهب ونقدم الأدلة والوثائق والفيديوهات إلى المحكمة وإلا اللجان لن تقول الحقيقة”.
وعبر الوشاح عن استغرابه من طلب المحققين والمحاكم تحديد الشخصيات التي قتلت المحتجين، في وقت كان فيه أغلب المسلحين يرتدون اللثام وأقنعة الوجه وغير معروفي الأسماء او العناوين.
وقال “نحن نعرفهم من ملابسهم وعجلاتهم التي كتب على بعضها بانها تابعة للجيش أو الداخلية أومكافحة الشغب، كما صدرت ضدنا تهديدات وفتاوى قتل من رجال دين ومسؤولين يجب التحقيق معهم”.

محاولات ميليشياوية لاغتيال شهود عيان قدموا شهادات تدين ضباطا كبار على صلة بمجزرة جسر الزيتون

ومطلع العام الحالي قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “الحكومة العراقية السابقة روجت لاعتقال القاتل المزعوم للمحلل الأمني المعروف هشام الهاشمي، لكن القضاة في القضية قاموا في مناسبات عديدة بتأجيل محاكمته”.
وأجل القضاء الحالي مرارًا محاكمة المتهم (أحمد عويد الكناني)، المنتسب في الشرطة الاتحادية والمتهم بقتل المستشار في حكومة الكاظمي هشام الهاشمي، للمرة التاسعة على التوالي قبل نحو شهرين ونصف الشهر.
وقالت مصادر قضائية، إنه “تم تأجيل محاكمة المتهم بقتل الهاشمي إلى الثامن من آذار المقبل، مبينة أن التأجيل، وهو التاسع، يعود إلى “تأخر محكمة التمييز في إعادة القضية، حيث تم الطعن بإجراءات التحقيق مع المتهم وأخذ اعترافاته، وأوراقه ما زالت حتى الآن في محكمة التمييز”.
وقال عضو بنقابة المحامين العراقيين، إن المتهم بقتل الهاشمي لم يحضر جلسة المحكمة، موضحًا أن الكناني “ما زال قيد الاعتقال، والأنباء التي تحدثت عن هروبه غير صحيحة، لكن هذا التأجيل المتواصل تقف خلفه ضغوطات، تهدف للإفراج عنه تحت مزاعم أن إجراءات التحقيق معه غير قانونية في زمن حكومة مصطفى الكاظمي السابقة”.
وبين عضو النقابة الذي فضل عدم الكشف عن هويته لدواع أمنية أن “ميليشيا حزب الله تقف خلف سلسلة الضغوط وعمليات التأجيل المتواصلة للنطق بالحكم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى