أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدينمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

تزويق انتخابات مجالس المحافظات بقوائم هزيلة لا يغير من زيفها

القوى الوطنية وثوار تشرين يؤكدون على أن العراق بوضعه الحالي تحت سطوة أحزاب وميليشيات السلطة غير مؤهل لانتخابات ديمقراطية عادلة.

بغداد- الرافدين
تدفع القوى والأحزاب السياسية والطائفية المستحوذة على الحصة الكبرى من الحكومة ومجلس النواب في العراق، باتجاه تزويق انتخابات مجالس المحافظات المؤمل اجراؤها في نهاية العالم الحالي.
وتشجع وتمول هذه القوى في الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية والقوى والأحزاب الأخرى المتحالفة معها في تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، مجاميع صغيرة ووصفها بـ “القوى المستقلة” والنشطاء للمشاركة في الانتخابات عبر قوائم هزيلة لإضفاء تنوع مزيف على انتخابات مجالس المحافظات.
وتشمل الانتخابات المحلية المقبلة 15 محافظة من بينها كركوك، بعد آخر انتخابات محلية جرت في عام 2013، وتعتمد نظام الدائرة الانتخابية الواحدة بصيغة “سانت ليغو” بدلاً من الدوائر المتعددة الذي كان معمولاً به خلال الانتخابات التشريعية الماضية، في محاولة لزيادة مقاعد القوى والميليشيات التي منيت بهزيمة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة.
ولا يثق الغالبية العظمى من العراقيين بالقوى السياسية والميليشياوية المستحوذة على السلطة منذ احتلال العراق عام 2003، كما ينظرون الى المجاميع التي تقدم نفسها بـ “المستقلة” بانها جزء من كذبة الانتخابات المكشوفة.
ومثلت انتخابات مجلس النواب الأخيرة صفعة سياسية للقوى الحاكمة عندما قاطعها أكثر من 80 بالمائة من الناخبين العراقيين، كما أنها كشفت عن هزالة تأثير الأحزاب والميليشيات الطائفية على الشارع العراقي، بعد هزيمتها في تلك الانتخابات.
وكشف فوز التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر في تلك الانتخابات وفشله في تشكيل الحكومة بعد الصراع مع المنافسين له في الإطار التنسيقي، ثم انسحاب أعضائه من مجلس النواب، هزالة “الديمقراطية” عندما لا يمسح للفائز بتشكيل الحكومة.
ووصف مراقبون سياسيون ما حدث حينها بالكوميديا الانتخابية والسياسية التي لا يمكن أن تحدث إلا في العملية السياسية القائمة في العراق منذ الاحتلال الأمريكي.
وتحاول القوى المهيمنة على العملية السياسية الترويج لمجاميع صغيرة ودفعها للمشاركة في الانتخابات، إلا انها في النهاية ستنضم إلى تلك القوى بمجرد حصولها على مقاعد في مجالس المحافظات.
ورفض بيان موحد لثوار تشرين والقوى السياسية الوطنية المعارضة، المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، مؤكدا على “إن كل من يدعو ويثقف للمشاركة بأية انتخابات سواء كانت لمجلس النواب أو مجالس المحافظات وغيرها، هو جزء من منظومة العملية السياسية الفاسدة والفاشلة ولا يمثل الشعب العراقي الحر الكريم”.
وكرر مطالبه الوطنية بطرد الاحتلالين الأمريكي والإيراني من العراق قبل المشاركة في أي عملية سياسية مقترحة.
بينما وصف مجلس تشرين المركزي انتخابات مجالس المحافظات بأنها باطلة واستمرار لعملية سياسية باطلة شكلها الاحتلال الأمريكي للعراق.
وأكد المجلس في بيان على أن المنظومة السياسية بعد أن تمكنت من السيطرة على زمام الأمور وأودت بثورة تشرين بعد أن زجت بذيولها بين الثوار، عادت لتفعيل هذه الفرية من جديد.
وشدد البيان على أن “الذيول الذين أوهموا أنفسهم بأنهم مستمرون في هذه المسرحية الهزيلة وتأسيس أحزاب بأموال الشعب المسروقة من قبل أحزاب السلطة، قد هرولوا للمشاركة في هذه الانتخابات”.
وعبر عن تهكمه على الذين ينتقدون السلطة في الفضاء العام بينما يلوذون بها في الانتخابات، بأنهم لا يمتلكون أي مؤهل لإدارة مدرسة صغيرة، فكيف ببلد عملاق معقد كالعراق.
وعبر بيان مجلس تشرين المركزي عن قناعته بأن الانتخابات وسيلة حضارية لتمثيل صوت الشعب في أي دولة ديمقراطية، لكن العراق في وضعه الحالي خارج هذه المعادلة.
وتتزامن بيانات الرفض الشعبية للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات، مع عودة قوى وأحزاب سياسية قاطعت انتخابات مجلس النواب الأخيرة للمشاركة من جديد من بينها الحزب الشيوعي الذي يلاقي الازدراء في الشارع العراقي منذ مشاركته في مجلس الحكم المنحل وحتى تحالفه مع ميليشيات طائفية مارست عمليات القتل على الهوية.

ثائرة أكرم العكيدي: العراقيون ينظرون إلى مجالس المحافظات على أنها تجربة فاشلة وأحد أبواب الفساد الكبيرة في البلاد

وقال سكرتير اللجنة المركزية رائد فهمي، إنّ “الحزب الشيوعي سيشارك في الانتخابات المحلية المقبلة، ونعتقد أن المشاركة ضرورية حالياً، بعد المقاطعة للانتخابات البرلمانية الأخيرة، لتثبيت جهود القوى المدنية والوطنية”.
وتذرع بأن “المشاركة السياسية للحزب الشيوعي في المرحلة المقبلة، إضافة إلى القوى المدنية التي أسست وشكلت من المحتجين في تظاهرات تشرين تهدف إلى منع استمرار نهج المحاصصة المقيتة، وتأسيس مرحلة سياسية جديدة تهدف إلى خدمة الناس، وليس الاستيلاء والاستحواذ على السلطة كما كان يحدث في السابق”.
وينظر إلى كلام رائد فهمي بانه ازدواجية مكشوفة ومعيبة ومحاولة متأخرة للحصول على فضلات المحاصصة القائمة، بعد أن شعر الحزب الشيوعي بأنه لا يساوي شيئا عند الشارع العراقي.
جديد بالذكر أن رائد فهمي سبق وأن منح منصب وزير العلوم والتكنولوجيا في حكومة نوري المالكي ما بين عامي 2006- 2010. التي أدارت أكبر عملية سرقة لأموال الدولة في التاريخ السياسي للعراق.
وتحول الحزب الشيوعي العراقي إلى مزحة كوميدية تاريخية بعد احتلال العراق عام 2003، ليس لأنه انشق على نفسه بقيادتين، بل لأنه قدم نفسه كخادم مطيع للإمبريالية الأمريكية المحتلة للعراق، الذي رفع ضدها الشعارات البراقة.
وانهارت فكرة “الوطنية الشيوعية” التي ينادي بها الحزب عبر تاريخه عندما شارك زعيمه آنذاك حميد مجيد موسى في مجلس الحكم المنحل الذي عينه الحاكم الأمريكي بول بريمر، ليكون أداة ليس فقط بيد المحتل الأمريكي، بل أحد هوامش الأحزاب الطائفية التي استحوذت على الحكم.
واستمر انهيار الحزب الشيوعي العراقي عندما تحالف مع التيار الصدري وشارك في قائمة انتخابية واحدة، قبل أن يقاطع الانتخابات الأخيرة، لتتحول “الشيوعية العراقية” إلى كوميديا سياسية تاريخية قل نظيرها في التناقض والازدواجية.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن انتخابات مجالس المحافظات مع كل التزويق والاغراء الذي تقدمه القوى المهيمنة على العملية السياسية، لا تغير من الواقع السياسي الحالي.
وأكدوا على أن انعدام الثقة بالعملية السياسية نفسها مستمر وأن المقاطعة لهذه الانتخابات مرجحة بنفس مستوى مقاطعة انتخابات مجلس النواب الأخيرة.
وقالت الكاتبة ثائرة أكرم العكيدي “بعد مرور أكثر من 18 سنة على أول انتخابات عامة في العراق بعد الغزو، لم يتمكن النظام السياسي في العراق من بناء دولة مؤسسات راسخة، ولم يقم بإعداد نظام رقابي مقتدر وكفء يتولى مراقبة المعايير الديمقراطية والمجالس المنتخبة”. وشددت على أن الشعب العراقي بشكل عام ينظر إلى تجربة مجالس المحافظات على أنها تجربة فاشلة وكانت أحد أبواب الفساد الكبيرة في العراق.
وأضافت “انتخاب مجالس محافظات جديدة لن يجعلها بالضرورة أفضل أو أكثر نزاهة من سابقاتها، وما دامت المجالس المنتخبة ستظل تعمل بموجب استحقاقات التوافق والمصالح المتبادلة بين القوى السياسية في غياب قوة ردع قانونية مستقلة أو صحافة حرة تعمل بلا ضغوط أو عنف، فلن يكون أمام الجمهور غير انتظار دورة انتخابية جديدة ستشهد مزيدا من المقاطعة بسبب الإحباط وخيبة الأمل”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى