أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

طرق العراق تتحول إلى مسارات للموت المحتم بسبب الإهمال الحكومي

منظمة الصحة العالمية: العراق من البلدان الأعلى في معدلات الوفيات المرورية بالمنطقة بسبب رداءة الطرق وتهالكها.

بغداد ــ الرافدين
حذر خبراء المرور من ارتفاع معدلات حوادث السير في العراق بشكل لافت دون أي حلول ملموسة من قبل الجهات الحكومية للحد من مشاكل شبكة الطرق التي تحولت إلى مصائد تحصد أرواح سالكيها يوميًا.
وتعزو الجهات المتخصصة سبب حوادث المرور إلى انهيار البنى التحتية للطرق وقدمها وانعدام الإشارات والعلامات المرورية وعدم محاسبة مخالفي السير، فضلًا عن رداءة السيارات المستوردة من قبل تجار ووكلاء مقربين من الأحزاب والميليشيات والتي تشوبها عيوب كثيرة.
وتسجل المحافظات العراقية أعدادًا من ضحايا الحوادث المرورية بفعل رداءة الطرق وما خلفه الفساد على المشاريع الخدمية في ظل حكومات ما بعد 2003.
ويتصدر العراق دول العالم في عدد الحوادث المرورية التي يتم تسجيلها في البلاد، بسبب تهالك الطرق وفشل الحكومات المتعاقبة في معالجتها وتطويرها.
وتبدو الجهات الحكومية وكأنها غير معنية بما يحدث من كوارث متلاحقة بما يعرف محليًا بطرق الموت خاصة تلك الرابطة بين بغداد ومحافظات الجنوب وطريق ديالى الرابط مع محافظات شمالي العراق.
وسجلت مديرية المرور العامة أكثر من 4500 حادث مروري منذ مطلع العام الحالي، فيما عزت أسباب ارتفاع الحوادث إلى عدم التزام السائقين بالسرعة المحددة على الطرق السريعة والخارجية وغياب معايير المتانة عند استيراد بعض المركبات.

الفساد في استيراد المركبات يعرض حياة العراقيين لخطر الحوادث المرورية

وقال مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد القيسي، إن من أسباب الحوادث المرورية هو عدم وجود شروط المتانة والأمان في المركبات، إذ إن بعضها تكون صناعة تجارية والحديد المصنوعة منه خفيف لا يتناسب مع السرعة وحجم المركبة ما يؤدي إلى وقوع الحوادث.
وأضاف أن بعض المركبات دخلت إلى العراق مقطعة الأجزاء، أو كانت معرضة للحرق أو الغرق، أو محول مقودها من الجانب الأيمن إلى الأيسر مما يساهم بوقوع الحوادث.
وتفتقر العديد من الطرق في العراق إلى اللافتات التحذيرية الضرورية لتوجيه السائقين وتنبيههم للمخاطر المحتملة على الطريق.
وتعاني الطرق من ضعف في البنية التحتية وسوء التصميم، مما يؤدي إلى وجود عقبات غير متوقعة وفوضى في تدفق الحركة المرورية.
وحمل ناشطون حكومة الإطار التنسيقي وسابقاتها مسؤولية استمرار ارتفاع حوادث السير في البلاد.
وأكدوا أن أغلب الطرق غير مؤثثة بالعلامات المرورية الإرشادية، وأن هناك حفرًا ومطبات وانعدامًا للسياج الأمني على الطرق.
وأشاروا إلى أن الصيانة الدورية للطرق تكاد تكون معدومة مع انعدام إعادة تأهيل الطرق بعد الحوادث التي أحدثت ضررًا في بعض أجزاء الطرق أو عناصر السلامة فيها.
وقال الناشط جمال الحمداني إن الجهات الحكومية تتحمل المسؤولية الكاملة في استمرار الحوادث الدامية على الطرق.
وأضاف أن أغلب طرق العراق تفتقر إلى معايير السلامة، بالإضافة إلى عدم صيانتها منذ عام 2003.
وأشار الناشط إلى أن بعض الطرق لم تعد تستوعب العدد الكبير للسيارات، معتبرًا أن إلقاء اللوم على المواطنين أو السائقين على تلك الطرق أمر معتاد من قبل الجهات الحكومية، والتي لا تمتلك ثقافة الاعتراف بالخطأ والمسؤولية.
ووصف الخبير القانوني كاظم الجحيشي الحوادث المرورية بإحدى ماكينات الموت في العراق.
وأشار بأصابع الاتهام لأجندات وأياد خفية تستخدم هذه الورقة كأداة من أدوات تدمير وتخريب البلد، مع فشل كل الحكومات المتعاقبة في معالجة مشكلة الطرق والجسور الرئيسية.
وتعد حوادث السير من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الأرواح والإصابات في العراق، وأن معظم هذه الحوادث يمكن تجنبها إذا تم الالتزام بشروط ومتطلبات السلامة عند إنشاء الطرق.
وسجلت وزارة التخطيط الحالية ارتفاع معدل ضحايا الحوادث المرورية حيث تجاوزت 11 ألف حادث وأودت بحياة 3021 شخصًا خلال عام 2022.
وأوضحت الوزارة أن حوادث السير تتسبب بمقتل 8 أشخاص يوميًا، و250 شهريًا، مشيرة إلى أن السلطات الحكومية لم تعمل على صيانة الطرق على الرغم من أنها باتت مصدر تهديد كبير لحياة المواطنين.
وأكدت وزارة الداخلية أن تفاقم مشكلة الحوادث المرورية المميتة، نتيجة جملة من العوامل أبرزها سوء التنظيم والتخطيط للطرق.
ولفتت الوزارة إلى أن عدم صيانة الطرق الرئيسة والفرعية، إلى جانب توقف مشاريع البنى التحتية الخاصة بالطرقات والاستخفاف بقوانين المرور، وكثافة المركبات مقارنة بالطاقة الاستيعابية للشوارع، انعكس في كثرة الحوادث المرورية وتزايد أرقام الضحايا.

بنكين ريكاني: مشروع مترو بغداد فشل بسبب حاجته إلى مبالغ كثيرة، فضلًا عن أن عملية حفر الأنفاق تحت الأرض تواجه صعوبة كبيرة بسبب ارتفاع نسبة المياه الجوفية

وحذرت منظمة الصحة العالمية بتقرير مفصل من ارتفاع حوادث السير في العراق وتأثيرها على السكان.
واعتبرت العراق واحدًا من البلدان التي تشهد أعلى معدلات الوفيات المرورية في المنطقة، محملة الحكومة مسؤولية ضمان سلامة الطرق وحماية المواطنين من حوادث السير.
وطالبت بتشريع القوانين واللوائح التي تنظم سلامة الطرق ومتطلبات التصميم والبنية التحتية.
وأضافت المنظمة أن على الحكومة القيام بصيانة الطرق بانتظام لضمان سلامتها وأن تكون السلامة المرورية أولوية قصوى للدولة والمجتمع في العراق.
ويعاني العراق من قصور كبير في البنية التحتية للطرق وسوء تصميمها وصيانتها، مما يؤدي إلى زيادة خطر وقوع الحوادث المرورية.
وتفتقر الطرق إلى تصميمات ملائمة وتحسينات للسلامة والأمان، مما يجعلها عرضة لحوادث السير وأن من أسباب ذلك هو عدم وجود دراسات شاملة للمخاطر، ومتطلبات السلامة والأمان في الطرق والإهمال في تطبيق معايير السلامة العالمية.
وتساهم الاختناقات المرورية داخل المدن وخصوصًا بغداد بزيادة عدد الحوادث السير بسبب لجوء بعض أصحاب المركبات إلى طرق وعرة لتجنب الازدحامات في ظل غياب الحلول الحكومية في الحد من مشاكل الطرق ووسائل النقل.
وبحسب تقارير رسمية فقد تجاوز عدد السيارات سبعة ملايين في العراق، منها ثلاثة ملايين سيارة في بغداد فقط، ما أدى إلى اختناقات مرورية كبيرة خصوصًا مع عدم توسيع الطرق الرئيسة أو إضافة جديد لها منذ عام 2003.
وأدى استيراد مئات آلاف السيارات بعد عام 2003 إلى العراق من كافة المناشئ العالمية والموديلات بصورة غير مدروسة ومن دون تطبيق الضوابط، إلى ترك آثار سلبية على الشوارع فضلًا عن تأثيره المباشر في ارتفاع معدلات حوادث السير المميتة.
وشكى محمد صفاء وهو سائق سيارة أجرة، من اكتظاظ الشوارع في جانبي الرصافة والكرخ طيلة أوقات الدوام الرسمي، بالإضافة إلى قطع بعض الجسور والطرق الرئيسة عند المناسبات بذريعة تطبيق الخطة الأمنية.
وتحدث مواطن آخر عن معاناته خلال الذهاب إلى مكان عمله بسبب الازدحامات المرورية التي تستهلك الكثير من الوقت.
وأكدت وزارة الإعمار والإسكان أن مشاريع النقل الداخلي لفك الاختناقات المرورية وبالأخص في بغداد تكللت بالفشل.

فاضل الغراوي: سوء تنفيذ الطرقات وعدم صيانتها بشكل دوري أدى إلى تهالك أكثر من 50 بالمائة منها

وقال وزير الإعمار والإسكان بنكين ريكاني، إن مشروع مترو بغداد فشل بسبب حاجته إلى مبالغ كثيرة، فضلًا عن أن عملية حفر الأنفاق تحت الأرض تواجه صعوبة كبيرة بسبب ارتفاع نسبة المياه الجوفية.
وتواصل الحكومة في نشر وعودها بشأن إنشاء طرق جديدة وصيانة المتضررة منها لتحجيم الحوادث المرورية، إلا أنها بمثابة حبرًا على ورق لم يلمس المواطن العراقي منها سوى الوعود والأمنيات، بعد أن بددت الأموال في مشاريع خدمية تفتقر إلى أدنى معايير الجودة العالمية في تعبيد الطرق.
وأكدت لجنة النزاهة النيابية أن الإيرادات التي استحصلتها مديرية المرور العامة من المواطنين لا تنفق على إصلاح الطرق والجسور بصورة صحيحية.
وأوضحت عضو اللجنة أحمد طه الربيعي، أن هناك مبالغ فلكية تستوفى بشكل رسوم وغرامات مرورية، والتي من المفترض أن يصرف جزء منها في إعمار الطرق والجسور وصيانتها.
وأشار إلى عدم الالتزام بالمادة التي نصت على استيفاء الرسوم المحددة في القانون وتوزيعها على وزارة الإعمار والإسكان وأمانة بغداد لغرض صيانة الطرق والجسور والشوارع.
ووصفت مجلة الإيكونومست البريطانية العاصمة بغداد واحدة من أسوأ المدن في حركة السير، حيث تشهد ازدحامات مرورية خانقة بسبب تهالك الطرق وزيادة أعداد السيارات وتلكؤ وفساد في مشاريع البنى التحتية، وفشل الحكومات المتعاقبة بعد 2003 في حل المشكلة.
وأكدت المجلة في تقرير لها أن لدى بغداد أسوأ حركة مرور في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن العراقيين العالقين في الازدحام المروري وبين أبخرة عوادم السيارات، يضيعون ساعات طويلة في شوارع بغداد وأن شبكة الطرق لم تتغير منذ سنوات طويلة على الرغم من الثروات التي يمتلكها العراق.
وبينت المجلة أن العراق في السابق كان يملك أحدث أنظمة النقل في المنطقة، وأول من استخدم الحافلات ذات طابقين، والمرور من ضاحية المنصور على الجانب الغربي من نهر دجلة إلى الكرادة لا يستغرق سوى دقائق.
وقال رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، إن نصف طرق العراق لا تصلح لسير المركبات العادية والشاحنات.
وأضاف أن سوء تنفيذ الطرقات وعدم صيانتها بشكل دوري أدى إلى تهالك أكثر من 50 بالمائة منها، فضلًا عن الأحمال الزائدة للشاحنات الكبيرة.
وأكد أن طرق العراق تحولت إلى مسارات للموت مع افتقادها إلى متطلبات السلامة ما أدى إلى ارتفاع عدد الوفيات في حوادث السير.
وسبق وأن أعلن رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عن وضع 19 مشروعًا لحل المشاكل المرورية ببغداد، فيما شكك ناشطون من إمكانية تنفيذ هذه المشاريع على أرض الواقع.
وانتقد ناشطون التبريرات التي تقدمها الجهات الحكومية حول أسباب حوادث السير، وعدم إيجاد الحلول الحقيقية لمعضلة الطرق وخاصة الخارجية الرابطة بين المدن والتي تشهد حوادث مروعة وبشكل يومي.
وألقى الناشطون باللائمة على الجهات المختصة مطالبيها بوضع حد لمشكلة تضرر الطرق بين المحافظات عبر إعادة تأهيلها، بالإضافة إلى توجيه سائقي المركبات وتفعيل القوانين تجاه المخالفين للحد من الحوادث المرورية.

غياب القانون وإهمال الطرق أدى إلى تصاعد معدل الحوادث المرورية بشكل كبير
اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى