أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

عجز حكومي عن توفير المواد الأولية لطباعة جوازات السفر للعراقيين

حزب متنفذ في حكومة الإطار التنسيقي يستحوذ على ملف تجهيز المواد الخام لإصدار جوزات السفر وبأسعار تصل إلى ثلاثة أضعاف السعر السابق.

بغداد – الرافدين

فاقمت أزمة تأخر إصدار جوازات السفر المستمرة منذ نحو أربعة أشهر من معاناة العراقيين وساهمت في تأخير مصالح الكثير منهم فضلًا عن عرقلتها لسفر العديد من المرضى لتلقي العلاج في الخارج إلى جانب ما سببته من مشاكل في الإقامة للعراقيين في دول المهجر.
وعجزت وزارة الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن توفير نسخ الدفاتر الخام منذ أشهر بعد أن خضعت عملية التجهيز للمحاصصة الحزبية في تناقض صريح مع الوصف الذي سوقته الحكومة لنفسها حينما أطلق رئيسها اسم حكومة الخدمة على تشكيلته الوزارية.
وبينت مصادر مطلعة أن نسخ الدفاتر الخام لجوازات السفر كانت تستورد من شركات مختصة في ألمانيا وبأسعار مناسبة قبل أن يستحوذ على ملف تجهيز المواد الخام حزب متنفذ في الحكومة الحالية وبأسعار مضاعفة تصل إلى أكثر من ثلاثة أضعاف السعر السابق.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الحزب المتنفذ أوعز للشركة التابعة له بإيقاف تجهيز وزارة الداخلية بالدفاتر الخام بعد تأخر الحكومة في الإيفاء بالتزاماتها وسداد ما بذمتها من مبالغ الطباعة للفترة التي تلت استحواذ هذا الحزب على عملية تجهيز الوزارة بالدفاتر الخام.
ودفع عشرات الآلاف من العراقيين في الداخل والخارج ضريبة المحاصصة والفساد في استخراج جوازات السفر قبل أن يلجأ الكثير من الطلبة والمرضى ورجال الأعمال والمقيمين في الخارج إلى دفع مبالغ طائلة تصل إلى عدة مئات من الدولارات كرشى للحصول على جوازات السفر.
وكانت هيئة النزاهة قد أشرت في تقرير مرسل الى مكتب رئيس الوزراء ومجلس الوزراء ووزارة الداخلية، إلى الحاجة الماسة لتوفير الكميات المطلوبة من الدفاتر الخام للجوازات بعد أن تم رصد النقص فيها، ورفد الدوائر بملاكات فنية متخصصة وحاسبات حديثة في شهر تشرين الثاني من العام الماضي.
وأوصى التقرير الذي جرى تجاهله حينها، بتوفير الدعم اللوجستي لأقسام الجوازات كافة، والعمل على فتح أقسام جديدة في المحافظات التي تشهد زخمًا كبيرًا في أعداد المراجعين، لا سيما في البصرة ونينوى لتلافي التأخير في إنجاز المعاملات الذي قد يفتح بابًا لدفع الرشى، فضلًا عن إيجاد أماكن بديلة في محافظات ذي قار والأنبار والمثنى وميسان.
ونشطت خلال الأشهر الماضية مافيات مرتبطة بوزارة الداخلية يقودها مجموعة من المعقبين لاستلام معاملات المتضررين من تأخر طباعة جوازت سفرهم لإنجاز معاملاتهم بفترة وجيزة مقابل مبالغ تتراواح بين 300 و500 دولار بعد أن يتم طباعة الجوازات اعتمادًا على خزين الدفاتر الخام المخصص للحالات المرضية المستعجلة التي يفترض صرفها بعد الاستناد لتقارير طبية تثبت الحاجة الملحة للسفر.

مسؤولون حكوميون يرجعون سبب التأخير في طباعة الجواز العادي إلى إطلاق خدمة الجواز الإلكتروني

وكانت مديرية الأحوال المدنية والجوازات والإقامة، في وزارة الداخلية، قد أعلنت أن “التحضيرات التي سبقت إطلاق الجواز الإلكتروني، تسببت بتأخير ضمني في إصدار الجواز العادي للمواطنين.
وقال مدير عام دائرة الأحوال المدنية والجوازات والإقامة، اللواء رياض الكعبي أن هذا التأخير ساهم بتضاعف أعداد المعتمرين في موسم العمرة وسبب ضغطًا كبيرًا على مكاتب الجوازات.
وبين الكعبي أن “مديرية الجوازات تعمل بأقصى طاقاتها لتجاوز هذا التأخير وأن المديرية استلمت كميات جديدة من الجوازات الخام من أصل مليون جواز، تم طلبها ما سيعجل من مسألة تخفيف الزخم وإنجاز معاملات المواطنين، بالتزامن مع استمرار العمل بمنح الجواز الإلكتروني في أربع مناطق في بغداد تمثل الكرخ والرصافة”.
وعلى الرغم من التصريحات الحكومية المطمئنة إلا أن الأزمة مازالت مستمرة حتى اللحظة وشملت مختلف محافظات العراق بما فيها المحافظات الشمالية في كردستان العراق.
وتعليقًا على الأزمة أكد مدير عام الجنسية والجوازات والإقامة في كردستان العراق، اللواء هيرش أحمد، أن مشكلة نقص الدفاتر الخام لجوازات السفر ليست حكرًا على كردستان فحسب.
وعزا ذلك إلى وجود عطل فني في المعمل الذي ينتج دفاتر جوازات السفر وأن معالجة هذا الأمر ستستغرق وقتًا لحلها.
ولفت مدير عام الجنسية والجوازات والإقامة في كردستان العراق إلى مواصلة تسيير معاملات المواطنين، وصرف الدفاتر الخام الاحتياطية للمرضى وأصحاب حالات السفر الضرورية مبينًا أن “المعضلة تكمن في عودة الجوازات”.
ولايختلف الحال في المحافظات الجنوبية عن الحال في بغداد والمحافظات الشمالية بعد أن تراكمت معاملات جوازات السفر المنجزة دون طباعة منذ أشهر.
ففي البصرة بين مدير الأحوال المدنية والجوازات والإقامة العميد حازم اللامي إن دائرة الجوازات في المدينة أنجزت خلال الشهرين الماضيين أكثر من 21 ألف معاملة جواز، ولكنها لم تمنح الجوازات للمواطنين بسبب خلل فني لعدم توفر الجوازات الخام.
وأضاف أن الجوازات الخام المتوفرة يتم إصدارها للحالات المرضية المستعصية كالأمراض السرطانية والحالات الاستثنائية الخاصة وبصورة يومية وتعتمد ضرورة توفر تقارير طبية تثبت حاجة الجواز.
وأشار اللامي إلى أن دوائر الجوازات في البصرة مستمرة باستلام وترويج معاملات إصدار الجوازات وسيتم صرفها للمواطنين في الفترة القادمة بعد أن أكدت المديرية العامة بدء معالجة المشكلة وتوفر الجوازات على حد وصفه.

مخاوف من سحب الاعتراف بالجواز الدبلوماسي العراقي عالميًا بعد منحه لشرائح واسعة بدون ضوابط

وفي موازاة الأزمة في منح جواز السفر العادي للمواطنين تتزايد المخاوف من توجه بعض الدول إلى عدم اعتماد جوازات السفر الدبلوماسية العراقية التي تتيح التنقل في دول كثيرة بدون تأشيرة دخول، بسبب ارتفاع عدد حامليها خلال الخمسة عشر عامًا الماضية.
وكانت وزارة الخارجية، قد أعلنت نهاية العام الماضي تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة السفيرة صفية السهيل، لتدقيق الجوازات الدبلوماسية.

سروة عبد الواحد: عارضات أزياء ومشاهير في مواقع التواصل حصلوا على جواز سفر دبلوماسية

وجاء الإعلان عن تشكيل اللجنة، على خلفية إثارة وزارة الداخلية، جدلًا واسعًا مع إعلانها عن إصدار أكثر من 4000 جواز سفر دبلوماسي خلال عام واحد، وهو ما عد بابًا جديدًا للفساد في البلاد.
بدورها كشفت رئيسة حراك الجيل جديد النائبة سروة عبد الواحد عن حصول عارضات أزياء ومشاهير في تطبيق “تيك توك” على جواز سفر دبلوماسي، فيما أشارت إلى مخاطبة وزارة الخارجية لتوضيح آلية منح تلك الجوازات.
وقالت إن أعداد حائزي جواز السفر الدبلوماسي في العراق تفوق حاملي هذه الفئة من الجوازات في دول العالم بأسرها.
وأضافت عبد الواحد في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن “مجموع الدبلوماسيين في جميع دول كوكب الأرض لا يبلغ (18.881)، وهذا هو عدد الجوازات الدبلوماسية والخاصة وجوازات الخدمة الممنوحة من قبل وزارة الخارجية خلال أربع سنوات منذ العام 2019”.
وبين آخر تحديث لمؤشر “باسبورت إندكس” التابع لشركة آرتون كابيتال للاستشارات المالية العالمية، أن الجواز العراقي ما زال في المرتبة ما قبل الأخيرة في ترتيب جوازات السفر العالمي.
وحل جواز السفر الإماراتي في المركز الأول عالميًا كأقوى جواز سفر في العالم بينما، حلت جوازات السويد وفنلندا وإيطاليا، في المركز الثاني ومن ثم تأتي المانيا، وهولندا، والدنمارك، والنمسا، ولكسمبورج، وفرنسا في المركز الثالث.
وفي المرتبة 90 والأخيرة، حل جواز السفر الأفغاني، وقبله كل من العراق، وسوريا، والصومال، وباكستان، واليمن.
ويعتمد مؤشر “باسبورت إندكس” على إمكانية السفر بدون تأشيرة إلى بقية الدول، فضلًا عن حرية الحركة والتنقل بين الدول، ومعيار استقرار البلد أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى