أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

بيوت بلاد النهرين بلا ماء في صيف لاهب

الوضع المائي في العراق على وشك الانهيار و80 بالمائة من مشاريع مياه الشرب في ذي قار متوقفة.

بغداد – الرافدين
كشفت مديرية ماء ذي قار أن الوضع المائي في المحافظة وصل إلى مراحل خطيرة وأن المجمعات المائية تعمل في ظروف حرجة للغاية.
وقال مدير ماء المحافظة أحمد عزيز، أن جميع المجمعات المائية في المحافظة تعتمد على نهر الغراف المتفرع من نهر دجلة، مشيرًا إلى أن الفترة الماضية شهدت حصول انخفاض مائي غير مسبوق في النهر لم تشهده المحافظة من قبل، ما أدى إلى عرقلة عمل المجمعات المائية.
وبيّن، مدير ماء ذي قار أن الوضع الحالي في مرحلة الانهيار، وأن أي انخفاض مائي جديد يعني انهيار عمل المجمعات جميعها في المحافظة، داعيًا لزيادة الإطلاقات المائية.
وأكد على توقف 80 بالمائة من مشاريع مياه الشرب في المحافظة.
وحذر مرصد العراق الأخضر، من أزمة في توفير مياه الشرب تطال جميع المحافظات العراقية في حال عدم وضع حلول ناجعة بأسرع وقت ممكن.
وأكد على أن الأراضي الزراعية هي الأكثر تضررًا من أزمة المياه، وأغلب هذه الأراضي خرجت عن الخدمة، ما جعل المزارعين يهجرون أراضيهم للبحث عن مصادر أخرى للعيش.
وشدد على أن أزمة نقص مياه الشرب التي يعاني منها سكان الأهوار وبعض المناطق الجنوبية في ذي قار والبصرة وميسان والمثنى، بدأت تمتد إلى محافظة الأنبار في غرب العراق.
وسجلت مناطق متفرقة في كل من ديالى وواسط وذي قار والمثنى، موجات من النزوح القسري، بسبب موجة الجفاف التي تعاني منها تلك المناطق، والتي سببت الحرمان من مياه الأنهر، ومن ثم مياه الشرب، ما دفع أهالي هذه المناطق إلى الهجرة العشوائية.

تحسين الموسوي: الإجراءات الحكومية الفاشلة وغير المدروسة أسهمت بزيادة شحة المياه

ويشكو الأهالي في العديد من المحافظات ومنها العاصمة بغداد من شح بمياه الشرب مع ارتفاع درجات الحرارة.
وسلط برنامج “صوتكم” الذي يعرض على قناة “الرافدين” الفضائية، الضوء على شكوى ومناشدات المواطنين الذين يرزحون تحت معاناة شحة مياه الشرب، بعد انتشار الشكاوى المعبرة عن الاستياء والتذمر على مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي منطقة الأعظمية شكا عدد من أهاليها انقطاع المياه لساعات طويلة خلال اليوم الواحد، الأمر الذي دفعهم للاعتماد على السيارات الحوضية والصهاريج في تزويد منازلهم بالمياه في مشهد كان من النادر أن نراه في العاصمة بغداد.
ويضطر العديد من سكان الأحياء السكنية، خاصة الواقعة على جانب الرصافة من بغداد، إلى السهر خلال أوقات الليل للحصول على فرصة ملء خزانات مياه منازلهم عبر مكائن سحب المياه الكهربائية.
واحتج أهالي منطقة “الكريعات” المحاذية لنهر دجلة ببغداد على انقطاع الماء لأكثر من شهرين، بسبب إهمال المسؤولين في معالجة الأزمة.
وقال أحد وجهاء منطقة الكريعات “بتنا كالنازحين والمهجرين من ديارهم ننتظر وصول السيارات الحوضية للتزود بالمياه على الرغم من أننا نسكن بالقرب من نهر دجلة”، مشيرًا إلى إصابة العديد من الأهالي بالأمراض الجلدية لافتقاد هذه مياه السيارات الحوضية للشروط الصحية.
وطالب سكان منطقة الزعفرانية ببغداد إطلاق اسم “منطقة التناكر” على منطقتهم أسوة بتسمية حي “التنك” على المناطق العشوائية المبنية من الصفيح وذلك بسبب اكتظاظ المنطقة بـ “التناكر” التي باتت وسيلة السكان للحصول على مياه الشرب بسبب انقطاعها فترة طويلة.
وفي محافظة ميسان جنوب العراق ما زالت معاناة سكان حي الرحمة وحي الغدير مستمرة بسبب شح المياه وانقطاعها وسط استمرار مناشدات الأهالي دون جدوى، مؤكدين تقاعس الجهات الحكومية عن حل تلك الأزمة.
وتعالت الأصوات في منطقة أم العصافير بمحافظة المثنى حيث وصف أحد سكانها منطقتهم بـ “المنكوبة” لغياب المياه منذ أكثر من 10 أيام عنها، واضطرارهم لشراء المياه من المحال التجارية والسيارات الحوضية.
وتحسر بمشاهد مصورة من حال الخزانات المنزلية التي تخلو من المياه ولم يبق بداخلها سوى الكتل الطينية المترسبة في قعرها مناشدًا الجهات المختصة بالإسراع فورًا وإيجاد حل عاجل لهم.
ودعا المتحدث الرسمي لمحافظة صلاح الدين جمال عكاب المواطنين إلى تقنين استعمال المياه وإيقاف الاحتياجات غير الضرورية بعد معلومات وردت من دائرة المياه أفادت بوجود أزمة في المياه خلال الأيام المقبلة.
وطالب الجهات المعنية بشن حملات على مرآب غسل السيارات لوقف عمليات الهدر الكبيرة في المياه.
وأجمع سكان محافظة صلاح الدين على أن الكثير من مناطق المحافظة تعتمد على السيارات الحوضية التي لم تعد تكفي لسد الكميات الفعلية التي تحتاجها كل منطقة خصوصًا مع الطلب المتزايد في فصل الصيف.
وقالوا “هناك حاجة ماسة إلى حلول واقعية وليست ترقيعية، فمن المعيب أن تبقى الجهات الحكومية تمارس الصمت المطبق حول أزمة المياه وتحاول امتصاص الغضب الشعبي المتزايد عبر توفير مياه الحوضيات”.
وفي مقابلات حصرية لقناة “الرافدين” بثت خلال برنامج “مع الناس” عبر مواطنون من محافظة بابل عن سخطهم من عدم جدية الجهات الحكومية بمعالجة وحل أزمة المياه واضطرارهم لشراء المياه من الأسواق الأهلية.
وأضافوا “في الوقت الحالي لا نطلب من الحكومة ماءًا للسقي فقد هلكت الكثير من المزروعات والحيوانات، المطلب الوحيد الإسراع بتوفير مياه الشرب للسكان”.

د. نظير عباس الأنصاري: وزارة المياه لن تتمكن من إيجاد الحلول لغياب الخطط الاستراتيجية للتعامل مع مشاكل المياه الحالية والمتوقعة

وشكا مواطنون آخرون من الحال المزري للمياه الواصلة لمنازلهم محملين الحكومة مسؤولية الفشل في حل هذه الأزمة.
وفي بغداد أبدى مواطنون امتعاضهم من التقاعس الحكومي في إنجاز مشاريع المياه قائلين “منذ 10 سنوات وأهالي منطقة السعادة والكرامة شرقي بغداد يعانون شحة المياه الصالحة للشرب بسبب التلكؤ في إكمال مشروع شبكة المياه وإنهاء معاناتهم”.
وقال خبير الموارد المائية العراقي تحسين الموسوي “إن سوء التخطيط والتوزيع ونقص الخزين المائي فاقم أزمة المياه في العراق وملف المياه لا يشكل أولوية للجهات الحكومية”.
وأضاف الموسوي في تصريح لقناة “الرافدين” أن “السياسة المتبعة من قبل الحكومة هي سياسة فاشلة لا تتواكب مع الاستهلاكات المتزامنة مع زيادة الموارد البشرية”
ولفت إلى أن الإجراءات المتخذة إلى الآن تمثل عوامل أسهمت بزيادة الأزمة بوتيرة متسارعة.
ويتفق الأكاديمي المتخصص في شؤون المياه الدكتور نظير عباس الأنصاري مع ما ذهب إليه الموسوي في أن الحلول الحكومية آنية وتخلو من أي بعد استراتيجي وتتسم بالإرضاء الوقتي.
وقال الأنصاري في تصريح لقناة “الرافدين” إن “المسؤولين عن ملف المياه ليسوا من أصحاب الاختصاص، ووزارة المياه لن تتمكن من إيجاد الحلول لغياب الخطط الاستراتيجية للتعامل مع مشاكل المياه الحالية والمتوقعة”.
ولفت إلى أن الاستراتيجية الوحيدة الثابتة للوزراء المتعاقبين لإدارة الموارد المائية على مدى عقدين هي هدم وإزالة خطط ومشاريع الوزير الذي سبقه للمنصب والبدء من جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى