أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مجلس القضاء يشنق الحقيقة بحكم الإعدام على قاتل الهاشمي وتبرئة ميليشيا الكتائب

أسرة الضحية هشام الهاشمي: القاتل أحمد حمداوي الكناني يبقى مجرد حلقة صغيرة ولا تزال الرؤوس الكبيرة موجودة، ويبقى السؤال أين الذين يقفون خلفه؟

بغداد– الرافدين
وصفت مصادر قانونية حكم الإعدام على الشرطي السابق والعنصر في ميليشيا متنفذة في الحشد الشعبي أحمد حمداوي عويد الكناني، بمثابة حكم بشنق الحقيقية.
وأكدت على ان القضاء في هذا الحكم الناقص وفق أسس العدالة يهدف الى تبرئة الجهة التي تقف وراء عملية قتل الباحث هشام الهاشمي.
وشددت المصادر القضائية على أن الحكم غير مكتمل الأركان حتى وأن تم تنفيذ إعدام قاتل الهاشمي، لأنه مجرد أداة بيد ميليشيا مسلحة ارتكبت جرائمها في القتل على الهوية واغتيال واختطاف النشطاء.
وإثر اعتقال الكناني، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الكناني كان مرتبطاً بكتائب حزب الله العراقي، وهي ميليشيا مسلّحة من فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
فيما أجمع نشطاء واعلاميون وأصدقاء الضحية هشام الهاشمي على التقليل من أهمية حكم الإعدام من دون كشف الجهة التي تقف وراء تحريك المجرم أحمد حمداوي الكناني.
ووصفوا الحكم بانه نوع معيب من تواطؤ القضاء العراقي مع ميليشيا متنفذة بعناصرها وأسلحتها وممثليها في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني.
وطالبوا بعدم اعدام القاتل قبل كشف الحقيقة، مؤكدين على أن في الإعدام نجاة للقاتل الحقيقي المتمثل بميليشيا كتاب حزب الله.
ويعكس مجلس القضاء الأعلى صورة مشوهة للقضاء العراقي لم يمر بها منذ تأسيس الدولة العراقية، حيث قام بتفسير القرارات وفق مصالح أصحاب النفوذ في الأحزاب والميليشيات الحاكمة.
ومع أن ديباجة مجلس القضاء تؤكد على استقلاله، إلا أن هذا الكلام لا يمثل إلا نفسه على الورق فمجلس القضاء الأعلى مجرد أداة قانونية لتمرير قرارات غير عادلة بحق العراقيين وتسويغ عمليات فساد كبرى في الاستيلاء على ثروة البلد منذ عام 2003، وإطلاق جناة ثبت بالدليل دورهم في تصفية وقتل العراقيين على الهوية.
وقال أحد افراد عائلة الهاشمي، مفضلا عدم الكشف عن اسمه خوفًا من الانتقام إن الحكم جاء “عكس التوقعات ومفاجئ لكنه مفرح”. لكن رأى أن هذا الشخص يبقى “مجرد حلقة صغيرة ولا تزال الرؤوس الكبيرة موجودة ويبقى السؤال أين الذين يقفون خلفه؟”.
وقالت أسرة الضحية هشام الهاشمي إنها أيدت الحكم لكنها أعربت عن قلقها من إمكانية نقضه عند الاستئناف.
وبإمكان المدان استئناف هذا الحكم، كما أكد مصدر قضائي فضّل عدم كشف هويته.
وتثير جلسة المحاكمة التي لم يسمح لأي مصدر إعلامي أو سياسي مستقل حضورها الشكوك بشأن وجود القاتل وعدم تهريبه.
ويأتي قرار الحكم على قائل الهاشمي بعد أسابيع من تراجع وزير العدل في حكومة الإطار التنسيقي خالد شواني عن تأكيده السابق باختفاء الكناني من سجون وزارة العدل.
وقال شواني بأن “المتهم بقتل هشام الهاشمي ما زال ضمن التحقيقات ولم تستكمل إجراءات محاكمته، ولم يصدر حكم بحقه”.
وتداولت مصادر صحافية معلومات تفيد بتهريبه من مقر اعتقاله في العاصمة بغداد إلى إيران، وهو ما لم تؤكده أو تنفه الدوائر القضائية والتحقيقية الحكومية.
وتشير الوثيقة الموقعة من قبل وزير العدل الحالي خالد شواني الصادرة في التاسع والعشرين من كانون الأول الماضي، ردًا على استفسار نيابي بشأن المتهم أحمد الكناني إلى أنّ المتهم غير موجود في سجون وزارة العدل العراقية، أو الأقسام الإصلاحية.
وأعّربت حينها عائلة هشام الهاشمي، عن صدمتها من أنباء هروب المتهم الرئيس في عملية اغتيال الهاشمي.
وقالت العائلة في بيان إننا “نشعر بالصدمة من الأنباء والتقارير التي تؤكد هروب المتهم الرئيس في عملية اغتيال الشهيد الهاشمي، باعتراف واضح وصريح من وزير العدل”.
وسبق أن أكدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها على أن الإفلات من العقاب سمة سائدة في العراق بعد المئات من عمليات القتل غير المشروعة من قبل القوات الحكومية والميليشيات خلال الاحتجاجات في ثورة تشرين.
وشددت المنظمة على استمرار نهج الإفلات من العقاب في حكومة محمد شياع السوداني، أسوة بالحكومات السابقة في العراق.
ووفقًا للتقرير فإنه “ساد الإفلات من العقاب على المئات من عمليات القتل غير المشروعة خلال احتجاجات ثورة تشرين 2019 مع إحراز تقدم ضئيل في التحقيق مع الجناة المشتبه بهم، وتقاعست السلطات العراقية عن إعلان نتائج التحقيقات التي أجرتها اللجان التي شـُكـّلت في أعقاب الاحتجاجات للتحقيق في أعمال العنف التي شابت الاحتجاجات، فضلا عن عمليات القتل المستهدفة ومحاولات القتل التي جرت ضد مئات النشطاء بين عامي 2019 و2021 واستمرت الجهات المسلحة في تهديد النشطاء، فضلا عن أقرباء المحتجين والنشطاء القتلى أو المختفين، بالقتل أو بتعريضهم للاختفاء، ما دفعهم إلى الاختباء أو الهروب إلى خارج البلاد”.
ويستمر “الإفلات من العقاب” في العراق في ما يتعلّق بهجمات تستهدف متظاهرين وناشطين ومنتقدين لميليشيات مسلحة وجهات سياسية تنسب إليها الهجمات، كما أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدّة، ما يشيع “بيئة من الخوف والترهيب” تقيّد حرية التعبير.
ولاحظ التقرير الأممي أنه في حين “يتم تنفيذ معظم الجرائم بدون الكشف عن هوية الجناة”، فإن “المعلومات تشير إلى أن المحتجزين والمدانين قد ينتمون إلى جماعات مسلحة معروفة تعمل خارج سيطرة الدولة”.
ووثق التقرير في الفترة ما بين الأول من أيار 2021 والثلاثين من نيسان 2022، 26 حادثةً قامت بها “عناصر مسلحة مجهولة الهوية” بهدف “قمع المعارضة والانتقاد”، استندت إلى 27 مقابلة فردية ولقاءات مع السلطة القضائية في محافظة بغداد ومحافظات جنوبية.
إلا أن هذه الأرقام بدت هزيلة أمام الواقع، ففي تلك الفترة ارتكبت الميليشيات جرائم خطف واعتقال واغتيال بحق الناشطين في ثورة تشرين، وصل أعداد الضحايا فيها إلى المئات، وفق تقارير مصورة وشهادات لأسر الضحايا.
ومن بين الحوادث، “حادثة قتل مستهدف واحدة، وثلاث محاولات قتل مستهدف، وخمسة اعتداءات عنيفة، ومداهمة منزل، و14 هجومًا بعبوات ناسفة، وهجوم اختطاف واحد، وحادثة تدمير ممتلكات، والعديد من التهديدات غير العنيفة”.
وأشار التقرير خصوصًا إلى أن “مسلحين مجهولين قتلوا بالرصاص” في أيار 2021، ناشطًا بارزًا في كربلاء ومنسقًا للتظاهرات.
وكانت محكمة جنايات الرصافة أصدرت حكماً بالإعدام بحقّ الكناني لإدانته باغتيال الباحث هشام الهاشمي في تموز 2020 قرب منزله في بغداد.
وذكر بيان صادر عن مجلس القضاء الأعلى بأن “محكمة جنايات الرصافة أصدرت حكمها بالإعدام بحق المجرم أحمد حمداوي عويد عن جريمة قتل الخبير الأمني هشام الهاشمي”.
ولم يُسمح لوسائل الإعلام بحضور جلسة المحكمة لكن محاميا حضر قال إن الكناني لم يقل شيئا في المحكمة ردا على حكم القاضي.
واغتيل الهاشمي في السادس من تموز 2020 بإطلاق نار أمام منزله في العاصمة العراقية بأيدي مسلحين كانوا يستقلون دراجة نارية.
وبعد عام على الاغتيال، أعلن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي القبض على المتهّم الرئيسي أحمد حمداوي عويد الكناني الضابط في وزارة الداخلية البالغ 36 عاماً والمنتمي الى القوات الأمنية منذ العام 2007.
وبثّ التلفزيون الحكومي اعترافات الكناني بالضلوع في اغتيال الهاشمي.
وأيّد الهاشمي التظاهرات التي شهدها العراق في ثورة تشرين 2019، والتي ندّد فيها المتظاهرون بالفساد في البلاد وبالنفوذ الإيراني، وطالبوا بتغيير للنظام السياسي. وتعرّضت الحركة الاحتجاجية للقمع الشديد وتلتها عمليات اغتيال وخطف ومحاولات قتل استهدفت العشرات من الناشطين.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى