أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

التواطؤ الحكومي مع الفساد وراء انهيارات مبانٍ في بغداد والأنبار

مهندس في وزارة الإعمار والإسكان: غالبية المباني في القطاع الخاص لا تستخدم مواد البناء المطابقة للشروط، وتشيد من قبل مقاولين لا يعتمدون على مهندسين متخصصين، ولا يعلمون أي شيء عن شروط السلامة.

بغداد – الرافدين
كشف انهيار أبنية قيد الإنشاء بالعاصمة بغداد ومحافظة الأنبار في أقل من 24 ساعة، عن اتساع الفجوة بين حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني والشارع العراقي، وانعدام الثقة في وعودها بالتغيير وتحسين الواقع في العراق.
وأثارت، حادثة انهيار المراكز التجارية في بغداد والأنبار مخاوف العراقيين من استهانة الحكومة بأرواح المواطنين عبر إحالة المشاريع الخدمية والتجارية لشركات هدفها تحقيق مكاسب مالية، الأمر الذي يكشف التواطؤ والفساد في قبول مواصفات بناء غير متينة وبلا معايير هندسية تضمن سلامة المواطن العراقي.
وتساءل، عراقيون بعد إصابة ثمانية عمال بجروح بالغة نتيجة انهيار مركز تجاري قيد الإنشاء قرب ملعب الشعب في منطقة زيونة ببغداد، عن الإدارات الفاسدة التي سمحت بقبول الشروط غير الهندسية التي لا تراعي السلامة والأمان.
وقالت مديرية الدفاع المدني، إن فرقها سارعت لرفع ركام كتل خرسانية بعد انهيار قالب صب أثناء تنفيذ عمليات البناء للمركز التجاري حيث تم انتشال ثمانية عمال من تحت الأنقاض بعضهم حالته حرجة.
وأوضحت المديرية، أن البناية التي انهارت هي مشروع أسواق كبيرة أو ما يعرف بـ “المول”.
وانهار مركز آخر للتسوق بمدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، في حادث هو الثاني خلال أقل من 24 ساعة.
وتمكنت فرق الدفاع المدني، من إنقاذ عاملين محتجزين تحت أطنان من الخرسانة، نتيجة انهيار سقف أثناء عمليات الصب في الطابق الرابع لمول الرمادي الكبير في حي المعلمين فجر الاثنين.
وقالت مديرية الدفاع المدني، إنها فتحت تحقيقًا بالحادثة، وتم استدعاء خبير الأدلة الجنائية لتحديد أسباب الانهيار داخل المول وتحديد المقصر.
وكانت، مديرية الدفاع المدني، قد حذرت من تبعات مخالفة شروط السلامة العامة في العديد من المباني الحكومية والأهلية في البلاد، في ظل عدم وجود غرامات أو عقوبات “تردع” المخالفين لشروط السلامة والأمان ضمن قانون الدفاع المدني.
بينما يرى مراقبون أن الحادثين يدعوان بما لا مجال فيه للشك بوجود شبهات فساد وعمليات غش في مواد البناء المسببة لانهيار المبنى.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بموجة غضب وامتعاض من تكرار هذه الحوادث في ظل حكومة لا تراعي حرمة للمواطن، مكتفية بتبادل الاتهامات ورمي المسؤولية بين الهيئات واللجان، بينما يتساءل العراقيون عن الجهة التي يمكن تحميلها مسؤولية الاستهانة بأرواح المدنيين.
وكانت دائرة التقييس والسيطرة النوعية المشهورة في العراق بأكثر المؤسسات صرامة علمية، لا تسمح بتشييد أي مبنى خارج المواصفات المعمارية سواء في التصميم أو نوعية المواد المستخدمة.
ويتساءل، معماريون عراقيون عن الجهة التي سمحت بتشييد تلك المباني التي تمثل فضيحة هندسية، بعد أن كان المعماري العراقي نموذجًا متميزًا داخل وخارج العراق.
وقال مهندس في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، أن غالبية المباني التي شيدت بعد عام 2003 لم تكن مطابقة لشروط السلامة العامة.
وأضاف المهندس في تصريحات صحفية رافضًا الكشف عن اسمه، أن “غالبية المباني في القطاع الخاص لا تستخدم مواد البناء المطابقة للشروط، وتُشيد من قبل مقاولين لا يعتمدون على مهندسين متخصصين، ولا يعلمون أي شيء عن شروط السلامة، فما يهمهم هو تحقيق المكاسب المالية وتقليل كلف البناء”.
وأشار إلى أن “هؤلاء استغلوا الفساد وعدم وجود رقابة صارمة ومتابعة لأعمالهم، وشيدوا مئات المباني المهددة بالسقوط في أي وقت”.
وأوضح أن “الكثير من المباني الحكومية تخالف شروط السلامة العامة، في ظل الفساد المستشري في مؤسسات الدولة والسعي إلى تحقيق الأرباح”، مشددًا على ضرورة “تشكيل لجان هندسية خاصة تجري مسوحات على المباني المنجزة، وتنظر وتحدد مستوى مطابقتها للشروط، حفاظًا على أرواح المواطنين”.
وتمثل المباني المخالفة لشروط السلامة والمباني المتقادمة، تهديدًا حقيقيًا لحياة العراقيين، فيما تستمر الحكومات المتعاقبة بغض الطرف عن تلك المخالفات التي تنسحب على القطاعين الخاص والحكومي.
وقال المنسق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني نؤاس صباح، إن الدفاع المدني أحصى خلال العام 2022 وجود 2517 مبنى من المحتمل أن يكون آيلًا للسقوط في عموم المحافظات، تم تحويل ملفاتها جميعًا إلى الجهات المعنية لحسم الأمر والتأكد من سلامتها، من بينها “بناية الجادرجي” في منطقة المنصور ببغداد، التي تم إفراغها من قبل أمانة العاصمة لخطورتها”.
وأكد على تسجيل بعض الملاحظات على جامعة “أوروك” الأهلية في جانب بغداد الرصافة، إلا أن المكتب الاستشاري الهندسي كان له رأي آخر، وتم افتتاح الجامعة أمام الطلبة، لتُخلي مديرية الدفاع المدني مسؤوليتها منها بعد قرار الدوائر الهندسية.

مديحة محمد النعيمي: جميع المنشآت والمباني العراقية ليست مصمّمة على أسس الصيانة المحمية من المخاطر

من جانبها، قالت نائبة نقيب الجيولوجيين في العراق مديحة محمد النعيمي، إن “جميع المنشآت والمباني العراقية ليست مصمّمة على أسس الصيانة المحمية من المخاطر”.
وطالبت النعيمي، بضرورة استشارة الخبير الجيولوجي عند اختيار مواقع بناء المباني والأبراج العمودية لدراسة طبيعة ومواصفات الطبقات الصخرية التي سيُقام عليها البناء من جهة وتفاصيل التصاميم الهندسية من جهة أخرى، لافتة إلى أن أبرز الشروط الواجب توفرها عند بناء المجمعات السكنية العمودية تتعلق بدراسة الأرض التي تقام عليها الأبنية بكل أنواعها من حيث الصلادة ونوعية الصخور وارتفاع منسوب المياه الجوفية.
ويعاني العراقيون من الإهمال الحكومي المستمر للبنى التحتية في البلاد في ظل سيطرة حكومات الاحتلال على مقدرات البلد واستشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة، وغياب الرقابة وتنفيذ القانون على المقصرين.
وأعاد تكرار حوادث انهيار الأبنية وفساد المشاريع الخدمية في البلاد، حادثة انهيار مبنى المختبر الوطني في بغداد مطلع تشرين الأول من العام الماضي، دون معاقبة الجهات المسؤولة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى