أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

السوداني مصاب بـ “العمى السياسي” عن واقع التعليم المتردي

رئيس حكومة الإطار التنسيقي يعزو في سردية مكررة تردي الواقع التعليمي في البلاد، إلى النظام السابق وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق.

بغداد- الرافدين
وصف خبراء تربويون عراقيون مزاعم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني التي عزا فيها تردي الواقع التعليمي في البلاد، إلى النظام السابق وبعد عشرين عامًا من احتلال العراق، بأنها سردية مقيتة ومحاولة سافرة لتشويه الواقع وليس التاريخ القريب فحسب.
وقالوا إن السوداني تغاضى بعمى سياسي ودوافع مكشوفة عن حقيقة الفشل والسياسات الطائفية التي سادت في قطاع التعليم، لدرجة صار فيها فتح الجامعات أشبه بدكاكين تجارية، ويتحدث عن نظام غير موجود منذ عشرين عامًا.
وقال تربوي عراقي متقاعد “السوداني تغاضى عن التقارير الدولية من اليونيسف واليونسكو بشأن تردي التعليم في العراق منذ عام 2003، لترويج سردية قائمة على التشويه، وعدم الاعتراف بالسياسات المتعمدة التي اخرجت التعليم في العراق من المعايير الدولية بعد أن كان في مراتب متقدمة”.
وكانت منظمة اليونيسيف قد أشارت الى أن نحو 90 بالمائة من الأطفال في العراق لا تتاح لهم فرصة الحصول على تعليم مبكر، كما أن البنك الدولي أكد أن نحو 90 بالمائة من الطلاب المراحل الابتدائية في العراق لا يفهمون ما يقرأون.
ووصلت نسبة الأمية في العراق إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ التعليم الحديث، حيث بلغ عدد غير القادرين على القراءة والكتابة في العراق نحو 12 مليونا، بعد أن كانت البلاد وبحسب تقارير “اليونسكو”، تمتلك نظاماً تعليمياً يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة، ولكن التعليم عانى الكثير بسبب ما تعرض له من حروب وحصار واحتلال وانعدام للأمن وتجذر للفساد.
وكان السوداني قد قال في كلمة له خلال “مؤتمر التربية والتعليم 2022 – 2031” إن “نظامنا التربوي والتعليمي اهتزَّ ابتداءً من تسعينيات القرن الماضي، نتيجة السياسات الهوجاء للنظام الدكتاتوري المُباد”.
وتعهد بانه “سيتولّى الإشراف المباشر على أدقّ التفاصيل الخاصة بتنفيذِ استراتيجية التعليم، عبر لجنة مركزية”.
واعترف بانه “لا يمكنُ بناء نظام صحي وبنية تحتية جيدة، وبيئة نظيفة وإدارة رشيدة للمياه، والقضاء على الفقر، وتنمية القطّاع الخاص، إلّا إذا امتلكنا نظاماً تربوياً وتعليمياً رصيناً”.
ويجمع خبراء تربويون وأساتذة جامعيون على أن وزارة بمهام التعليم العالي التي تعد كوادر صناعة مستقبل البلاد، خارج قدرة الوزير الحالي نعيم العبودي القيادي في ميليشيا العصائب.
واعترف مسؤول في وزارة التعليم العالي بأن الواقع التربوي في البلاد يزداد سوءا، وأن نسبة كبيرة من حملة الشهادات العليا في العراق يتخرجون بطرق وصفها بالملتوية.
وقال إن بعض الجامعات الخاصة في إيران تعود ملكيتها لشخصيات سياسية ونواب سابقين في حكومة بغداد، وأنه مع وصول العبودي القيادي في ميليشيا العصائب إلى منصب وزير التعليم العالي في حكومة السوداني، فسيكون التحرك باتجاه إلغاء قرار عدم الاعتراف بجامعاتهم.
ولفت إلى أن العراق يسجل سنويًا نحو خمسين ألف شهادة عليا، ما بين ماجستير ودكتوراه، وهذا الرقم يزداد بسبب التسهيلات والوساطات التي تمنحها جهات داخل الوزارة للاعتراف بهذه الشهادات.
ووصف الدكتور ثامر العلواني مقرر القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، قرارات وزارة التعليم بانها انعكاس للصراع السياسي داخل الحكومة الحالية.
وأشار العلواني في تصريح لقناة “الرافدين” ان الرسائل العلمية الجامعية عادة ما تذهب الى ديوان الوقف الشيعي لتقييمها، في سياق تعلمي شاذ على معايير التدريس.
وحذر من تراجع مستوى البحث العلمي المتردي بالأساس بوجود سلطة أعلى من سلطة وزارة التعليم العالي متمثلة بديوان الوقف الشيعي.
وكانت لجنة التربية والتعليم بمجلس النواب الحالي، قد أقرت في وقت سابق، بأن 90 بالمائة من الشهادات الممنوحة لطلبة الدراسات العليا من خارج البلاد بعد عام 2003؛ مزورة، وحصلوا عليها من خلال الأموال وعن بعد ومن جامعات غير معترف بها.
وسبق أن كشف تقرير للأمم المتحدة “أن أكثر من سبعة ملايين تلميذ عراقي يفتقدون المياه الصالحة للشرب في المدارس، وبعد عشرين عامًا من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وما تلاه من أعمال عنف تركت الكثير من البنية التحتية للبلاد متضررة أو مهملة”.
وأشار التقرير إلى “أن أطفال العراق البالغ عددهم 21 مليون نسمة يشكلون نصف سكان البلد تقريبًا، وأن نصف هؤلاء الأطفال معرضون للخطر لأن ما يقرب من نصف المدارس في البلاد ليس فيها مياه نظيفة وآمنة”.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) “أن مليون طفل عراقي بحاجة إلى مساعدات إنسانية ونحو مليوني طفل خارج المدرسة بالكامل بسبب انتشار عمالة الأطفال”.
وأضافت بأن “الغزو الأمريكي والعنف الذي تلاه ترك البلاد في حالة من الفوضى، وتسبب الفساد وسوء الإدارة في إبطاء جهود إعادة الإعمار، وترك العديد من المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الحيوية الأخرى رديئة الجودة أو متضررة أو متداعية وقد أثر هذا بشكل كبير على الأطفال”.
وقال مسؤول العلاقات في منظمة (اليونيسيف) أليكس ريبول سالزي “إن 50 في المائة من المدارس تفتقر إلى خدمات المياه والمرافق الصحية مما يحرم من وصول المياه الصالحة للشرب لأكثر من 7.25 مليون طالب، العدد الذي تشكل الفتيات نسبة 52 بالمائة منه”.
وأضاف “أن الافتقار إلى مرافق صحية تراعي الفوارق بين الجنسين هو أحد الدوافع الرئيسية لتسرب الفتيات من المدارس”.

الدكتور ثامر العلواني: قرارات وزارة التعليم انعكاس للصراع السياسي داخل الحكومة الحالية

ولا يخفي عراقيون أساهم على واقع التعليم في البلاد بعد إبادته كليا والسماح لمؤسسات طائفية بالتدخل في مناهجه وفرض وصايات على البحوث والدراسات. والسماح لجهات فاسدة مرتبطة بدول خارجية بفتح مدارس ومعاهد وجامعات تجارية لا تبالي بوطنية العملية التعليمية.
وقال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور محمود المسافر بأن “الفساد المالي والإداري الذي ينخر الدولة العراقية منذ الاحتلال وحتى اليوم ساهم بتردي واقع التعليم وتجاهل تأهيل وإعمار المدارس”.
وأكد المسافر في تصريح لقناة “الرافدين” بأن “الاحتلال والحكومات التي اعقبته ينفذون خطة ممنهجة لإعادة العراق إلى عهد ما قبل الصناعة بمساعدة بعض الدولة التي لا تريد للعراق أن ينافسها في المنطقة ولاسيما إيران”.
وسبق أن أفادت منظّمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، بأنّ انخفاض دعم الحكومات المتعاقبة لقطاع التعليم، أثّر في مخرجات العملية التربوية، مشيرةً إلى رداءة جودة التعليم في البلاد، وقلّة دخول الأطفال إلى المدارس.
وأوضحت المنظّمة، أنّ إنفاق السلطات الحكومية ما نسبته 6 بالمائة فقط من حجم الإنفاق السنوي على قطاع التعليم، والافتقار إلى الموارد الكافية، أدّى إلى ضعف نواتج التعليم التي تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة، لافتةً إلى أنّ هذا ضعف الإنفاق، مع حجم الفساد المستشري في القطاع، يعرّض الأطفال إلى خطر مؤكّد يسير بهم نحو التجهيل التربوي والثقافي.
وأكّدت على أنّ عقودًا من الصراع وغياب الاستثمارات في العراق دمرت نظامه التعليمي الذي كان يُعد فيما مضى أفضل الأنظمة التعليمية في المنطقة، وأنّ ذلك أعاق بشدة وصول الأطفال إلى التعليم الجيد.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى