أخبار الرافدين
تشكيل الحكومة العراقية أزمات متعاقبةتقارير الرافدين

قلق وترقب بين أحزاب وميليشيات الإطار من عودة الصدر

سياسي من التيار الصدري: على هؤلاء الذين يسيطرون على الحكومة الحالية أن يفهموا حقيقة مفادها أننا لن نبقى صامتين تجاه قضايا مصيرية وأن مؤيدينا بمئات الآلاف جاهزون للنزول للشارع وقت الحاجة.

بغداد- الرافدين
يدب القلق بين أحزاب وميليشيات الإطار التنسيقي الولائية خصوصا ما يتعلق بجناح نوري المالكي وقيس الخزعلي وعمار الحكيم، من عودة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى المشهد السياسي ليهدد سيطرة أحزاب الإطار على حكومة محمد شياع السوداني.
ومع أن الصدر الذي انسحب أتباعه من البرلمان لم يغب كليا، وكان يراقب ما يحدث، لكن الاحداث الأخيرة بهجوم عناصر التيار الصدري على مقرات حزب الدعوة وحرقها بعد قيام الحزب بالتهكم على والد مقتدى، ومن ثم الهجوم على مقر سفارة السويد وحرقها، منحت زعيم التيار فرصة انتهاز ما يحدث لبعث رسائل سياسية تقول “أنا هنا”.
وتثير رسائل الصدر الأخيرة تخوفات قوى ولائية وخصوصا حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي وميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي من احتمالات الدخول في اقتتال داخلي.
وكانت قيادات في التيار الصدري اتهمت “حسابات إلكترونية” مرتبطة بجهات في الإطار التنسيقي بالإساءة إلى محمد صادق الصدر، والد رئيس التيار، فيما وجهت قيادات أخرى اتهامات مباشرة لحزب الدعوة بالوقوف وراء حملة الإساءة.
ومع قيام اتباع التيار الصدري بحرق مقرات حزب الدعوة، لم تتخذ الحكومة العراقية أو الأجهزة الأمنية التابعة لها أي موقف تجاه الأحداث، وهذا ما فعلته أيضا مع حرق السفارة السويدية في بغداد.
ويعزو مراقبون امنيون موقف السوداني بأخذ جانب المتفرج، إلى أنه لا يريد ان يوحي لزعيم التيار أنه يتخذ موقفا من أتباعه لحساب المالكي.
ووصفوا التنديد الحكومي بحرق السفارة السويدية، بأنه خرق أمني وتعهد بحماية البعثات الدبلوماسية. لا يعدو كونه رسالة دبلوماسية إلى الخارج لا يمكن أن تثير حساسية الصدر.
وتزامنت هذه الأحداث مع مرور عام على تسريب تسجيلات صوتية منسوبة للمالكي، هدد فيها رئيس التيار بضربه في معقله في حي “الحنّانة” بمدينة النجف، حيث وعد القضاء العراقي آنذاك بالتحقيق في صحة التسجيلات دون أن يصدر عنه أي قرار أو إجراءات.
وفي ذروة أزمة التسجيلات المسربة العام الماضي، أشار الصدر إلى أنه ساهم في عدة مرات بـ “حقن دماء العراقيين بمن فيهم دم المالكي نفسه”؛ في إشارة إلى صدام سابق عام 2008 بين القوات الأمنية التي كان يقودها المالكي، وجيش المهدي الميليشيا التابعة للتيار الصدري.
وتتوالى مؤشرات القلق من داخل الإطار التنسيقي بأن العودة جدية هذه المرة، وأن الصدر ينتهز الأحداث المتسارعة، وأن المعركة وأن كانت تحت سيطرة العامل الإيراني قادمة بين الصدر والمالكي.
وقال الكاتب كرم نعمة، نوري المالكي ليس سعيدا على الإطلاق بحرق أنصار الصدر لمبنى سفارة السويد في بغداد عندما شاهد انصياع حكومة محمد شياع السوداني للجموع دون أن تفعل شيئا!
وأضاف “بيت المالكي لا يبعد كثيرا عن مبنى السفارة وبمجرد أن يوعز مقتدى لأتباعه عندها سنستعيد متوالية السحل” في إشارة إلى أحداث سحل السياسيين في التاريخ السياسي المعاصر.
وشدد كرم نعمة على أنه في تلك اللحظة لا يمكن أن تسأل عن الدولة، حيث يتلاشى وجودها الرمزي.
وقال قيادي من أحد الأحزاب المنافسة للصدر، لوكالة “رويترز” إن اقتحام السفارة يهدف إلى إحراج الحكومة وإضعاف العلاقات الدولية التي أقامها السوداني بعد أن أرسى علاقات جيدة مع الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة.
وقال سياسي من التيار الصدري إن انسحابنا من السياسة “لم ولن يعني أننا لن يكون لنا كلمة وموقف من القضايا التي نعتبرها حاسمة وحساسة، مثل جريمة حرق المصحف”.


كرم نعمة: نوري المالكي ليس سعيدا على الإطلاق بحرق أنصار الصدر لمبنى سفارة السويد عندما شاهد انصياع حكومة محمد شياع السوداني للجموع دون أن تفعل شيئا

وأضاف “على هؤلاء الذين يسيطرون على الحكومة الحالية أن يفهموا حقيقة مفادها أننا لن نبقى صامتين تجاه قضايا مصيرية وأن مؤيدينا بمئات الآلاف جاهزون للنزول للشارع وقت الحاجة”.
وأدى التنافس بين الصدر وبين الميليشيات المدعومة من إيران إلى موجات من الفوضى وعدم الاستقرار، إحداها العام الماضي عندما اندلع قتال مميت في بغداد مع فشل محاولات الصدر تشكيل حكومة بشروطه. عندما احتلوا المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد وخاضوا اشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى.
وأدى ذلك إلى إعلان الصدر في آب الماضي انسحابه من السياسة، تاركا ميليشيات الإطار التنسيقي المدعومة من إيران في مقاعد السلطة والحكم.
وبعد أقل من عام على إعلانه الخروج من معترك السياسة في العراق، عاود الصدر تذكير منافسيه بالتأثير الذي ما زال يتمتع به بعد أن اقتحم أنصاره السفارة السويدية في بغداد وأضرموا فيها النار وقبلها حرق مباني حزب الدعوة في محافظات عراقية.
وسمحت أحداث حرق مقرات حزب الدعوة والسفارة السويدية، للصدر بحشد أتباعه وعاودت تسليط الضوء على دور لا يزال يطمح لأن يلعبه، حتى وهو على الهامش، بعد أن فشل في محاولة تشكيل حكومة بدون منافسيه المدعومين من إيران.
وقال المحلل السياسي أحمد يونس إن الصدر “يعمل على التأكيد على قوته” ويسعى لتوجيه رسالة تحذير لخصومه بأنه ما زال قويا وأن “انسحابه من العملية السياسية لا يعني بالضرورة تراخي قبضته”.
وأضاف أن الصدر لا يزال ناجحا في استخدام سلاحه القوي ضد منافسيه السياسيين الذي يتمثل في القدرة على تحريك قاعدته الجماهيرية.
وأوضح “هو لا يزال يحقق النجاح في استخدام سلاحه الفتاك ضد خصومه السياسيين ألا وهو مقدرته على تحريك قاعدته الشعبية الضخمة وإنزالها للشارع”.
ويقول دبلوماسيون إن عودة الصدر قد تكون مزعجة بالنسبة لاستقرار العراق، أحد منتجي النفط الرئيسيين، ومكان تخشى أوروبا أن يصبح مصدرا لمزيد من المهاجرين إذا انزلق إلى هاوية الفوضى.
وقال ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في مركز أبحاث “تشاتام هاوس” بلندن، إن حرق المصحف بالنسبة لأتباع الصدر يمكن أن يتحول إلى قضية تعزز موقفهم وسط العراقيين.
وأضاف “كما أنه يضع الحكومة في موقف صعب”.
ومضى قائلا “على الرغم من أنه قال إنه سيترك السياسة، فإنه لم يكن ينوي حقا تركها. واقع الأمر أنه هدفه في الوقت الراهن هو العودة”.
ورغم هذه الاضطرابات، إلا أنه يبقى من المستبعد انزلاق الأوضاع في العراق إلى اقتتال بين الفصائل عندما يحضر التأثير الإيراني.


ريناد منصور: على الرغم من أن الصدر قال إنه سيترك السياسة، فإنه لم يكن ينوي حقا تركها. واقع الأمر أنه هدفه في الوقت الراهن هو العودة مشكلات خارج حدوده، فالبلاد ساحة تتفاعل فيها المشكلات الإقليمية والعالمية

وسبق وأن ابلغ رئيس فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني قادة الميليشيات على أن “وحدة الطائفة فوق أي اعتبار وطني أو سياسي عراقي وفق تعليمات المرشد علي خامنئي”.
وشدد قاآني في آخر زيارة له للعراق على أن الخاسر الوحيد سيكون “حكم الطائفة الذي يهيمن على السلطة في العراق، وأن أيا من الفريقين لن ينتصر على الفريق الآخر”.
ولا تريد حكومة السوداني زج القوات الأمنية بأي قتال داخلي أو الانحياز لطرف ضد آخر. مثلما فعلت حكومة سلفه مصطفى الكاظمي عندما اقتحم أنصار الصدر المنطقة الخضراء واحتلوا المقر الحكومي.
بينما تتوالى رسائل مرجعية النجف الممثلة بعلي السيستاني، بأن أي اقتتال من شأنه أن يتسبب في خسارة “الشيعة” للسلطة في العراق وذهابها إلى العرب “السُنّة” مرة أخرى.
ويتوافق موقف السيستاني مع مراكز القرار الإيرانية الثلاثة الفاعلة في العراق وهي مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، والحرس الثوري، ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني (اطلاعات).
وتخشى القوى السياسية السنية والكردية المشاركة في العملية السياسية من أي اقتتال بين الفصائل والميليشيات حفاظا على مكاسبها الحزبية في الحكومة التي قد تطيح بها الفوضى المحتملة، والتي عادة ما يعقبها إعادة رسم موازين القوى لصالح الأطراف الرابحة وإقصاء الأطراف الأخرى مع عدم ضمان أي طرف نتيجة مثل ذلك الاقتتال.
في غضون ذلك يرى خبراء أن هذه التطورات “لن تكون بعيدة عن الاستعدادات لانتخابات مجالس المحافظات والتي من المتوقع أن تشهد عودة التيار الصدري إلى المشهد السياسي ثانية”، بعد أن دعا رئيسه أعضاء الكتلة الصدرية للاستقالة من عضوية مجلس النواب في 2022، ومن ثم إعلانه اعتزال العمل السياسي نهاية آب 2022، وذلك بعد محاولة فاشلة للسيطرة على المنطقة الخضراء بقوة السلاح.
ولم تصدر أي إشارات من قيادات التيار لاحتمالات المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات حتى اليوم.

العودة تحتاج عرضا إعلاميا لمقتدى الصدر
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى