أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الإطار التنسيقي يتنصل عن تعهده بتمرير قانون العفو العام

حكومة محمد شياع السوداني تحث الخطى لتصفية جماعية للمعتقلين عبر تنشيط ملف الإعدامات ونكث تعهدها بتمرير قانون العفو العام.

بغداد – الرافدين

استهجن مجموعة من ذوي المعتقلين في السجون الحكومية تنصل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني عن وعودها بإقرار قانون العفو العام بعد تداول أنباء عن عزمها إقرار القانون خلال عيد الفطر المبارك الذي مضى دون أن يبصر هذا القانون النور نتيجة خضوعه للمزايدات السياسية.
ووجهت عائلات المعتقلين الدعوة للتظاهر يوم الجمعة الموافق الثامن والعشرين من شهر نيسان الجاري في ساحة التحرير للضغط على الحكومة للاستماع لمطالبهم وتمرير القانون الذي تحول إلى ضرورة ملحة جراء الظلم الواقع على أبنائهم.
ويشكل إقرار قانون العفو العام أحد بنود الاتفاق السياسي الذي تم التوصل إليه بين الكتل السياسية المنضوية في تحالف إدارة الدولة الذي انبثقت عنه حكومة الإطار التنسيقي، والذي تم بموجبه تسهيل تشكيل الحكومة، بعد أزمة سياسية تجاوزت العام.
وعلى الرغم من مضي نحو سبعة أشهر على عمر الحكومة إلا أن العفو العام ما زال محل جدل بين الكتل السياسية لاسيما تلك المكونة لتحالف إدارة الدولة، بسبب الخلاف على الفئات المشمولة بالقانون لغاية الآن.
وفي محاولة لتبييض وجه الحكومة بعد تسويف قضية العفو العام أعلن وزير العدل الحالي خالد شواني الأسبوع الماضي عن تشكيل لجنة لإعداد القانون، الذي قال إنه “سيكون إنجازًا لجميع الكتل السياسية المنضوية داخل ائتلاف إدارة الدولة”.

دعوات للتظاهر في ساحة التحرير للضغط على حكومة الإطار لتمرير قانون العفو العام

وحاولت قوى وتحالفات مشاركة بالحكم استغلال قضية السجناء لتحقيق مصالح حزبية، حيث اشترطت إنجاز تعديل قانون العفو العام الذي أقر في 2016 ولم ينفذ، مقابل دعم حكومة السوداني، ومن هذه القوى تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر الذي اشترط على الإطار التنسيقي دعم قانون العفو، مقابل دعمه للحكومة التي يشكلها الإطار وفقًا لمصادر من داخل التحالف.
ويرى النائب عن تحالف السيادة، فهد الراشد، إن “هناك اتفاقًا سياسيًا على مستوى تحالف إدارة الدولة حول تمرير قانون العفو العام، وبخلاف ذلك أعتقد أن العملية السياسية وتحالف إدارة الدولة مهدد بالتفكك”.
وقال إن “قانون العفو العام من ضمن أهم أوراق التفاوض لدى تحالف السيادة، إلى جانب قضية المغيبين والمساءلة والعدالة وتعويض المناطق المحررة والتوازن السياسي على الأصعدة كافة”.
وأشارت النائبة عائشة المساري، إلى “وجود بعض الشخصيات المعترضة على القانون، لأن لديها مخاوف من أنه سيشمل المتّهَمين بالإرهاب”.
وقالت إن “الأبرياء الذين ظُلموا عن طريق المخبر السري والوشايات والمحاكم الكيدية، ستعاد محاكمتهم مرّة أخرى، وستكون محاكمة كلّ معتقَل في محافظته”.
وطالبت المساري النائبة عن “تحالف السيادة” رئيس الوزراء الحالي بالإسراع في تمرير القانون كونه “من ضمن المنهاج الحكومي الذي وقّع عليه قبيل تشكيل حكومته التي وعدتهم بإدراج العفو العام على خشبة التصويت بعد إقرار الموازنة”.
ويشير مراقبون إلى أن هناك إرادة سياسية وخاصة من قبل الإطار التنسيقي الموالي لإيران لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقًا للأطراف الأخرى في تحالف إدارة الدولة لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة.
وتعقيبًا على ذلك قال الباحث في مركز “رامان” للبحوث والاستشارات، شاهو القره داغي، أن “تنفيذ قانون العفو يعني ببساطة الاعتراف بتبني إجراءات طائفية وتصرفات غير قانونية سابقًا، وملء السجون بالأبرياء نتيجة المُخبر السري والتهم الكيدية أو لأغراض انتقامية وتصفية حسابات وإدانة الكثير من الأطراف التي ساهمت في هذا الأمر”.
وأضاف أن “أطراف الإطار التنسيقي لا تستطيع تجاوز الماضي، أو تبني سياسات مختلفة، ولازالت تتمسك ببعض السياسات والتصورات التي ساهمت في حدوث أزمات سياسية واجتماعية يعاني منها العراق حتى الآن، وأن عرقلة هذا القانون قد يؤثّر على الاتفاقات السياسية التي ساهمت في تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي التأثير على حكومة السوداني بصورة مباشرة”.
وعد الناشط السياسي أحمد حقي، “تنصل تحالف الإطار التنسيقي من وعوده للقوى السُّنية والكردية خطوة تنذر بأزمة سياسية جديدة في البلاد وأن الحكومة الحالية تشكلت على أساس تفاهمات ووعود، وما يجري تسريبه من أروقة الإطار التنسيقي، يشي بأنه قرر النكث بكثير من وعوده”.
وحذر من أن ذلك سينهي آخر مؤشرات الثقة بين القوى السياسية، والعودة إلى أزمة وجود ضامن حقيقي لتنفيذ الاتفاقات التي يجري التوصل إليها بين القوى الرئيسة بالبلاد”.
ومن وجهة نظر قانونية متفائلة، يبيّن الخبير القانوني، حيان الخياط، أن العفو العام قانون كان يَصدر كلّ 8 سنوات تقريبًا، ولذا، من المحتمل أن يَصدر قانون مماثل قريبًا.
وقال “بعيدًا عن الجانب السياسي، فإن العفو العام يعني البدء بصفحة جديدة مع أفراد المجتمع، على أن توضع وسائل كفيلة بإدماج المعفوّ عنهم في المجتمع من جديد”.
بدوره يؤكد الخبير القانوني، علي التميمي على أن “القوانين الوضعية المهمة تكفّلت بالعفو العام كقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالمواد 150 و153، وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 بالمواد 300 و 301 و 304 و 305” وأن ما يدعو ويحفز للعفو كمنطلق إسلامي قوله تعالى ((فاعف عنهم وأصفح)) “المائدة 13″، وقوله تعالى ((فإن الله كان عفوا قديرا)) “النساء 149”.
ويبيّن التميمي أنه “في عام 2008 صدر قانون العفو رقم 19، وصدر قانون العفو الآخر عام 2016 رقم 27، الذي كان شاملًا إلا من بعض الاستثناءات، وهنا يتوجب على الحكومة إقرار قانون العفو كون العراق حالة استثنائية وهناك مخاوف من تشرد عائلات المحكومين وتعرض نسائهم لخطر المجتمع”.
وخلال السنوات السبع التي مرت على إقرار القانون، أعيد طرحه في البرلمان عدة مرات وعدلت بعض فقراته، الأمر الذي أفرغه من محتواه الذي شرع من أجله وفقًا لخبراء قانونيين.
ففي التعديل الأول الذي اجري في تشرين الثاني من عام 2017، دفعت القوى السياسية التي تلتئم اليوم ضمن الإطار التنسيقي تجاه إجراء تعديل يؤدي لاستثناء جميع من أدينوا وفقًا لللمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب سيئة الصيت من العفو.

الإطار التنسيقي يدعو رئيس الجمهورية الحالي للمصادقة على تصفية المعتقلين وتنشيط أحكام الإعدام

وكانت العديد من المراكز الحقوقية والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، قد انتقدت قانون مكافحة الإرهاب، بما فيها مفوضية حقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة، ومنظمة العفو الدولية، التي احتجت على “الاستخدام المفرط لهذا القانون من أجل الانتقام الشخصي”.
وعلى الرغم من المطالبات الدولية والمحلية المتكررة، بتحقيق العدالة في المحاكمات، والابتعاد عن إسلوب الانتقام وتفعيل العامل الطائفي في التعامل مع المعتقلين، مازالت أطراف الإطار التنسيقي والجهات المساندة له، تستخدم الأساليب المدانة ذاتها، بعد توجيه الإطار التنسيقي الدعوة لرئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف رشيد، للمصادقة على تنفيذ أحكام الإعدام بحق أكثر من 7 آلاف معتقل، موزعين على 7 سجون مؤخرًا.
وجاء الموقف الأخير للإطار ضمن بيان أصدره في أعقاب اجتماع لقادته، خلافًا لتعهده في المفاوضات التي جرت أبان تشكيل الحكومة، بمراجعة مواقفها من قضية المسجونين استنادًا لدعوى المخبر السري، وإعادة النظر بالأحكام الصادرة وفقًا لاعترافات انتزعت تحت التعذيب، وملف النازحين، فضلًا عن العفو العام.
وشهدت البلاد بعد 2003 زج آلاف العراقيين داخل السجون، بسبب التهم الكيدية أو ما يعرف بالمخبر السري واندرجت غالبية تلك القضايا التي أثيرت ضدهم في إطار العداوات الشخصية والتصفيات السياسية والطائفية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون وانتزاع اعترافات تحت وطأة التعذيب.
وتؤكد التقارير المحلية والدولية، على أن انتهاك حقوق الإنسان في تلك السجون بات سلوكًا ممنهجًا، بالوقت الذي تكرس فيه السلطات ظاهرة الإفلات من العقاب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى