أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

جهات عراقية متورطة في أكبر عمليات غسيل أموال قذرة يديرها حزب الله اللبناني

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يفتح خلال اتصال هاتفي بمحمد شياع السوداني عمليات غسيل الأموال المتعلقة بتمويل حزب الله اللبناني وعلاقة جهات عراقية على صلة بالحكومة الحالية.

بغداد- الرافدين
قال مصدران عراقيان إن شخصيات سياسية وحزبية وزعماء ميليشيات متنفذة في حكومة الإطار التنسيقي متورطة في عملية غسيل الأموال التي يقوم بها حزب الله اللبناني عن طريق استخدام القطع الأثرية واللقى والمتاجرة بالقطع الفنية والألماس.
وتوقع المصدران في أحاديث منفصلة لقناة “الرافدين” أن تكشف التحقيقات الجارية في القضاء الأمريكي علاقة الأطراف العراقية بأكبر عمليات غسيل أموال يقوم بها حزب الله عبر تاجر التحف الفنّية اللبناني ناظم أحمد الذي تعتبره الولايات المتّحدة مموّلًا لحزب الله.
وأعلنت الإدارة الأمريكية الثلاثاء أنّها فرضت عقوبات على شبكة لتبييض الأموال والالتفاف على العقوبات، ساعدت رجل الأعمال اللبناني وجامع التحف والألماس ناظم أحمد في تمويل حزب الله.
وأحمد، خاضع لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية منذ 2019 ويوصف بأنّه تاجر ألماس “ضالع في تجارة ألماس الدماء”، في إشارة إلى الألماس الذي ينتج في مناطق تشهد اضطرابات ويستخدم لتمويل حروب أو نزاعات مسلّحة.
وأشارت الخزانة الأمريكية إلى أنّها تشتبه هذه المرة بضلوع أكثر من خمسين جهة، بين أفراد وشركات، في مساعدة أحمد على الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وأوضحت الوزارة أنّها فرضت على هذه الجهات عقوبات تشمل خصوصًا تجميد أصولها في الولايات المتّحدة ومنع أيّ شركة أمريكية أو مواطن أمريكي من التعامل معها تحت طائلة الخضوع بدورهم للعقوبات.
وقالت وزارة العدل الأمريكية في بيان “إن أحمد كان مكلفًا من جانب حزب الله بإدارة الأموال وتخليص صفقات، وكان يعتقد أن علاقته مع التنظيم اللبناني بعيدة عن الأنظار”.
ورجح مصدر أمني عراقي أن يكون وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قد تناول عمليات غسيل الأموال المتعلقة بتمويل حزب الله اللبناني وعلاقة جهات عراقية على صلة بالحكومة الحالية خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع محمد شياع السوداني يوم الثلاثاء.
وقال المصدر، “نتحدث هنا عن دور جهات عراقية معروفة في أكبر عمليات غسيل أموال لحزب الله اللبناني تصل إلى أكثر 15 مليار دولار كانت تمر عبر النظام المصرفي العراقي قبل فرض البنك الفيدرالي الأمريكي رقابة صارمة على التحويلات المالية القادمة من العراق”.
وأضاف، أن الجهات العراقية المتنفذة متورطة أيضًا في عملية المتاجرة بقطع أثرية عراقية سوقها التاجر اللبناني ناظم أحمد.
وأكد مصدر ثاني يدير قاعة فنية مشهورة وسط العاصمة بغداد، على أن تجارة القطع الأثرية ازدهرت في العراق منذ سنوات بعد أن شح المال على جهات متنفذة في الأحزاب والميليشيات بعد انتهاء المعارك في الموصل.
وقال إن أقرب وأسهل الطرق بالنسبة لهذه الجهات هو حزب الله اللبناني، مشيرًا إلى عملية احتيال مالي كشف عنها في نوفمبر من العام 2022 بمليارات الدولارات من مصرف الرافدين العراقي فرع بيروت، وتحويلها إلى بنوك لبنانية أفلست كتعويض عن أرصدة عراقية كانت مودعة باسم كبار المسؤولين وقادة الميليشيات في العراق.
وكان كبار قادة الميليشيات الولائية قد فتحوا حسابات مالية بالدولار في مصارف لبنانية مقربة من حزب الله اللبناني بغية تمرير صفقات وتحويل أموال عراقية إلى إيران.
ولم يكشف المصدران اسم الجهات العراقية المتورطة في عملية غسيل الأموال، إلا أن وزارة العدل الأمريكية أكدت أن الشبكة تشمل لبنان وعشرات الدول من بينها الإمارات وبلجيكا والمملكة المتحدة. حيث يملك زعماء ميليشيات وأحزاب عراقية حسابات مصرفية ومشاريع تجارية وعقارات في هذه الدول.
وأعلنت وزارة العدل الأمريكية أنها بدأت ملاحقة أحمد بتهمة الالتفاف على العقوبات، إذ أنه أجرى بحسب تقديرات الوزارة بين العامين 2020 و2022 تحويلات مالية تخطّت قيمتها 400 مليون دولار، بينها 160 مليونًا “عبر النظام المصرفي الأمريكي”.
ويشمل ذلك شراء تحف فنية من معارض في شيكاغو ولوس أنجلس ومن فنان في نيويورك.
والملاحقات تطال أيضا ثمانية أشخاص آخرين أوقِف أحدهم الثلاثاء في المملكة المتحدة بطلب الولايات المتحدة.
والشبكة التي تم كشفها ترمي إلى تأمين تمويل لحزب الله، عبر شراء أحجار كريمة وتحف فنّية ومنتجات فاخرة، بما يتيح تبييض أموال كانت خاضعة لعقوبات.
ونقل بيان عن مساعد وزيرة الخزانة المكلّف شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية براين نيلسون قوله إنّ “الأشخاص المتورّطين استخدموا شركات كواجهة لممارسات احتيالية بغية إخفاء ضلوع ناظم سعيد أحمد في هذه التحويلات المالية”.
وأضاف “يتعيّن على الفاعلين في سوق المنتجات الفاخرة أن يكونوا يقظين، خصوصًا إزاء هذه التكتيكات المحتملة التي تتيح تمويل الإرهاب وتبييض الأموال والالتفاف على العقوبات”.
وأوضحت وزارة الخزانة أنّ هذه المجموعة من العقوبات أُقرّت بالتنسيق مع المملكة المتحدة.
من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية رصد مكافأة مالية تصل إلى عشرة ملايين دولار لكل من يدلي بمعلومة تتعلّق بآليات تمويل حزب الله “بما في ذلك تلك المتعلّقة بناظم أحمد، إلى جانب ثمانية متهمين آخرين من بينهم ابنه وابنته”.
وجاءت الخطوة الأمريكية بعيد إعلان الحكومة البريطانية تجميد أصول أحمد في المملكة المتحدة حيث يقتني مجموعة كبيرة من التحف الفنية ويقيم علاقات تجارية مع عدد كبير من الفنانين والمعارض الفنية ودور المزادات.
وناظم أحمد تاجر الألماس والفنون اللبناني سبق وأن زار العراق أكثر من مرة ويرتبط بعلاقات مع زعماء أحزاب وميليشيات ووزراء في الحكومات المتعاقبة.
وظهر أحمد على غلاف المجلات بأنه يمتلك في بيروت واحدًا من أجمل منازل العالم، استضاف به شخصيات سياسية وزعماء أحزاب من العراق وإيران ودول أخرى.
وقال كبير المراسلين في صحيفة الغارديان دانيل بوفي، إن ناظم أحمد، الذي تعتبره الولايات المتحدة الممول المالي الشخصي للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، يُشتبه في قيامه بغسل أموال قذرة يمتلكها حزب الله، لذلك تم استهدافه في إطار إجراءات مكافحة الإرهاب في بريطانيا.
ووصف إعلانُ وزارة الخزانة البريطانية عن العقوبات، المتهم أحمد بأنه ممول مشتبه فيه لحزب الله اللبناني أحد أدوات إيران والمصنفة في بريطانيا جماعةً إرهابية منذ 2019.
وبحسب بيان الوزارة فإن أحمد، الذي لديه 172 ألف متابع على انستغرام، يمتلك مجموعة فنية كبيرة في بريطانيا ومعروف جيدًا في مجتمع الفن البريطاني، وبالتالي تم تجميد جميع أصوله في بريطانيا ومنها ما توصف بمجموعته الفنية الهامة، كما مُنع الفنانون البريطانيون والمعارض ودور المزادات من التعامل معه أو مع ست شركات محددة، بما في ذلك معرضه الفني في بيروت الذي تديره ابنته هند.
واتهم أحمد باستخدام الفن لغسل الأموال لأغراض الإرهاب. من خلال شراء وبيع قطع عالية القيمة لإخفاء أصول الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة.
وبلغت قيمة سوق الآثار والفنون والممتلكات الثقافية العالمية 65.1 مليار دولار في عام 2021، وفقا لفريق العمل المالي، وهي هيئة حكومية دولية لمراقبة غسل الأموال أصدرت تقريرًا في شباط لتقديم المشورة بشأن أفضل الممارسات التنظيمية.
وفي عام 2019، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أحمد واثنين آخرين، ووصفته بأنه الممول الشخصي للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وقالوا إن أحمد كان يعتبر مانحًا ماليًا رئيسيًا لحزب الله منذ عام 2016.
واعتمد المتهم وشركاؤه منذ عام 2019 على شبكة معقدة من الكيانات التجارية للحصول على أعمال فنية قيّمة من الفنانين والمعارض الفنية في الولايات المتحدة، وتأمين خدمات تصنيف الألماس في الولايات المتحدة، وكل ذلك مع إخفاء تورط أحمد.

ناظم أحمد تاجر الألماس والفنون اللبناني سبق وأن زار العراق أكثر من مرة ويرتبط بعلاقات مع زعماء أحزاب وميليشيات ووزراء في الحكومات المتعاقبة
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى