أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مَن يقف خلف استيراد أدوية سامة للعراق؟

نقابة الصيادلة: يجري في المراكز الصحية الحكومية والعيادات الشعبية استبدال الأدوية الرصينة بغير الرصينة من قبل جهات عراقية فاسدة.

بغداد- الرافدين
أثار سحب دواء سعال هندي يحتوي على تركيزات كيماوية سامة من الصيدليات العراقية، تساؤلات بشأن مستوى الاستهانة واللامسؤولية الحكومية حيال صحة المواطنين.
وأجمعت مصادر طبية على أن هذا الدواء لن يكون الأول من نوعه ولا الأخير وأن الصيدليات العراقية والمتاجر غير المرخصة تبيع أدوية غير مجازة ولا تحمل مواصفات المعايير المسموح بها رقابيا.
ويتزامن سحب الدواء الهندي مع تأكيد نقابة الأطباء في العراق، على أن عمليات التهريب وإدخال المواد الطبية غير المطابقة للشروط تسببت بحالات وفيات ومضاعفات صحية كثيرة، وهو ما يحتم منع دخولها.
وأشارت النقابة إلى أن المنافذ غير الرسمية تعد الخطر الأكبر الذي تدخل منه تلك المواد، وهو ما يتطلب خطوات جادة وخططا لضبطها ومنع دخولها حفاظا على أرواح المواطنين.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ”، عن مسؤول في إقليم كردستان في شمال العراق قوله إن عملية السحب بدأت على مستوى البلاد، الأربعاء، وذلك بعد أن كانت حملة مماثلة قد سبقتها في مدن شمال العراق.
وقدم رئيس التسجيل في وكالة الرقابة الطبية في إقليم كردستان العراق، كوشر يونس، نسخة عن وثيقة من وزارة الصحة في الحكومة الحالية تطلب من الصيدليات في جميع أنحاء البلاد سحب المنتج.
ويتساءل أطباء عن جدوى هذه الوثيقة المتأخرة، وكم من الأدوية قد استخدمت قبل قرار سحبها، مؤكدين على أن المعضلة بالأساس تكمن في طريقة دخول هذه الأنواع من الأدوية للبلاد، والإهمال الحكومي الرسمي لصحة الناس.
وخلافا لبيان سابق من وزارة الصحة في الحكومة الحالية، قال كوشر يونس إن المنتج تمت الموافقة عليه للاستيراد والبيع في جميع أنحاء البلاد بعد الحصول على ترخيص من الإقليم، في حين لم يرد متحدث باسم وزارة الصحة على الفور على استفسارات مراسل وكالة “بلومبيرغ”.
وقال كوشر يونس إن عدة دفعات من دواء “كولد أوت” قد جرى استيرادها في السنوات الأخيرة، كان آخرها في كانون الثاني 2023.


مصطفى الهيتي: كل المواد الغذائية التي تدخل إلى العراق لا تفحص، بضمنها الأدوية، إذ إن عملية التهريب كبيرة في البلاد
وأضاف أن وكالة الرقابة الطبية في كردستان اختبرت كل دفعة قبل البيع، لكن لم يتم اختبار بعض الدفعات بحثا عن شوائب سامة مثل “إيثيلين غلايكول” لأن تلك الاختبارات لم تكن مطلوبة.
وذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن عينة من دواء “كولد أوت” تم شراؤها في بغداد في آذار كانت تحتوي على مستويات غير آمنة من مادة “إيثيلين غلايكول”، وهي مذيب صناعي سام.
وكانت العينة واحدة من 33 عينة اشترتها “بلومبيرغ” في ستة بلدان، واختبرتها شركة “Valisher LLC”، وهي معمل مستقل في ولاية كونيتيكت الأمريكية.
وتعتبر هذه هي المرة الخامسة خلال عام التي يكشف فيها الاختبار أن أدوية من مصدر هندي تحتوي على مستويات مفرطة من “إيثيلين غلايكول”.
وقد تسببت تلك المادة الكيميائية في وفيات جماعية للأطفال الذين تناولوا شراب السعال الهندي الصنع العام الماضي في غامبيا وأوزبكستان.
ويشير ملصق عينة “كولد أوت” التي خضعت للاختبار من قبل شركة “Valisher” إلى أن الشركة المصنعة هي “فورتس” بالهند.
يأتي ذلك بعد أن أكدت نقابة الصيادلة في العراق على غياب الرقابة الحكومية على الأغذية والأدوية التي تدخل البلاد عبر الاستيراد.
وقال نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي إن كل المواد الغذائية التي تدخل إلى العراق لا تفحص، بضمنها الأدوية، إذ إن عملية التهريب كبيرة في البلاد.
وأضاف أنه خلال العقود الأخيرة تعرض المواطن العراقي لشتى أنواع المواد، ليس فقط المسرطنة، وإنما حتى المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري.
ولفت إلى وجود 46 معمل دواء في العراق وأن الأدوية التي تنتجها تسمى بالأدوية النمطية، ومهما يصل إنتاجها فإنه لن يغطي الحاجة إلى الأدوية الأساسية.
وحملت نقابة الصيادلة وزارة الصحة مسؤولية إهمال ملف الأدوية الداخلة إلى البلاد، مؤكدة أن وزارة الصحة تهمل الجانب الرقابي على الأدوية الداخلة، والتي تشكل نسب التهريب كميات كبيرة منها.
وقالت النقابة إن المذاخر الطبية زاخرة بتلك الأدوية، وأن الكثير من المواطنين يجبرون على شرائها بسبب الفارق الكبير بين أسعارها وأسعار الأدوية ذات المناشئ الرصينة والموثوقة.
وشددت على ضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع التعامل بها من قبل أصحاب المذاخر والصيدليات، فضلا عن المراكز الصحية الحكومية والعيادات الشعبية التي يجرى فيها استبدال الأدوية الرصينة بغير الرصينة من قبل جهات فاسدة.
وأكد المتحدث باسم نقابة الصيادلة محمد شيرخان، توسع تجارة الأدوية منتهية الصلاحية ووصولها إلى مستويات خطيرة.

محمد شيرخان: تجارة الأدوية منتهية الصلاحية توسعت ووصلت إلى مستويات خطيرة.
يأتي ذلك في وقت كشفت فيه مصادر طبية عن انتشار الأدوية المقلدة ومنتهية الصلاحية بصورة واسعة في العراق، لافتة إلى أن هذه الأدوية تدخل البلاد بطرق غير قانونية عبر المعابر التي تسيطر عليها الميليشيات، وتصل إلى المرضى نتيجة غياب الرقابة عن الصيدليات والمستودعات، إضافة إلى استشراء الفساد في وزارة الصحة.
وأكدت لجنة الصحة النيابية أن غياب الحوكمة والأتمتة سبب أساس لتدفق الأدوية المهربة.
وقال عضو اللجنة النائب باسل الغرابي، إن مافيات الدولة العميقة وراء تهريب الأدوية للعراق مستفيدة من الفساد المالي والإدارية وسوء الخدمة بالمؤسسات الصحية.
وأضاف أن 70 بالمائة من الأدوية في الصيدليات غير مفحوصة وغير مسجلة، لافتا إلى أنه بمجرد فرض الرقابة على هذه الصيدليات فإنها ستفرغ من الأدوية ما يضع المرضى في أزمة أخرى في تأمين الأدوية للحالات العاجلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى