الولايات المتحدة تواجه منذ عشرين عامًا أزمة قيادة ناجمة عن أكاذيب احتلال العراق
معهد غيتستون: المزيد من الأمريكيين لا يثقون على نحو متزايد في القيادة في جميع المجالات منذ تراكم أكاذيب احتلال العراق ثم هزيمة الانسحاب المذلة من أفغانستان والفشل الذريع في ليبيا.
بغداد- الرافدين
قال الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر هويكسترا إن الولايات المتحدة تواجه أزمة قيادة بعد الخطأ الكارثي لاحتلال العراق وفق ذرائع كاذبة.
وأضاف في تقرير نشره معهد غيتستون الأمريكي، أن المزيد والمزيد من الأمريكيين لا يثقون على نحو متزايد في القيادة الأمريكية في جميع المجالات. منذ تراكم أكاذيب احتلال العراق ثم هزيمة الانسحاب المذلة للقوات الأمريكية من أفغانستان والفشل الذريع في ليبيا.
ووصف ذلك بأنه 20 عامًا من الإخفاقات الحكومية الملحمية والنظامية.
وقال الدبلوماسي الذي عمل سفيرا لبلاده في هولندا إن عدم الكفاءة والخداع والعمل ضد مصالح الشعب الأمريكي لا يثير عجبا كثيرا بالنسبة لسبب فقدان الثقة في الحكومة الأمريكية.
واستند احتلال العراق الذي قاده الرئيس الأسبق جورج بوش الابن على مزاعم ملفقة تلت ذلك ذرائع لتبرير تقييم استخباراتي غير دقيق بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان لديه برنامج نشط لأسلحة الدمار الشامل.
وتحولت هذه المزاعم إلى انقسام حزبي مرير حيث اعتقد البعض أن قرار الذهاب إلى الحرب كان مبنيًا على معلومات غير صحيحة، بينما اعتقد آخرون أن إدارة بوش قد كذبت لبناء الدعم لغزو العراق.
ويضيف هويكسترا أنه جرى مؤخرا إحياء مرور عشرين عامً لاحتلال العراق، ومنذ ذاك الوقت شهدت بلاده الأزمة المالية لعام 2008 والربيع العربي والحرب مع داعش من 2015-2011 وكان لتداعيات الحروب في العراق وأفغانستان وليبيا نتائج سلبية.
وأوضح أن الانسحاب المميت والكارثي لإدارة الرئيس جو بايدن من أفغانستان في عام 2021 أسهم فقط في الرأي القائل بأن الحكومة الاتحادية تفشل في أداء وظيفتها بفعالية.
وإلى جانب سوء إدارة الحكومة للجهود الحربية الأمريكية المتعددة، رأى الأمريكيون العديد من الأمثلة على الخداع الحكومي الصريح.
وعزز مكتب التحقيقات الاتحادي وقادة الاستخبارات فكرة أن الرئيس السابق دونالد ترامب قد تعرض للخطر من قبل روسيا عندما كان رئيسا منتخباً.
واستمرت “خدعة روسيا” لأكثر من عامين كسحابة فوق رأس الرئيس ترامب مما شكل مصدر إزعاج في البلاد.
وأشار هويكسترا إلى أن التحقيقات في أصول جائحة كوفيد 19 قد تكشف المزيد من الأمثلة على بيروقراطية الحكومة الاتحادية المخادعة في تفاعلاتها مع الشعب الأمريكي.
وكشف مركز بيو للأبحاث في استطلاع للرأي عن أن 21 بالمائة فقط ممن شملهم الاستطلاع قالوا إنهم “دائما تقريبا” أو “معظم الوقت” “2 بالمائة و19 بالمائة على التوالي” يثقون في الحكومة لعمل الشيء الصحيح. وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر، كانت هذه النسبة 49 بالمائة.
وقال هويكسترا إن هذه الأرقام يجب أن تخيف الجميع. ومن الصعب أن نتخيل كيف تعمل دولة ما بفعالية إذا كان 21 بالمائة فقط من مواطنيها يعتقدون أنهم قادرون على الوثوق بحكومتهم للقيام بالشيء الصحيح في معظم الأوقات.
ويتساءل ماذا يعني هذا ولماذا الأرقام منخفضة للغاية؟
ويقول إنه إذا تم تحليل هذه الأرقام، هناك المزيد من الأفكار حول كيفية إدراك الشعب الأمريكي لحكومته، وفقا لمسح أجرته مؤسسة “الشراكة من أجل الخدمة العامة”.
ويعتقد 55 بالمائة أن تأثير الحكومة على البلاد سلبي. ولا يعتقد 55 بالمائة من الأشخاص أن الحكومة تساعد الأشخاص من أمثالهم. ويعتقد حوالي الثلثين أن الحكومة ليست شفافة ولا تستمع إلى الشعب.
وهذه الأرقام منخفضة للغاية، فلا عجب أن عدد الأشخاص الذين يثقون في الحكومة لم يتجاوز 30 بالمائة في استطلاعات بيو منذ عام 2007.
ويثق الشعب الأمريكي في قادة الأعمال أكثر. ويشير استطلاع أجرته كلية هارفارد للأعمال إلى أن 61 بالمائة من الشعب الأمريكي يثقون في الشركات.
ويقول باحثو جامعة هارفارد إنه لكي يتم تحديد مجموعة ما على أنه موثوق بها، يجب أن يكون لديها تصنيف إيجابي بنسبة 60 بالمائة. وفشلت كل من الحكومة ووسائل الإعلام في الوصول إلى هذا الهدف، وتراجعا بشكل كبير في السنوات الأخيرة بينما ظل قطاع الأعمال مستقرا نسبيا.
والنقطة الأساسية هنا هي أنه بغض النظر عن الاستطلاع الذي يجري النظر إليه، لا ترقى المؤسسات الأمريكية باستمرار للمستويات التي يعتقد معظم الأفراد أنها تشير إلى دعم شعبي قوي.
ويقول هويكسترا إن هذا يمثل مشكلة كبيرة للولايات المتحدة. وقد يقول البعض إن الأحداث التي وقعت في الكابيتول هيل في السادس من كانون الثاني 2021 هي مؤشر واضح على انعدام الثقة في الحكومة. حيث لم يقبل الكثير
ممن تواجدوا في الكابيتول نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 وكانوا يحتجون على النتيجة.

ويضيف أنه من الواضح أنه كانت هناك الكثير من المخالفات بالنسبة لهم للاعتقاد بأن جو بايدن قد فاز بشكل عادل. فالإيمان بإجراء انتخابات
حرة ونزيهة هو مبدأ أساسي للحكومة التمثيلية. ويشير هذا إلى أنه بدونها، يختفي الدعم الحاسم اللازم لدعم النظام الأمريكي بأكمله.
ويتساءل هويكسترا كيف يكون لدى الكثير من الأمريكيين مثل هذه الآراء السلبية حول قيادتها واتجاه بلادها؟
ويرى أنه ربما يمكن إرجاع الانخفاض الكبير في أرقام الدعم الحكومي إلى رد الفعل إزاء أحداث 11/9 وما بعدها. وفي حين أدى تأثير “الالتفاف حول العلم” إلى استجابة إيجابية أولية لإجراءات الحكومة، سرعان ما بدأ الأشخاص في التركيز على حقيقة أساسية واحدة هي أن “الحكومة فشلت في وظيفتها الأكثر أهمية، وهي حماية مواطنيها من الهجوم”.
وهناك مثال آخر حديث ومزعج على التعامل المزدوج الحكومي الذي أحبط المواطنين وهو دفع الرئيس جو بايدن لجعل دافعي الضرائب يسددون قروض الطلاب الآخرين. ومن الواضح أن هؤلاء الطلاب الذين حصلوا على قروض يتلقون معاملة أفضل من الحكومة من الطلاب الذين ادخروا وعملوا بجد ودفعوا أقساط دراستهم الجامعية.
وأخيرا، فإن عملاء بنك “سيليكون فالي”، وخاصة شركات التكنولوجيا الفائقة الناشئة وموظفيها، سيحصلون على جميع ودائعهم مؤمنة من قبل الحكومة، في حين أن العملاء في البنوك الإقليمية الأخرى قد لا تتاح لهم فرصة مماثلة.
ويقول هويكسترا إنه من الصعب بناء الثقة لدى المواطنين عندما تعامل الحكومة على ما يبدو مجموعة واحدة بشكل أفضل من معاملتها للآخرين.
ويخلص هويكسترا إلى أنه من الواضح أن الحكومة الاتحادية لم تظهر خصائص
القيادة الخادمة” التي تحتاجها بلاده بشدة، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بالسياسات الرئيسية، فقد فشلت فشلا ذريعا، من 11/9 إلى الأزمة الأخيرة التي هزت القطاع المصرفي.