أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراق

لجنة النزاهة تعجز عن فتح ملفات الفساد التي تورط بها مسؤولون متنفذون

صحيفة “وول ستريت جورنال”: زعماء الميليشيات يمتلكون النفوذ السياسي الذي يحول دون اعتقالهم، وقد أثبتوا قدرتهم على الحيلة في إيجاد طرق للالتفاف حول الجهود المبذولة لوقف حركة الدولار باتجاه إيران.

بغداد – الرافدين
أقرت لجنة النزاهة النيابية بعدم فتح ملفات الفاسدين التي يتورط بها مسؤولون متنفذون حتى الآن، بسبب تدخل جهات سياسية في عمل اللجنة، إضافة إلى ارتباط الفاسدين بأحزاب سياسية وجماعات مسلحة متنفذة تحصنهم من سلطة القانون.
وكشف عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب عبد الرحيم الشمري أن اللجنة استقدمت أحد المسؤولين في وزارة النفط لكنها طلبت منه أن يتنحى دون اتخاذ إجراءات ضده بسبب دعمه من مسؤولين كبار.
وأشار الشمري إلى قضية مدير شركة توزيع المنتجات النفطية، إذ تم استدعاؤه من قبل اللجنة لغرض الاستيضاح، لكنه ادعى المرض، ولم يحضر لأن وراءه كتلة سياسية كبيرة.
ورغم تعهد رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بالقضاء على الفسادين إلا أن الوقائع تناقض وعوده.
وبات الفساد واحدًا من أخطر الملفات التي يعاني منها العراق، ومستعص على سلطة الدولة والقانون، لا سيما وأنه مرتبط بأحزاب مهيمنة على المشهد السياسي في البلاد، ولها أذرع مسلّحة تهدّد مؤسسات الدولة.
ومع وجود هيئة للنزاهة، ولجنة النزاهة النيابية، والمحاكم المختصة بمتابعة الفساد، إلا أن كل هذه الجهات لم تستطع القضاء على الفساد وإيقاف عمليات السرقة للمال العام، لتنحصر المعالجات الحكومية ضمن نطاق ضيق لم يطل رؤوس الفسد الكبيرة والمحمية حزبيا.
ويتهم مراقبون الحكومة ولجانها القانونية والرقابية بالتواطؤ مع الفاسدين والتغطية على سرقاتهم، من خلال الأحزاب التابعين لها والمسيطرة على المشهد السياسي ومصادر القرار.
وقال رئيس جهاز المخابرات السابق رائد جوحي وهو أحد المتهمين بسرقة صفقة القرن، إن تلالًا من الأموال هرّبت بعجلات غير حكومية وأن جماعات مسلحة تقف خلف هذه السرقة، الأمر الذي يكشف التواطؤ الحكومي والتخادم مع الفاسدين.
وشككت صحيفة “وول ستريت جورنال” المتخصصة بالشؤون الاقتصادية في قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني، في السيطرة على شبكات تهريب وغسيل الأموال القذرة إلى إيران ودول أخرى.

جهود السوداني في مكافحة الفساد صورية

وذكرت الصحيفة أن تحركات السوداني بشأن محاصرة تهريب الدولار بعد زيادة سعر الصرف مقابل الدينار العراقي، جاءت نتيجة امتثاله للضغوط الأمريكية لمنع تهريب الدولار إلى إيران.
وأشارت إلى أنه يصعب على السوداني الوقوف بوجه شبكات غسيل الأموال القذرة، لوقوف جهات سياسية متنفذة خلف تجارة الدولار غير المشروعة، والتي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وأثقلت كاهل العراقيين.
وذكرت الصحيفة أن زعماء الميليشيات يمتلكون النفوذ السياسي الذي يحول دون اعتقالهم، وقد أثبتوا قدرتهم على الحيلة في إيجاد طرق للالتفاف حول الجهود المبذولة لوقف حركة الدولار باتجاه إيران.
ووصف رئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون، مهمة مكافحة الفساد في العراق بالصعبة محذرا من تمرير العقود والمناقصات التي يتعرض فيها المستثمرون للابتزاز من قبل مجاميع الفساد.
وقال إن المتنفذين والمنتفعين من عائدات الفساد يكنون العداء للأجهزة الرقابية وإجراءاتها الرادعة في مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أنّ عمليات الإعمار والتحول نحو التنمية والتطور من المفترض أن تهيأ لها بيئة خالية من الفساد وألا تذهب مخصصات الموازنة الضخمة إلى جيوب الفاسدين.
ويصنّف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، في مؤشر مدركات الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ جاء بالمرتبة السابعة عربيا والـ 157 عالميا من بين 180 دولة مدرجة على قائمة المنظمة.
وحافظ العراق على تلك المرتبة لعدة سنوات متتالية.
وتشير أرقام متفرقة، أن إجمالي الأموال المنهوبة تتجاوز 300 مليار دولار، فيما أوردت وكالات إخبارية، العام الماضي، أن إجمالي الرقم يبلغ 360 مليار دولار، بينما يقدرها برلمانيون بـ 450 مليار دولار.

بهاء خليل: رئيس لجنة النزاهة الحالي متهم أصلًا بالفساد وتصريحه الأخير حول الفساد مجرد تبرير لفشل حكومة السوداني في تنفيذ وعودها بمكافحة الفساد

وقال الكاتب بهاء خليل “الفساد أصبح واقع حال في العراق وثقافة سياسية لدى الكتل والأحزاب المسيطرة على الحكومة ضمن منظومة الفساد الكبيرة التي تسيطر على البلاد اليوم”.
وأضاف في تصريح لقناة “الرافدين” أن “رئيس لجنة النزاهة الحالي متهم أصلًا بالفساد في عام 2013، وتصريحه الأخير حول الفساد مجرد تبرير لفشل حكومة السوداني في تنفيذ وعودها بمكافحة الفساد”.
وأشار إلى أن جل أموال العراق المهربة تذهب إلى إيران عبر أدواتها من أحزاب سياسية وميليشيات وهذا ما يجعل النظام الإيراني لا يتأثر بالعقوبات الأمريكية المفروضة عليه منذ عام 2015.
وذكر مركز “رصد” للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن هناك نوعان من الفساد ، الأول فساد غير غير محمي، وهو ما يقوم به بعض السارقين واللصوص، أما النوع الثاني فهو فساد مشرعن من قوى سياسية، كما حصل في سرقة أموال الضرائب العامة، وقضية نور زهير.
واستغرب رئيس مركز “رصد” للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد غصوب يونس، من عدم تشخيص الشخصيات الكبيرة المتهمة بالفساد، رغم امتلاك العراق عدة جهات رقابية منها الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، ولجنة النزاهة النيابية، والمحاكم التي تتابع هذه القضايا.
وشدد عضو اللجنة القانونية في البرلمان، النائب رائد المالكي على ضرورة تشديد إجراءات مكافحة الفساد في الداخل، وليس مجرد شعارات ودعاية انتخابية، مشيرين إلى أن “استرداد المطلوبين لا يحمل أي مشكلات مع الدول، لأن هناك اتفاقيات لتسليم المجرمين، ومنها اتفاقية لمكافحة الفساد، صادرة عن الأمم المتحدة، وصادق العراق عليها”.
وحذر من “التأخر أو المماطلة في تشريع قانون الجنسية المكتسبة، لأنّ ذلك يصعِّب إجراءات الاسترداد”.
وسهّلت الجنسية المكتسبة للعديد من المسؤولين العراقيين المتورطين في ملفات فساد، هروبهم إلى خارج البلاد، وعدم إمكانية تطبيق القانون عليهم.
ويؤكد نواب في البرلمان الحالي أن العائق الوحيد أمام إقرار وتطبيق قوانين مكافحة الفساد، هو بعض الجهات المتنفذة في الحكومة والبرلمان والتي تعطل إقرارها.

الشعب العراقي يجدد رفضه للفاسدين ويطالب بمحاسبتهم

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى