أخبار الرافدين
كرم نعمة

عمار الحكيم زعيم العروض الصوتية الزائفة

ليس عمار الحكيم وحده من يمارس العرض الصوتي الزائف، في تجميل سردي فارغ لعشرين عامًا من الانهيار. فمثل هذا العرض مستمر وخصوصًا مع المزاعم التي ترافق حكومة محمد شياع السوداني، بشأن الأمن السياسي والاستقرار الاقتصادي في دفعة أمل واهمة بالمستقبل. وكأن التاريخ منسيًا خلال عقدين من الدماء المهدورة.
ليس مستغربا أن يتصرف زبائنية العملية السياسية كما يفعل زعماء المذهب والطائفة والميليشيا والمال، فقد كانت آخر مزاعم الحكيم أن تجربة العقدين الماضيين بعد احتلال العراق نجحت بفعل الدعم الشعبي لها!
لن يحتاج العراقي جهدًا لتفنيد هذا الكلام الهش غير تذكير الحكيم بثورة تشرين، ليتوقف عن تقديم نفسه كظاهرة صوتية وتلفزيونية تغلف الأكاذيب بعمامة المعضلة الأخلاقية والأسرية التي يعيشها.
لأن هناك فلسفة سياسية أولية غائبة بشكل مريع، يتحول سؤال ما الذي ممكن أو ينبغي أن يتعلمه السياسيون في العراق اليوم، إلى صدمة مضاعفة عن صدمة الازدراء التي تعيشها البلاد في لجة السقوط بدوامة الفساد المستمر.
فمن يدرك منهم قواعد السياسة التاريخية، يعيش أزمة ثقة مع نفسه مع أنه محمي في المنطقة الخضراء، لأنه في وسط لا يمكن أن يكون سياسيًا في أي حال من الأحوال، هناك ما هو أبعد يبدأ من نقل تقاليد الطائفة إلى الدولة “عمار الحكيم يتبوأ المرتبة العليا بمزاعم إن العراق هو موطن التشيع الأصيل!!”. ولا ينتهي بالتجهيل إلى درجة أن أحد أكبر المسؤولين في الدولة العراقية “هل مازالت توجد بقايا دولة” اعترف في جلسة خاصة، بأن أشد متطرف ولاء إلى إيران يحلم أن يصل في موقعه اليوم إلى أسوأ مراحل النظام السابق باعتبارها إنجازا بالنسبة إليه! في تعبير عن التردي والترهل والفشل المستمر في إدارة الدولة العراقية.
ولأن السياسيين العراقيين بلا عقيدة وطنية، الوطن بالنسبة إليهم مجرد خرافة طائفية راقدة في التاريخ، لذلك تنتهي شجاعتهم في العمل بإيقاظ الخرافة، لا يستطيعون أن يجدوا الإلهام سوى في تلك الخرافة لتحسين السياسات المستمرة بالفشل.
ليس مستغربًا في عالم السياسة في العراق اليوم أن يتصرف قادة وزعماء، تقول الفكرة من الوهلة الأولى إنهم منتخبون، كما يتصرف رجال الطائفة.
لا أشك أنهم يفكرون بالوسيلة التي تعيد صياغة فكرة القيادة السياسية في وقت تتعرض فيه ثقة العراقيين بهم إلى الاهتراء، لكنهم عاجزون عن التعلم من أي حقيقة غير الماضي الذي يعيشون في جلبابه.
خذ مثلا أحدهم عندما تقلد أرفع المناصب في الحكومة العراقية قادمًا إليه من خبرة حياة وعمل ومعيشة امتدت إلى أكثر من ثلاثة عقود في الغرب، لم يستطع التخلص من إحساس أنه غادر “الحسينية” التي كانت في زقاق بيتهم القديم فعليه العودة إليها والاحتفاء بها، لذلك ارتد طائفيًا مع أنه قادم لإدارة الدولة من متحف كبير اسمه لندن أو باريس أو نيويورك.
ليست لديهم مشكلة في موضوع صعوبة إرضاء الشعب، لأنهم لا يفكرون بذلك أصلا، فالولاء للمذهب فوق أي اعتبار حتى إذا تسبب بالموت المجاني. الشعب يموت من أجل المذهب تلك حقيقة ناجزة لا يمكن التراجع عنها. أما ماذا سيحل بهم عندما يجثم الجوع والتهميش وانعدام الحياة الكريمة وعدم الشعور بسقف حام للوطن، ذلك ما سيجيب عليه انفجار قدر الضغط الكاتم بين العراقيين على فكرة حماية المذهب المرتفعة أسهمها لحد الآن في سردية عمار الحكيم.
ما يحدث في العراق السياسي اليوم هو نقيض ما يرتبط باسمه، لكن إلى أي مدى سيبقى ذلك قائمًا، كما يزعم الحكيم ان الشعب العراقي سيحمى ما أسماه “إنجازات احتلال العراق”؟
لم يحدث أن طال رقاد التاريخ في هذه البلاد منذ أن رثى ذاك الرجل الآشوري أبنته القتيلة، وما يحصل اليوم في العراق المخطوف، بداية الصدمة المرتقبة.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى