أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الأمم المتحدة تترك 1.2 مليون نازح عراقي للمجهول

منظمة الإنسان الجديد "نيو هيومانيتاريان": من الذي سيتقدم لتولي مساعد الشرائح الأكثر ضعفًا من النازحين في بلد يصنف بانتظام في مراتب الفساد العالمي.

بغداد- الرافدين
حذرت منظمات إنسانية وجمعيات أهلية عراقية وناشطون في مجال العمل الخيري، الأمم المتحدة من التخلي عن أكثر من مليون نازح عراقي بترك ملف النازحين في المخيمات بيد السلطات في بغداد وأربيل.
وأجمعت المنظمات في بيانات وتعليقات متفرقة، بعد اعلان خطة الأمم المتحدة القاضية التوقف عن إدارة المخيمات وتسليم المسؤولية عن ذلك الى السلطات المحلية. على أن المنظمة الدولية تتخلى عن مسؤولية إنسانية واخلاقية مناطة بها، بينما يوجد 1.2 مليون نازح عراقي وفق تقارير المنظمة نفسها.
وأكد ناشطون في العمل الخيري على أن ملف النازحين تحول الى ورقة سياسية للابتزاز تدار من قبل الحكومات في بغداد والميليشيات المسيطرة على مناطق النازحين وأراضيهم، وبمجرد رفع الأمم المتحدة يدها، فأنها ستترك مصير 1.2 نازح إلى المجهول.
وشددوا على أن الحكومات المتعاقبة بما فيهم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تتاجر بملف النازحين ولم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام من أجل انهاء معاناتهم المستمرة.
وأشاروا الى أن وزيرة الهجرة والمهجرين في الحكومة الحالية إيفان جابرو اعترفت في آخر تصريح لها بأن وزارتها عاجزة عن إعادة العائلات النازحة في هذه الظروف.
وكشفت الأمم المتحدة وفق تقرير لمنظمة الانسان الجديد “نيو هيومانيتاريان” الدولية المعنية بالأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم، انها في طريق الانتقال من النهج الذي يركز على المساعدات الطارئة للنازحين، الى التنمية، وهو ما يعني إن وكالاتها وبعض شركائها، قد حولت تركيزها بداية العام 2023، من خطة استجابة انسانية فقط، الى نهج تركز من خلاله على التنمية، لأن ذلك سيخدم بشكل أفضل احتياجات جميع المواطنين في العراق، وليس فقط النازحين في المخيمات المنتشرة في مدن العراق.
وكانت الأمم المتحدة قد طلبت خلال السنوات القليلة الماضية، وتلقت تمويلا أقل بكثير للمساعدات التي تنسقها، وهي تقول الآن “إن الوقت قد حان للحكومة في بغداد وحكومة إقليم كردستان، لكي تتحملا مسؤولية أكبر في تأمين الرعاية للمواطنين، مع قيام الأمم المتحدة بدور الدعم لهما”.
وطلبت المنظمات الأممية في العام 2022، 400 مليون دولار وتلقت 335 مليون دولار.
وعد ناشطون قرار الأمم المتحدة بانه يفتقد إلى المسؤولية الأخلاقية والإنسانية معا، قبل المسؤولية التي يلزمها المجتمع الدولي بالقيام بها.
وشككت منظمة الانسان الجديد “نيو هيومانيتاريان” متسائلة، عما إذا صار بإمكان السلطات في بغداد أربيل في شمال العراق، وبعد عشرين عامًا على الاحتلال الأمريكي، أن تتقدم لكي تتولى المزيد من المسؤوليات في تقديم الدعم للشرائح الضعيفة والهشة من النازحين.
واعتبرت “نيو هيومانيتاريان” في تقرير كتبته ألانا ترافرز الصحفية البريطانية-الألمانية المتخصصة بشؤون العراق الإنسانية وأوضاع النازحين “إن احتياجات العراقيين ما تزال قائمة بلا شك، في ظل وجود 1.2 مليون شخص ما زالوا نازحين داخليًا، وان العديد ممن عادوا الى مناطقهم يكافحون من اجل البقاء، بالإضافة الى وجود ظاهرة الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية”.
وذكرت إنه في ظل وجود غالبية مخيمات النازحين في مدن شمال العراق، وفي ظل النقاش الحاصل بين بغداد وأربيل حول الميزانية ومن يجب أن يتحمل مسؤولية المساعدة، تثار مخاوف حول من الذي سيتقدم لتولي مساعد الشرائح الاكثر ضعفًا في بلد يصنف بانتظام في أعلى مراتب الفساد العالمي.


ممثل مفوضية اللاجئين التابع للأمم المتحدة في العراق جان نيكولاس بيز: على السلطات في بغداد وأربيل تحمل المسؤولية المشتركة عن القضايا الإنسانية للنازحين

وأعربت المنظمات غير الحكومية عن مخاوفها المتعلقة بوتيرة انتقال ملف النازحين من الأمم المتحدة الى السلطات الحكومية في بغداد، وكيفية اشراك الحكومة في تغيير القيادة، وما يعنيه هذا الانتقال عند اكتماله، بالنسبة الى الفئات الهشة بشكل خاص.
وأعربت سمر عبود المديرة في لجنة الإنقاذ الدولية غير الحكومية العاملة في العراق، عن مخاوفها من فشل تحقيق الجدول الزمني السريع للانتقال الإنساني في العراق، والطريقة التي ستؤثر بها على العراقيين الأكثر ضعفا في مرحلة ما بعد الصراع.
وقالت كريستين بيري المديرة في مؤسسة (SEED) وهي منظمة غير حكومية محلية تدعم الفئات الهشة والأفراد الضعفاء “أن البلاد بحاجة ماسة إلى خطة إنسانية أكثر شمولاً”.
وعبرت عن تطلعها إلى سياق لا يعوق تطوير مؤسسات قوية ومتجاوبة وخاضعة للمساءلة وأنظمة مرنة، مشيرًة إلى ركود كامل فيما يتعلق بحياة الأشخاص الذين يغادرون المخيمات.
وكانت الأمم المتحدة صنفت الأزمة الإنسانية في العراق في العام 2017، بانها “احدى أكبر الازمات المتقلبة في العالم”.
وبحسب إحصاءات الأمم المتحدة، فإنه بحلول الوقت الذي أعلن فيه العراق انتهاء العمليات العسكرية على تنظيم “داعش” كان هناك نحو 11 مليون شخص، في بلد يبلغ عدد سكانه 37 مليون نسمة “الان أكثر من 40 مليونا”، بحاجة الى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية.
وفي اطار خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2022 لتقديم المساعدات في جميع انحاء العراق، قالت الأمم المتحدة ان نحو 2.5 مليون شخص، بما في ذلك 1.1 مليون طفل، ما يزالون يعتمدون على شكل من اشكال المساعدة الانسانية، مع وجود 991 الف شخص يعتبرون “عرضة للخطر بشدة”.
ويشمل ذلك مئات الالاف من النازحين داخلياً الذين لم يتمكنوا من العودة الى مناطقهم، وهناك أيضًا نحو 258 ألف لاجئ سوري، معظمهم في مدن شمال العراق.
إلا إن الأمم المتحدة تعتبر الآن أن المساعدة الطارئة ليس هدفها الاستمرار الى الابد وتحول العراق الى جهة أقل الحاحًا بالنسبة لقطاع المساعدات الإنسانية المنهك.
وقال ممثل مفوضية اللاجئين التابع للأمم المتحدة في العراق جان نيكولاس بيز، إن السلطات في بغداد وأربيل كان لديها ما يكفي من الوقت للاستعداد لعملية الانتقال هذه، وأنها تريد من هذه السلطات تحمل المسؤولية المشتركة عن القضايا الإنسانية.
وأكد على أنه اطلع المسؤولين عن عملية الانتقال منذ ما قبل وصوله الى العراق في تشرين الثاني 2021.
وأضاف بيز “من خلال الوسائل المالية والقوى العاملة والمعرفة، فإن العراق لديه القدرة على الاستجابة لاحتياجات سكانه”.
إلا أن منسق المساعدات الدولية لحكومة الإقليم ديندار زيباري قال إن النقص المعتاد في ميزانية حكومة الإقليم يعني انها لن تكون قادرة على سد فجوة التمويل التي خلفها تحول سياسة الامم المتحدة.
وأضاف “تركت حكومة إقليم كردستان العراق وحيدة في عملية تلبية هذه الاحتياجات ودعم النازحين واللاجئين”.

سمر عبود: انتقال ملف النازحين من الأمم المتحدة الى السلطات الحكومية سيؤثر على العراقيين الأكثر ضعفًا

وذكر المكتب الإعلامي لحكومة السوداني إنها تعمل على وضع خطة متكاملة لمخيمات النازحين داخليًا، الا انها لم تؤكد التمويل المتوقع تقاسمه مع حكومة إقليم كردستان.
ويناقض كلام وزيرة الهجرة والمهجرين مزاعم حكومة السوداني، عندما اعترفت خلال زيارة لأحد مخيمات النزوح بعجز وزارتها عن تلبية احتياجات النازحين وعودتهم إلى مدنهم.
في غضون ذلك تقول المنظمات غير الحكومية الدولية الكبرى إنها مستمرة بالعمل في العراق من خلال تمويل يأتي مباشرة من المانحين وليس من خلال النداءات السنوية التي تقودها الامم المتحدة.
وهذا الوضع قد لا ينطبق على المنظمات غير الحكومية المحلية التي غالبا ما تقوم بالجزء الأكبر من العمل على الأرض.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى