أخبار الرافدين
طلعت رميح

العالم بانتظار الرد الأمريكي!

يعيش العالم أزمة تغيير كبرى، أزمة تهدد بحروب عديده أو بحرب كبرى وهناك من يتحدث عن احتمال حرب عالمية. وما كتبه ترامب مؤخرًا عن حرب عالمية ثالثة لا يبدو مجرد مكايدة.
الصراعات متفاقمة في مختلف مناطق العالم وقابلة للتحول إلى أزمة كبرى تتمدد من إقليم إلى آخر بفعل وجود الولايات المتحدة بقواتها العسكرية في مناطق الاشتعال وتأريخها في إشعال الحروب.
القرار الأمريكي هو الذي يحدد احتمالات التفجر إذ أجمعت الدراسات على أن الولايات المتحدة هي الخاسر والمتراجع في الصراع الدولي، ما يعمق التقدير بارتباط احتمالات اندلاع الحروب، بالقرار الأمريكي.
العالم بانتظار ماذا ستفعل الولايات المتحدة من جراء أزمة تراجعها أو كيف ستواجه من يتقدمون في مواجهتها من أقطاب دولية تعمل على إنهاء هيمنة أمريكا على العالم، وإدارتها لتحقيق مصالحها هي، على حساب مصالح الجميع.
الحرب في أوكرانيا رافعة تغيير. يحاول الروس من خلالها تمديد جغرافيتهم وحسم السيطرة على بحر آزوف، وتغيير توازن القوى في البحر الأسود، وإنهاء وجود أوكرانيا وجعل ما يتبقى منها بعد ضم شرقها، خاضعًا لشروطهم. والطرف المقابل لروسيا في تلك الحرب، هو الولايات المتحدة التي تريد استنزاف روسيا وإضعاف أوروبا معًا.
وحتى الآن، لم تتراجع روسيا عن أهدافها، فيما أوروبا تبدي ملامح تمرد على السطوة الأمريكية وتظهر حالة اقتراب من الصين المنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة. بدا الأمر جليًا في زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس للصين، وتأكد خلال زيارة ماكرون لها، خاصة الإعلان عن تولي الصين بناء شبكات الجيل الخامس في فرنسا الذي تناصبه الولايات المتحدة العداء وتحاربه في كل مكان. وكذا بعد حديث ماكرون السلبي عن الدولار.
الجميع يقر بأن مصير الحرب بيد الولايات المتحدة. وهناك اشتباك استراتيجي في محيط الصين، عنوانه تايوان وبحر الصين الجنوبي.
الصين تحاول استعاده السيطرة على تايوان وتأمين السيطرة على بحر الصين الجنوبي، والولايات المتحدة تهددها بالحرب.
في أزمة تايوان تجري مناورات حربية صينية متوالية للتدرب على محاصرة الجزيرة واقتحامها والسيطرة عليها. وفي بحر الصين الجنوبي تقيم الصين قواعد عسكرية على جزر صناعية تبنيها، بما يمكنها من السيطرة على هذا البحر. وفي المقابل تحشد الولايات المتحدة قواتها –التي تسحبها من مناطق كثيرة في العالم- وتزداد احتكاكاتها يومًا بعد يوم، مع القوات الصينية، خاصة بعدما فتحت الفلبين أبواب جغرافيتها لإقامة قواعد عسكرية أمريكية في هذا البحر وغير بعيد تلوح كوريا الشمالية بسلاحها النووي يومًا بعد يوم، في مواجهة المناورات العسكرية الأمريكية مع القوات اليابانية والكورية الجنوبية. وتغير اليابان من عقيدة جيشها، لتعتبر الصين مهددًا أخطر عليها. وتقيم مكتب تواصل مع حلف الأطلنطي بما يفتح أبواب الصراع على مصاريعها، على الأقل لأن روسيا ستنظر للقرار بكونه محاولة حصار من قوات الناتو لها، غربًا وشرقًا.
تحت عنوان ردع الصين، تشكل الولايات المتحدة تحالفات عسكرية لتضم قوات الهند وأستراليا واليابان وبريطانيا، للقوات الأمريكية في مواجهة الصين. ولكل ذلك، يرى الجميع أن قرار إشعال الحرب في تلك المنطقة، بيد الولايات المتحدة.
وفي الشرق الأوسط لا يبقى حجر على حجر. الأزمات تعم دول المنطقة من داخلها وبأيد خارجية، ولم يعد حتى الكيان الصهيوني مستثنى من ذلك، إذ ظهر مؤخرًا من تسريبات البنتاغون، أن لأمريكا دورًا في التظاهرات الجارية ضد نتنياهو.
كل الأزمات الداخلية في المنطقة تعود للتدخلات الخارجية، وكلها مرتهنة للقرار الأمريكي.
في العراق تجري الحرب التي لم تتوقف يومًا منذ عام 2003 بقرار أمريكي. والحرب في سوريا وعليها بين قوى دولية وإقليمية، مرهونة بالوجود العسكري والقرار الأمريكي أيضا.
ولبنان الذي طالما مارس هوايته في العيش دون رئيس على وقع تأثيرات الصراعات الإقليمية والدولية بات مرتهنًا أكثر للقرار الأمريكي بعد تراجع الدور الفرنسي. وحتى تركيا التي مثلت عنوانًا للاستقرار والنمو والاستقلال وتكثيف عوامل القوة، صارت واقفة على حد السيف مع الولايات المتحدة، بفعل دعم الأخيرة للمعارضة التي تسعى لإعادة التبعية، وللجماعات التي تعتبرها تركيا إرهابية. وقد أظهرت تركيا نفاد صبرها من الدور الأمريكي المتآمر، ووصلت حد قصف أحد قادة المجموعات الإرهابية بعد دقائق من لقائه عناصر المخابرات الأمريكية.
كما تسود تخوفات في الشرق الأوسط من احتمال تمدد الحرب الأوكرانية، بعدما حشدت روسيا والولايات قوات بحرية استراتيجية، في مواجهة بعضهما البعض في البحرين الأبيض والأحمر.
وعلى الصعيد الاقتصادي تلقت الولايات المتحدة ضربة جديدة. إذ أظهرت إحصاءات جديدة تفوق معدل الدخل القومي لدول بريكس الخمس، على نظيرتها من الدول التي تقودها الولايات المتحدة تحت مسمى السبع الكبرى. كما تنامت ملامح تحالف دول بريكس عسكريًا، كما ظهر في المناورات العسكرية الأخيرة في جنوب إفريقيا. والأخطر هو تعدد طلبات الانضمام إليها من دول وازنة –كانت إلى جانب أمريكا- بما يزيد قوة وتأثير دول بريكس.
ولذلك فالعالم كله بانتظار الرد الأمريكي!

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى