أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مؤشرات الهشاشة البيئية تفند وعود حكومة الإطار التنسيقي

مرصد العراق الأخضر يؤكد عدم وجود أي تخصيصات مالية للبيئة ضمن مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2023.

بغداد ــ الرافدين
حذرت منظمات ومراكز معنية بشؤون البيئة من الإهمال الحكومي وعدم معالجة التخلف البيئي المتفاقم في العراق.
وأجمع خبراء بيئيون في اليوم العالمي للبيئة على جملة من العوامل التي تقف وراء ارتفاع نسب تلوث المدن العراقية نتيجة الانبعاثات السامة وتلوث الأنهر بالإضافة إلى الاكتظاظ السكاني وتهالك البنى التحتية والخدمية.
ويعد اليوم العالمي للبيئة الذي يحتفي به العالم في الخامس من حزيران من كل عام هو الوسيلة الرئيسية للأمم المتحدة لتعزيز الوعي العالمي والعمل من أجل البيئة.
ويحتفل بهذا اليوم سنويًا منذ عام 1973 حيث تحول إلى منصة حيوية لتعزيز التقدم في الأبعاد البيئية لأهداف التنمية المستدامة لدعم القضايا البيئية ودحر مسببات التلوث.
ويعاني العراق منذ 2003 من ارتفاع معدلات التلوث البيئي نتيجة لغياب الدور الحكومي للتخلص من التلوث الذي بلغ مستويات خطيرة أثرت على صحة المواطنين.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى اتساع أثر عامل الاختلال البيئي نظرًا لتظافر مؤثرات التلوث المناخي، في ظل عجز الاستجابة الحكومية وغياب أدوات التفكير والتخطيط المسبق لإدارة المخاطر المحدقة بالبلاد.
وتدعي وزارة البيئة الحالية بتخصيص 7 مليارات دولار في الموازنة العامة للوزارات القطاعية المعنية بالبيئة بغية تنفيذ البرامج الخاصة بالمناخ، إلا أن مراصد بيئية محلية سارعت بتفنيد تلك التصريحات الحكومية التي تحاول من خلالها التستر ملفات الفساد والإهمال البيئي.
وأعلن مرصد “العراق الأخضر” المعني بدراسة وتشخيص المشاكل والأزمات في الوضع البيئي، عن عدم وجود أي تخصيصات مالية للبيئة ضمن مشروع قانون الموازنة المالية لعام 2023.
وبيّن المرصد أن الموازنة تخلو من كلمات التصحر والجفاف والتلوث البيئي وحتى تغير المناخ، لافتًا إلى أن الأموال المخصصة للبيئة هي ضمن الموازنة التشغيلية أي رواتب ونفقات لوزارة البيئة وموظفيها.
وأضاف أن “حكومة محمد شياع السوداني تخالف برنامجها في القضايا البيئية التي لها تأثير مباشر على صحة الناس”.
وهدد باللجوء بالطعن في قانون الموازنة في حال مرر من دون وجود أي تخصيصات استثمارية للبيئة ومكافحة تغير المناخ.
ونقلت مصادر اعلامية عن مسؤول في وزارة العلوم والتكنولوجيا تأكيده على أن الفساد وعدم وجود تخصيصات مالية من الأسباب الرئيسية في تصاعد مؤشرات التلوث في البلاد.
وأكد المسؤول الذي فضل عدم ذكر أسمه، على أن الفساد المستشري يحول دون إنجاز المهام لعمل الفرق المكلفة بمتابعة الملوثات البيئية.
وأضاف “إن الإهمال الحكومي وعدم متابعة ملف التلوث البيئي بالشكل الصحيح أدى إلى تزايد مؤشرات التلوث، وأن الملف يعد من الملفات الخطيرة، التي تتطلب اهتمامًا حكوميًا خاصًا وأن يتم العمل على الانتهاء من الملوثات وتحجيم مخاطرها”.
ويقول المتحدث باسم وزارة البيئة أمير علي الحسون، إن حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني تعتبر من أفضل الحكومات التي تعاملت مع الملف البيئي إلى جانب إطلاق وثيقة المساهمة الوطنية، والتي تعتبر خريطة طريق للوزارات القطاعية للانتقال نحو الاقتصاد الأخضر والحلول والبرامج المعنية بتخفيف آثار التغيرات المناخية.
ويبدو كلام الحسون بمثابة دعاية إعلامية للوزارة، من دون أن يكشف عن أي وقائع تساعد الوضع البيئي المتردي، فإنجاز الحكومة يقتصر على تنظيم المؤتمرات والندوات البيئية وإطلاق الوعود من خلالها بحل المشاكل المناخية، ومن ضمنها مبادرة زراعة 5 ملايين شجرة في عموم محافظات العراق والتي تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب عدم إمكانية توفير العراق المياه الكافية لري هذا العدد المليوني من الأشجار.

النشاط الغباري يدمر الحياة الزراعية في العراق

وأكد عدد من الناشطين في مجال البيئة بأن حكومة السوداني لا تملك المعلومات الكاملة عن الوضع البيئي في العراق، وأنها تتحدث عن مشكلة المناخ في المؤتمرات والملتقيات لكنها لا تتخذ أي إجراءات واقعية، واصفين الجهود الحكومية بالحوار مع دول الجوار بشأن الحصص المائية بالخجولة.
وأضافوا أن الأيام القادمة ستفضح الإجراءات الورقية التي تحدثت عنها الحكومة بشأن المعالجات الداخلية لمخاطر أزمة البيئة والمناخ، محذرين من موعد جفاف جديد وشح في الأمطار، بالإضافة إلى ارتفاع في نسب التلوث البيئي بالبلاد.
وقال الناشط البيئي حسين العراقي، إن حكومة السوداني تخالف برنامجها وبنوده الخاصة بالقضايا البيئية، التي لها تأثير مباشر على صحة الناس، لا سيما أنها قد تحدثت في وقت سابق عن اعتمادها التركيز على هذه القضايا، ومعالجة أزمات التصحر والجفاف في مناطق متفرقة من البلاد.
وأضاف حسين في تصريح لصحيفة “العربي الجديد”، أن الحكومة والمسؤولين يظنون أن الأزمة البيئية تجري معالجتها بالمؤتمرات والاجتماعات فقط وهذا
خطأ كارثي، مشيرًا إلى أن هناك حاجة لمشاريع مرتبطة بالبنية التحتية وأخرى على صلة بالقطاع البيئي، منها معالجة مياه الصرف الصحي ومشاريع المياه ومشاريع تدوير النفايات.
وتواصل المؤسسات الحكومية وتحديدًا وزارة البيئة بنشر الإحصائيات والبيانات التي تشير إلى التدهور البيئي من دون أي جهود تذكر على أرض الواقع.
وقال وكيل وزارة البيئة جاسم الفلاحي، إن “العراق يحتاج إلى الدعم الأممي والدولي من أجل إعادة ترميم الوضع البيئي المتدهور”.
ويعد العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ والتصحر بحسب المؤشرات العالمية، في ظل ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية في فصل الصيف على مدى أسابيع، بحسب تقارير دولية.
وتعاني البلاد من التصحر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، بالإضافة إلى الاعتداء على الغطاء النباتي، وتعمد تدمير البيئة الذي نتج أيضًا عن الحملات العسكرية التي استدعت جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدة بالبلاد، الأمر الذي حولها إلى أراض قاحلة.
وحذر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 بالمائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ، علمًا أنّ نهري دجلة والفرات يشهدان شحًا في المياه بالتزامن مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهر الأخرى.
وتتوقع المراصد البيئية الدولية أن تصل العواصف الترابية الى 300 عاصفة سنويًا تضرب غالبية العراق، ويمكن لنشاطها الغباري المدمر أن ينهي الحياة الزراعية والتجمعات السكانية، حيث ترتفع معدلات تركيز الغبار المتساقط بنحو 80 ملم/ م2 شهريًا، بينما تنخفض معدلات تساقط الأمطار، وباتت تكلفة يوم واحد مغبر تزيد عن 10 ملايين دولار بحسب وزارة البيئة.

وسام حدمل الحلو: التلوث وصل لمستويات تناهز 173 وحدة في مقياس درجة تلوث الهواء في بغداد

وتشكل الانبعاثات الغازية تهديدًا مضافًا لبيئة العراق، على الرغم من أن المؤشرات الحكومية غالبًا ما تخلو من أية إشارة إلى ملوثات الاستخراج النفطي ومحروقات الغاز المهدورة.
وأكدت وكالة الطاقة الدولية أن العراق مسؤول عن 8 بالمائة من انبعاثات غاز الميثان العالمية الناتجة عن استثمار النفط والغاز، محتلًا بذلك المرتبة 33 من بين 220 دولة، بالوقت الذي تتستر الحكومة على حجم الانبعاثات السامة نتيجة التواطؤ مع شركات الإنتاج العالمية العاملة في العراق.
وتشهد المحافظات العراقية تلوثًا متعدد الأبعاد في التربة والمياه والهواء، مما يؤثر على حياة السكان بشكل عام، ويزيد من معدلات التلوث وانتشار الأمراض كالربو والأمراض السرطانية وغيرها.
وتعد العاصمة بغداد من أكثر المحافظات تسجيلًا لنسب التلوث وسط غياب التخطيط وانتشار العشوائيات وعدم التخلص من مصادر التلوث التي بلغت مستويات خطيرة وباتت تهدد صحة المواطن.
ويشكو البغداديون من حالات التلوث التي يمكن معاينتها في أحياء سكنهم، بسبب تسرب غاز الميثان من شبكات الصرف الصحي المتهالكة والتي فيها تشققات وتحتاج إلى معالجة آنية.
وترتفع النشاطات الصناعية والتجارية داخل الأحياء السكنية، بينما تعهدت الجهات الحكومية في أكثر من مناسبة بالعمل على معالجة هذا الوضع دون نتائج تذكر.
ويشخص المركز العراقي المهتم بشؤون البيئة وجود ارتفاع بمعدلات التلوث البيئي ببغداد.
وقال مدير المركز وسام حدمل الحلو، إن التلوث وصل لمستويات خطيرة تناهز 173 وحدة في مقياس درجة تلوث الهواء.
وأضاف أن هذا الرقم يعادل 11 ضعفًا عما كان عليه المؤشر أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بسبب عدم توسعة العاصمة وعدم إنشاء مشاريع اقتصادية جديدة، والاعتماد على الخطط البيئية التقليدية القديمة، فضلًا عن غياب الاهتمام الكافي وقلة المخصصات المالية لملف البيئة، مع انتشار الفساد المالي والتخبط الإداري في جميع الحكومات السابقة التي أدارت الملف البيئي.
وطالب خبراء ومختصون في مجال البيئة بمعالجة مشاكل التلوث عن طريق زيادة التشجير والأحزمة الخضراء لمعالجة تأثيرات البيئة الناتجة عن قلة الأمطار وانخفاض المساحات الزراعية.
وأضافوا إلى أهمية استحداث مناطق لمكب النفايات والعمل على تدويرها، ومتابعة ومنع عمليات إطلاق مياه الصرف الصحي في الأنهار كونها من أشد مسببات تلوث المياه، والتي تؤدي إلى انتشار الأمراض السرطانية كما أنها تقتل الحياة البيئية بالمياه والتربة.

قلة المساحات الخضراء يزيد من وتيرة العواصف الترابية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى