أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

صدامات كركوك تكشف هشاشة الوضع الأمني وانهيار التوافقات السياسية

التنافس على المغانم والحصص بين الأحزاب وراء أحداث كركوك الدامية، أما الأسباب الأخرى فهي مجرد ذرائع مكشوفة للرأي العام في العراق.

بغداد- الرافدين
كشفت الأحداث المتصاعدة في محافظة كركوك هشاشة الوضع الأمني الذي طالما تفاخرت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بالسيطرة عليه، وعلى مستوى آخر هشاشة التوافقات بين القوى والأحزاب الحاكمة.
وأجمع خبراء أمنيون وسياسيون عراقيون على أن الشرارة التي اندلعت في كركوك، كانت بمثابة رسالة أولى لحكومة الإطار التنسيقي، متسائلين كيف إذا انفجر قدر الضغط الشعبي الكاتم في مدن ومحافظات العراق الأخرى على الطبقة السياسية وأحزابها وميليشياتها المارقة؟
وقال محلل سياسي عراقي “لا تغرنكم الصور والابتسامات المتبادلة بين زعماء الأحزاب على وسائل الإعلام، هناك ضغينة كامنة وكراهية متبادلة بين الجميع”.
وأضاف مفضلا عدم الكشف عن هويته بحكم وظيفته الحساسة في بغداد “الصراع مستمر بين أحزاب العملية السياسية، وكل التوافقات هشة، وبمجرد أن تندلع شرارة القتال على الأرض يكشف زعماء هؤلاء الأحزاب والميليشيات عن كراهيتهم الواحد للآخر”.
وعزا كل ما حصل في كركوك، إلى التنافس على المغانم والحصص بين الأحزاب، مثلما تكشفت زبائنية السوداني في تثبيت نفسه عبر الخدمات التي يقدمها للأحزاب الكردية، أما الأسباب الأخرى فهي مجرد ذرائع مكشوفة للرأي العام في العراق.
وشهدت مدينة كركوك مساء السبت الثاني من أيلول صراعًا يغذيه الحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة، وميليشيا العصائب المنضوية في الحشد الشعبي بزعامة قيس الخزعلي، وتجمعات سياسية تحمل صفة عشائرية عربية، وأخرى تركمانية من جهة ثانية.
وتتنافس هذه الأحزاب على النفوذ بعدما تنامت الخلافات بينها في سياق المحاصصة الطائفية والعرقية.
وقال الصحفي عثمان المختار “الأحزاب العربية والتركمانية في كركوك قبلوا على أنفسهم يعيشون مع مقرات ميليشيات العصائب والنجباء مع صور نوري المالكي، رغم جرائم هذه المليشيات بحق السنة في كركوك تحديدا خاصة الحويجة والرياض، لكنهم يعارضون عودة الأحزاب الكردية”.


شاهو القره داغي: لماذا العصائب تعمل على تأجيج الأوضاع في كركوك وسكب الزيت على النار؟
وأشار المختار إلى أن ذلك يمثل التخلف السياسي في أوضح صوره، مثلما هو صورة للمحاصصة والانتفاع المالي.
وقالت مصادر أمنية إن ثلاثة محتجين قتلوا بالرصاص وأصيب 14 السبت في اشتباكات بين مجموعات حزبية وميليشياوية في مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال العراق اندلعت بعد توتر استمر لأيام.
ويتركز الصراع على شغل مبنى في كركوك كان يستخدم كمقر للحزب الديمقراطي الكردستاني من قبل، لكن القوات الحكومية استخدمه كقاعدة منذ 2017.
وتعتزم حكومة الإطار التنسيقي إعادة المبنى إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن العرب والتركمان الرافضين للخطوة نصبوا مخيما أمام المبنى للاحتجاج في الأسبوع الماضي.
وذكرت الشرطة أن العنف اندلع عندما اقتربت مجموعة من المحتجين الأكراد من المخيم السبت.
وقالت الشرطة ومصادر في مستشفى في وقت سابق إن محتجا من الأكراد قتل. وأضافوا في وقت لاحق أن العدد ارتفع بعد مقتل اثنين آخرين من المحتجين الأكراد في المستشفى متأثرين بالإصابة بأعيرة نارية.
وقال مسؤولون أمنيون والشرطة في المدينة إنهم يحققون لمعرفة ملابسات سقوط القتلى ومن أطلق النار.
وذكرت شرطة كركوك أنه وقعت إصابات بين أفراد المجموعتين المحتجتين بعد رشق بالحجارة واستخدام قضبان معدنية للهجوم.
وأمر رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني بفرض حظر تجول في المدينة لمنع تصاعد العنف. لكن قرار حظر التجوال عومل بالإهمال من قبل الأهالي وعدم المبالاة.
وتقع كركوك، وهي محافظة غنية بالنفط في شمال العراق بين إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وكانت بؤرة لبعض أسوأ أعمال العنف في البلاد في فترة ما بعد انتهاء المعارك مع تنظيم “داعش”.
وسيطرت قوات كردية على مدينة كركوك في عام 2014، لكن القوات الحكومية أبعدها في عام2017.
وسعى رئيس حكومة الإطار محمد شياع السوداني تثبيت منصبه عبر علاقات مع الأحزاب الكردية للحصول على دعمها، لكن أبناء محافظة كركوك العرب والأقليات مثل التركمان، قالوا إنهم عانوا في ظل الحكم الكردي، احتجوا على عودة الحزب الديمقراطي
الكردستاني.
في غضون ذلك أعلن محافظ كركوك راكان الجبوري، تأجيل قرار تسليم مبنى قيادة العمليات المشتركة في المدينة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وأوضح الجبوري في بيان نشره عبر فيسبوك، مساء السبت، أن تأجيل القرار جاء عقب مكالمة هاتفية أجراها مع السوداني.
عدم مبالاة بقرار السوداني حظر التجوال
وقال أمير نوري، المسؤول الصحفي في مديرية شرطة كركوك إن عدد القتلى في الاحتجاجات التي دارت بالمدينة ارتفع إلى 3، والجرحى إلى 9.
وتجمع مجموعة من أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في منطقة رحيماوة ذات الغالبية الكردية في كركوك، وقطعوا طرقا بالمنطقة وأشعلوا إطارات سيارات للتعبير عن احتجاجهم لقطع طريق أربيل ـ كركوك.
وطالب المتظاهرون بفتح طريق أربيل ـ كركوك الذي أغلقه المعارضون لتسليم مبنى قيادة العمليات المشتركة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان استخدمه من 2014 إلى 2017.
وأرسلت القوات الحكومية تعزيزات أمنية إلى المنطقة بعد اقتراب المتظاهرين من موقع مبنى قيادة العمليات المشتركة، حيث أطلقت النيران في الهواء لتفريقهم قبل أن تصل الموقع خشية مصادمات لا تحمد عقباها بين أنصار الحزب من جهة، والمعتصمين أمام المبنى من المكونين العربي والتركماني من جهة ثانية.
ومنذ الخامس والعشرين من آب الماضي، تستمر الاحتجاجات ضد الاستعدادات لإخلاء المبنى وتسليمه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتحظى التظاهرات أمام المقر بدعم عناصر ميليشيا العصائب بزعامة الخزعلي.
ونقل المحلل السياسي شاهو القره داغي تصريحا ملفقا لقناة تابعة لميليشيا العصائب تزعم أن رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني هدد باجتياح بغداد التي ستدفع ثمنا باهظا جراء ما حصل في كركوك.
وتساءل “لماذا عصائب أهل الحق تعمل على تأجيج الأوضاع في كركوك وسكب الزيت على النار؟”.
وأشار القره داغي إلى أن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، حدد مهلة حتى أيلول لنزع سلاح الجماعات المعارضة لها في إقليم كردستان، واليوم ومع بدايات دخولنا شهر أيلول المنصات الميليشياوية تصعد وتؤجج في كركوك وتقول سندخل أربيل أيضا.
وتساءل “هل هناك ربط بين التهديدات الإيرانية وتصرفات الميليشيات”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى