أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

مهزلة الشهادات المزورة في العراق الجديد!!

في استمرار لانتكاس التعليم في العراق، 85 ألف شهادة ماجستير ودكتوراه، حصل عليها الطلبة من الجامعات الإيرانية بشراءها وهم في منازلهم.

بغداد – الرافدين
أثار تصريح مسؤول دائرة البعثات الدراسية في وزارة التعليم العالي عن وجود آلاف الشهادات العليا المزورة، التساؤل بشأن حجم الفساد في حصول الطلبة العراقيين على شهادات جامعية من خارج البلاد، لا سيما المسؤولين الحكوميين، وعن العدد الحقيقي للشهادات المزورة في العراق.
وقال مسؤول دائرة البعثات الدراسية “لدينا 100 ألف شهادة عليا ماجستير ودكتوراه قادمة من إيران، وأكثر من 85 ألفا من هذه الشهادات مع الأطاريح تم بيعها من قبل الجامعات الإيرانية للطلاب العراقيين وحصلوا عليها وهم نائمون في بيوتهم”.
ويكشف تصريح المسؤول استمرار عمليات تزوير الشهادات رغم الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي للحد من هذه الظاهرة بعد انتشار العديد من الفضائح لمسؤولين حكوميين قاموا بتزوير شهاداتهم.
وسبق أن قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإلغاء الاعتراف بعدد من الجامعات بينها جامعات إيرانية ولبنانية بسبب تقارير أشارت إلى وجود مخالفات أكاديمية وعلمية واسعة من جهة حصول الطلاب على الشهادة وآلية احتساب الدرجات لهم، وتغليب الجانب المالي على الأكاديمي والعلمي في قبول الطلاب.
وتفشت بعد عام 2003 ظاهرة شراء الشهادات العليا، الماجستير والدكتوراه، من جامعات تجارية في دول مثل إيران ولبنان وغيرها، نتيجة الفساد في وزارة التعليم العالي وغياب الرقابة والمساءلة.
ويرى أكاديميون أن ظاهرة الحصول على شهادات من جامعات غير رصينة أضرت بسمعة التعليم العراقي لا سيما أن أغلب الذين يحصلون على الشهادات، يحصلون عليها من أجل وظيفة مجزية أو نيل ترقية معينة إلى مناصب أعلى وللوجاهة طبعا، وليس لأغراض دراسية أو علمية.
ويقول الأكاديمي العراقي الدكتور وليد عويد حسين في مقال نشر بتاريخ 23 من الشهر الماضي بعنوان “الشهادات العُليا في العراق الجديد بين التضخم والابتذال والضياع”، إن “مما لا شك فيه ولا جدال أن قرار فتح الدراسات وقبول منح الشهادات العليا من الجامعات اللبنانية و من على شاكلتها في الدول الأخرى، هو قرار أطاح بهيبة الشهادات العليا ورفعتها وسموها، من كون تلك الجامعات، جامعات غير مؤهلة علميا، تمنح الشهادة بلا كفاءة، لذا، نرى كثيرا من الطلبة يهرعون إليها، لأنها تمنح تلك الشهادة مقابل المال المدفوع مسبقا أو المقسط بالتدريج، فهي جامعات تجارية لا تتوفر فيها أية معايير علمية”.
وأضاف “يلجأ الطلبة غير المؤهلين إلى شهادة بعيدة من الجد والاجتهاد، وقد أُطلق على هذه الجامعات المانحة “جامعات الدكاكين” من حيث كونها تمنح الشهادات لمن هبَّ ودب، وقد أكدت بعض المواقع في لبنان أن عدد الطلبة العراقيين المسجلين نحو 24 ألف طالب أغلبهم لم يزر لبنان”.
وبين أن هذه الظاهرة المشينة تفاقمت، بحيث غدت أزمة انعدام أخلاقي وتلاشٍ لهيبة التعليم والقانون، وما قامت به وزارة التعليم مؤخرًا من إلغاء  الإعتراف بالشهادات من بعض الجامعات، هي خطوة متأخرة حققت مآرب الكثير من المنتفعين من هذه الشهادات قبل اتخاذ هذا القرار.
وطالب بإلغاء الاعتراف بالجامعات غير الرصينة وإعادة النظر بالشهادات والأطاريح التي حصل عليها الطلبة من هذه الجامعات من خلال تشكيل لجنة علمية.
وتتصدر إيران، وتركيا، ولبنان، وماليزيا، ومصر، قائمة أكثر الدول استيعابا للطلاب العراقيين الراغبين بإكمال دراستهم في البكالوريوس وأيضا مرحلتي الماجستير والدكتوراه بسبب انخفاض تكاليف الإقامة والدراسة، وسهولة الحصول على الشهادة.
وبحسب المستشار الثقافي الإيراني في السفارة الإيرانية ببغداد غلام رضا، فإن عدد الجامعات الإيرانية التي جرى اعتمادها من قبل وزارة التعليم العراقية ارتفع من 33 إلى 62 جامعة.
وبعد تسنمه وزارة التعليم العالي قام نعيم العبودي القيادي في ميليشيا العصائب والحاصل على شهادة من الجامعة الإسلامية في لبنان (والتي سبق لوزارة التعليم العالي أن أعلنت قبل أن يتولى مسؤوليتها، عدم اعترافها بشهادات تلك الجامعة) بإعادة الاعتراف بعدد من الجامعات اللبنانية والإيرانية.
وقال المستشار العلمي الأسبق في وزارة التعليم أحمد الطائي، إن “قرار إعادة الاعتراف بجامعات إيرانية كان متوقعا منذ بداية تسلّم شخصية سياسية وزارة علمية مهمة في العراق”.
وأضاف، أنه “كان من المفترض أن يرمم العراق علاقته مع دول غربية مختلفة، لفتح مجال الابتعاث لطلابه في مجالات علمية مختلفة، لكن يظهر جليا هنا حجم أذى المحاصصة الحزبية على العراق، إذ إن منح وزارة التعليم العالي لكتلة (صادقون) التابعة لميليشيا العصائب، عبر تسمية القيادي فيها نعيم العبودي وزيرا، يجب أن تكون له نتائج سلبية، ومنها مراعاة الاعتبارات السياسية والحزبية في قرارات مهمة بالوزارة”.
وأكد الطائي أن “الكثير من الشهادات التي يحصل عليها الطلاب، خاصة الماجستير والدكتوراه، تهدف إلى الترفيع وزيادة الراتب في العراق، ولهذا يكون التوجه نحو الجامعات الأسهل في المنطقة”.
ويعمد غالبية المسؤولين الحكوميين إلى شراء الشهادات من أجل البقاء في مناصبهم وبتستر من أحزابهم كونهم بلا تحصيل دراسي، حيث يشمل ملف الشهادات المزورة مسؤولين بارزين في الحكومات المتعاقبة.
ولا يقتصر التزوير  على الجامعات الإيرانية واللبنانية، حيث كشفت جامعة “ناغبور” الهندية، عن توظيف السلطات في العراق لنحو ستة وعشرين فردا يحملون شهادات “مزورة” باسمها في تخصصات متعددة داخل الحكومة.
وقالت الجامعة في بيان لها، “وصلت الى كليات الصيدلة والهندسة في الجامعة رسائل من السفارة العراقية تطلب فيها التحقق من شهادات 26 شخصا يدعون أنهم تخرجوا من كليات الجامعة، بعد التحقق من أسمائهم، تبين أن الشهادات التي قدمها الافراد مزورة وتحمل تواقيع واختمام مزيفة”.
وكانت لجنة التربية والتعليم النيابية، قد ذكرت في وقت سابق أن 90 في المائة من الشهادات الممنوحة لطلبة الدراسات العليا من خارج البلاد مزورة، مشيرة إلى أن الواقع التربوي يزداد سوءا منذ عام 2003.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى