أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

الإطار التنسيقي مشغول بدفع الأموال لإيران أكثر من حل أزمة الكهرباء في العراق

المحلل الاقتصادي محمد الحسني: معضلة الكهرباء في العراق لا يمكن حلها في المدى القريب في ظل التخبط والفساد الموجود لدى وزارة الكهرباء.

بغداد – الرافدين
أثار استجداء الإطار التنسيقي للولايات المتحدة الأمريكية، عبر حكومة محمد شياع السوداني، بإطلاق مستحقات الغاز الإيراني، لحل أزمة الكهرباء المتفاقمة، سخرية وغضب الشارع العراقي، نتيجة الفشل المتكرر في إدارة أزمات البلاد.
ووصف عراقيون دعوة الإطار التنسيقي حكومة السوداني لمخاطبة الجانب الأمريكي وإطلاق مستحقات الغاز الإيراني بالذريعة الجاهزة للهروب إلى الأمام، وتكشف عن عدم المسؤولية، لأن الحكومات لا تعول على الدول الأخرى لحل مشاكلها، بل هي من تصنع الاستراتيجيات اللازمة وتضع الحلول لمشاكلها.
وكان الإطار التنسيقي قد دعا حكومة السوداني، من خلال وزارة الخارجية إلى الاتصال بالجانب الأمريكي وحمله على الإطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الإيراني دون تأخير أو مماطلة.
وفي السادس والعشرين من حزيران 2023، أعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء في العراق، أحمد موسى، إنّه تم سداد جميع مستحقات الغاز الإيراني، وتم إيداعها في صندوق الاعتماد لدى المصرف العراقي للتجارة، وقد حمل الإطار التنسيقي، في بيانه المصرف العراقي للتجارة والإدارة الأمريكية مسؤولية تراجع تجهيز الطاقة الكهربائية.
ويرى مراقبون، أن الإطار التنسيقي مفلس سياسيًا، وتكشف تصريحاته من دون مورابة، أنه يثبت بشكل مطلق ولائه لإيران، ويفكر بالسعي لتزويدها بالعملة الصعبة أكثر مما يفكر بمعاناة العراقيين من فقدان التيار الكهربائي.
وتعمد، إيران مرارًا إلى قطع الإمدادات الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء وتغطية ثلث احتياجات البلد الغني بالموارد النفطية من الغاز، لإرغام بغداد على دفع تلك المستحقات.
وتكلّف فاتورة استيراد الغاز الإيراني ميزانية العراق أرقامًا كبيرة، إذ إن بغداد -رغم كونها ثاني أكبر منتجي النفط في أوبك- لم تنجح بعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز.
ويعدّ ملف الغاز والكهرباء حساسًا بالنسبة للعراق، الذي يشهد ارتفاعًا مفرطًا في درجات الحرارة التي سجلت مستويات قياسية بلغت 50 درجة مئوية في محافظات البصرة والناصرية وذي قار.
ويزداد الأمر سوءًا نتيجة الانقطاع المتكرر اليومي للكهرباء، ما يزيد من غضب الشارع ويثير أحيانًا تظاهرات في بلد بنيته التحتية متهالكة بفعل عقود من النزاعات والفساد المستشري.
وفي اعتراف مثير للتهكم قال الناطق باسم وزارة الكهرباء الحالية، أحمد موسى “نمنا في الليل واستيقظنا صباحًا لنجد أن الغاز مقطوع بدون بلاغ مسبق، لتصبح محطاتنا (طابوقة)” في إشارة لعدم فائدتها.
ووصف عراقيون تصريحات الوزارة على لسان الناطق باسمها، بالمعيبة والمضحكة أمام الرأي العام والشعبي في العراق، والتي زادت من غضب الشارع العراقي، لتندلع موجة تظاهرات في محافظات عدة احتجاجًا على تردي واقع الكهرباء في البلاد.
ففي البصرة، اندلعت احتجاجات الأهالي في قضاء الزبير، بسبب انعدام التيار الكهربائي وانخفاض معدل ساعات التجهيز، مطالبين بضرورة إيجاد حل سريع وتجهيزهم بالتيار الكهربائي.
وفي واسط، حاصر المتظاهرون الغاضبون في قضاء العزيزية مديرية توزيع الكهرباء، ٳحتجاجًا على انعدام التيار الكهربائي، مطالبين بزيادة حصة العزيزية من الكهرباء، وتجميد الديون، ومنح المنازل السكنية الأولوية في تجهيز التيار الكهربائي.
وخرجت تظاهرة شعبية في كربلاء على خلفية انعدام الكهرباء في المحافظة.
واتهم المتظاهرون المسؤولين بالفساد الحكومي وتعمد عدم حل مشكلة الكهرباء المزمنة.
من جانبها، أكدت لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، أن أسباب الأزمة الكهربائية تتمثل في غياب الإرادة السياسية، معتبرة ملف الغاز الإيراني ورقة ضغط سياسية.
وحذرت، اللجنة من تظاهرات عارمة إذا استمر انقطاع التيار الكهربائي، مضيفة، أن الحكومات السابقة لم تستثمر الأموال الكبيرة التي خصصت للكهرباء وأن العراق سيظل يعاني من أزمة الكهرباء طالما أنه مستمر بحرق غازه والاستيراد من إيران.
وأضافت اللجنة أن حل أزمة الكهرباء وتأمين التجهيز على مدار الساعة بحاجة إلى 5 سنوات بشرط دخول محطات جديدة العمل لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية.
وعلى الرغم من أن العراق قد احتل المركز العاشر ضمن قائمة أكثر الدول العربية الأكثر إنتاجًا للغاز الطبيعي، إلا أنه مستمر باستيراد الغاز من إيران.
وتشير، تقديرات أولية لوزارة النفط في العراق أن نحو 70 بالمائة من الغاز العراقي هو انبعاث مصاحب لاستخراج النفط حيث يتم حرق هذه الكمية وهدرها بدل الاستفادة منها.
وقال مصدر حكومي، إن “هناك آليات مجهزة مسبقًا في جميع المصافي، للاستفادة من الغاز المصاحب بدل حرقه، والجميع يعلم بذلك، إلا أن هناك أوامر عليا تقضي بحرقه، لاستمرار عملية شراء الغاز الإيراني، وتعويض إيران من خسائرها الاقتصادية”.
وبين المصدر في تصريحات خاصة لـ “قناة الرافدين”، أن هدر الغاز المصاحب مسألة سياسية تتحكم بها أحزاب السلطة وميليشياتها، من أجل استمرار مصالح إيران على حساب أزمات الشعب العراقي.
وأوضح، أن الغاز المصاحب يدر أرباحًا كثيرة، فضلًا عن تأمينه الحصة الكافية من حاجة العراق للغاز، إلا أن التبعية لإيران حرمت المواطنين من ثروات البلاد المهدورة.
وفي لقاء تلفزيوني سابق أقر وزير النفط الأسبق عصام الجلبي أن ‏إيران تبيع الغاز للعراق بضعف السعر العالمي في وقت يخسر فيه العراق 5 ملايين دولار يوميًا جراء إحراق الغاز المصاحب لاستخراج النفط.
وهو ما أشار إليه النائب في البرلمان الحالي، مضر الكروي، من أن ملف الطاقة يواجه تحديات كبيرة أبرزها الاعتماد الكلي على الغاز المستورد في تشغيل جزء كبير من المحطات رغم وجود حقول غاز عراقية باحتياطات هائلة.
وأضاف، أن الكلفة المالية لاستيراد الغاز والكهرباء لمدة عام، كافية لاستثمار حقول المنصورية، وهي الأكبر على مستوى البلاد من ناحية الاحتياطات وقادرة على تشغيل محطاته لمدة 20 سنة ما يكشف الأخطاء الاستراتيجية في إدارة هذا الملف.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي محمد الحسني، إن “معضلة الكهرباء في العراق لا يمكن حلها في المدى القريب في ظل التخبط والفساد الموجود لدى وزارة الكهرباء”.
وأضاف، أن “ما تعمل عليه وزارة الكهرباء من ربط المنظومة بدول الجوار لا تحل مشكلة الكهرباء إطلاقًا في العراق وهي حلول ترقيعية”.
ويرى، أن “الحل الأمثل لمعضلة الكهرباء في العراق، هو تشكيل لجنة مختصة من مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة الكهرباء، وإحالة هذا الملف إلى كبريات الشركات العالمية من سيمنس الألمانية أو جنرال الأمريكية”، وبغير ذلك وفقًا للحسني، فإن “العراق سيبقى يعاني من هذه المشكلة طالما يفتقر للوقود اللازم لتشغيل محطاته الكهربائية.

غياب تام للحلول الحكومية
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى