أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الظروف المعيشية السيئة تسلب البهجة، ولا أثر للعيد في مخيمات النازحين

عراقيون يجمعون على أن تقاليد العيد الموروثة بدأت بالاندثار نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانشغال المواطنين بتحصيل لقمة عيشهم، الأمر الذي غيب مظاهر الاحتفال.

بغداد – الرافدين
شكا عراقيون سوء الأوضاع المعيشية التي تعصف بهم مع حلول عيد الأضحى المبارك في ظل غلاء الأسعار وانتشار البطالة وارتفاع مستوى الفقر، ما أدى لغياب مظاهر العيد في بلاد الرافدين. فيما يغيب العيد بشكل كلي عن مخيمات النازحين المنتشرة في المدن العراقية.
وتعاني الأسرة العراقية من صعوبة توفير مستلزمات العيد للأسرة من الطعام فضلًا عن عدم قدرة نسبة كبيرة من الأسر على شراء ملابس جديدة لأطفالها، فيما يحمل المواطنون الحكومة الحالية وسابقاتها مسؤولية تردي أوضاعهم الاقتصادية في بلد الميزانيات الانفجارية.
في وقت تتلاشى أي فرحة للعيد في مخيمات يسكنها مئات الآلاف من النازحين العراقيين وتفتقر لأبسط الشروط الإنسانية.
ولا يوجد أي أثر للعيد الذي يحتفل به المسلمون في الثامن والعشرين من حزيران الحالي، في مخيمات النزوح في المدن العراقية.
ويظهر ذلك واضحًا على وجوه الأطفال في المخيمات في طقس تصل فيه درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية، فيما تكتنف الحيرة أولياء أمورهم وهم يشعرون بالعجز أمام أمنيات أطفالهم المشروعة في عيد الأضحى المبارك.
وقال مواطن من بغداد لكاميرا برنامج “مع الناس” الذي تبثه قناة “الرافدين” الفضائية، إن عادات العيد الاجتماعية وتقاليده الموروثة بدأت بالاندثار نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانشغال المواطنين بتحصيل لقمة عيشهم، الأمر الذي غيب مظاهر العيد والاحتفال به.
ووصف أحد الباعة في محل لبيع الملابس بأحد المولات التجارية في العاصمة بغداد، تراجع حركة السوق خلال فترة العيد، نتيجة تذبذب سعر صرف الدولار وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطنين.

فرحة العيد غائبة عن وجوه أطفال العراق
وتفاقم الوضع في ظل توالي الأزمات الاقتصادية المتلاحقة على مدى السنوات القليلة الماضية، بفعل آفة الفساد الإداري وهدر المال العام وغياب الرقابة، وتداعيات ظاهرة التغير المناخي التي تضرب أحد أهم القطاعات الحيوية في البلاد، وهو قطاع الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية.
وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، قد أعلنت في صيف عام 2022، أن 9 ملايين مواطن، يعيشون تحت مستوى خط الفقر.
وكانت إحصاءات حديثة في العراق، أظهرت تفشي البطالة والفقر على نطاق واسع، على الرغم من ثروات البلاد الهائلة والميزانيات الانفجارية، حيث تصل احتياطاتها النفطية إلى أكثر من 150 مليار برميل.
وكشف وكيل وزارة التخطيط العراقية، ماهر جوهان، عن نسبة البطالة في العراق والتي تتراوح بين 13 و15 بالمائة، أي ما يقارب 7 ملايين عاطل عن العمل، فيما تبلغ نسبة الفقر 22 بالمئة، أي ما يعادل نحو 10 ملايين نسمة في بلد يربو عدد سكانه على 43 مليونًا.
ووفقًا لخبراء ومراقبين فإن هذه النسب لا تعكس جديدًا، بالنظر لما تعانيه البلاد من أزمات متداخلة ومتراكمة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا وإداريًا، ترتد سلبًا على مختلف مجالات التنمية والارتقاء بالواقع الخدمي والمعيشي للمواطنين، وهو ما ينجم عنه استفحال معدلات البطالة والفقر.
وتدفع حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحلول ترقيعية لمعالجة نسبة الفقر، عبر توسيع قائمة العائلات الفقيرة والعاطلين عن العمل الذين تشملهم شبكة الرعاية الاجتماعية، مثيرة تساؤلات بشأن الاقتصاد الريعي للبلاد وإهمال وضع استراتيجيات لتشغيل المصانع المعطلة ودعم قطاع الزراعة وتشجيع الاستثمارات.
وتشكل شريحة العاطلين نسبة تتجاوز 25 بالمائة من العراقيين، وتتصاعد باضطراد بسبب انخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار، والظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد.
ويرى مراقبون أن غياب المصانع والمؤسسات والدوائر التي تستوعب هذه الأعداد الآخذة في التزايد سنويًا، مع تخرّج مئات الآلاف من الشباب من الكليات والمعاهد، فضلاً عن غير المتعلمين، يفاقم من مشكلة البطالة وغياب فرص العمل.
ويعبر خبراء اقتصاديون عن مخاوفهم الفعلية في ظل الواقع الاقتصادي الريعي الذي يعتمد بشكل شبه كلي على إيرادات بيع النفط لتأمين نفقات الدولة مع تداعي وتهالك جزء كبير من البنى التحتية للخدمات العامة والقطاعات الحيوية.
ويعيش النازحون والأسر المهجرة وسط ظروف تنعدم فيها الكرامة الإنسانية من طقس صيفي لاهب، وغياب المساعدات والرعاية اللازمة، الأمر الذي يزيد من معاناتهم ولا يبقي للعيد أي مظهر أو معنى.
ويعاني النازحون في تلك المخيمات ومعظمهم من مناطق تسيطر عليها الميليشيات منذ سنوات وتمنع أهلها من العودة إليها تحت ذرائع مختلفة، وهو ما يجعل النازحين أمام مستقبل مجهول، وأنّهم خارج حسابات السلطات في البلاد.
وانتقد ناشطون دور حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، ووزارة الهجرة والمهجرين الحالية، بسبب الإهمال الكبير الذي يلحق بالنازحين، فيما حمّل بعضهم الحكومة مسؤولية سلامة النازحين في ظل هذه الظروف الصعبة.
وتتفاقم الأوضاع الإنسانية في تلك المخيمات التي تشهد تكدس مجموعات كبيرة من الأشخاص داخل خيم لا تزيد مساحتها عن ثلاثة أمتار طولًا ومثلها عرضًا، ما سهل انتقال الأمراض بين ساكنيها.
وتمضي الحياة برتابة شديد داخل هذه المخيمات، فضمن رقعة جغرافية صغيرة ومحدودة ومحاطة بالجدران أو الأسلاك الشائكة، يقضي النازحون أيامهم بانتظار المجهول، في حين تفتك بهم الأمراض ويفتقدون للحد الأدنى من الخدمات.
وعلق عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي عبد القادر النايل، على أسباب استمرار أزمة النزوح بالقول، إن “النزوح أزمة سياسية في المقام الأول، فقد مرت 8 سنوات وهم يعيشون في مخيمات غير آدمية”.
وأشار النايل، إلى أن “أزمة النازحين أزمة سياسية بامتياز، هدفها الأساسي هو التغيير الديموغرافي على أسس طائفية ومذهبية ودينية، لذا نجد السلطات الحكومية في العراق تسكت عن تلك الجريمة التي تنتهك مواد القانون الدولي، والمادة 428 من القانون العراقي”.
ويؤكد ذلك الباحث في الشأن السياسي إحسان الشمري، بقوله، إن “ملف النازحين ومعاناتهم استمرت كجزء من الشعارات السياسية إلى هذه اللحظة بالشكل الذي لم يول أهمية من ناحية التنفيذ في ظل الضعف في التخصيصات المالية”.
وفي وقت سابق، قالت وزيرة الهجرة في حكومة الإطار التنسيقي إيفان فائق جابرو إن “هناك التزامًا بالبرنامج الحكومي بأن يغلق ملف النزوح خلال ستة أشهر ومن ضمنهم النازحون من جرف الصخر وأن وزارة الهجرة ملتزمة بهذا البرنامج وتأمل بعودة النازحين”.
فيما أكد رئيس الجمهورية الحالي عبد اللطيف رشيد، إنه يجب إنهاء المعاناة الإنسانية التي يعيشها النازحون، وأن بغداد تتعاون مع المجتمع الدولي لإعادتهم إلى مناطقهم خلال استقبال رشيد لممثل منظمة الصحة العالمية في بغداد الدكتور أحمد زويتن مؤخرًا.
إلا أن تلك التصريحات تتناقض مع تصريحات زويتن نفسه الذي أكد بدوره أنه وعلى الرغم من حرص الحكومة على إعادة الكثير من النازحين إلى مناطقهم، إلا أن آخر إحصائية رسمية تقول إن أكثر من 900 ألف نازح ينتشرون في مخيمات ومدن كردستان العراق وحدها.
ويلفت ممثل المنظمة الدولية إلى أن “هؤلاء النازحين مازال لديهم آمال في قرار مسؤول ينفذ على الأرض ليغلق صفحات مؤلمة من حياتهم وأن وضع النازحين في العراق سيبقى غير طبيعي ومرتبط بالقرار السياسي داخل البلاد.
ظروف غير إنسانية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى