أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

حكومة الإطار التنسيقي تغض الطرف عن تهريب مصارف أهلية للدولار

اتهامات تطال مصارف أهلية مرتبطة بالأحزاب وميليشياتها في إدارة عملية تهريب العملة والمحافظة على سعر صرف مختلف للدولار عن السعر الرسمي وسط إجراءات حكومية شكلية لا تضع يدها على أصل المشكلة.

بغداد – الرافدين
أعرب مراقبون اقتصاديون عن مخاوفهم من انهيار الدينار العراقي من جراء تواصل تهريب العملة الصعبة إلى الخارج عبر طرق احتيالية تلتف على التسهيلات الحكومية في منح الدولار لتمويل التجارة الخارجية.
وأوضح المراقبون أن استمرار الفجوة بين سعر الصرف الرسمي للدولار ونظيره في السوق الموازي الذي تتحكم به المصارف الأهلية يعد مؤشرًا آخرًا على استمرار أزمة سعر الصرف التي قد تمهد لاحقًا لانهيار قيمة الدينار مقابل الدولار.
وشكك مراقبون بمدى فاعلية إلزام الحكومة لتجار التجزئة بالتعامل بالدينار بدلًا من الدولار في تعاملاتهم المحلية في ظل تغاضيها عن الدور المشبوه الذي تمارسه المصارف الأهلية المرتبطة بالأحزاب وميليشياتها وإضرارها باقتصاد العراق وعملته الوطنية لصالح إيران.
ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرًا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.
ويجبر النظام الجديد الذي فرضته واشنطن المستفيدين بتقديم معلومات مفصلة حول من الذي ستذهب إليه تحويلات الدولار، ما أدى إلى حظر أكثر من 80 بالمائة من التحويلات بالدولار اليومية للعراق.
وقالت السفيرة الامريكية لدى العراق آلينا رومانوسكي الأربعاء إن الإجراءات المالية التي فرضتها واشنطن على بغداد تهدف إلى منع عمليات غسيل الأموال وتهريب الدولار إلى الخارج، في إشارة إلى إيران.
وطالبت السفيرة الأمريكية في لقاء متلفز البنوك العراقية باحترام المعايير الدولية، واستبعاد من وصفتهم بالفاعلين الخبثاء الذين يستخدمون النظام البنكي الدولي في غسيل الأموال.
وكان البنك المركزي قد أصدر ثلاث حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة لتتراجع أسعار صرف الدولار قبل أن تعاود الارتفاع مؤخرا وتستقر عند 1450 دينار لكل دولار تزامنًا مع ارتفاع المبلغ المعروض للبييع في مزاد العملة الذي تثار حوله الشبهات.
وبلغت مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار خلال اليومين الماضيين، نحو 300 مليون دولار في اليوم الواحد.
وتبين الأرقام المنشورة في موقع البنك المركزي الرسمي، أن البنك باع الأربعاء خلال مزاده لبيع وشراء الدولار الأمريكي 274 مليونا و789 الفا و 222 دولارا، غطاها البنك بسعر صرف على أساس بلغ 1305 دنانير لكل دولار للاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الإلكترونية وبسعر 1310 دنانير لكل دولار للحوالات الخارجية وبذات السعر لكل دولار بشكل نقدي.
وتوضح الأرقام ذهاب معظم المبيعات من الدولار لتعزيز الأرصدة في الخارج على شكل (حوالات، اعتمادات) وبواقع 222 مليونا و889 الفا و 222 دولارا، فيما ذهبت البقية البالغة 51 مليونا و 900 دولار على شكل مبيعات نقدية.
وتبين الأرقام أن المصارف التي اشترت الدولار النقدي بلغ عددها 13 مصرفًا، فيما بلغ عدد المصارف التي قامت بتلبية طلبات تعزيز الارصدة في الخارج 21 مصرفا، فيما كان اجمالي عدد شركات الصرافة والتوسط المشاركة في المزاد 119 شركة.
وتشير إلى ذهاب جزء كبير من الأموال إلى تمويل البطاقات الإلكترونية التي باتت الطريقة المفضلة لتهريب الدولار إلى الخارج لا سيما إيران.
وفي محاولة لتبرير موقفه أعلن البنك المركزي الأسبوع الماضي أن “بعضًا ممن أتيح لهُ الحصول على البطاقات البنكية أساء استخدامها بعيدًا عن الأهداف المنشودة لهذا الغرض، وذلك ما كشفته تقارير الجهات الأمنية المختصة والإجراءات الرقابية للبنك المركزي ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وكشف البنك المركزي العراقي عن تخصيص ما وصفه بـ “نظام إلكتروني جديد صارم” لإنهاء المخالفات واستغلال البطاقات فضلًا عن استكمال ما وصفها بـ “الإجراءات القانونية بحق المخالفين أفرادًا وشركات ومصارف لاحالتهم إلى المحاكم المختصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
ويتفق المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء الحالي مظهر محمد صالح مع إعلان البنك المركزي بالقول إن “عصابات الجريمة المنظمة استغلت بطاقات المسافرين، الإلكترونية، ولجأت إلى استخدام جوازات المواطنين بشكل غير شرعي وقانوني من أجل إصدار البطاقات الإلكترونية وتهريبها خارج العراق من أجل تمويل الحوالات السوداء وتهريب الأموال”.
وأضاف أن “ما تقوم به عصابات الجريمة المنظمة خلق اضطرابًا وقتيًا في سعر الصرف في السوق المحلية وأنَّ “سعر الصرف في السوق المحلية، سيكون أفضل خلال الأيام القليلة المقبلة”.

مافيات مرتبطة بالأحزاب تدير عمليات تهريب الدولار عبر بطاقات الدفع الإلكتروني

ونشطت عصابات الجريمة المنظمة المرتبطة بالأحزاب والميليشيات ممن تتخذ من المصارف الأهلية وشركات الصرافة واجهات لها بعد تشديد إجراءات البنك المركزي لخفض سعر صرف الدولار أمام الدينار، في تهريب العملة إلى الخارج عن طريق سحب الدولار بطرق مدروسة.
وأكد الباحث في الشأن الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن” الجزء الأكبر المتورط بعمليات التهريب واستغلال البطاقات الإلكترونية، يتمثل في المصارف التي تريد تعزيز أرصدتها في الخارج، ويقف خلفها شخصيات متنفذة لها علاقات ببعض المصارف الأهلية”.
وقال إن “عملية تهريب العملة عبر بطاقات الدفع الإلكتروني لها أضرار اقتصادية كبيرة، كما لها تأثير على سعر الصرف في السوق الموازي”.
ولفت إلى أن “بطاقات الدفع الإلكتروني باتت تستخدم لتهريب العملة خارج العراق من أجل إجراء حوالات سود لاسترداد بعض البضائع خارج المنصة فضلا عن تسببها بإرباك كبير في بعض الدول، فهناك طوابير كبيرة على أجهزة الصراف الآلي في المطارات من أجل سحب الأموال في بطاقة الدفع الإلكتروني، لكي يرجع المسافر إلى العراق في اليوم نفسه، حتى من دون أن يعبر مطار تلك الدول”.
ويتفق الباحث والمتخصص في الشأن المالي نبيل جبار التميمي، مع ما ذهب إليه المشهداني بالقول إن “هذه العملية لاتهدف إلى تهريب العملة فحسب، بل تهدف إلى إجراء حوالات سوداء بطريقة جديدة، لأن الكثير من التجار مازالوا رافضين للدخول عبر المنصة، ولهذا هم يستخدمون هذه الطرق من أجل دفع أموال استرداد البضائع”.
وأكد التميمي على أن “استمرار عمليات التهريب عبر بطاقة الدفع الإلكتروني، سيدفع الخزانة الأمريكية والفدرالي الأمريكي إلى تشديد إجراءات الرقابة من جديد، لمنع تهريب العملة نحو الدول التي تخضع للحظر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية”.
ويتهم خبراء اقتصاديون “رابطة المصارف العراقية الخاصة” بالتسبب في أزمة ارتفاع الدولار في الأسواق الموازية خلال الأيام الماضية، عقب تورط مصارف أهلية بتهريب الدولار من العراق عبر نافذة بيع العملة التي تشارك فيها عشرات المصارف الاهلية.
فيما يؤكد خبراء قانونيون على ضرورة حل رابطة المصارف التي لم تقدم أي شيء للعراقيين أو للقطاع المصرفي عمومًا وسط دورها المجهول والغامض.
وحمّل الأستاذ والباحث في الشأن الاقتصادي محمد حويزي رابطة المصارف العراقية مسؤولية بقاء سعر الصرف مرتفعًا بفعل موازاة سوقها للسعر الذي حدده البنك المركزي العراقي، وهي الجهة المستفيدة من ارتفاع السعر كونها تبيع الدولار خارج السعر المحدد من البنك بفارق كبير وهي من تحتكر الدولار على المواطنين كي يضطروا لشرائه بأسعار مرتفعة.
وطالب حكومة السوداني بمحاسبة هؤلاء والا ستكون مسؤولة بشكل مباشر امام المواطنين المكتوين بنيران سعر الصرف التي تنهك الأسواق وغلاء المعيشة.
وقال إن سياسة المصارف العراقية لن يكتب لها النجاح في سياستها “الموازية” لان اللعبة مكشوفة ولم تعد تنطلي على المواطن البسيط، فضلًا عن خبراء ومحللي السياسات الاقتصادية ناهيك عن رقابة الخزانة الأمريكية التي وضعت أسسًا مشتركة في وقت سابق مع البنك المركزي العراقي خلال اجتماعها الأخير معه.
وفي إشارة إلى غياب دورها الرقابي على المصارف لضبط عمليات البيع والشراء يرى الخبير القانوني علي التميمي، أن رابطة المصارف لا تمارس دورًا في تنظيم أعمال المصارف أو السيطرة على الدولار مشددًا على أن يكون “ارتباط أي مصرف بالبنك المركزي مباشرة فهو من يحاسبها وهو من يعطيها الإجازة”.
وقال إن “رابطة المصارف أو أية رابطة أخرى هي أشبه بالمجاميع الخاصة بين المصارف وأنها لاتمثل آليات التعامل وتنظيم التعامل مع البنك المركزي لأن الأخير وحده المسؤول عن المصارف الأهلية والحكومية ووحده له الحق بمتابعة عملها”.

اتهامات تطال حكومة السوداني بالتواطؤ مع المصارف الأهلية وتسهيل عمليات تهريب العملة الصعبة إلى الخارج

وسبق وأن اكدت مصادر مطلعة عزم واشنطن فرض عقوبات صارمة وشيكة ضد أكثر من 15 مصرفًا خاصًا تتبع في أغلبها لمؤسسات تابعة لأحزاب سياسية تدعمها شخصيات معروفة.
وبينت المصادر أن الولايات المتحدة، التي كانت تهدد منذ سنوات بفرض مثل هذه العقوبات، عازمة على قطع منبع التدفقات التي سمحت للحرس الثوري الإيراني المدرج على قائمة المنظمات الإرهابية من قبل واشنطن، بتمويل نفسه من الأموال العراقية المهربة.
وفي نهاية شهر آذار الماضي أعلن البنك المركزي العراقي، سحب إجازة مصرف وثلاث شركات مالية، إلى جانب إيقاف نشاط عدد آخر من الشركات، بسبب مخالفات قانونية ومالية، بعد شهر واحد على قرار مماثل طال بنوكًا وشركات تحويل مالية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى