أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

معهد المجلس الأطلسي: مرجعية السيستاني دولة كاملة الأركان الاقتصادية والسياسية والميليشاوية

تدير مرجعية النجف ممتلكات اقتصادية ومشاريع تجارية وميليشيات وأضرحة وعتبات وفنادق وعقارات ومستشفيات خاصة وجامعات ومصانع وبساتين تتمتع بقوة وموارد لا تضاهى.

بغداد- الرافدين
وصفت دراسة نشرها معهد “المجلس الأطلسي” الأمريكي، مرجعية النجف بزعامة علي السيستاني بأنها “دولة” طائفية كاملة الأركان الاقتصادية والسياسية والميليشياوية وتتمتع باستقلالية عن كل ما يتعلق بالدولة العراقية.
وأكدت الدراسة التي كتبها الباحث المختص بشؤون المرجعية مهيار كاظم بأن التغيرات التي شهدتها سلطات مرجعية النجف منذ عام 2003 تفوق ما شهده العراق منذ الاحتلال الأمريكي، وباتت تتمتع بقوة وموارد لا مثيل لها.
وزعمت الدراسة أن مرجعية النجف بسلطاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، صارت بمثابة “البديل الثقافي” الذي يواجه الفكر الغربي، مشبهًا إياها بـ “فاتيكان الشيعة”.
وتدير مرجعية النجف ممتلكات اقتصادية ومشاريع تجارية وأضرحة وعتبات تتمتع بقوة وموارد لا تضاهى، وأنه منذ العام 2003، لم تشهد أي جهة تغييرًا في سلطتها ونفوذها أكثر من السلطات الطائفية في العراق.
وتتحكم مرجعية السيستاني في استثمارات مرتبطة بالفنادق والعقارات والمستشفيات الخاصة والجامعات والمصانع والبساتين، بالإضافة لمطاري كربلاء والنجف وعوائد السياحة الدينية المتمثلة بالعتبات في كربلاء والنجف.
والعتبة الحسينية مؤسسة طائفية مرتبطة بمرجعية السيستاني ويتولى إدارة أموالها عبد المهدي الكربلائي الذي يجمع عراقيون على وصفه بأنه “أغنى رجل أعمال في العراق”.
وتمتلك مرجعية السيستاني سلطة عسكرية تسمّى حشد المرجعية، أو حشد العتبات المكون من فرقة “الإمام علي القتالية” وفرقة “العباس القتالية” ولواء “علي الأكبر” ولواء “أنصار المرجعية”. وتضم حوالي عشرين ألف عنصر ترفع شعار “حاضنة الفتوى وبناة الدولة”. في إشارة إلى سطوتها السياسية والاقتصادية.
وكشفت مرجعية النجف بعد عشرين عامًا من الاحتلال الأمريكي للعراق بأنها حققت هدفها الذي عملت عليه عندما تواطأت مع القوات المحتلة ومررت الدستور الذي يوصف اليوم بـ “المسخ” ودفعت للحكم بأحزاب طائفية وشخصيات سياسية فاسدة، الأمر الذي جعل العراق يتبوأ مراتب متقدمة في مؤشرات الفساد.
واتخذت المرجعية مواقف صنعت رصيد النظام القائم على المستوى الشعبي. عندما دعت إلى عدم مقاومة الاحتلال الأمريكي، كما أنها حثّت أتباعها على التصويت على الدستور الجديد وبعده الانتخابات التشريعية. كما أن الحرب الأهلية ما كان لها أن تقع لولا غطاء المرجعية. يومها حرض السيستاني أتباعه على الانتقام للإماميْن اللذين تم تفجير ضريحيهما في سامراء.
وتساءل الكاتب كرم نعمة عما إذا كانت المرجعية تستطيع تبرئة نفسها مما حدث منذ 2003، من القتل على الهوية والتهجير وإلغاء مفهوم الدولة الوطنية وحكم لصوص الدولة والتشريع للفساد؟
وذكر تقرير “المجلس الأطلسي” الأمريكي أن اقتصادًا سياسيًا جديدا ظهر، وهو يستند على مجموعة واسعة من المؤسسات المرتبطة بطبقة رجال الطائفة وهو بمثابة “كيان حكومي داخل العراق”.
واستولت مرجعية النجف على مواقع ثقافية وتاريخية ومساجد عائدة للسنة وأدرجتها ضمن املاكها في سياسة “الاستملاك الطائفي لماضي العراق”.
ولفت التقرير إلى التوسع والسيطرة على الأراضي والمواقع الثقافية والدينية، وأنه مع مرور الوقت، سيؤثر توسع الاضرحة بشكل كبير على البيئة الحضرية والجغرافية المحيطة بها.
وأضاف أن مؤسسات المرجعية راحت تكتشف مع زيادة بروزها الطائفي والسياسي وتوسعها، أن لديها طموحات في التأثير الثقافي وقلب هوية العراقيين وفق منهجها.
وأوضح التقرير أن الأضرحة الرئيسية الخمسة في كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء، يتمتع كل منها بهيكل إداري لا مركزي، الأمر الذي يدر موارد مالية هائلة تذهب الى المرجعية من دون تدخل أي جهة حكومية.
وقال إن تمركز مؤسسات المرجعية كلاعب في مجال التراث الثقافي قد يؤدي الى تغيير الهوية الثقافي الجامعة في العراق بشكل كامل وحصرها في فكر طائفي وتاريخي ضيق.
وذكر انه “سواء كانت هذه المؤسسات الطائفية، ستساهم في تغيير العراق، إلا أن عملها قد يؤدي بدرجة كبيرة الى صعود (فاتيكان شيعي)، أو على الأقل سيؤثر في المساحة التي يتم فيها تشكيل هويات العراق ومستقبله”.
غير ان غالبية المراقبين السياسيين يرون أن مرجعية النجف لعبت دورا في وصول العراق إلى أن يكون بين أفسد وأفشل الدول على مستوى العالم.

كرم نعمة: ثروة المرجعية المالية ليس من أجل فقراء العراق، مع أنها تستحصل في معظمها من أموال العراقيين

وقال الكاتب السياسي فاروق يوسف “كانت مواقف المرجعية في الكثير من اللحظات الحرجة التي مر بها العراق بعد الاحتلال الأمريكي تستدعي الشعور بالفجيعة. وكما أرى فإن تلك المواقف هي التي قادت العراق إلى الحالة الرثة والكئيبة التي انتهى إليها”.
وأضاف “لعبت المرجعية دورًا خطيرًا في تدمير العراق وتمزيق وحدة نسيجه الاجتماعي. وهو ما استفاد منه السياسيون الطائفيون، فصاروا يزيّنون عمليات فسادهم بشعارات دينية ذات منحى طائفي مكشوف”.
وعبر يوسف عن اعتقاده بأن المرجعية فعلت الأسوأ في تاريخها حين دفعت بأتباعها إلى انتخاب مرشحي الحشد الشعبي أعضاء في مجلس النواب، ثم الدفع بهم للاستيلاء على السلطة.
وكتب “المرجعية التي اخترعت الحشد الشعبي تنفيذًا لأوامر إيرانية لا بد أن تكمل دورها من خلال تهيئة الشعب للقبول بفكرة أن يتولى زعماء الحشد السلطة من خلال إضفاء شيء من الشرعية على وجودهم المستحدث داخل التركيبة السياسية الحاكمة”.
لكن، يكتب كرم نعمة، حيال سؤال صار يتردد في العراق منذ عام 2003: من أضفى على السيستاني شرعية سياسية؟ لا تأتي أي إجابة، إن لم يصادر حق السائل في السؤال وتصفيته من قبل المتشددين.
وأضاف “المرجعية موجودة منذ عقود في العراق، وتحديدا في مدينة النجف، وكانت تدير شأنها الفقهي والتشريعي والدراسي وتقبل أموال الزكاة والتبرعات من خارج العراق. لم تصبح دولة بتلك القوة المالية والسياسية إلا بعد عام 2003”.
وكتب كرم نعمة في دراسة بعنوان “مرة أخرى عن سلطة الكهنوت السياسية” ” السيستاني، رجل خارج التاريخ، زاهد بالحياة لا يغادر منزله المتواضع في النجف إلا نادرا، ولا يقابل السياسيين، لا يتكلم. لا يظهر على شاشات التلفزيون، ولا توجد أي معلومة تؤكد أنه يشاهد التلفزيون أصلا! لكن كل هذا الزهد والتواضع الذي لا يمكن لأي متابع موضوعي التشكيك به. يمكنه أن (يحكم) بطريقة أو بأخرى السياسة العراقية. وأن ثروة المرجعية المالية التي يقف على رأسها رجل زاهد، ليست من أجل فقراء العراق، مع أنها تستحصل في معظمها من أموال العراقيين”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى