أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

وزارة الداخلية تنصاع لرغبات النواب وتسمح بتظليل زجاج المركبات في العراق

خبراء المرور يجمعون على أن تظليل زجاج المركبات غير مسؤول ويفرط بسلامة العامة عندما يحول دون سيطرة السائق على مجريات الطريق.

بغداد- الرافدين
مررت وزارة الداخلية قرار تظليل زجاج المركبات، في انصياع مكشوف لرغبة نواب، بعد خلافات واستدعاء من قبل لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب لمسؤولين في المرور العامة بشأن الاعتراض على تظليل مركباتهم.
وسمحت مديرة المرور العامة بتظليل المركبات مقابل جباية أجور تدفع في باب جديد للفساد، فيما اعتبر خبراء المرور أن القرار خال من أي جدوى لأنه بالأساس يقلل من سيطرة السائق على رؤية الطريق، مؤكدين على أن إصدار القرار جاء تحت ضغط رغبات شخصية لأعضاء مجلس النواب.
وكانت مديرية المرور العامة قد رفضت من قبل السماح بتظليل زجاج السيارات بما فيها مركبات المسؤولين بدواع أمنية.
وعادت وأصدرت قرار السماح بتظليل زجاج المركبات بعد أن استدعت اللجنة الأمنية في البرلمان قيادات في المرور والضغط عليها لتمرير قرار السماح بتظليل زجاج المركبات.
ويدرك أعضاء مجلس النواب وكبار المسؤولين الكراهية التي يكنها لهم الشعب العراقي لذلك يمتنعون عن الظهور في الأماكن العامة، ويفضلون أن يبقى زجاج مركباتهم مضللا ليحجب روية المارة.
وعزا خبير متقاعد في مديرة المرور العامة قرار السماح بتظليل المركبات، إلى أنه ينم عن عدم مسؤولية لأن خبراء المرور في العالم يجمعون على الضرر الذي يسببه لقائد المركبة بعدم رؤية تفاصيل الطريق كاملة.
وقال إن أغلب الدول لا تسمح بتظليل زجاج المركبات وأن الأمر عادة يقتصر على مركبات زعماء الدول لأنها بالأساس تسير في مواكب مع مجموعة من الدراجات والمركبات الأخرى التي تفتح لها الطريق.
ويمنع قانون المرور في أغلب دول العالم تظليل زجاج المركبات حفاظا على سلامة مستخدم المركبة، ما يؤدي لعدم وضوح الرؤية بالنسبة للسائق، ومن ثم تؤثر على القيادة الصحيحة وتهدد السلامة المرورية ومستخدمي الطريق.
وتساءل خبير المرور عما إذا كان قرار وزارة الداخلية يوضع تحت بند الانصياع لرغبات شخصية لأعضاء مجلس النواب، من دون التفكير بالمصلحة العامة وأمن السير وسلامة الأفراد، أم أنه قرار مدفوع الثمن إذا عرفنا مقدار الجباية التي سيتم استحصالها من أصحاب المركبات في باب جديد للفساد.
وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت نسبة وأجور تظليل العجلات، على ألا تتجاوز نسبة التظليل الـ 50 بالمائة، من بينها السيارات التابعة للمسؤولين في البلاد.
وحددت الوزارة التظليل بنسبة 30 بالمائة مقابل تسديد مبلغ أجور قدره مليونان وخمسمئة ألف دينار، وإذا كانت نسبة التظليل 40 بالمائة فيكون مبلغ تسديد الأجور ثلاثة ملايين وخمسمئة دينار.
في حين تكون نسبة التظليل 50 بالمائة مقابل تسديد مبلغ أجور قدره خمسة ملايين دينار، واشترطت الوزارة أن يتم إصدار موافقة لهذه العجلات المشمولة لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد لقاء الأجور المحددة.
وذكر بيان وزارة الداخلية عدم جواز منح موافقات تظليل مركبات سيارات الأجرة وحافلات النقل العامة الداخلية بأنواعها كافة، فضلا عن مركبات الحمل ونقل البضاعة لجميع أنواعها.
وأشارت إلى السماح بوضع ستائر نسيجية للحافلات السياحية سعة “40 راكبا فأكثر” التابعة للشركات السياحية المسجلة أصوليا والمخصصة للنقل العام الخارجي على ألا يقل عدد ركابها عن عشرة أشخاص خلال فترات العمل.
وأوضح بيان الوزارة بأن الضوابط تشمل العجلات التابعة للرئاسات الثلاث وأعضاء مجلس النواب والوزراء ووكلاء الوزارات ورؤساء الهيئات ومن بدرجتهم ورؤساء مجالس المحافظات والمحافظين والمستشارين ورؤساء البعثات الدبلوماسية.
وكانت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب برئاسة النائب عباس الزاملي قد استدعت العميد علي إحسان عبد الرحمن المنسوب إلى فريق القوات الخاصة بعد أن اعتراض مرور مركبات أعضاء مجلس النواب في محافظة ديالى بسبب الزجاج المضلل.
وأكدت اللجنة على أنها لن تسمح لأي جهة كانت بعرقلة ما أسمته “عمل أعضاء مجلس النواب لتأدية واجباتهم التي كفلها لهم الدستور”.
وأصدرت بعدها وزارة الداخلية، تعميما بشأن تظليل عجلات أعضاء مجلس النواب.
وجاء في التعميم أن “جميع عجلات النواب، مشمولة بتظليل زجاج مركباتهم الشخصية”.
ويكشف قرار وزارة الداخلية بشأن السماح بتظليل زجاج المركبات الفوضى المرورية التي يعيشها العراق، فضلا عن أن القرارات لا تصدر من أجل السلامة العامة بقدر ما تكون استجابة لرغبات ومصالح فئات مهيمنة.
ولم تعد الشوارع في العراق ملكا للجميع، بل أصبحت حكرا على المسؤولين ومواكبهم عندما أضحت مواكب الحمايات الشخصية تقطع الشوارع بسيارات مصفحة، تسبقها وتتبعها مركبات مسلحة في مشهد سائد في شوارع المدن العراقية.
وتصنف أهمية هذه المواكب حسب انتماءاتها للشخصيات التي تقوم بمهمة حمايتها وتسليحها. وانتشرت مواكب الحمايات الشخصية بشكل يبدو وكأنه خرج عن السيطرة بحيث لم يعد بالإمكان التمييز بسهولة بين سيارات المسؤولين الحكوميين أو أعضاء مجلس النواب أو سياسي الأحزاب وزعماء الميليشيات وأبنائهم.
وينصاع رجال المرور لضغوطات مواكب المسؤولين على حساب تنفيذ القانون وسلامة المارة، وفي أحيان أخرى يكونون عرضة للاعتداءات التي ينفذها أفراد حماية تلك المواكب.
وعلى الرغم من النصوص القانونية الصريحة في توجيه العقوبة للمعتدين على رجال المرور إلا أن مشاهد الاعتداء عليهم متواصلة وتصدر من شخصيات تمثل القانون وسلطات الدولة الثلاث.
ووثقت مقاطع فيديو عشرات الاعتداءات التي يقوم بها أفراد من حماية المسؤولين والمقربين من أسرهم على رجال المرور، كان آخرها قيام سيدة بضرب ضابط مرور بعد حجز مركبتها والتوعد بأنها ستزيل رتبته من على كتفه.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى