الأعرجي يسوّق مزاعم عودة ملايين المهاجرين في الخارج إلى العراق
مستشار الأمن القومي في حكومة الإطار التنسيقي قاسم الأعرجي، يعبر عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى وطنهم، والتوصل إلى نتائج بخصوص النازحين والصلح العشائري.
بغداد- الرافدين
أثارت مزاعم مستشار الأمن القومي في حكومة الإطار التنسيقي قاسم الأعرجي، عن عودة ملايين العراقيين في الخارج، والسلم الأهلي والسيطرة على سلاح العشائر، تكهنات بشأن الخطاب الحكومي الذي تجاوز مرحلة “ما بعد الحقيقة” إلى بيع التفاؤل الزائف كسلعة سياسية.
وعبّر الاعرجي وهو قيادي في ميليشيا بدر عاش وتدرب في إيران والتحق بميليشيا الحشد قبل أن يتسلم مناصب وزارية، عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى وطنهم، والتوصل إلى نتائج في ملف الحوارات والتواصل مع السكان المحليين، بخصوص النازحين والصلح العشائري في بعض المناطق، من دون أن يكشف طبيعة هذه النتائج.
ويأتي كلام الأعرجي بعد أسابيع من إعلان الحكومة الألمانية، أن أكثر من 244 ألف شخص، بينهم عراقيون، قدموا طلبات اللجوء في البلاد، خلال العام 2022.
وأضافت الحكومة الألمانية أن عدد الأشخاص الذين تقدموا بطلبات لجوء العام الماضي ارتفع أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2016.
يشار إلى أن الجنسيات الأكثر طلبا للجوء في ألمانيا هي السورية وتلتها الأفغانية ثم العراقية.
وتزامنت مزاعم مستشار الأمن القومي عن الأمن المجتمعي مع تداول مقاطع فيديو لمعركة بالأسلحة المتوسطة في إحدى مناطق بغداد بين مجموعة من رجال العشائر من دون أن يتضح أسباب هذا القتال.
في وقت أكدت وزارة الهجرة والمهجرين، أن هناك أكثر من مليون شخص لا يزالون نازحين داخل المخيمات وخارجها، رغم البرنامج الحكومي لإغلاق ملف النزوح.
وقالت وزيرة الهجرة والمهجرين في الحكومة الحالية، إيفان فائق جابرو، إن 40 ألف عائلة لا تزال نازحة في العراق، جزء منها يعيش خارج المخيمات، والجزء الآخر يعيش في 29 مخيمًا نظاميًا ومخيمات أخرى عشوائية، لافتة إلى التزامها بالبرنامج الحكومي لعودة النازحين.
وأضافت الوزيرة، في تناقض معلوماتي مع كلام الأعرجي، أنها لا تمتلك القدرة لإعادة العائلات النازحة، في حال استمرار دمار المنازل والبنى التحتية، فضلاً عن غياب الأمن في تلك المناطق.
بينما قال الأعرجي، خلال ندوة حوارية ضمن فعاليات مؤتمر عن “المواطنة والحوار والتنمية” في بغداد، “نجحنا إلى حد كبير في جمع المختلفين، والجنوح نحو التفاهم، والكل شركاء في العراق وليسوا مشاركين، وليس هناك تقسيم في السلطة بالعراق، وإنما هو توافق الجميع على الشراكة في القرار السياسي”.
ومارس تزييفًا مكشوفًا للواقع السياسي القائم على المحاصصة الطائفية بين أحزاب العملية السياسية عندما زعم ان حكومة الإطار “لا تنظر الى دين أو عِرق أو مذهب، بل ننظر الى المواطنة فحسب”.
ويندرج خطاب الوزير في حكومة الإطار ضمن سياسة التزييف المستمرة واستثمار ما يسمى بـ”الهدوء السياسي الخادع” للإيحاء إلى الشارع العراقي والإقليمي بأن الأوضاع في العراق مستقرة.
ودرج رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني على مثل هذا الخطاب عندما تحدث عن منجزات أمنية والسيطرة على السلاح المنفلت والقضاء على الفساد وتجارة المخدرات. فيما لم تتحقق أي نسبة من هذا الإنجاز على أرض الواقع.
وأثارت مزاعم الأعرجي المفرطة بالتفاؤل عن عودة العراقيين في الخارج الى بلدهم، سخرية وتناقضًا في آن واحد، بينما يخطط عدد كبير من العراقيين على الهجرة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وانعدام فرص العمل وسوء الخدمات.
ويوجد ما يقارب ستة ملايين عراقي موزعين على شتى بلدان العالم، ولا يفكر الغالبية منهم بالعودة إلى بلادهم.
وتساءل مراقبون عما إذا كان الأعرجي لا يكتفي بامتهان الكذب مثل أي سياسي آخر، وهو يعبر عن تفاؤله بعودة العراقيين المهاجرين، فيما كبار المسؤولين في حكومة الإطار مازالوا من مزدوجي الجنسية وتركوا اسرهم تعيش خارج العراق لضمان استقرارهم المعيشي.
ولا توجد أي ارقام حكومية عن عودة عراقيين مهاجرين، فيما يتم تداول احصائيات عن أعداد كبيرة من عراقيين يخططون للهجرة بطرق شرعية وغير شرعية.
وقال النائب في برلمان كردستان العراق، مسلم عبد الله إن من أسباب عودة مشهد هجرة الشباب الأكراد إلى الواجهة مجددًا هي الظروف الصعبة والقاهرة التي يعيشها.
وأضاف إن العشرات من الشباب الكردي يهاجرون يوميًا ويختارون طرق الموت للوصول إلى أوروبا، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وأن تهميش الحريات وانعدام الديمقراطية وحالة اليأس التي وصل لها الشباب، هي من أسباب الهجرة، في وقت لم تضع الحكومة حدا لهذه الملفات.
وقال الكاتب العراقي كرم نعمة ” دع عنك أن الوزير في حكومة الإطار التنسيقي يكذب بلا خجل، لكنه أما أحمق أو أبله عندما يعبر عن تفاؤله بعودة جميع العراقيين في الخارج إلى العراق”.
وكتب في مقال بعنوان “يأس اللاعودة المبكر” عما شعر به الملايين من العراقيين الذين هربوا من العنف الطائفي بعد احتلال البلاد عام 2003. عندما تعلم الغالبية من مهاجري الجيل الأخير اليأس وأداروا عيونهم إلى الطريق الأبعد عن بغداد، بعد أن سقطت البلاد في يد الخاطفين من لصوص الدولة وزعماء الميليشيات.
وأضاف ” من الأهمية بمكان التذكير بمن حسم أمره في اتخاذ قرار اللاعودة إلى عراق الأمس مع أنه لم يتخل في قرارة نفسه عن عراقه الخاص أو الذي يتمناه ويصنعه في مخيلته، وهم نسبة كبيرة من ملايين المهاجرين العراقيين”.
وشدد كرم نعمة على أن العراقيين في بلدان العالم، لا يمكن أن ينتزعوا جلد عراقيتهم مهما فعلوا، ليس لأنهم لا يريدون ذلك، بل لأنهم لا يقدرون على ذلك، فمجرد أن تمر على أسماعهم أغنية من تلك البلاد المتأسية على مستقبلها تنفتح سواقي الدموع. ولأنهم يعيشون اليأس من مستقبلها اختاروا اللاعودة، مقاومين موجات الحنين.
وأشار الصحفي العراقي، أحمد سعيد، إلى أن شريحة الشباب هم الأكثر تفكيرا باللجوء؛ لأنهم يبحثون عن حياة أفضل وبناء مستقبل لهم في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، وتراجع المستوى الأمني والاقتصادي، وغياب أفق واضح لحل هذه المشاكل.