أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ميليشيا الحشد تستنزف الموازنة العامة بقوائم “الفضائيين”

أرقام الموازنة المحالة للبرلمان تكشف ارتفاع أعداد عناصر الحشد بنسبة 95 بالمائة وزيادة كبيرة في التخصيصات مقارنة مع الأعوام السابقة وسط حديث عن فساد مالي ضخم في هذا الملف.

بغداد – الرافدين

أثار حجم الأموال المرصودة لميليشيا الحشد الشعبي في موازنة عام 2023 المحالة لمجلس النواب الحالي بهدف التصويت عليها تساؤلات بين المراقبين السياسيين عن مصير هذه الأموال في ظل الزيادة غير الطبيعية بأعداد عناصر الميليشيا خلال العامين الماضيين فضلًا عن طبيعة الدور الذي ستلعبه الميليشيا في السنوات المقبلة.
وأعاد المراقبون الحديث عما يعرف بقوائم “الفضائيين” وهو مصطلح دارج في الأوساط العراقية للتعبير عن الجنود غير الموجودين على أرض الواقع ممن تعتمد على قوائمهم الميليشيات في استنزاف خزينة الدولة لتبرير نفقاتها وما تصرفه من أموال.
وكشف تقرير اللجنة المالية النيابية الخاص بمشروع قانون الموازنة العامة، الصادر منتصف شهر نيسان الماضي في المادة العاشرة منه، عن زيادة عديد ميليشيات الحشد بنسبة 95 بالمائة مقارنة بأعدادهم في موازنة عام 2021.
ويرصد التقرير، عدد القوى العاملة في الحشد خلال عام 2021 والبالغ 122 ألف عنصر، فيما أصبح عددهم خلال مشروع الموازنة الحالي 238.075 شخصًا.
وتبين الأرقام الواردة في التقرير ارتفاع عدد الجنود والموظفين الآخرين في وزارة الدفاع بمقدار 25 ألفًا فقط خلال نفس الفترة، لتصل إلى 450 ألفًا وبالمثل، لم تزد أعداد عناصر وزارة الداخلية أكثر من 22،250 إلى أكثر من 700،000 بشكل عام.
وتُظهر الميزانية المقترحة لعام 2023، المحالة إلى البرلمان، أن الحشد يمثل وفقًا لهذه الأرقام الجديدة نصف حجم الجيش الحكومي وثلث حجم القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.
وبحسب تقرير اللجنة المالية النيابية، فإن تخصيصات هيئة الحشد الشعبي وهو الاسم الرسمي لها وفقًا للتعريفات الحكومية في مشروع الموازنة العامة للعراق لعام 2023، بلغت 3 ترليونات و743 مليار و703 مليون و290 ألف دينار، بعد أن كانت تخصيصاتها في موازنة عام 2021، (2.9) ترليون دينار، بنسبة نمو بلغت 21بالمائة.

تُظهر الميزانية المقترحة لعام 2023، المحالة إلى البرلمان، أن الحشد يمثل نصف حجم الجيش الحكومي وثلث حجم القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية

وتتهم الميليشيات الولائية، المرتبطة بشكل مباشر بـ “فيلق القدس” الإيراني، بإدراج آلاف الأسماء الوهمية ضمن جداول التعيينات، لتُدخل مليارات الدنانير العراقية في خزائن هذه الميليشيات، لممارسة نشاطات تجارية وأخرى عسكرية لتكريس نفوذها الطائفي في العراق والمنطقة فضلًا عن تمويل وسائل الإعلام الخاصة بها لمهاجمة خصومها، وتغذية الطائفية في البلاد.
وقال الباحث السياسي، ظافر الشمري إن “قادة فصائل الحشد يستغلون المقاتلين حيث يقومون بإعطاء عناصر الحشد راتبًا لا يتجاوز مقداره 500 دولار في حين أن الراتب الفعلي لمقاتل الحشد هو 900 دولار”.
وأضاف أن “عدد الفضائيين داخل الحشد الشعبي أكثر من 80 ألفًا موزعين على مختلف فصائله”، لافتًا إلى أن “هذا الملف يصعب على السوداني فتحه بسبب وقوف جهات عدة مسلحة ومتنفذة خلفه”.

عقيل عباس: رواتب “الفضائيين” في الحشد تذهب لتمويل حركات سياسية

ويتفق المراقب السياسي عقيل عباس، مع ما ذهب إليه الشمري بالقول، إن “رواتب المنتسبين الفضائيين في هيئة الحشد الشعبي تذهب لتمويل حركات سياسية مرتبطة بالحشد، الذي تحول إلى مؤسسة سياسية عسكرية”.
وأضاف “الحشد الشعبي كيان غامض وغير مفهوم من الناحية المؤسساتية بعد تحوله إلى مؤسسة سياسية عسكرية خلافًا للقانون والدستور”.
ولفت إلى أن الحشد الشعبي رفض في انتخابات 2021 تزويد مفوضية الانتخابات بأسماء منتسبيه من أجل المشاركة بالاقتراع في ظل وجود تضخم في الأسماء للفضائيين ممن تذهب رواتبهم لتمويل حركات سياسية مرتبطة بالحشد.
وتلتزم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني الصمت حيال الاتهامات الموجهة للحشد بتقديم قوائم من الفضائيين وتزييف أرقام مقاتليه بهدف تعظيم موارد الميليشيا المالية.
وأكد مسؤول أمني بارز إنه “سواء أحببنا ذلك أم لا” فإن الحشد هو في الواقع الجناح العسكري للإطار التنسيقي، المهيمن على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وأضاف المسؤول مفضلاً عدم الإشارة إلى اسمه ومنصبه “من الطبيعي أن يسعوا إلى تعزيز هذا الجناح ماليًا وفي الأفراد كلما سنحت الفرصة نظرًا لأن البرلمان الحالي والحكومة يخضعان بالكامل تقريبًا لسيطرتهم، فإن هذه الزيادة تبدو معقولة ومبررة، نظرًا لتوفر الغطاء القانوني اللازم”.
ويعد مسؤول حكومي سابق وجود “فضائيين” في “الحشد” بالأمر القديم الذي غالبًا ما يتم الحديث عنه من قبل أعلى المستويات، وأن العبرة تكمن في وجود سلطة قادرة على الحد من هذه الظاهرة”.
ويشير المسؤول الحكومي السابق الذي فضل هو الآخر عدم الكشف عن هويته إلى أن “الحلقة المفقودة تكمن في زعيم الفصيل تحديدًا الذي سجل أعداد أعضاء فصيله، فضلًا عن وجود آخرين يقاتلون في سوريا وليس العراق لكنهم يتقاضون مرتبات من الحشد الشعبي”.
وبين أن “الحكومات السابقة وقفت مكتوفة الأيدي تجاه حقيقة وجود عناصر وهميين في الحشد وأن الصمت عن ذلك يعود لتنامي قوة الحشد الذي تحول قادته من مجرد زعماء لفصائل إلى رؤساء كتل سياسية لديها وزراء وأعضاء في البرلمان”.
وفي عام 2018، قتل مدير المديرية المالية في الحشد الشعبي قاسم الزبيدي على يد مجهولين، بعد بدئه تحقيقًا بأمر رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في موضوع رواتب مقاتلي ميليشيا الحشد الوهمية.
وقال العبادي وقتها إن الزبيدي كان قد اتصل به قبل حادث الاغتيال ليزوده بمعلومات تشير إلى وجود مقاتلين وهميين وأخبره بوجود فساد في توزيع الأموال واستيلاء بعض القيادات عليها، وأن هذا الملف بحاجة إلى تدقيق قبل أن يطلق أي زيادة في الرواتب.
وفي 2019، لم ينكر الحشد الشعبي اتهامات العبادي بوجود “فضائيين” في هيئة الحشد لكنه طالبه بالتعامل مع المشكلة “بروح أخوية”.
وأشارت مصادر برلمانية في تموز 2020، إلى مسألة أعداد عناصر الحشد الشعبي، حينما أكدت أن “أعداد مقاتلي الحشد الفعليين هي 48 ألف عنصر، لكن قادتهم يتقاضون رواتب 130 ألف عنصر، أي بفارق 82 ألف فضائي.
وتجاوزت أعداد عناصر ميليشيا الحشد الشعبي في الوقت الحالي 200 ألف مسلح وفقًا لما أعلنه رئيس “هيئة الحشد الشعبي” فالح الفياض، في لقاء متلفز.
وقال الفياض، إن “أعداد عناصر ومقاتلي الحشد الشعبي كانت 170 ألف عنصر حتى إقرار ميزانية عام 2022، التي سميت بالأمن الغذائي، والتي سمحت بإضافة نحو 30 ألف عنصر من المفسوخة عقودهم”.
وأضاف “بالفعل تم استيعاب هؤلاء، حتى بلغت الأعداد حاليًا أكثر من 200 ألف عنصر، وتحديدًا قرابة 204 ألاف عنصر.
وتتألف ميلشيا الحشد بشكل رسمي من حوالي 68 فصيلًا مسلحًا إلى جانب فصائل أخرى تتبعها خارج هيئة الحشد، يقاتل غالبيتها في سوريا.
وتعلن قيادات ميليشيا الحشد الولاء لإيران فضلًا عن تبنيهم لأجندات طهران في العراق والمنطقة وتتهم منظمات معنية بحقوق الإنسان ميليشيا الحشد بالضلوع في تنفيذ جرائم حرب في المدن المنكوبة وعمليات إخفاء قسري للسكان فضلًا عن عمليات تغيير ديموغرافي لتلك المدن.
وتشير تقارير صحفية إلى تورط هذه الميليشيات في قمع المتظاهرين العراقيين وتنفيذ إعدامات وعمليات اختطاف بحق ناشطين خرجوا في تظاهرات منددة بفساد الأحزاب الموالية لإيران إبان ثورة تشرين.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى