أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

الغرب لم يتعلم من درس احتلال العراق بعد تدمير البلاد وتسليمها إلى إيران

صحيفة الغارديان: روسيا والصين تتهكمان على ازدواجية المعايير الأمريكية المتمثلة بالسيادة الأوكرانية وميثاق الأمم المتحدة، باستحضار احتلال العراق وما وصل إليه من حال مزري.

بغداد- الرافدين
استعاد المحرر الدبلوماسي في صحيفة الغارديان البريطانية باتريك وينتور، المقولة الشهيرة للسياسي الفرنسي جورج كليمنصو بأن “الحرب هي عبارة عن سلسلة من الكوارث التي تؤدي إلى النصر”، مؤكدا عدم صلاحية هذه العبارة عندما يتم تطبيقها على احتلال العراق الذي انتهى بسلسلة كوارث وسلمت الولايات المتحدة وبريطانيا في النهاية البلاد إلى إيران.
وكتب وينتور الذي يعد من بين الصحافيين المرموقين، بعد عشرين عاما من احتلال العراق فأن الغرب لم يتعلم من الدرس جيدًا ولم يستفد من الأخطاء، بينما الاحتلال وفق مزاعم أثبت زيفها من قبل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، ما يزال يلقي بظلاله على النظام الدولي، ويشوه العملية السياسية في العراق المثقلة بالفشل والفساد، ويوجه ضربة قوية للثقة بالنفس التي شعر بها الغرب في السنوات التي أعقبت سقوط جدار برلين.
ولفت الى عدم وجود خطة متماسكة متفق عليها لمن أو من سيحل مكان الرئيس صدام حسين بعد احتلال العراق الذي رفع حدة التنافس الطائفي في كافة انحاء الشرق الأوسط.
وعزز احتلال العراق من دور إيران ووكلائها في جميع انحاء الشرق الأوسط، وأثار الخلافات في الغرب بشأن الحرب في سوريا، ونجاة الرئيس بشار الأسد من الثورة السورية، وإعطاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تذكرة العودة غير المتوقعة الى الشرق الاوسط.
وتهكم الكاتب على الدروس التي تعلمها الغرب من احتلال العراق عندما اقتصر الأمر على الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، باختصار تدمير بلد وتقسيم وتشريد شعبه بقوله “لا تفعل أشياء غبية”.
ووقّع بوش على وثيقة سرية صاغتها مستشارة الأمن القومي الأمريكية كوندوليزا رايس، تشير إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تعمل من أجل خلق عراق جديد يقوم مجتمعه على الديمقراطية ويكون نموذجا للحكم الرشيد في المنطقة.
بينما تحول احتلال العراق إلى عائق أمام انتشار الديمقراطية في المنطقة، وأن دول المنطقة خصوصا الخليجية تنفست الصعداء لأن التجربة الديمقراطية الأولى في المنطقة لم تنجح، فيما أظهرت استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى في الشرق الأوسط عارضت الغزو الأمريكي للعراق.
وأشار التقرير إلى أنه عندما تقوم الولايات المتحدة بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا وتشيد بالفضائل المتمثلة بالسيادة الوطنية وسلامة الأراضي وميثاق الأمم المتحدة، فإن الأمر لن يستغرق سوى ثوان فقط بالنسبة الى الصين وروسيا ودول جنوب العالم، لكي يستحضروا مثال احتلال العراق وما وصل اليه من حال مزري، لاتهام الولايات المتحدة بازدواجية المعايير.

توبي دودج: طالما حذرت توني بلير من العواقب المحفوفة بالمخاطر من احتلال العراق، ولم يستمع

وقال المحرر الدبلوماسي في الغارديان إن الإدارة الأمريكية برئاسة بوش الابن وهامشها توني بلير تجاهلا تحذيرات الخبير البريطاني المختص بالشؤون العراقية توبي دودج الذي حذر من العواقب المحفوفة بالمخاطر من احتلال العراق.
وبعد عودة دودج من العراق تمت دعوته الى مقر الحكومة البريطانية “10 داونينغ ستريت” من أجل تحذير توني بلير من أن الغزو سيكون كارثة.
وقال دوج “لم يكن هناك أحد في لندن وواشنطن، لديه الفكرة الأولى عن العراق، لكنهم كانوا يخططون لاحتلاله وإدارة المكان”.
ونبه دوج رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بالقول “أعلم أنك تعتقد أنه لا ينبغي أن أفعل ذلك، لكن عليّ أن أقوم بذلك. أعلم أنه سيكون سيئا. قل لي كم سيكون هذا سيئا”.
وقال دوج في تصريحات لصحيفة الغارديان “لقد بحثنا طوال العشرين عاما الماضية حول الخطأ الكبير. بعض الأمور سرّعت الانهيار، مثل إرث العقوبات أو اجتثاث البعث. لكن الخطأ الكبير، الخطيئة الأصلية، كان غزو بلد لا تعرف شيئا عنه. كان مصيرها الفشل”.
ونقل التقرير عن الباحثة في معهد “بروكينجز” مارسين الشمري اشارتها الى ان معظم العراقيين ولدوا بعد سقوط صدام حسين وان ذكراهم عن البعثية تأتي من عائلاتهم أو من مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت ان الشباب العراقي أعتقد أن الديمقراطية ستنتج حقوقا اجتماعية واقتصادية، لكن ذلك فشل، مشيرة إلى تداعيات خيبة الأمل والحنين الى دولة قوية.
وأشار التقرير الموسع للصحيفة البريطانية، إلى ان احتلال العراق وما نتج عنه من فوضى سياسية أعطى الزعماء العرب الآخرين ذريعة لقمع التهديد الذي شكله “الربيع العربي” في العام 2011.
وأضاف أن السعوديين، وهم حلفاء الولايات المتحدة منذ وقت طويل، شعروا بالخيانة بسبب الغزو، ومخاطر استيراد الديمقراطية فجأة الى العراق.

مارسين الشمري: جيل عراقي كامل ولد بعد الاحتلال يشعر بخيبة الأمل ويحن إلى دولة قوية

وأعاد التقرير إلى الذاكرة تصريح وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل الذي اشتكى من أن الولايات المتحدة “سلمت العراق فعليا الى إيران على طبق من فضة”.
واشتكت الممالك الخليجية من أن الغرب قد أنشأ محورا إيرانيًا سوريًا معاديًا، يضم تحالف حزب الله اللبناني وميليشيات الحشد الشعبي في العراق وسوريا، والذي استخدم لاحقا لتقييد السعوديين في اليمن.
وذكر أن الانسحاب الأمريكي الأحادي من أفغانستان، الذي سعى إليه دونالد ترامب ثم تابعه خليفته جو بايدن، كان نتيجة عن السخط من فشل بناء الدولة بعد احتلال العراق.
وأشار وينتور الى تساءل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال مؤتمر ميونيخ الأمني مؤخرا، “التغيير إلى ماذا وبأي وسيلة؟”، في ظل إدراكه بالحكومات الفاسدة والطائفية في العراق بعد العام 2003، وهو بمثابة تحذير كاف من إحداث تغيير في النظام في روسيا.
وقال الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية حميد رضا عزيزي إن احتلال العراق عام 2003 “غير بشكل جذري تصور إيران للتهديد”. وأضاف وجد الإيرانيون دليلا على رغبة واشنطن بالشروع في استراتيجية للتدخلات النشطة. حيث كان التأثير الأكثر إلحاحا هو أن دعم الجهات الفاعلة المسلحة من غير الدول، أصبح يشكل سمة مركزية في الاستراتيجية العسكرية لإيران. في إشارة إلى أذرع إيران في المنطقة من الميليشيات الطائفية المسلحة.
واكتسبت إيران نفوذا من خلال مجموعات مثل ميليشيات الحشد التي شكلها فيلق القدس الإيراني في العراق والحوثيين في اليمن.
وذكر تقرير الغارديان أنه يتم النظر إلى حقيقة أن الصين، وليس الولايات المتحدة، هي التي تفاوضت مؤخرا على اتفاق المصالحة السعودية الإيرانية، وهو ما يعتبر مؤشرا إضافيا على تضاؤل النفوذ الأمريكي في المنطقة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى