أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

ملف المناطق المنكوبة بيد زبائنية العملية السياسية كخدمات متبادلة

إعفاء رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة محمد هاشم العاني من منصبه، يكشف الجدل المتصاعد حول آلية توزيع الصفقات بين القوى السياسية المهيمنة.

بغداد – الرافدين
أعاد ملف إعادة إعمار المناطق المنكوبة في العراق الحديث عن حجم الفساد والصراع السياسي الذي تتخذ منه القوى السياسية ذريعة لاستمرار الحصول على صفقات يكتنفها الفساد، بعد إعفاء رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة محمد هاشم العاني من منصبه.
وكشف الجدل المتواصل حول أداء الصندوق وآلية توزيع المشاريع في المناطق والمحافظات المنكوبة، طبيعة ملف سياسي يتم التعامل معه كصفقة بين قوى وأحزاب وميليشيات كمناولة ومقاولات لتبادل الخدمات.
وبحسب مراقبين فإن الحكومة والقوى التي تزعم أنها تمثل تلك المناطق، لن تفكر بأحوال وأوضاع الناس بقدر ما تفكر كم ستكسب من هذا الملف، بغض النظر عن النتائج المتحققة فعلًا بعمليات الإعمار التي لم تحصل لحد الآن.
وكشفت، مجلة “كونستركشن ريفيو” المعنية بشؤون الإعمار، في تحقيق لها، أن مشاريع الإعمار في العراق المنطلقة منذ عام 2015 لاسيما في المحافظات المنكوبة، أوقفت مؤخرًا نتيجة لشبهات فساد.
وأوضحت المجلة أن إعفاء رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة محمد هاشم العاني من منصبه، جاء نتيجة لشبهات فساد، كما تم إيقاف العمل بالمشاريع التي يمولها صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة لإعادة النظر بالمبالغ التي أنفقت عبره بسبب الفساد.
وعزت أسباب إيقاف عمل اللجنة والمشاريع المشرفة عليها، إلى الاشتباه أيضًا بوجود سوء إدارة للأموال التي يضمها الصندوق وتصل لنحو 30 مليار دولار.
ومنذ العام 2017، لا يزال ملف إعادة إعمار المناطق المحررة مركونًا على رفوف الحكومات المتعاقبة، على الرغم من التخصيصات المالية التي أعلن عنها بعد أشهر على انتهاء الحرب في تلك المناطق.
وأشار عضو مجلس محافظة نينوى السابق محمد البياتي، إلى أن مدينة الموصل لم تشهد إعمارًا حقيقيًا على مدى السنوات الماضية، وإنما الإعمار كان عبارة عن تبليط شوارع وزرع أشجار.
وأضاف بأن “الساحل الأيمن لمدينة الموصل وهو الأكثر تضررًا بالعمليات العسكرية، لا يزال عبارة عن أكوام من الحطام والمشهد يبدو مخيفًا إلى الآن”.
وتعاني، المحافظات المنكوبة من تدنٍ في مستوى الخدمات وغياب إعمار ما دمرته الحرب، فضلًا عن مئات الآلاف من العوائل التي لم تعد إلى مناطقها بسبب تسلط الأحزاب السياسية وسيطرة ميليشياتها الولائية عليها ومنعهم من دخولها.
ولحق، بتلك المحافظات دمار كبير حيث لم تستثن قوات التحالف والميليشيات المساندة لها منازل المواطنين ودور العبادة والمناطق التاريخية من القصف الجوي والمدفعي.
ووصلت، نسبة الدمار في محافظة نينوى إلى أكثر من 80 بالمائة، فيما تأثرت البنى التحتية في الأنبار وصلاح الدين وديالى وحزام بغداد بشكل كبير.
وقال مسؤول حكومي -رفض الكشف عن اسمه-، إن “ملف الإعمار في عموم المحافظات المدمرة دخل نفق السياسة، إذ أن هناك عراقيل كبيرة اعترضت طريقه منذ سنوات وما زالت تعترضه”، فيما لم تبذل الحكومة أية مساعٍ لإعادة إعمار تلك المناطق أو مساعدة أهلها في تخطي أزمتهم.
وأوضح، أن “الميليشيات التي سيطرت على مناطق كبيرة من المدن المنكوبة عملت على منع إعادة أهلها النازحين”، مؤكدًا على أن “تلك الميليشيات تريد تحقيق أهداف سياسية وأجندات معينة، كما تريد أيضًا تحقيق مكاسب مالية من ملف الإعمار”.
ويرى مواطنون، من سكان المدن المنكوبة أن الإهمال الحكومي تسبب في تأخر وصول الأموال وصرف حصصهم من الموازنة وبالأخص، صرف التعويضات عن الأضرار التي تسببت فيها الحرب.
وقال الأستاذ في جامعة الموصل موفق الويسي، إن “أهالي مدينة الموصل مسكوا زمام المبادرة وبدأوا بعمليات إعادة إعمار المدينة وسط غياب شبه كلي للجهد الحكومي المركزي وضعف الحكومة المحلية”.
وأضاف “من الملاحظ عدم جود خطة حقيقية وإرادة لإعادة إعمار المدينة، ومثال ذلك مطار الموصل الذي لا يزال مجرد حبر على ورق”.
ويرى الويسي، أن “القائمين على صرف الأموال غير جديين ولم يضعوا خطة حقيقية وأولويات للبدء، ولهذا نرى أن هناك مبالغ كبيرة صرفت لكنها لم تأخذ بنظر الاعتبار احتياجات الناس الحقيقية مثل المستشفيات والجسور والطرق الرئيسية والمدارس المدينة القديمة وغيرها”.
ويعد، ملف الإعمار في العراق من الملفات الشائكة والمتداخلة، والتي تتضارب المصالح السياسية والاقتصادية والأجندات الحزبية فيها، الأمر جعل الملف يراوح مكانه، ولم يحرز أي تقدم واقعي فيه، فيما لم يبد أهالي تلك المحافظات أي تفاؤل بإعادة الحياة لمناطقهم التي أجبروا على النزوح منها.
ويجمع مراقبون على غياب الاهتمام باحتياجات الناس الحقيقية، وإن الحديث عن ملف إعمار المدن المنكوبة ليس سوى استعراض إعلامي زائف لا يكشف حقيقة ما يجري في تلك المناطق.
ويصفون تبليط شارع والتقاط عشرات الصور له أو بناء سوق لأحد الأثرياء بدفع رشى للحكومة لا يعني الإعمار، لأن عمليات الإعمار من بناء المدارس والمستشفيات والمرافق الخدمية التي تساعد الناس في حياتهم لم تتحقق إلى الآن.

موفق الويسي: أهالي مدينة الموصل بدأوا بعمليات إعادة إعمار المدينة وسط غياب شبه كلي للجهد الحكومي المركزي وضعف الحكومة المحلية.
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى