أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

السوداني يعترف ضمنيًا بفشل حكومته ويعد بإجراء تعديل وزاري

تنامي حدة الصراع داخل ما يعرف بتحالف إدارة الدولة عقب عزم السوداني إجراء تعديل وزاري قد يطيح بشخصيات تتحفظ عليها واشنطن.

بغداد – الرافدين

عد مراقبون توجه حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لإجراء تعديل وزاري على التشكيلة الحالية اعترافًا ضمنيًا بفشل الحكومة بالوفاء بتعهداتها التي قطعتها قبل نحو سبعة أشهر فضلًا عن حجم الخلافات بين الفرقاء داخل تحالف إدارة الدولة الذي انبثقت عنه الحكومة.
وعلى الرغم من تراجع السوداني عن الموعد الذي حدده مسبقًا والذي كان من المفترض أن يجري مع نهاية شهر نيسان الحالي إلا أنه أكد مجددًا عزمه إجراء هذا التعديل في تصريحات جديدة أدلى بها في لقاء تليفزيوني.
وكان السوداني قد أعلن منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر، ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي، والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته، إذ تم تشكيل لجنة لتقييم الأداء، مؤكدًا أنه ستكون هناك تغييرات لكل من يثبت عليه خلل إداري أو فساد.
وذكر رئيس الوزراء الحالي الذي يرأس الحكومة التاسعة للاحتلال أن “بعض الشركاء (الكتل السياسية) تعتقد أن الشراكة تعني أن رئيس الوزراء لا يتخذ قرارًا وفق صلاحياته إلا بمشورة ومشاركة القوى السياسية الموجودة في الائتلاف، وهذا غير صحيح، لأن هناك صلاحيات حصرية والحفاظ عليها جزء من الإصلاح السياسي”.
وكشفت مصادر مطلعة، عن عزم رئيس الحكومة إجراء تغييرات وزارية تشمل ستة وزراء ممن لم ينجحوا في أداء مهام موكلة لهم ضمن البرنامج الحكومي، وذلك بالاتفاق مع الكيانات السياسية والأحزاب المشاركة بالحكومة.
ومن المرجح ان تصل قائمة التعديل إلى عشرة وزراء من بينهم وزراء تابعين لدولة القانون بزعامة نوري المالكي، مثل وزير النفط حيان عبد الغني.
وعلى الرغم من أن التسريبات تتحدث عن وزراء خدمة سيشملهم التغيير بسبب “سوء الأداء”، لكن المواجهة الكبرى التي يخوضها السوداني وفقًا لمصادر مطلعة ستكون مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، والذي يوصف بكونه رجل الظل والمحرك الرئيس للحكومة الحالية بشأن استبدال وزيري النفط والداخلية.
ويحاول السوداني تغيير وزير النفط، المنتمي لائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، وفقًا لذات المصادر مقابل إصرار من قبل المالكي على تغيير وزير الداخلية الذي رشحه السوداني للمنصب، حين تشكلت الحكومة نهاية العام الماضي.
وكان وزير النفط الحالي حيان عبد الغني قد هدد في وقت سابق، بالاستقالة بسبب ما قيل آنذاك بإن الوزير منزعج من تدخل ميليشيا العصائب المتهمة بتفكيك وسرقة مصفى بيجي في عمل الوزارة.
ويقول مصدر مقرب من الإطار التنسيقي “إذا عاند السوداني في تغيير الوزراء ولم يتفق مع الأحزاب فسوف يتعرض هو الى التغيير”.
ويضيف المصدر أن “أطرافًا داخل الإطار التنسيقي ترى أن السوداني هو جزء من معادلة المحاصصة ويجب أن يشمله التغيير إذا قرر ذلك”.
بدوره يصف الباحث السياسي نذير البياتي التعديل الحكومي المرتقب الذي يجري الحديث عنه بـ”المغامرة الخطيرة” بالنسبة إلى حكومة السوداني.
وبين البياتي أن الاقتراب من حصص الكتل والأحزاب في “غنيمة المحاصصة” سيعجل بحدوث الشرخ المتوقع بين السوداني وبينهم، ورأى أن أصدقاء اليوم سيتحولون إلى خصوم، في معركة الخاسر فيها من ليست له كتلة سياسية تحميه.

ترجيحات بممارسة السفيرة الأمريكية ضغطًا على السوداني لإجراء تعديل وزاري يشمل شخصيات ميليشياوية

في المقابل ترجح وسائل إعلام محلية وجود ضغوط تقف خلف إجراء التغييرات المحتملة، التي ستطال كذلك وزير التعليم العالي الحالي نعيم العبودي (القيادي في ميليشيا العصائب) ووزير العمل أحمد الأسدي (زعيم ميليشيا جند الإمام) كونهما غير مقبولين من المجتمع الدولي، وخصوصًا واشنطن.
وتعقيبًا على هذه المعلومات المتداولة يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور عصام الفيلي، إن “بعض الأسماء عليها اعتراض من الإدارة الأمريكية 100 بالمائة، وهي تعطّل موضوع التعاون مع العراق في مجالات حيوية جدًا، وبالتالي فإن من المحتمل تغييرهم”.
ولا يستبعد الفيلي أن “يكون السوداني قد تسلم رسائل من الولايات المتحدة بخصوص أشخاص غير مرغوب فيهم متواجدين ضمن حكومته، وذلك من خلال لقائه مع عدد من المسؤولين الأمريكيين، فهو في لقاءات دورية مع سفيرة واشنطن ببغداد ألينا رومانوسكي”.
وكانت أنباء قد تداولت في وقت سابق، عن أن جزءًا من القيود المفروضة على العراق حول حركة الدولار تتعلق بعقوبات على شخصيات عراقية مشاركة بالحكومة.
وبحسب قوانين الخزانة الأمريكية التي فرضت تلك العقوبات، فإنها لا تستطيع أن تتعامل مع أحزاب أو مؤسسات اقتصادية تابعة للشخصيات المعاقبة.
وبهذا فإن رئيس الحكومة كذلك قد تعثرت زيارته إلى واشنطن بعدما كانت فرص ذهابه إلى الولايات المتحدة مرتفعة جدًا قبل عدة أشهر بسبب انتماء عدد من وزراء حكوماته لميليشيات مصنفة على قوائم الإرهاب الأمريكية.
وقبل أيام انتقد المالكي تحركات السفيرة الأمريكية ألينا رومانووسكي والتي سجلت لقاءاتها منذ تشكيل الحكومة، نحو 50 زيارة لوزراء ومسؤولين أكثر من 10 منها كانت مع السوداني.
وتعقيبًا على تصريحات المالكي التي عد فيها السفيرة الأمريكية متجاوزة للحدود، أكد وزير الخارجية الحالي فؤاد حسين إنه “أخطر السفيرة بمضمون ما قاله المالكي عنها”.
وفي إشارة إلى عدم قدرة رئيس الوزراء الحالي على زيارة واشنطن أضاف وزير الخارجية أن “رئيس الوزراء ليس مهتمًا بقضية السفر إلى واشنطن خلال المرحلة المقبلة، لانشغاله في قضايا داخلية وأن السوداني متفرغ للداخل العراقي، وليس شرطًا أن يزور واشنطن، ولا توجد أي أجندات لزيارة قريبة لواشنطن”.

الخلافات تعصف بتحالف إدارة الدولة عقب إصرار السوداني على تغيير وزراء مقربين من المالكي

في غضون ذلك يتفاقم داخليًا الخلاف بين رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني ورئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي، على توزيع المناصب.
وقال سياسي مقرب من رئيس البرلمان الحالي، إن السوداني مدين للحلبوسي في دعمه لرئاسة الحكومة مقابل وعود الحصول على بعض المناصب الحكومية.
وعد السياسي في تصريح لـ “الرافدين” أن الأمر لم يكن صفقة، بقدر ما هو عرف سائد في المحاصصة بتوزيع المناصب، واصفًا إنكار هذه الوعود من قبل السوداني بعد أشهر من تشكيل الحكومة، خطوة تثير استياء الحلبوسي وانتهاكًا لاتفاق تقاسم السلطة.
ويمتلك الحلبوسي وشريكه خميس الخنجر في تحالف السيادة 5 وزارات وهي: التخطيط، الصناعة، الثقافة، والتجارة إضافة إلى وزارة الدفاع.
وتشير معلومات متداولة إلى أن وزير الدفاع ثابت العباسي مرشح تحالف السيادة الذي يشغل زعامة كتلة حسم التي خاضت الانتخابات في نينوى ضمن تحالف عزم المنضوي ضمن تحالف السيادة، هو الآخر مهدد بالتغيير عقب تداول وثيقة مسربة تفيد بهروب العباسي من الجيش السابق أكثر من مرة، وإخراجه من الخدمة برتبة نقيب.
بدورها تحاول مصادر من داخل الإطار التنسيقي نفي شمول الوزراء التابعين لها بالتعديل الوزاري المرتقب في أكثر من مناسبة وحصره في زاوية تغيير الوزراء من داخل تحالف السيادة الذي يدعي تمثيل السنة بسبب الخلافات المتصاعدة بين الحلبوسي والسوداني.
وفي هذا الصدد يؤكد النائب عن الإطار التنسيقي سعد المطلبي، أن “السوداني من الممكن أن يتحرك لإجراء تعديلات وزارية من حصص المكوّن السنّي، وأن البدلاء بكل تأكيد يكونون من المكوّن نفسه”.
ويستبعد المطلبي أن “يأتي السوداني ببدلاء من خارج الترشيحات للكتل السنّية، وهو أمر طبيعي جدًا، لعدم وجود حصانة للوزراء السنّة، ومن غير المتوقع أن تكون هناك مواقف معارضة للقوى السنّية بخصوص تعديل وزرائهم”.
وبحسب الترجيحات فإن عملية استبدال الوزراء قد تشمل أيضًا وزيرة الهجرة عن حركة بابليون المسيحية إيفان فائق، ووزير الموارد المائية عون ذياب.
وفي الحكومة الحالية 23 وزارة، موزعة على الأحزاب السياسية الرئيسة، بطريقة “المحاصصة”، أو كما تعبر عنها الأحزاب التقليدية بالاستحقاق الانتخابي، وهي “توافقية” وفق تصنيفات المراقبين العراقيين، إذ إنها مُررت عبر البرلمان في تشرين الأول من العام الماضي، من دون خلافات بين الأحزاب.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى