أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

مقتدى الصدر يستمر في لعبة شد الانتباه الفارغة من التأثير

مراقبون سياسيون يقللون من أهمية قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتجميد تياره، ويعدون الأمر استمرارًا لما يمكن أن يسمى "العبث السياسي المُحمل بالجهل".

بغداد- الرافدين
قلل مراقبون سياسيون من أهمية قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتجميد تياره، وعدوا الأمر استمرارًا لما يمكن أن يسمى بـ “العبث السياسي المُحمل بالجهل”.
وأجمعوا على أن مثل هذا القرار المتعلق بالتجميد يكاد يتكرر بين فترة وأخرى من قبل الصدر نفسه، لكنه سرعان ما يعود عن قراره، في لعبة شد الانتباه التي لم تعد مجدية بعد فشله في استثمار “فوز” تياره في الانتخابات البرلمانية السابقة، ومن ثم فشله في استثمار انسحابه وتسليم الأمور الى خصومه في الإطار التنسيقي.
وقالوا إن الصدر فشل في داخل وخارج العملية السياسية، ولا يمكن التعويل على كل ما يصدر منه باعتباره تغيير جوهري لأنه سرعان ما يعود عن قراره.
في وقت عزا مقربون من التيار الصدري التجميد إلى محاولة تخلص الصدر مما ألحقه به “جهلة التيار” من هالة فارغة عندما اعتبروه “المهدي المنتظر” ومطالبين بمبايعته.
وأعلن الصدر تجميد التيار أجمع ما عدا صلاة الجمعة لمدة لا تقل عن سنة.
وقال في تغريدة على تويتر “أن أكون مصلحاً للعراق ولا أسطيع أن أصلح التيار الصدري، فهذه خطيئة”، مشيراً إلى ما وصفه بـ “أمر جلل” يتعلق استمراره في قيادة التيار الصدري وفيه “أهل القضية”، وبعض من الفاسدين وفيه بعض الموبقات.
وانتشر مقطع فيديو، ظهر فيه شخص معمم يقول إنهم يتجهزون لحملة كبيرة في مسجد الكوفة خلال الاعتكاف من أجل مبايعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وإعلانه أنه هو الإمام المهدي “الموعود المنتظر”.
وأطلقت تلك المجموعة التي تجهّزت للإعلان عن مبايعة الصدر خلال حضوره المسجد للاعتكاف، على نفسها “أهل القضية”، وهي التي أشار إليها الصدر في بيان تجميد التيار.
وأعلن الصدر في تغريدة ثانية أن “الحساب مغلق حتى إشعار آخر”، في إشارة إلى إغلاقه حسابة على منصة تويتر.
وتأتي هذه التطورات بعد أن أعلن صالح محمد العراقي المعروف بـ “وزير القائد” إلغاء زعيم التيار الصدري اعتكافًا مفترضاً بمسجد الكوفة بسبب “اهل القضية”.

الدكتور مثنى حارث الضاري: قيادة التيار الصدري لا تُحسن العمل السياسي لكونها غير مؤهلة لذلك، فضلًا عن ادعائها الاعتزال بين حين وآخر لكنها تعود بموجب تفاهمات في إطار المحاصصة القائمة

ويبدو أن الصدر يعود إلى اثارة الجدل من جديد من دون أن يؤثر على مجريات العملية السياسية القائمة على المحاصصة وتوزيع الأدوار بين الشركاء، فيما تتزايد التكهنات عن دور التيار في انتخابات مجالس المحافظات المؤمل اجراؤها في نهاية عام 2023.
وتترقب قوى الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية، موقف التيار بعد استحواذها على تشكيل حكومة محمد شياع السوداني منذ انسحاب أعضاء التيار الصدري من مجلس النواب عام 2022.
وكان قال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري قد أكد أن قيادة التيار الصدري لا تُحسن العمل السياسي لكونها غير مؤهلة لذلك، فضلًا عن ادعائها الاعتزال وترك العملية السياسية بين حين وآخر لكنها تعود مرة أخرى بموجب توافقات وتفاهمات في إطار المحاصصة القائمة.
وأوضح سبق وأن انسحبت قيادة التيار الصدري من العملية السياسية، في آب عام 2013، وفي شباط من عام 2014، وفي آذار من عام 2016، وفي تموز من عام 2021، وتكرر الانسحاب مرة أخرى في آب من 2022، ما يعني أن هناك خمس مرات انسحاب من قبل التيار الصدري انتهت بالتراجع والعودة، وبانتظار ما يحصل اليوم.
وشدد الدكتور الضاري في قراءته لما يحدث في العراق على أنه لا يمكن للتيار الصدري أن يغيب عن المشهد، بحكم القاعدة العريضة التي يمتلكها، ولأنه يحسب على القوى السياسية الشيعية الداخلية وليست من القوى الطارئة التي جاءت من خارج العراق.
وعزا ذلك إلى أن محددات النظام السياسي بعد الاحتلال قامت على أساس التوافق بين المكونات العراقية، بغض النظر عن الظلم الحاصل في نسب هذه المكونات.
وكان موقع “المونيتور” الأمريكي قد فند المزاعم السائدة عن “العداء الافتراضي” بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ومراكز القرار في إيران بما فيها فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني.
وأكد علي خلخالي محرر الشؤون الإيرانية في موقع “المونيتور” أن طهران لا تزال تنظر الى مقتدى الصدر على انه حليف مفيد ويستحسن الاحتفاظ به بالرغم من انتقاداته العنيفة لاتباعها في الاطار التنسيقي في العراق.
وأشار الى أن طهران لم تتخذ أي خطوة ضد الصدر، لأنها لا تزال تعتبره حليفًا يستحق أن تحافظ عليه.
في غضون ذلك لفتت مؤسسة “فريدريخ ايبرت-ستيفتوغ” الألمانية، في تقرير نشرته مجلتها “آي بي اس جورنال” إلى أن كل من يعرف الصدر يدرك انه لا يحب ان يتم تهميشه، وان السلام السياسي والاجتماعي، ليس ممكنًا من دونه.
وقالت إن بالإمكان الافتراض أن الصدر سيعمد الى تحريك الخيوط من خلف الكواليس من اجل هندسة إفشال حكومة السوداني وليهيئ نفسه لحدوث انتخابات جديدة.
ولفت تقرير الموقع الأمريكي الى ان الموقف الإيراني من الصدر برغم ان منصات اعلامية تابعة للتيار الصدري، تعمد الى تغطية الاحتجاجات المعارضة للحكومة الايرانية بشكل واسع.
وتقدم وزارة الثقافة والإرشاد الإيرانية تعليمات الى وسائل الاعلام الايرانية تمنع توجيه أية انتقادات إلى الصدر أو مهاجمته، والامتناع عن تصويره على انه شخصية معادية لإيران.
وتدفع إيران باتجاه تواصل التيار الصدري مع أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي، وأن واحدة من أدوات نفوذها هي وحدة أتباعها في العراق وفق وصية المرشد علي خامنئي “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني عراقي آخر”.
وترى طهران أن بمقدورها استخدام أنصار الصدر، في ممارسة التخادم القائم بينها وبين الولايات المتحدة في العراق.
وطالبت وكالة “تسنيم” الناطقة باسم الحرس الإيراني، بالتفاعل مع مقتدى الصدر وتياره ومنحه المكانة خاصة في “محور المقاومة” منوهة إلى أنه يجب ألا ينسى وجود فراغ داخل الإطار التنسيقي الموالي إلى طهران.
وطالب علي رضا مجيدي المقرب من الحكومة الإيرانية، بضرورة الحفاظ على مقتدى الصدر، معتبرا إياه داعما للمقاومة.
ونقل الموقع الأمريكي عن مصدر مقرب من الحرس الثوري الإيراني قوله إنه لايزال الصدر معاديا لأمريكا ولهذا فإنه ليس من مصلحتنا أن نكون في عداء مع هكذا شخص.
وكان الكاتب الأمريكي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط مايكل روبين، قدم فيه قراءة واقعية للقارئ الغربي عن شخصية مقتدى الصدر.

مايكل روبين: ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد

وكتب روبين في مقال موسع بمجلة “ناشيونال إنترست” مع كل الذي حصل في العراق، يظل الاعتقاد بأن الصدر قد تغير مجرد هراء والتوهم بأنه يسعى إلى بناء عراق نزيه أو ليبرالي أو حتى محايد هو أيضًا هراء.
وقال “لفهم الصدر، من المهم تقدير طموحه الحقيقي. فهو يعارض ويسعى الآن إلى هدم النظام العراقي الحالي ليس لأن فساده المتأصل يضايقه، وإنما لأن الأخذ والعطاء السياسي يتعارض مع أجندته الأوسع”.
واوضح الكاتب الأمريكي الذي أصدر مجموعة كتب من بينها “الأعمدة السبعة: ما الذي يسبب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط حقًا؟” و”الرقص مع الشيطان” “لا يتعلق عداء الصدر الحالي تجاه إيران بأي خلاف أساسي مع طهران بقدر ما يتعلق بعدم رغبة الصدر في تقاسم السلطة أو الخضوع. ففي إيران، الأساس اللاهوتي لحكم المرشد الأعلى علي خامنئي مكرس في مفهوم ولاية الفقيه، بينما يطمح الصدر للقيادة مع أنه يعلم أنه لا يستطيع أبدًا اكتساب النفوذ الذي كان يمارسه والده أو آيات الله الحاليون في النجف لأنه يفتقر إلى التقوى. وحتى في إطار نظام ولاية الفقيه، قد يفرض إرادته سياسيًا وليس دينيًا.”
وأضاف روبين الذي سبق وأن زار العراق لفترات مطولة قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003، ما افتقر إليه الصدر في الفطنة والتقوى عوضه بالطموح والفساد. بالنسبة له، لم تكن النجف موقعًا دينيا، بل مصدر ربح يمكن من خلاله تجميع ثروة. لقد صور نفسه كمدافع حقيقي عن السيادة العراقية، حتى عندما باع البلاد لإيران المجاورة. وقد استخدم تكتيكات المافيا لابتزاز الأموال وتقييد الأسواق، وحشد العصابات لتخويف المنافسين. كما وجدت شعبويته أرضًا خصبة في الأحياء الفقيرة في بغداد، واكتسب قوة سياسية نافذة. حتى عندما احتقرته الحوزة، شاركه السياسيون العراقيون. ورغم اختلاف فصيلهم، كان منطقهم متشابهًا: ألهم الصدر الجماهير، لكنه لم يستطع السيطرة عليهم. وكان فصيله منقسمًا. وعن طريق تصنع الاحترام، تمكن المنافسون من إخماد غروره بينما أبعدوا مؤيديه”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى