أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لعنة الفساد تلازم معمل أدوية سامراء بصفقة مشبوهة

شركة أدوية سامراء مفخرة الصناعة العراقية، تحولت إلى مجرد مصنع مهمل لم تجر عليه أي عمليات تطوير من حكومات الاحتلال المتعاقبة.

بغداد – الرافدين
كشف ضبط أكثر من 10 أطنان من المواد الكيميائية أدخلت لمخازن الشركة العامة لصناعة الأدوية في سامراء، التابعة لوزارة الصحة في العراق، بصورة مخالفة للقانون، عن مستوى الفساد التي ينخر الشركة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بحياة المرضى.
وذكرت هيئة النزاهة أنها ضبطت أكثر من 10 أطنان من المواد الكيميائية أدخلت لمخازن الشركة العامة لصناعة الأدوية في سامراء، بصورة مخالفة للقانون.
وقالت، دائرة التحقيقات في الهيئة في بيان صحفي إن “مكتب تحقيق الهيئة في صلاح الدين، تمكن من ضبط عشرة أطنان و105 كغم من مادة بروبرلين كلا يكول/ إم أي جي المجهزة بمبلغ قدره 78 مليون دينار 59.5 ألف دولار، تم إدخالها لمخازن الشركة العامة لصناعة الأدوية في سامراء بدون قرار إحالة أو عقد، فيما تم ضبط أصل معاملة التجهيز الشكلية الخاصة بها”.
وأضافت أن “العملية أسفرت أيضًا عن ضبط 140 ألف متر من مادة شريط بي في إس مع أصل معاملة التجهيز الشكلية وبمبلغ قدره أكثر من 75 مليون دينار كما تم ضبط أصل 7 معاملات لتجهيز المواد الكيمياوية المحالة على مكتبين أهليين”.
ونوهت الدائرة، إلى “تنظيم محضر ضبط أصولي، وعرضه بصحبة المبرزات أمام أنظار قاضي التحقيق المختص الذي قرر استقدام المدير العام الحالي للشركة العامة لصناعة الأدوية في سامراء، وكل من رئيس وأعضاء لجنة المشتريات فيها؛ استنادًا إلى أحكام المادة 331 من قانون العقوبات”.
ولم يتوقف صراع المناصب لإدارة أقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط، بهدف تحصيل المكاسب عبر صفقات الفساد وأخرى مشبوهة، فضلًا عن إقالة العديد من مدراء الشركة بتهم الفساد أو لمصالح سياسية لضمان استمرار مصالح الجهات السياسية المستفيدة.
وتعاني الشركة العامة لصناعة الأدوية في سامراء الواقعة في محافظة صلاح الدين إلى الشمال من بغداد، من خسائر متتالية وإنتاج شبه مفقود من السوق، بسبب الإهمال الحكومي؛ ما أدى إلى توقف الكثير من خطوطها الإنتاجية، بعد أن كانت تغطي حاجة السوق المحلية في العراق لأكثر من أربعين عامًا بـ 350 منتوجًا طبيًا، وبكفاءة عالية تضاهي المناشئ العالمية.
وتعد، شركة أدوية سامراء من أبرز الشركات الدوائية في منطقة الشرق الأوسط؛ ومفخرة الصناعة العراقية، لما تتمتّع به من سمعة كبيرة في مجال صناعة الدواء، إذ تأسست عام 1965 على أساس معاهدة التعاون الاقتصادي والفني بين العراق والاتحاد السوفييتي، عام 1959.
وقال الدكتور عبد العزيز السامرائي، أحد الخبراء الذين كانوا يعملون فيها “كانت الشركة قبل احتلال العراق عام 2003 ورشة عمل صاخبة مزدحمة بالنشاطات التعليمية والبحثية، وبطلبة كليات الصيدلة، فضلًا عن الخبراء والمختصين بعلم الصيدلة والكيمياء والتصنيع الدوائي، أما اليوم فتعيش مصانع الشركة أسوأ مرحلة في تاريخها؛ بسبب الإهمال المتعمد من قبل وزارتي الصحة والصناعة”.
وأضاف أن “الإهمال الحكومي لمنشأة مهمة وعريقة مثل منشأة سامراء أدى إلى انحسار إنتاجها إلى 60 منتجًا بعد أن كان أكثر من 350″، مؤكدًا على أن الإهمال مقصود ومخطّط له للقضاء على أي مشروع اقتصادي يُنعش اقتصاد العراق ومدينة سامراء على وجه الخصوص؛ لأسباب سياسية وطائفية بامتياز.
وتحولت الشركة إلى مجرد مصنع مهمل نتيجة إهمال الحكومات المتعاقبة، التي لم تجر عليه أي عمليات تطوير، بهدف أن يكون عالة على الاقتصاد، بدلًا من أن يغطي حاجة العراق من الدواء، واستمرار استيراد أدوية غير مطابقة للمعايير الدولية من إيران.
وعزا خبراء اقتصاديون وأطباء، تراجع مستوى الشركة إلى الفساد وسيطرة شركتين جديدتين على السوق، والتوجه للاستيراد من أجل “العمولات”، فيما تتذرع وزارة الصحة، بأن نوع العلاج الذي تنتجه الشركة، لا يغطي كافة الاحتياجات.
وقال المحلل الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، إن “معمل أدوية سامراء تكبد خسائر بقيمة 30 مليار دينار للسنة الثالثة على التوالي، علمًا أنه أحد المعامل المتميزة على مستوى الشرق الأوسط، ومع هذا لم تتم دراسة أسباب الخسارة التي لم تكن بسبب عدم فاعليته وعدم كفاءة الإنتاج فالمعمل معروف وسمعته على مستوى عال”.
وعزا أسباب هذه الخسائر أن وزارة الصحة التي كانت تعتمد على 70 بالمائة من إنتاج معمل أدوية سامراء منذ سنوات، لكنها الآن لا تشتري منه لأنها توجهت إلى شراء المنتج الأكثر جودة كما تدعي، الذي يصاحبه عمولات وسفر.
وأضاف المشهداني، أن “المعمل كان قبل عام 2003 يستقطب 1600 عامل وعلى مدى ثلاثة أوقات عمل في اليوم، لكن عدد العاملين فيه الآن وصل إلى 7500 عامل في وقت واحد، وهذا يولد خسائر بسبب البطالة المقنعة”، لافتًا إلى أن “قرارات عليا ساهمت في تعيين هذا العدد من العاملين فيه”.
وكانت شركة أدوية سامراء، أعلنت نهاية العام الماضي، أن خسائرها خلال العشرة أشهر من عام 2022 بلغت 31.3 مليار دينار، وهو مقارب لخسائر العام 2021، ما دفعها إلى إيقاف جميع أبواب الصرف والاقتصار على الطلبات الخاصة بديمومة العملية الإنتاجية.
يذكر أن الشركة تأسست عام 1965 وفق العقد المبرم مع الاتحاد السوفيتي سابقًا للتعاون الفني والاقتصادي حيث استمر العمل على تأسيس الشركة لغاية 1969، وبدأت بعدها العمل بامتياز من شركات عالمية مثل شركة Lepetite الإيطالية وشركة MSD الأمريكية وشركة SKF الانكليزية وشركة GLAXO الانكليزية وشركة ASTRA السويدية وشركة ROCHE السويسرية.

الإهمال الحكومي لشركة أدوية سامراء متعمد للقضاء على أي مشروع اقتصادي يُنعش اقتصاد البلاد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى