أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صفقات الفساد بأدوية السرطان تزيد أوجاع المرضى في العراق

مستشفيات حكومية تتاجر بأدوية نادرة ومرتفعة الأسعار مع صيدليات خاصة وتثقل كاهل المصابين بالأمراض المزمنة.

بغداد – الرافدين

كشفت لجنة الصحة البرلمانية عن وجود شبهات فساد في ملف استيراد الأدوية الخاصة بمرضى السرطان في العراق.
وقالت اللجنة إنها استدعت عددًا من المديرين العامين في وزارة الصحة الحالية، لمعرفة التعاقدات المنجزة، وكمية الأدوية التي توفرت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.
وأوضح رئيس اللجنة، ماجد شنكالي، أن اللجنة سجلت نقصًا كبيرًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مضيفًا أن “هناك شكاوى كثيرة من ذوي الأمراض السرطانية، نتيجة قلة وعدم توفر هذه الأدوية في المستشفيات الحكومية”.
وأكد على أن القطاع الصحي غير قادر على تحقيق أي تقدم في حال إبقاء التخصيصات المالية المرصودة ضمن الموازنة، وأن المبالغ المرصودة للقطاع لا تقارن بأي دولة مجاورة بالعراق.

ماجد شنكالي: القطاع الصحي غير قادر على تحقيق أي تقدم في دون زيادة التخصيصات المالية المرصودة ضمن الموازنة

وأضاف إن “المبالغ ضمن النفقات المخصصة لشراء للأدوية هي ترليون و600 مليار دينار وهذه المبالغ قليلة جدًا قياسًا بالدول المجاورة”.
وأوضح أن “الأدوية السرطانية والمنقذة للحياة مكلفة جدًا لذلك يجب زيادة التخصيصات المالية لشراء الأدوية السرطانية في موازنة 2023”.
ولم تنفق الحكومات في العراق على استيراد الدواء سوى ثلاث مليارات دولار سنويا.
وكان عضو الجمعية الملكية البريطانية للأطباء وعالم الأورام، جواد العلكي، قد وصف مدينة البصرة في وقت سابق بأنها “هيروشيما أخرى”، موضحًا أنّ الإصابة بالسرطان أصبحت خطرًا يهدد أكثر من 40 بالمائة من سكّانها.
وتزايدت، نسبة الإصابة بالسرطان في مدن البلاد التي تعرضت لعمليات عسكرية عامي 1991-2003 وما تلاها من عمليات عسكرية استمرت منذ عام 2003 وحتى نهاية عام 2016، في وقت تعاني فيه مستشفيات علاج السرطان من شح العلاجات اللازمة.
وأكد الدكتور إبراهيم سليمان، إخفاق الحكومات المتعاقبة بحل كارثة مرض السرطان.
وأوضح في لقاء سابق مع قناة “الرافدين” بأن هناك معهدًا واحدًا للطب والإشعاع الذري الخاص بعلاج أمراض السرطان في العاصمة بغداد، ويلجأ إليه المرضى من كافة المحافظات.
وأشار إلى أن مرضى السرطان يأخذون نصف الجرعة المقررة لهم نتيجة شح العلاجات ونقص الأدوية، التي تقوم على استيرادها مافيات الأدوية.
واشتكى عدد من المرضى في العراق وذويهم من عدم توفير وزارة الصحة الأدوية الهامة لعلاج مرضى السرطان وأمراض الصرع وأمراض الكلى.
وعبر المرضى عن عجزهم في إيجاد أدويتهم الخاصة في جميع الصيدليات، عقب قيام وزارة الصحة بحملة إتلاف ومصادرة جميع الأدوية المهربة في الصيدليات دون توفير بديل.
وطالب مواطنون وزارة الصحة بتوفير هذه الأدوية المهمة لحياة المرضى خصوصًا وأنها تتعلق بأمراض مزمنة وخطيرة.
وقال أحد المواطنين من محافظة النجف لبرنامج “مع الناس” الذي تبثه قناة “الرافدين” والذي ينقل هموم الناس ومشاكلهم “معظم الأدوية التي يحتاجها مرضى السرطان غير متوفرة في المستشفيات الحكومية” وأنه يضطر لشراء الأدوية من الصيدليات على حسابه الشخصي.
وانتقد المواطن وعود رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بتحسين الواقع الصحي في البلد، مبينًا بأنه في الوقت الذي يتحدث فيه السوداني عن رعاية المرضى وتوفير الدواء لهم، إلا أنه اضطر رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة لشراء إبرتين يحتاجها مريضه بمبلغ 220 ألف دينار عراقي لعدم توفرها داخل المستشفى الحكومي.


وأضاف مواطن آخر أن مرضى السرطان في النجف يضطرون لإجراء الفحوصات الطبية بأسعار مرتفعة جدًا وعلى حسابهم الخاص في العيادات الخاصة لعدم توفر أجهزة طبية حديثة داخل المستشفيات الحكومية.
وتؤكد مصادر طبية أن تسعيرة الأدوية من قبل أغلب المذاخر شهدت تلاعبا بالأسعار بعد عام 2003 عندما حددت سعر الدواء وهامش الربح خصوصًا الأدوية المهربة.

وليد بريسم: عمليات تهريب الأدوية والصفقات الفاسدة تجري من داخل المؤسسات الحكومية بالتعاون مع مافيات تتاجر بالأدوية

وقال الطبيب وليد بريسم إن “العراق لا يملك سياسية واضحة ومركزية في عملية إيصال أدوية الأمراض المزمنة لمحتاجيها ولا توجد خطة مركزية لتسويق وتزويد المستشفيات بما تحتاجه من أدوية”.
وأضاف بريسم في تصريح لقناة “الرافدين” أن “المريض في العراق أصبح فريسة لأصحاب مذاخر الأدوية التي بات أغلبها أشبه بمافيا مسؤولة عن تهريب الأدوية والمتاجرة بها”.
وشدد على أن أغلب عمليات تهريب الأدوية والصفقات الفاسدة تجري من داخل المؤسسات الحكومية بالتعاون مع مافيات تتاجر بالأدوية.
ويأتي هذا في وقت كشفت فيه مصادر طبية عن انتشار الأدوية المقلدة ومنتهية الصلاحية بصورة واسعة في العراق، لافتة إلى أن هذه الأدوية تدخل البلاد بطرق غير قانونية عبر المعابر التي تسيطر عليها الميليشيات، وتصل إلى المرضى نتيجة غياب الرقابة عن الصيدليات والمستودعات، إضافة إلى استشراء الفساد في وزارة الصحة.
وحملت لجنة الصحة والبيئة النيابية وزارة الصحة مسؤولية سوء التنظيم في عملية الاستيراد للأدوية واستغلالها من قبل متنفذين مما جعل العراق سوقًا للأدوية المهربة عبر المنافذ الحدودية دون رقابة أو فحص.
وذكرت تقارير إعلامية أن الأدوية المهربة في العراق تفاقم أوجاع الفقراء الذين يضطرون لشرائها بسبب الإهمال الحكومي.
وينعكس شح الدواء ومحدودية ما توفره الجهات الحكومية كحصص مجانية للأمراض المزمنة أو الخطرة، على سعر المنتج في الصيدليات، ما يجبر المواطنين على البحث عن البدائل المهربة رخيصة الثمن إلا انها فاقدة الصلاحية بسبب سوء التخزين ودرجات الحرارة العالية او الرطوبة.
واتهم عضو لجنة الصحة النيابية السابق جواد الموسوي وزارة الصحة باستيراد الأدوية من بعض الشركات أو المعامل الخاصة التابعة لجهات سياسية وأحزاب متنفذة، الأمر الذي أدى لانعدام الرقابة والسيطرة النوعية على الأدوية المستوردة والمصنعة، فضلا عن محاربة هذه الشركات للمنتج المحلي من مصانع سامراء للأدوية، بحسب تعبيره.
وسبق وأن كشف تقرير لصحيفة واشنطن بوست، عن تردي نظام الرعاية الصحية في العراق وصلت آثاره إلى مستشفى سرطان الأطفال في البصرة الذي تم إنفاق مائة مليون دولار على تجهيزه.
وأصبح المستشفى ضحية لنظام رعاية صحية مليء بالفساد والإهمال.
ونقلت عن مسؤولين عراقيين سابقين وحاليين قولهم إنه “بعد عقود من الحروب والعقوبات الدولية التي ضربت القطاع الطبي، يقوم اليوم جيش من المحتالين بسرقة تطلعات العراقيين إلى حياة صحية.
وقال مسؤولون حاليون وسابقون، تحدثوا لصحيفة “واشنطن بوست” شريطة عدم الكشف عن هويتهم خوفا من الانتقام، إن الفساد مستشر وإن “الأموال المخصصة لكل شيء، بدءًا من شراء الأدوية إلى بناء المستشفيات، يتم إهدارها من قبل مسؤولين ورجال أعمال، وأفراد من جماعات سياسية أخرى”.
ونقلت الصحيفة عن عاملين حاليين وسابقين في مستشفى سرطان الأطفال قولهم إن الفساد المالي يحول دون شراء أدوية السرطان وصيانة الأجهزة الطبية الحيوية.
وقال موظفو المستشفى السابقون إن بعضًا من السياسيين “راقبوا عملية الشراء وسعوا لتأمين عقود لحلفائهم. وعندما حاول موظفو المستشفى خفض تكاليف العقد، تم الإبلاغ عن ذلك لممثلي الشخصيات السياسية القوية”.
وقال مسؤول سابق بالمستشفى “شعرت أنني كنت بين نارين. كنت أرغب في خدمة هؤلاء الأطفال، ولكن من ناحية أخرى، كنت أحارب الأشخاص الفاسدين الذين يريدون سرقة أموالهم وحياتهم”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى