أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

الموصل تواجه الأمراض بمستشفيات متهالكة وأخرى مدمرة

الفساد والصراع السياسي على إدارة محافظة نينوى يقفان عائقًا أمام إعادة تأهيل وبناء المستشفيات.

نينوى – الرافدين
وصف تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي المهتم بشؤون دول الشرق الأوسط، مدينة الموصل مركز محافظة نينوى بأنها تقاتل عدوًا صامتًا يتمثل بظهور أمراض فتاكة لسكان المدينة.
وأشار إلى وجود معدلات عالية من الإصابات بأمراض العدوى المقاومة للأدوية.
وذكر أن ظاهرة مقاومة المضادات الحيوية، تعززها الحروب ونوعية الأسلحة المستخدمة، فيما تبرز هنا الموصل كواحدة من أكثر الأماكن تضررًا من هذه الأزمة المتفاقمة.
وتعاني الموصل مركز محافظة نينوى من واقع صحي متردي، يتمثل بتهالك بناها التحتية والدمار الذي ما زال يلحق بأغلب مؤسساتها الصحية، حتى بات الوضع فيها مأساويًا كما يصفه أهل المدينة.
وقال الدكتور أخصائي طب الطوارئ عرفان يونس الشمري “قبل العمليات العسكرية في الموصل كانت مستشفيات نينوى تحتوي على 4 آلاف سرير توفر العناية الطبية لكل مرضى المدينة، وكانت نينوى تعتبر ثاني محافظات العراق من حيث تقديم الخدمات الطبية رغم قدم مبانيها التحتية وقلة التجهيزات بعد الاحتلال”.

الدكتور عرفان الشمري: الدمار الذي حصل في المؤسسات الصحية في الموصل يتجاوز 75 بالمائة وإلى الآن لم يتم تأهيلها أو إعادة بنائها.

وأضاف الشمري في تصريح لقناة “الرافدين” بأنه ما تم تأهيله بعد العمليات العسكرية هو 600 سرير فقط في كل محافظة نينوى بعد أن دمرت العمليات العسكرية أكثر من 75 بالمائة من مؤسساتها الصحية.
وبالإشارة لتقرير موقع “المونيتور” عن مقاومة المرضى في الموصل للمضادات الحيوية يقول الدكتور عرفان الشمري إن “انتشار الجثث وعدم بناء بنى تحتية صحية حقيقية وتفشي الأمراض إضافة إلى عدم وجود رقابة صحية في وصف المضادات الحيوية ساهم من تفاقم هذه الحالة”.
ووصف رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، النظام الصحي في العراق ولاسيما في نينوى بأنه متهالك ومتخلف، وأن الوضع الصحي في المحافظة سيء ومتردي.
وأشار إلى أن أكبر مستشفيين في الموصل لا يزالان مدمرين بالكامل، رغم مرور 6 سنوات على انتهاء العمليات العسكرية التي أسفرت عن دمار كلي أو جزئي لأغلب المرافق الطبية في المدينة. مؤكدًا على أن مدينة الموصل تُعاني في مجال العلاج الإشعاعي والكيمياوي.
وحمل الشنكالي وزارة الصحة مسؤولية تأخر إعادة ترميم وبناء المستشفيات في نينوى وتردي الخدمات الطبية فيها وضعف التمويل الصحي للمحافظة.
وكانت أغلب مستشفيات الموصل والأقضية التابعة لنينوى قد تعرضت إلى التدمير الكلي والجزئي جراء المعارك والقصف الجوي إبان معارك استعادة المدينة من سيطرة داعش.
وكانت الموصل تمتلك 18 مستشفى رئيسي تعرض 17 منها للتدمير الكامل ومنها 3 مستشفيات رئيسية هي الأكبر “الجمهوري، السلام، ابن سينا” ورغم مرور سنوات على استعادة المدينة مازال العديد من المستشفيات قيد الإعمار في ظل استشراء الفساد في مديرية صحة نينوى، والصراع السياسي والحزبي على إدارتها، مما جعل الوضع الصحي يزداد سوءًا.
وحمل شنكالي الحكومة ووزارة الصحة، لا سيما دائرة المشاريع فيها، المسؤولية عن التأخر في إعادة ترميم وبناء المستشفيات في محافظة نينوى وتردي الخدمات الطبية فيها.
وأوضح أن “حجم التمويل الصحي لمحافظة نينوى ضعيف جدًا، خاصة وأنه يصرف كرواتب للكوادر الطبية الكبيرة، لذلك قمنا بزيادة النفقات التمويلية للمحافظة في الموازنة الجديدة”.
وكباقي مدن العراق ينخر الفساد مشاريع الموصل الخدمية والصحية مما عطل الكثير من المشاريع وأخر إنجازها بسبب الفساد والرشى.
وأكد النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري أن “أذرع الفساد ما زالت مستفحلة في مؤسسات الصحة بالمحافظة”، مشددًا على أن “خضوع المؤسسة الصحية للفاسدين يجعل من موضوع انعدام الخدمات الصحية أمرًا طبيعيًا”.
ويعزو ناشطون من نينوى انهيار القطاع الصحي في المحافظة إلى عاملين رئيسيين الأول هو الصراع السياسي على إدارة صحة نينوى، والثاني المتمثل بالفساد الحكومي الذي بسببه يحرم أبناء المحافظة من الخدمات الصحية.
وقال ناشطون إن “مستشفيات نينوى تفتقر للعلاجات والأدوية والأجهزة الطبية، حيث لا يوجد أي مستشفى تخصصي متكامل في الموصل وما هو متوفر حاليًا مستشفيات كرفانية مؤقتة تعجز عن تقديم الخدمة الطبية للمرضى”.
ويتفق الصحافي زياد السنجري مع الحديث الذي يخص الفساد وتأثيره على القطاع الصحي في نينوى، ويؤكد أن الفساد الذي ينخر مديرية صحة نينوى والمؤسسات الحكومية الأخرى في المحافظة، هو السبب وراء التلكؤ والتأخير الحاصل في تنفيذ المشاريع الصحية وإعمار المستشفيات المدمرة.
وقال إنه “ورغم مرور ست سنوات على انتهاء المعارك في الموصل إلا أن المستشفيات لم ينجز إعمارها وتشهد تلكؤا واضحا”، مبينا أنه بسبب هذا التلكؤ فقد الكثير من المرضى حياتهم، فيما يضطر آخرون للسفر الى الخارج بسبب غياب العلاجات والأجهزة الطبية.
ولا يقدر على السفر للعلاج خارج نينوى سوى أفراد الطبقة الميسورة ماليا، أما أبناء الطبقات المتوسطة والمعدومة فليس أمامهم إلا أن يسلموا أنفسهم للقدر وأن ينتظروا مصيرهم الحتمي في مستشفيات ينخرها الإهمال وشح العلاجات.
وأكد السنجري على أن مشاريع إعمار المستشفيات الحكومية شبه معطلة ومتوقفة بسبب صفقات فساد وعمولات تقدر بملايين الدولارات، مشيرا إلى أحد نماذج الفساد في مستشفى ابن سينا في الموصل، إذ “أحيل ملف المستشفى لشركة بطريقة مخالفة للقانون وبعد تقديم رشاوى تقدر بـ28 مليون دولار، لكن الإحالة ألغيت بقرار من مجلس الوزراء بعد الكشف عن ملفات الفساد”.

دمار المستشفى الجمهوري في الموصل جراء العمليات العسكرية

وبين أن المؤسسات الحكومية في نينوى ومنها مديرية الصحة ينخرها الفساد، لافتا إلى وجود عشرات الدعاوى المفتوحة لدى القضاء ضد مسؤولين في صحة نينوى على خلفية تهم فساد ورشى ومخالفات قانونية وغيرها، وأن أحد المسؤولين في دائرة الصحة فتحت بحقه 50 دعوى قضائية في المحاكم العراقية.
وأضاف أن “الفساد تسبب بعرقلة تنفيذ مشاريع إعمار مستشفيات أمراض الدم والنخاع الشوكي والطب الذري وابن سينا والسلام وغيرها من المستشفيات”. وأكد على أن الصراع السياسي كان له الأثر السلبي على تقديم الخدمات الصحية في نينوى، وأن دائرة صحة نينوى تخضع للمحاصصة الحزبية من أعلى منصب فيها إلى المعاونين ومدراء الأقسام والشعب والمستشفيات وغيرها من المناصب.
وقال الناشط المدني سيف الحمدان إن وضع الخدمات الصحية في عموم محافظة نينوى مزر وسيئ للغاية، حيث تفتقر المحافظة للعلاجات والأدوية والأجهزة الطبية في المستشفيات، بل وتفتقر للمستشفيات ذاتها، حيث لا يوجد أي مستشفى تخصصي متكامل في الموصل.
وأضاف أن المتوافر في الموصل حاليا مستشفيات كرفانية مؤقتة تعجز عن تقديم الخدمة الطبية للمرضى، وأن المدينة التي يصل عدد سكانها لنحو 5 ملايين نسمة تفتقر لوجود جهاز المعجل الخطي الذي يقدم العلاج بالإشعاع للمصابين بالأمراض السرطانية.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى