أخبار الرافدين
بلاد النهرين عطشىتقارير الرافدين

المياه الجوفية في العراق.. نضوب متزايد مع الحفر العشوائي للآبار

مراقبون: العراق لا يقوم بقياس نسب مياهه الجوفية، واستمرار حفر الآبار بدون تخطيط مسبق أو رقابة يمثل خطرًا على التوازن البيئي.

بغداد – الرافدين
كشفت وزارة الموارد المائية أنها حفرت نحو 600 بئر في مناطق مختلفة منذ مطلع عام 2023، في خطوة الهدف منها حفر 1000 بئر لتوفير مياه الشرب بحلول نهاية العام الجاري ضمن ما سمي بخطة النفع العام.
وقال أحد المسؤولين في وزارة الموارد المائية رفض الكشف عن اسمه إن “الأنبار وديالى وواسط والمثنى وبغداد وذي قار في الصدارة من حيث عدد الآبار المحفورة للحصول على المياه”.
وأشار “مياه الإسالة الآتية من نهري دجلة والفرات توقفت في مدن عدة، من جراء انخفاض المناسيب، وبالتالي صار سكانها يعتمدون على الآبار في حياتهم”.
وأقرت وزارة الموارد المائية بانخفاض الخزين الاستراتيجي للمياه الجوفية للعراق، مشيرة إلى أن هذه المياه لا تتجدد ولا يمكن تعويضها.
وقالت الوزارة إن “سبب هذا الانخفاض يعود إلى قلة وانعدام تجدد تلك المياه في المناطق الصحراوية تحديدًا”.
ويمتلك العراق 5 ملايين متر مكعب من المياه الجوفية المتجددة والتي يمكن تعويضها من الأمطار، فضلًا عن الخزين الاستراتيجي غير المعلوم الكمية إلا انه عند استخدامه لا يمكن تعويضه.
وتشير بيانات وزارة الموارد المائية أن هناك أكثر من 100 ألف بئر 80 بالمائة منها لم تحصل على موافقات رسمية.
وأعرب متخصصون في المياه الجوفية عن مخاوفهم من الاستنزاف العشوائي لها في جنوب البلاد، وذلك بعد لجوء المزارعين وعموم المواطنين في السنوات الأخيرة إلى حفر الآبار بهدف استخدام مياهها في مجالات زراعية وصناعية، فضلًا عن الاستخدام المنزلي، عقب تفاقم مشكلة الجفاف.
وقال مدير ممثلية المياه الجوفية في محافظة المثنى محمد عبد علي إن “الآبار المائية المحفورة في المثنى، ومنها البادية للعام 2022 بلغت 3225 بئرًا مائيًا، وأن بعضها تم حفره بشكل عشوائي، ودون موافقات رسمية وغير مجازة، خاصة أن الحفر العشوائي يتسبب بعملية استنزاف غير عملية للمياه الجوفية.
وأطلقت منظمات دولية تحذيرات عن قرب نفاد المياه الجوفية المخزنة في العراق مع تزايد معدلات حفر الآبار بدون تخطيط مسبق، ما يمثل خطرًا على التوازن البيئي، لافتين إلى صعوبة تحديد موعد نفاده، إلا أن الأدلة المتاحة حاليًا تشير إلى انخفاضها لمستويات خطيرة جدًا، وغالب الحقول المائية أصبحت الآن تستنفذ بشكل أسرع مما يمكن تعويضه.
وأكدوا “أن الاعتماد على المياه الجوفية لا يعد البديل الأنسب لمياه الأنهار على المدى المتوسط والبعيد، وأن العراق لا يراقب مستويات المياه الجوفية ولا يملك الأدوات التي تمكنه من معرفة كميتها وما يتم الاستحواذ عليه منها عبر الآبار التي يستخدمها المواطنون”.
وأكد الخبير المائي ومستشار لجنة المياه والزراعة النيابية عادل المختار أن “هناك عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية وبدءها بالنضوب، وأن المياه الجوفية تعتبر هي الخزين المائي للعراق والتي لا يجب استخدامها إلا في حالات الطوارئ وشحة المياه، ولكن ما حصل هو عمليات التجاوز الكبيرة على المياه الجوفية خلال الفترة الأخيرة، حيث يتم استعمال المياه في الري السيحي من قبل بعض المزارعين وهذه تعتبر كارثة يجب معالجتها قبل خروجها عن السيطرة”.
وأضاف المختار أن “هناك عدة مؤشرات تؤكد انخفاض مستوى المياه الجوفية منها انخفاض مناسيب المياه في بحيرة عين ساوة في السماوة وعين التمر كربلاء وعين ترمة في شقلاوة إضافة الى جنوب سامراء وشرق سنجار، وأن استنزاف المياه الجوفية خطير جدًا كونه من الصعب تعويضها لذلك يجب تركها كخزين في الأزمات واستخدامها لأغراض الشرب فقط”.
وقال مدير مركز التغير المناخي في معهد واشنطن للدراسات محمد محمود “العراق لا يقوم بقياس نسب مياهه الجوفية، وهو من ضمن البلدان الأكثر تأثرًا بعمليات استغلال المياه الجوفية نظرًا لعدم وجود دراسات محلية تتابع نسب المياه المخزنة وكمية ما يتم استخدامه منها الآن”.
ويرى مدير المعهد الألماني للموارد الطبيعية رامون برنفيوهرر أن المياه الجوفية الموجودة في العراق هي “مياه أحفورية” حيث لا يمكن الاستعاضة عن هذه المياه في حال استغلالها كما هي العادة مع المياه الجوفية في مستوياتها الأعلى والتي يمكن تعويضها عبر الموارد الطبيعية الأخرى.
وأكد أن المياه الأحفورية في العراق يتم استخدامها الآن، الأمر الذي يمثل خطورة على التوازن البيئي وخصوصًا أن العراق من الدول الخمس على مستوى العالم بالتأثر السلبي بالتغير المناخي الحالي
ويعد الخبير المائي حسام الربيعي موضوع المياه الجوفية في العراق من المواضيع المعقدة فهي بدأت تقل في السنوات الأخيرة بسبب السحب لأغراض الزراعة، و تحتاج إلى تعويض عبر التساقط المطري، وهو ما لا يحصل بسبب تراجع نسب الأمطار بشكل عام في العراق
ويصف الربيعي السحب لأغراض الزراعة بـ”السلاح ذي الحدين” قائلًا: “من جهة لدينا تصحر ونحن بحاجة إلى المياه لزراعة غطاء أخضر، ومن جهة أخرى لدينا استنزاف للمياه الجوفية، هنا يأتي دور الحكومة إذ يقع عليها واجب الإدارة الرشيدة للمياه السطحية والجوفية على حد سواء”.
وأكد الربيعي إلى أن ” هناك حاجة ملحة لإدارة حقيقية للمياه الجوفية بحيث تكون لدينا القدرة على التحكم بكميات المياه الجوفية المتجددة من خلال حصاد الأمطار المتساقطة سنويًا وهذا لا يحصل في العراق حاليًا”.
ويقع العراق ضمن الدول الـ25 الأكثر تعرضًا للإجهاد المائي وفقًا لتقرير معهد الموارد العالمية الذي صدر في منتصف شهر آب المنصرم.
وحذر التقرير من المخاطر المحدقة بوظائف الإنسان وصحته والمحاصيل الزراعية وتربية الماشية وأمن الطاقة.
وأشار إلى أنه “في حال غياب إدارة فعالة للمياه، فإن النمو السكاني والأنشطة الاقتصادية والتغير المناخي، أمور ستفاقم من الإجهاد المائي”.

اظهر المزيد

مواضيع ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى